المحرر موضوع: متى نتعلم الدرس ؟ / 6  (زيارة 1751 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
متى نتعلم الدرس ؟ / 6
« في: 08:25 12/02/2006 »
متى نتعلم الدرس ؟ / 6
قلنا أن العراق معروف، والمرجعيات الدينية محترمة ومقدرة لديهم، والتأثيرات القبلية والطائفية جميعا يُعمل بها، والانتماء القومي مهم جدا لدى الأكراد خاصة، وكذلك العرب وتأثيرات شراء الذمم مؤثر أيضا!!! وغيرها من الأمور التي يعرفها السياسيون أكثر مني. فأين نحن من كل هذا، فنحن عراقيون دما ولحما أبا عن جد، والعراق هو بلدنا قبل أن يكون بلد غيرنا، والواجب علينا أن نفهم تركيبته السكانية وطريقة تفكير كافة مكوناته، والعمل على تمتين أواصر المحبة والأخُوة مع الجميع خدمة لقضيتنا، وأن ندع جانبا كل ما من شأنه خلق بؤر للتوتر التي تبعد الأخوة بعضهم عن بعض، حد القطيعة أحيانا.
ونحن عندما نتكلم عن واقع ومستقبل أمتنا (الكلدانية السريانية الآشورية)؛ مطلقا ليس هدفنا التقليل من شأن أي من مكونات بلدنا، بل أننا جميعا أخوة في بلد واحد، يربطنا المصير الواحد؛ نتألم لألمه ونفرح لأفراحه، وينتظرنا المصير ذاته، لذلك نعمل لكي تكون أمتنا فاعلة في هذا البلد، ومنتجة ونشيطة، وأن تكون جهودها تصب في مصلحة هذا البلد، الذي عاش على أديمه أهلنا وأجدادنا، وأعطت المسيحية التي تنتمي لها جلَّ مكونات أمتنا؛ الشهداء الذين رووا تربة هذا الوطن بدمائهم تارة من أجل أيمانهم وتارة أخرى للدفاع عنه، ضد أي خطر يتحدق به، وغايتنا من هذه المقالات المتسلسلة أن نجعل أهلنا في المكان المناسب لهم من العملية الجارية في العراق، لأن تخلف أي من مكونات العراق هو تخلف للآخرين.
لذلك يتوجب أن نَفهم الآخرين لكي نستطيع التفاعل معهم، وبدأنا نسمع تعابير وكلمات قد لم تكن تخطر على بالنا أو كانت من الممنوعات في الأحاديث، فبدأنا نسمع ونقرأ عن السِنة والشيعة، وعن العشائر الفلانية، وعن المرجعية، وعن هيئة علماء المسلمين، وعن ... العديد من المسميات لم تكن واردة في قاموس أحاديث العراقيين ولا في أعلامهم أبان السنوات الماضية، فحتى نكون في الصورة وفي قلب الحدث كما يحلو للأعلاميين أن يقولوا: علينا دراسة الواقع الجديد ومعطياته ونعتبرها من النظريات الهندسية التي تتوفر فيها المعطيات المعينة والمطلوب برهنة شيء معين، هذا بالضبط المطلوب منا برهنة كيف نتعايش ونتفاعل مع واقع فيه هذه المعطيات التي ذكرناها في عراق اليوم. بالإضافة لذلك فمن مسؤولياتنا تصحيح نظرة الآخرين لنا وتفكيرهم عنا فمثلا هناك من يطلق علينا بدلا من المسيحيين كلمة المسيح!!! علينا أفهام هؤلاء أن هذه التسمية غير صحيحة وإن كنتم تقصدون أننا من أتباع المسيح، فنحن نكنى بالمسيحيين.
وهذا ينطبق أيضا على أمور كثيرة قد يفهمونها بغير الاسم أو الشكل الصحيح، ونحن مسؤولون لإيصال الصورة النقية والشفافة عن أمتنا لمن حوالينا من الأخوة في هذا العراق المتألم والمجروح طوال عقود كثيرة، وينتقل من جرح إلى آخر ومعاناته مستمرة لزمن طويل، دون أن يلوح في الأفق بصيص من الأمل نتعلق به لرسم خطوط الغد الأفضل الخالي من هذه البؤر التي تكون سببا لبعثرة أوراق جميع المخلصين، سواء في السياسة أو في الاقتصاد أو في السلم ... هذا هو العراق وهذا هو شعبه ونحن جزء من هذا الشعب وإن كنا لا نعرف كيف يفكر المسلم السني أو يتصرف المسلم الشيعي أو التركماني أو الصابئي أو الكردي يعني أننا غريبون عن هذا الشعب، بل يوجد ثغرة في معلوماتنا وهي التي تجعلنا لا نرسم الخطة للمستقبل تحقق لنا النجاح.
فهل يا ترى أن شعبنا فيه من الألغاز والأمور غير المنظورة ما جعلنا طوال المدة الماضية من الزلزال الذي عصف بالحياة في العراق نكون عاجزين من بلورة ولو صورة تقريبية للأمة (الكلدانية الآشورية السريانية) كأمة حية وأصيلة من مكونات الشعب العراقي، والتي من المفترض أن يكون لها مكانتها الصحيحة بين أمم وأقوام شعب العراق، وهل لهذا الزلزال دور فيما نحن عليه، أم أن المشكلة فينا منذ القدم، ومباشرة ممكن أن نقول أن شعبنا هو هو في الماضي واليوم وسيكون كما هو في المستقبل القريب على أقل تقدير، وإنه وإن كان يعيش تحت ضغط وكبت وحرمان للحقوق الأساسية وخنق لحرية الكلام والتعبير، لكن كنا نتفاعل مع من حوالينا ونناقش ولو على المستوى الضيق مع من نثق بأمور شتى، ونعلم بأن للشيعة مرجعية وهي ذات موقع مرموق لدى عامة المسلمين الشيعة وغالبا تكون هذه المرجعية ذات مكانة محترمة في تقدير الأمور وإصدار الفتاوى وجمع لم شمل أتباعها في الأمور ذات الخصوصية أو ذات الوطنية، وهذه المعرفة يجب أن تقودنا إلى تقدير مدى رجحان كفة الكيان الذي يحضى بتأييدها أو الذي يعرف كيف يُقحم اسم المرجعية سواء بالصور أو بالأحاديث أو بالانتماء ولو من بعيد ليكسب رأي الأكثرية من هذا الشعب الذي يمثله الشيعة في الواقع الراهن. وإن لم يكن بسبب مكانة المرجعية الذي هو السبب الأرجح، لكن هناك سبب آخر هو لشعور هذه الفئة بالظلم لحرمانها من السلطة طوال قرون عديدة، ولو نظريا أو على أقل تقدير هذا كان المتعارف عليه، هذا الشعور الذي يجعلها تتكاتف لكي تحصل على التأييد الكبير ويكون لها فجرا جديدا في عراق جديد.
هذا لفئة واحدة، ولو عرجنا لفئة أخرى من العرب السنة، فنجد أن أخوتنا هؤلاء وبعد أن لمسوا الخلل الذي أحدثه ابتعادهم عن العملية السياسية في الانتخابات الأولى، فإن عودتهم في المرة الثانية وبعد تنظيم امورهم وانبثاق هيئة علماء المسلمين كمرجعية لهم، ودخولهم في كيان متوافق وبعد ظهور المد الشيعي إن صح التعبير، وإن قلنا لشعورهم بالغبن بعد أن ذهب الحكم من يدهم (ولو علينا تحفظات على ذلك) لأن في السابق لم يكن الحكم هكذا مائة بالمائة، كان من البديهي أن يخطف هذا التحالف ذو الصبغة السنية أصوات المحافضات التي انبثق من خلالها ويكون تواجد أبناء شعبنا بالمنافسة في ظل هذا الواقع لا يبشر كثيرا بالخير وكسب الأصوات رغم وجود من تحالف مع هؤلاء من أبناء شعبنا لكن أين كان تسلسله في الترتيب، هذا كان من المفترض الوقوف عنده في مثل هكذا تحالف لكي لا نجعل من أنفسنا مكملين للقائمة أو هامشيين فيها، وبالتالي ما يذهب من أصوات شعبنا في مثل هذه القوائم على أمل صعود أحد أبناء شعبنا من خلالها خاصة وموقعه متأخر جدا يكون مثار شك كبير ويؤدي بالنتيجة لخسارة جزء من أصوات شعبنا.
ونفس الشيء ينطبق على القوائم الكردية والتي تصدرت في محافظات أقليم كردستان، ومن البديهي أيضا أن نتوقع أنها ستحصد حصة الأسد فيها كونها محافظات نالت الكثير من القهر وناضلت طويلا وتشعر بالمرارة من الحرمان الطويل، وعاشت لأكثر من عقد شبه مستقلة وتنعم بنوع من الاستقرار، هؤلاء لا يفرطون بأصواتهم سوى لمن يحقق لهم ذات الحياة التي عاشوها في العقد الأخير، هذا في الاستنتاج الواقعي، وحتى لو قلنا بأن لشعبنا ثقلا مميزا فيها خاصة في دهوك وأربيل، لكن تشتت شعبنا هناك بقوائم ثلاث جعل الأصوات تتشتت أيضا ويخرج ممثلونا من هناك بخفي حنين.
هذا هو الواقع في العراق غداة الانتخابات وهذا كان واقعنا كأمة بين هذا الكم المختلف التكوين والتلوين، فدخولنا العملية الانتخابية دون علم أو دراية ودرس يكون المصير كما آلت إليه النتائج وإن كان بعض الأحزاب التي دخلت الانتخابات درست هذا الواقع وحاولت لم شمل بعض من أجزاء أمتنا بقوائم يبدو عليها أنها اختارت من جميع أطياف الأمة لكي تكسب أصوات أبناء الأمة على أقل تقدير، لكن نجد بعض من هذه التحالفات لم يكن أي رابط يربطها سوى إضعاف أطراف أخرى أو كونها مبتدئة تحاول كسب الخبرة للزمن القادم، أو لأهداف وغايات لا يعرفها سوى أصحابها!!
لكن هل بهذه الحالة نحاول أن ننجح؟ وغيرنا عمل جاهدا لرصّ الصفوف وجمع شمل من يتوافق معه بالرأي وتم انبثاق جبهات عريضة ومن شخصيات تملأ جو العراق بالأحديث ويبدو أنها تملك من الخبرة بحيث لا يشك المراقب قط أنها ستكتسح الساحة وتحقق أعلى النسب في الانتخابات، وحتى ملصقاتها كانت ملأت كل زاوية وصوب في شوارع العراق، ورغم من حاول تمزيق بعض منها لكنها لكثرتها لم تتأثر بهذا العمل الذي مارسته بعض القوى للتقليل من المد الإعلامي للقوائم الأخرى، وصور وإعلانات قوائم شعبنا أين كان موقعها، بحيث قامت بعضها بلصق الصور على صور الأخرى كما جاء ببعض وكالات الأنباء وكأن ساحة الإعلان ضاقت بأبناء شعبنا بحيث يغبنون حق بعضهم البعض، وهل كان من مارس ذلك يجروء للعمل ذاته مع قوائم معروفة كالتحالف الكردستاني أو العراقية الوطنية أو الإئتلاف أو التوافق؟ (أم أن أبي لا يستطع شيئا سوى باتجاه أمي !!!).
أليس هذا هو واقع الحال؟ وفي هذه (الخربطة)، ماذا نتوقع من شعبنا؟ لأننا لاحظنا الكثير ممن يذهب للتصويت لقوائم أخرى يراها قوية وهي التي تحقق له الحلم بالأمن والأمان والحياة الكريمة، لأنه بصراحة يعتبر أن قوائم شعبه مهما حققت من أصوات لا تستطيع ممارسة السلطة من موقع قيادي!! وهذه استنتاجات خاطئة نبهنا عليها قبل الانتخابات، فأصوات قليلة بالمعادلة الانتخابية يكون لها وزن كبير خاصة عند حاجة القائمة الكبيرة لتحالف بسيط يمكنها من تحقيق الأكثرية في البرلمان، لذلك شحذنا الهمم باتجاه قوائم شعبنا لأننا لمسنا هذه النبرة غير الصحيحة لدى الكثير، وقلنا ما أحلى أن يجتمع الأخوة معنا، وهذه نظرتنا لازلنا عندها ونحث جميع أخوتنا باتجاهها ونطالبهم بالتكاتف والعمل الجماعي، لأن ربنا قال متى ما اجتمع اثنان باسمي فأنا أكون ثالثهم، ورغم أن العملية الانتخابية لا علاقة لها بالعمل الايماني بالله، لكن مسؤوليتنا تجاه شعبنا أيضا مسؤولية مهمة، ومقدسة، وإن كانت هكذا فإن الله يباركها.
فلا نريد لشعبنا أن يتخلى عن قوائم شعبه، ولا نريد لهذه القوائم أن تكون كثيرة، لأنها مهما قلت وتوحدت كانت الفائدة أكبر، حتى لا نخسر أصواتنا القليلة، ونجعلها جميعا تصبّ باتجاه واحد، هذا الاتجاه الذي يخدم الجميع، (الكلدان والسريان والآشوريون) وليس جزءا دون آخر، وهذه الدعامات الثلاث هي التي يجب أن تكون دعامات نسند بها أمتنا ومن واجبنا جميعا أن نتحمل مسؤولية تقويتها وليس من المصلحة أضعاف الواحد على حساب الآخر، وهذا العمل لا نجني منه الثمار إلا بالإخلاص والعمل المثابر.
عبدالله النوفلي