ما هي هوية بابل ونينوى
[/b]
ان المتابع لكل ما نشر من آراء متنافرة حول التاريخ القديم لشعبنا أو المتبقي منه وأقصد شعب بيث نهرين يصاب بالدوار لكثرة الآراء السطحية التي لا تمت الى الواقع بأية صلة وهي بعيدة كل البعد عن الحقائق التاريخية الثابتة ومحاولة البعض تشويه التاريخ ومحاولة مسخه لغرض أثبات آرائهم الساذجة لا يمكن بأية حالة من الحالات أن يؤدي الى النتيجة التي يترجونها.
مثال على الأدعاءات الفارغة من يقول مثلا بأن سرجون الأكدي آشوري وهو تواجد حوالي ألفي سنة قبل ظهور أول دولة آشورية الى الوجود فهل يعقل أن ينسب الأجداد الى الأحفاد؟ ومن يقول أن حمورابي آشوري فهل لي أن أفهم كيف كان حمورابي آشوريا وهو الذي سحق أول دولة آشورية سنة 1760 قبل الميلاد وأعادها الى أصلها بابل ألا أذا كان آشوريا خائنا لقومه.
هناك آخرون ينكرون وجود الآشوريين القدماء ويقولون بأنهم قد أبيدوا عن بكرة أبيهم فهل من المعقول أن يباد شعب بالكامل ولا يبقى منه نفاخ نار كما يقول المثل ونحن نعلم بأنه كانت هناك دويلات قامت بعد زوال نينوى مثل دولة الحظر جنوب الموصل والتي تشير كل آثارها اللغوية وأسماء ملوكها الى أنها آرامية الحرف ولغة أجدادنا ذات الأصل الأكدي التي تفرعت منها كل اللهجات الأخرى من بابلية وآشورية وحتى الآرامية التي لي أيمان ثابت بأننا أخذنا منها الأبجدية فقط وليس اللغة لأن أول أبجدية بمعناها الحالي جاءت من الفينيقيين الذين كانوا يقطنون لبنان الحالي وما حوله وهم أجداد الآراميين من حيث المبدأ وكذلك كانت هناك دولة المناذرة في الحيرة جنوب العراق ذات اللغة القديمة وان سمي سكانها بالعرب خطأ وهذا أن دل على شيء فأنه يدل على الأستمرار القومي.
هناك نقطة مهمة أخرى هي ما يقال أن الكلدان كانو بدو او سكان الأهوار وهذا الأمر لا يمكن أنكاره تاريخيا لأن منطقة الأهوار الحالية كانت ضمن مناطق الكلدان ولكن كانت لهم مدنهم ومراكزهم الثقافية وهم الذين أوجدو للبشرية مبادئ العلوم التي لا زال قسم كبير منها سائدا لحد الآن كتقسيم السنة والساعة والدائرة وأن كان البعض ينتقص من قيمتهم بأن يسميهم منجمين أقول بأن علن التنجيم المسمى حاليا بالأسترولوجي لا يزال مفخرة للشعوب حيث يعتبر أكتشاف كويكب أو مذنب أنجازا عظيما يتباهون به والكلدان رغم بدائية معداتهم كانوا قد قطعوا شوطا كبيرا في هذا المضمار.
عندما نبش الآثاريون الغربيون مكامن التاريخ القديم وجدوا آلاف الرقم الطينية والأختام الأسطوانية والتماثيل في كل الموقع الجنوبية للعراق سواء في أور أو كيش أو سبار أو بابل وغيرها وأن ما عثروا عليه في مكتبة آشوربانيبال وعصره هو العصر الذهبي للدولة الآشورية هو تلك الرقم المنقولة من بابل بعد أحتلالها من قبل الدولة الآشورية وبجانبها نسخ منها باللهجة الآشورية وأقول لهجة لآن أصل اللغة كما قلت كان وفي كل العراق القديم هو الأكدية والبقية لهجات مشتقة منها. أني لا أذكر هذا الأمر للتقليل من دور الآشوريين بل بالعكس حيث لهؤلاء أبداعات في توجهاتهم ذات الطابع العسكري حيث هم الذين أخترعوا العجلة التي أحدثت ثورة في مجال تنقل الجنود وأمداداتهم وأثرت على سير المعارك كما كان لهم الكثير من الآثار التي تدل على الهيبة والسطوة وهي تتمثل بأبنيتهم الفخمة وتماثيلهم الضخمة كالثيران المجنحة منلا.
هناك آراء خاطئة أخرى تقول بأن بابل آشورية لمجرد أن الملك الفلاني أحتلها ودمرها وأن أبنه الأكثر طيبة قام بأعادة بنائها وعليه أصبحت آشورية وهذا الرأي لو أخذ به لتغير التاريخ القديم بأكمله لآنه كما يقال أن لكل زمن دولة ورجال وأن الأحتلالات عبر التاريخ لم تتوقف وقد أحتل بابل بعد زوال الدولتين الآشورية والبابلية كل من الفرس والمقدونيين وأقاموا فيها من العمران الشيء الكثير فهل يمكن أن نقول أن بابل هي فارسية أو مقدونية لمجرد أن الفرس أو الأسكندر المقدوني قد أحتلوها لبعض الوقت.
نقطة أخرى هي التشبث بما قاله هذا المؤرخ أو رجل الدين أو ذاك وأعتبار كلامه حجة يجب أخذها كحقيقة ثابتة لأثبات آرائنا لا توصلنا الى نتيجة تاريخية يمكن أعتمادها ومثال على ذلك القول أن المغفور له البطريرك بيداوذ قال بأنه آشوري وأن كان قد قالها حقيقة فهذا لا يعني أن كل أبناء رعيته أصبحوا آشوريين لأنه كان في التاريخ بطريرك مغولي من دون أن يكون أبناء رعيته مغولا. مثال آخر يؤخذ كأنه حقيقة ثابتة وحجة يتمسك بها البعض هو ما قاله الدكتور بهنام أبو الصوف من أن الكلدان والآشوريين ولم يقل الكلدان فقط لا علاقة تربطهم بالبابليين والآشوريين القدماء . أقول لهؤلاء ومع كل أحترامي للدكتور أبو الصوف بان ما كتبه كان بعد فترة صدور القرار سيء الصيت القاضي بأعادة كتابة التاريخ الذي أتخذه صدام حسين لتزوير التاريخ على مرامه وقد نشر المقال في جريدة بابل العائدة لعدي صدام حسين والله يعلم تحت أي تأثير كتبه . أن جزءا مما قاله الدكتور أبو الصوف صحيح وهو أنه من غير الممكن مهما أدعى الأدعياء معرفة من هو من أصل آشوري أو كلداني أو غيرهم بسبب الأختلاط والأندماج الذي تم بين بقايا الشعوب القديمة وخاصة بعد أنتشار المسيحية في العراق أبتداء من القرن الأول الميلادي. أما القول بعدم وجود علاقة بينهم وبين الشعوب القديمة فأنه قول مردود لأن اللغة والأنتماء للأرض هي أكبر دليل على استمرار تلك الشعوب التي ظلت حية رغم تبدل الحكام الذين حكموها ولا زالت الكثير من الأسماء القديمة محافظة على أصالتها.
أرجع الآن الى عنوان كلمتي هذه لأقول أن كانت بابل كلدانية ونينوى آشورية سابقا فأن الواقع وللأسف قد تغير والأمر لم يعد كما كان أذ لم تبق لنا سوى الذكريات التي يمكن أن نفتخر بها لأنها تاريخ أحدادنا العظام أما أن نبقى نبكي على الأطلال فهذه مصيبة.
عبدالاحد سليمان بولص