كيف نحتفل بعيد الحب... ونحن نهاب الحب
ريان نكَاراربما الكثير من الشباب وفي مختلف بقاع العالم في شقيه الشرقي والغربي، يتهيئون لأستقبال عيدهم الأكبر (عيد الحب) أو الـ (Valentine's Day)، فيشرعون بالتفكير في شراء هدية حمراء معبرة عما يجول بين جوارحهم من مشاعرٍ فياضة وحبٍ شغوف، وربما تبدأ التحضيرات منذ أشهرٍ قبل الأحتفال المرتقب، وشاعت هذه العادة ومارس الشباب طقوسها منذ زمنٍ بعيد.. في معظم الروايات يعود الاحتفال بهذا العيد إلى القرون الوسطى أو ما قبلها، ويربط معظمهم هذا العيد بذكرى أستشهاد القس فالنتاين، والذي قُدس فيما بعد ليصبح القديس فالنتاين (Saint Valentine) وتروي بعض القصص أن فالنتاين كان قساً يعيش في نهاية القرن الثالث الميلادي في زمن الامبراطور الروماني كلاودس الثاني، والذي منع عقد القران آنذاك لأعتقاده أن مجنديه لا يؤدون واجباتهم العسكرية بالشكل الصحيح بسبب أنشغلاهم وشرودهم بالتفكير بزوجاتهم وأولادهم، وأن العزاب أكثر أستبسالا في الحروب، لكن فالنتاين عصي الأوامر وراح يعقد القران سراً بين الشباب، وعندما سمع الامبراطور بذلك أمر بسجنهِ، ويقال أنه في السجن شفى أبنة حارسهِ الضريرة مما حمل السجان وعائلتهِ إلى أعتناق المسيحية، فزاد غضب الأمبراطور على القس المسكين وأمر بقطع رأسهِ يوم 14 فبراير، وتعاظم أسمهِ حتى سمي بشهيد الحب، ويقال أن قطرات الدم التي سالت منه يُعبرُ عنها اليوم بورودٍ حمراء يتداولها العشاق في ذكراه، وإن كان للكنيسة رأي مختلف عن الشارع، إلا أن ظاهرة فالنتاين أمتدت إلى كل المجتمعات ومنها العربية.... وتتعدد الروايات.... وفي الحقيقة أن الأحتفال بهذا العيد لهُ رموزٌ تاريخية غابرة منها أسطورة أدونيس وأفروديت، وقرينتها في الحضارة البابلية أسطورة عشتار وتموز وكذلك نراها في الأنياذة والإلياذة والأوديسة وغيرهم من الاساطير والروايات السحيقة وجميعا تحكي عن الحب وقوتهِ الإلهية وغالبا ما يرمز اليه بالخصب والزواج...
الأهم من ذلك هو أن للعشاق يومٌ يحتفلون فيه ويتبادلون الهدايا وعبارات الحب والغزل، ولكن دعونا نناقش وبموضوعية كيفية الأحتفال بهذا العيد في مجتمعٍ كمجتمعنا العراقي المحافظ...
في الحقيقة لا أريد الأسترسال بهذا الموضوع كثيراً بل أريد أن نناقش بعض النقاط المهمة المتعلقة بالحب وعيد (الفالنتاين) وسأضعها على شاكلة أسئلة ليسهل مناقشتها...
• ماذا يعني لنا عيد الحب (الفالنتاين)؟
• هل يجب علينا الأحتفال بهِ؟ ولماذا؟
• ما مدى ضرورة أن يكون للحب يوماً نحتفل بهِ؟
• لمن يحق الاحتفال؟
• هل هو عيدٌ للعشاق فحسب أم عيدٌ للمحبين جميعا؟
• ما تأثير الأنترنت والموبايل على الفالنتاين كعيد؟
• تقيمك لأحتفالات شعبنا بهذا اليوم؟
• العبرة من هذا اليوم؟
رأيي المختصر في هذا الموضوع هو أن (الفالنتاين) ذكرى أرتبطت بالحبِ والعشق والزواج، فالاحتفال بها دون شك شيء رائع، ولكن للعشاقِ والمرتبطين، فما جدوى الاحتفال إن لم يكن الطرفان على علاقةٍ حميمة أو في بداية المشوار نحو ذلك، وأعتقد العيد خفت الكثيرُ من ضوءه نتيجة أقتحام الموبايل والانترنت أجواء الأحتفاء بهذا اليوم الرائع، لما تحمله في كثيرٍ من الاحيان من كذبٍ ورياء، فبمجرد أن تضغط على بعض أزرار هاتفك النقال تستطيع أن ترسل كلمات حبٍ مشوهة لعشرات الاشخاص، ويعتقد أنه أدى شعائر العيد على أفضل شكل، أما بخصوص شعبنا فنحن لا نستطيع الاحتفال بهذا العيد، مادام حبنا خلف القضبان، وما زلنا نهاب الإفصاح عن مشاعرنا، فكيف نستطيع الاحتفال بهكذا عيد وتقديم هدايانا والاستمتاع بالرومانسية تحت الأضواء الخافتة، أما العبرة منه فهي التفكير بمستقبل العلاقة التي تدور بين أفلاك طرفي العشق، ودراسة مكنوناتهِ...
ويقول الشاعر نزار القباني في قصيدته (في عيد فالنتاين) :
..... في عيد فالنتاين
حاولت أن أكتب عن عينيك يا حبيبتي
قصيدة جديدة
ما كتبت يوما بتاريخ الأدب
حروفها من ذهب
زنرها من ذهب
سروالها من ذهب
و عندما فرغت من كتابتي
جاء رجال من لدى أبي لهب
فاعتقلوا القصيدة
و أغلقوا بالشمع و الرصاص
علبة البريد
.
.
.
.
.... في عيد فالنتاين
يمكنني بقبلة واحدة
أن ألبس التاريخ في أصابعي
و أمحو الزمان و المكان
وسأهدي اليكم مقطعا آخر من قصيدةٍ كتبتها قبل عامين بمناسبة عيد الحب عنوانها (ما همي)
.... سأقبلها قبل أن نجري
وسأختزلك أيها الزمن البائس
وأرصعك على حجرٍ من غور دجلتي
وأهديه يوم لقانا
يوم فالنتاين .. حيث الهوى المعتمر
وأضعك محبساً كريماً في يد حبيبتي
وأقبلها مئةً .. وألفاً ..
وأغازلها .. تحت ضوء القمر الخافت
وأمسك يدها حين تؤذن لنا الشمس بالرحيلِ
ونجاري دجلتنا شفقاً ..
ونجري ...
ليس كما الكل يجري
ولكن سنجري
وإن جريتُ ..
فستراني وراء عيون حبيبتي أجري