المحرر موضوع: دير مار إيليا الحيري / شاهد من شواهد العيش المشترك في بلد مزقته الحروب  (زيارة 1906 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل duraid_saleem

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 62
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
دير مار إيليا الحيري
[/size]
شاهد من شواهد العيش المشترك في بلد مزقته الحروب
[/b]

كثيرة هي الأديرة والكنائس في مدينة الموصل (شمال العراق)، التي تعانق في زهوها مآذن الجوامع والمساجد في مدينة عرفت عبر تاريخا الطويل بأنها مدينة للتعايش المشترك، وهو دليل على عظمتها وعراقتها وقدسية أراضيها، فهي أرض الأنبياء والقديسين، يعانق أيمان أهلها بمختلف أديانهم السماء، لتقول (( لا )) إلى كل من يحاول التفريق بين أبنائها. فدير مار إيليا أحد شواهد هذا الأيمان في بلد لم يهدأ يوماً من صخب الحروب والنكبات ألا وهو العراق، فكان هذا الدير بشخص مؤسسه وهو الراهب إيليا الحيري نوراً ساطع في دروب الأيمان.
    يقع هذا الدير في الجهة اليمنة لنهر دجلة غرب مدينة الموصل (شمال العراق) بحوالي 7 كم في منطقة تمتاز بتلالها الجميلة التي تكتسي بخضار حشائش وأزهار الربيع الجميلة. أسس هذا الدير راهب أسمه إيليا، أصله من مدينة الحيرة، مدينة العرب العريقة ( تقع في جنوب العراق)، وذلك في القرن السابع للميلاد. تلقى هذا الراهب العلم في مدينة نصيبين الشهيرة (الآن في جنوب تركيا)، ثم دعاه الأيمان للانضمام في دير ((أيزلا)) القريب من نصيبين، وذلك في الربع الأخير من القرن السادس للميلاد. تمتعت حياة هذا الراهب بالاستقامة والأيمان والزهد لله الواحد. بعد فترة من الزمن قرر هذا الراهب الخروج من دير ((أيزلا)) والتوجه نحو منطقة الموصل ليؤسس في بقعة قريبة منها ديراً باسمه، يمجد به أسم الله.
    لقد أسس ديره الجديد بالتعاون مع أبن أخته حنانيشوع. كان الدير في بدايته بسيطاً وصغيرا لكن مع شهرة مار إيليا وكثرة عجائبه، أخذ الكثير من أبناء المناطق المحيطة يتوافدون نحو الدير ليكونوا أحد دعائمه ويتتلمذون على يد هذا الراهب، فعمل الرهبان على توسيعه، ووضع مار إيليا قوانين له.
أما عن التسميات فقد أطلق عليه العديد منها:-
-   دير مار إيليا الحيري نسبة إلى مؤسسه.
-   الدير السعيد: من المحتمل أن هذه التسمية جاءت نسبة إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان الأموي، الذي كان أميرا على الموصل في عهد خلافة أبيه، حيث أبدى هذا الأمير اهتماما كبيراً بالدير، وكان يزوره كثيراً.
-   الدير المنقوش: وذلك لكثرة النقوش والزخارف التي زينت جدرانه.
-   الدير الخربان: وهي تسمية جاءته بفعل الدمار الذي أصابه نتيجة حملة نادر شاه الى المنطقة سنة 1743.
    مر هذا الدير في فترات مختلفة تميزت بعضها بالازدهار وكثرة الرهبان وفترات أخرى بالإهمال والخراب وترك الرهبان له وانتقالهم إلى مناطق ثانية خصوصاً بعد حملة نادر شاه الواردة الذكر. لقد زار الدير العديد من الرحالة، منهم الانكليزي كلوديوس جيمس ريج عام 1821م، وذلك بعد خرابه. حيث ذكر ريج تفصيلات كثيرة عن عمارة هذا الدير منها أن كنيسة الدير كانت حسنة البنيان، غنية بالحنايا والأبواب والشبابيك المنقوشة، ومزينة بزخارف هندسية وأشكال فنية وكتابات بالخط السرياني. أما اليوم فقد بات خراباً، خصوصاً وإذا ما عرفنا أن منطقة الدير أصبحت جزءاً من معسكر للجيش العراقي أبان النظام العراقي السابق، حيث أصبح زيارته من الأمور الممنوعة، فكان نصيبه الإهمال.
    من الأمور الطريفة التي تروى عن الدير، هو وجود عين ماء كبريتية، تتغير ألوانها فتصبح في موسم الحصاد بيضاء وفي الخريف زرقاء غامقة وفي الشتاء زرقاء كالسماء وفي الربيع حمراء، وهي تحوي على مركبات كبريتية مفيدة لعلاج الأمراض الجلدية. كما قيل أيضاً أن لتراب هذا الدير ميزة خاصة، وهي رفع أذى العقارب التي كانت تنتشر في المنطقة. ويحتفل بعيد هذا الدير في يوم الثلاثين من أيلول / سبتمبر من كل سنة، حيث كان يزوره المسلمون والمسيحيون في عيده هذا
.


                                                         دريد سليم بولص
                                                        بكالوريوس آثار قديم