المحرر موضوع: تأبين الفقيدة شميران بجوري  (زيارة 1054 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل abofurat

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 49
    • مشاهدة الملف الشخصي
 أقام الاب فارس توما القداس الالهي وصلاة الجناز عن راحة نفس المرحومة شميران شاهين بجوري بمناسبة الاربعين لرحيلها من هذا العالم , شاركه مجموعة من الشمامسة الاجلاء وحشد كبير من ذويها ومحبيها. ثم اقيم حفل تأبيني بهذه المناسبة المؤلمة تضمن عدد من الكلمات والقصائد والمداريش تتخللها الموسيقى الجنائزية الحزينة.
فقد القى السيد أكرم هرمز نعمان رئيس جمعية أور الكلدانية كلمة بالمناسبة جاء فيها :
نجتمع هذا اليوم جميعا لآحياء ذكرى حزينة ومؤلمة على قلوبنا بفقدان انسانة عزيزة على فلوب الجميع وأم فاضلة المرحومة شميران بجوري , نتذكر اللحظات التي كانت تشاركنا بها والجلسة الطيبةوالحديث المرح وبسعة صدرها وطيبة قلبها الذي يلمسه منها كل كبير وصغير . نشارككم احزانكم بهذا المصاب الاليم ونطلب من الرب يسوع المسيح ان يسكنها فسيح جناته.

ثم القى الشماس داديشو وباللغة السريانية كلمة جمعية نينوى الاشورية معبرا عن مشاعر الحزن والالم لجميع اعضاء الجمعية بفقدانهم عضوا من اعضاء جمعيتهم طالما كانوا الجميع يكنون له كل الاحترام والتقدير لما كانت الفقيدة تتمتع بها من خصال حميدة وحب الخير للجميع ومد يد العون والمساعدة لكل من تعرفه , ومتمنيا لها الراحة الابدية مع القديسين والابرار.

بعدها القى الاخ الشماس ستيف مدراشا بالسريانية بالمناسبة.

ثم جاءت كلمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري / لجنة الدانمارك القتها الاخت تيريزا ايشو وهذا نصها :

   ألآخ العزيز صباح بجوري، الاعزاء فرح وفرقد وفوز وفرات البعيد عنا..

الله يعلم مافي القلب وما نكن به لكم ومانشعر به تجاهكم من الام وحزن وانقباض يصعب علينا ان نعبر عنه..
وخصوصاً ان العزيزة شميران، التي هي من هذاك الصوب أستطاعت ان تبني جسر وتوصله الى هذا الصوب الاخر..
نعم انكم كنتم نعم الزوجين المثاليين الذين بأتحادكم برهنتم أنسيابية كلدو أشور.. وهيهات من يقول عكس ذلك.. وهيهات أن تصمد أقوى النظريات ألتي وجدت لتثبت عكس ذلك.. أذ انها ستنهار امام ما أثبتته سنين حياتكم التي أثمرت عن أبناءكم فرات وفرقد وفرح وفوز الذين هم بحق وحقيقة ابناء كلدوأشور...
شميران، أم فرات، كانت حياتك قصيرة، وكان هناك مازال درب طويل امامك لم تقطعي كل أشواطه... وفاتتك وستفوتك احداث ومناسبات كثيرة... ولكن ماباليد حيلة فما كانت تغمض لك عين لتلبي طلبات الجميع الا طلباتك، التي كانت تأتي في أخر المطاف، وهكذا كنت السراج الذي احترق سريعاً لينير الطريق للاخرين... لذا ايها الاحبة فأن الجسد بفاني والروح هي التي ستبقى الى الازل.. فعلينا ان نحافظ عليها ونصونها.. لتكون جاهزة لاستقبال ربها متى ما حلت الساعة..

تعالوا أيها الاخوة لنتعمق بأسرار الحياة والتجسد التي منحنا اياها الرب وأسرار الموت لنرى كم هي فانية هذه الدنيا الزائلة.. وعليه ليس هناك وقت نضيعه.. في الهدر والكلام الزائد فقد تحدثنا قروناً.. وشردنا لقروناً.. وفي اي لحظة ممكن ان تسلب براثن الموت اي واحد منا.. فما أطيب المحبة وان نحترم قريبنا مثلما نحترم انفسنا.. لنكون متحدين في الثالوث الاقدس وفي الاخوة الكلدانية السريانية الاشورية... وها نحن الجالسين هنا خير دليل على ذلك.. ولننظر كل واحد منا الى مايفرقنا عن قريبنا الجالس بجانبنا... هيهات فمهما حاول المغالون والهدامون والمفرقون، فأنهم لن يستطيعوا اثبات عكس ذلك...
ونحن نشبه بعضنا البعض قلباً وقالباً ولساناً وحباً وديناً وارضاً وطبعاً وعرفاً وتقليداً ومأسياُ وتأريخاً....

والا فلا قيمة لتعزيتنا اليوم للعزيزة شميران ونحن في منابر اخرى نعلن باليقين والايمان من اننا ثلاثة شعوب لاتشبه بعضنا البعض.. ومن أننا لسنا أخوة.. ومن أنه ليس هناك قاسم مشترك بيننا.. وليس هناك مايجمعنا.. ولم نرتوي من دجلة والفرات..
أن المسيح بموته وقيامته منحنا هبة المقدرة على التأمل ومراجعة الذات والاستفادة من دروس الموت والحياة لنصلح أنفسنا فحبل الحياة بقصير.. وحينها لن ينفع الندم.. ونحن نرى ونسمع انباء موت واندثار قبل اوانه لشرائح كبيرة من أبناء وبنات شعبنا.. وسننتظرهم في قيامة جديدة من بين الاموات.. ولكن الى ان يأتي ذلك الحين نكون قد أفنينا.. ومسحنا من وجه ارض دجلة وفرات يا أم فرات ويامحبي ام فرات.. فعلينا ان نتحد ونعلن جماهيرياً اننا شعب واحد لانقبل القسمة على ثلاثة، عُتقنا من ارض اجدادنا ارض العراق .. وحينها سنفرض على مرؤوسينا وقياديينا ان يتحدوا وان لايتحدثوا عنا بنكرة.. وان يتحدثوا عنا بأسم وشعب واحد..باقانيمه الثلاثة.. فالوقت بات قصير، والخطط المبيتة لنا أكبر من ان نستطيع ادراكها.. اذا لم نتحد.. وها ان الاعداء نجحوا في تفرقتنا وتشتتنا.

ولكن قبل اوانه  وببالغ الالم والحزن نود أن نعزي زميلنا واخونا العزيز صباح بجوري عضو لجنة المجلس الشعبي في الدانمارك، وأبناءه الاعزاء بفقدان شريكة دربه ورفقية حياته وأم أولاده ، وأمهم وصديقتهم وحافظة أسرارهم وراعية زهورهم... الاخت العزيزة شميران شاهين بجوري والتي كانت نعم الزوجة الصالحة.. والام الحنونة والمربية الجيدة لابناءها وبنتها ذو الخلق العالي ألحسن...
أن شميران كانت أخت للجميع تتألم ويقض مضجعها أن تسمع أن واحد من أبناء جلدتها ألسوراية في أورهس مريض، فكانت تهرع أليه وتضع يدها الصالحة على المه بأسم الرب ، وترفع طلباتها وصلواتها للباري تعالى طالبة منه الشفاء.. والامثلة منها كثيرة.. وواحد منها هو أحد أبناء شعبنا السوراية ألذي أقعده المرض الذي الم في ظهره الفراش لاكثر من شهر، ولكن بزيت الرب الذي تؤمن به شميران وبيدها التي مسحت على ظهره بأسم يسوع.. أحس ابن شعبنا ان قوة خارقة مرت في ظهره من أعلاه الى اسفله.. فتعافى من أللحظة.. وحتى يومنا هذا... وهو ينادي ويقول ان ألشكر لشميران بواسطتها شفيتُ. وشميران تقول ان يسوع هو الذي شفاه.. لانني طلبت منه الشفاء وأن ينظر اليه ويشمله بحنانه.

طوبى لك ياشميران وللصالحين والمؤمنين أمثالك فأنهم أبناء الرب يدعون.
نامي قريرة العينين في فردوسك السماوي.. ولن ننسى الاعزاء ابو فرات وأبناءك فرقد وفوز وأبنتك العزيزة فرح.. فسنكون لهم بقدر ما نستطيع الام الحنون.. ولاتأرقي لذلك..
أن للرب حكم في كل ما يقوم به.. وماهي حياتنا على الارض الا محطة تؤهلنا وتختبرنا لان نكون كفوئين للحياة الابدية..
طوبى لكم لانكم أمنتم ولم تبصروا..
الصبر والسلوان أمنحنا جميعاً يارب مع عائلة ألاخ أبو فرات بفقدانه شريكة حياته.. ولتكون هذه خاتمة الاحزان.

ثم القى السيد هيثم ابونا كلمة فرقة شيرا للمسرح  جاء فيها :

أيها الاخوة الاعزاء : اليوم نلتقي لنشارك الاخ العزيز صباح بجوري واولاده وذويه الاعزاء نشاركهم احزانهم برحيل الغالية شميران بجوري إثر مرض عضال لم يمهلها طويلا .
أيها الاخوة :تلقينا العديد من الاتصالات من بعض الاخوة الذين تمنوا ان يشاركوننا اليوم بهذه المناسبة للتعبير عن صدق احاسيسهم ومشاعرهم النبيلة تجاه فقيدتهم الغالية سواء من خلال كتابات او شعر تقرأ هنا إلا أنه لضيق الوقت ولاعتبارات عديدة إرتأينا ان نختصر ونخصص ساعة واحدة فقط للتأبين فعذرا للذين لم يسعفهم الحظ بأن يعبروا عن ما يجيش في خواطرهم من مشاعر نبيلة تجاه فقيدتنا الغالية أم فرات, مع فائق تقديرنا واحترامنا وامتناننا لكل الحاضرين وغيرهم لما عبروا عن عمق مواساتهم وصدق مشاعرهم النبيلة من أول يوم رقدت فيه الراحلة شميران بالمستشفى ولحد هذه اللخظة.
بإسمي وبأسم فرقة شيرا وكافة عوائلنا نقدم خالص عزائنا ومواساتنا لذوي الفقيدة التي كانت الام والاخت الحنونة والطيبة المتسامحة والكريمة  , حقا نقول لك يا شميران وإن رحلت من هذه الدنيا فإنك لم تفارقينا أبدا , أنت بقية في قلوبنا التي أحبتك وستكونين دوما في مجالسنا , سنتذكرك كمثلا للطيبة والمحبة والتي كانت ميزاتك لآخر لحظة من رحيلك . نسأل الله أن يتغمدك برحمته الواسعة ويسكنك في ملكوته السماوي مع المؤمنين والصالحين , ويلهم اهلك وذويك جميل الصبر والسلوان .

ثم القى السيد منصور بجوري مدراشا بالمناسبة.
 
أما السيدة وفاء شابا عيسى فقد أعتذرت عن الحضور بسبب ظرف طارئ فارسلت كلمتها والفيت بالنيابة:
--------------------------------------------------------------------------------
رثاء ألأخت العزيزة شميران

وها قد مرت الآيام بسرعة البرق
ها قد مرت يوما بعد يوم… واليوم هو الاربعين
اربعون يوما على فراقك المر وستاتي ايام اخرى كثيرة سنعيشها دون وجودك ودون وجود احباء كثيرين رحلوا
آسفة يا صديقتي ان لم احضر اربعينيتك والغريب ان في هذا اليوم بالذات هو يوم  فرح في بيتي يوم اريد ان افرح ابني الاصغر حيث في هذا اليوم يهيء نفسه ليجدد مواعيد معموديته ليكون دوما الابن البار ليسوع

هكذا الحياة على الارض واعلم يقينا بأن هذا يفرحك حقا
ان نعيش الحياة هو فرحك ان نعيش المحبة كان هدفك وان  نعيش الايمان كانت رسالتك
عندما نظرت الى نعشك المزين بالزهور الحمراء قلت وارادة الله وجدت حتى في اصغر الاشياء زهور حمراء تعبر عن الحب والعطاء الذي ملأك .
كتبت ارثيك , قالوا كتبت بجمال عن شميران.…
صمّت واستغربت فانا لم أجمل في كلماتي بل كان صدقا الذي كتبته

شميران عانيت المرض لكن لم اجد في وجهك الا بسمة عذبة وكلمات تبعث الامل والفرح والحب في مسامعي.
كلا لم ارى وجها مريضا … لا بل كان وجه ربنا وبارينا  يسوع المنسيح مطبوعا بوجهك , كان سر العماذ, كان تناولك للقربان المقدس , وكان ايمانك …هو سر الامل والحب في وجهك.

واليك يا اخ صباح
يقولون ان وراء كل رجل عظيم امرأة , لكن ارى ان شميران قد اضافت الى عظمتك عظمة . ارجو ان لا يفهمني احد خطأ … فالعظيم هو الله وحده والعظمة له وحده.
لكن يا ابا فرات كنت ومازلت عظيم بتواضعك , عظيم بسعة صدرك, عظيم بتقواك لا بل عظيم يا ابا فرقد بتحملك لثقل حملك.
قال الرب من ثمارهم تعرفونهم نعم يا ابا فرح فالشجر الجيد يعطي ثمرا طيبا وهذه طيبتك يا فرح.
فلما الحزن يا ابا فوز؟ الم تشاطر الامنيات مع شميران وها هي الشمس تشرق بوجه فوز ويحقق تلك الاماني.
أفلا اكون محقة عندما قلت لك افرح وافتخر برحيل شميران ، لان رحيلها ما هو من عندك …
اما ان تفتخر بها فهذا من حقك…
نعم ايها الزوج الوفي افتخر وافرح فهذا من حقك ، واما ان تنهطل الدموع من عينيك فهذا عربون حبك. وان تواصل الحديث عن شميران رغم العبرات الخانقةفهذا دليل عظمة زواجكم المقدس.

وسار الاب والابناء خلف نعشك المكلل بالورود وخلفهم ذاك الحشد الكبير من اهلك واصدقائك, فقلت صديقتي اي نعم صديقتي رغم اننا لم نتزاور كثيرا لكن ما اختلفنا كلما التقينا وتبادلنا الاحاديث عن  الابناء والزمن الماضي والاتي وعن الكمال .
ما افتخرنا بما وصلنا اليه بل كان هذا من عند ربنا، عملنا ما بوسعنا وبذلنا مجهودا بذلك وهذه احدى عطايا ربنا.
هذا هو فخري يا شميران لهذا لن ابكيك لا لن ابكي بل انا فخورة بصديقة رائعة مثلك ، لا بل قد تمنيت أن اكون بنقاؤك، بوفاؤك بعطائك وبالحب الذي ملئ كل جسدك.
نامي قريرة العين يا شميران
نامي واستريحي ايتها الحمامة البيضاء
نامي وتمتعي بنعمة الرب يسوع

ولتكن نعمة الرب معنا جميعا وروح القدس يضللنا دوما… آمين

صديقتك التى لا تنساك
وفاء شابا عيسى

ثم القى السيد نزار ملاخا كلمة مؤثرة جاء فيها :س

وفي الختام القى السيد صباح بجوري زوج الفقيدة كلمة شكر فيها الحاضرين وبشكل خاص الذين احيوا هذا الحفل التأبيني , وجاء ايضا في كلمته :
   كلمتي هذه من عميق قلبي وصميم وجداني هي تخليد لوفاء جميل عمره الدهر كله :
 
لا أنكر ما قمت به نحوي منذ يوم زواجنا من محاولة إسعادي وحمل كل همومي وأنت راضية وسعيدة.
لا انكر ما كنت تقومين به يوميا من إرضائي بكلماتك الحنونة وإعداد عش الزوجية بما يلزم من مأكل وملبس ومشرب وأنت راضية وسعيدة.
لا أنكر ما قمت به من سهرك على أولادنا وتعبك معهم وتربيتهم نعم التربية وبشهادة الجميع . 
لا أنكر ما قمت به كلما إشتد علي الزمن أو جفاني الناس فكنت نعمة الزوجة التي تقف بجوار زوجها وتقويه وتشد من أزره وتقوي عزيمته.

زوجتي الحبيبة , بعد كل هذا لا أجد ما أقدمه لك سوى أن :   أرثيك بباقة ورد ترويها الدموع
                                                                           لتبفى ذكراك خالدة بين الضلوع
                                                                           يا من كان صوتك في الظلمة شموع
                                                                          سيبقى صوتك نابضا في قلبي شتى الربوع

ما أصعب أن يحس المرء ولو للحظة واحدة بوحشة تغمر كيانه , تجعله يحس بغربة ملؤها الخوف والوحدة.
هذه اللحظات مخيفة ومؤلمة ... هي نفسها لحظاتي ... يا ترى هل تحسين بي ؟؟  وهل يغمرك الشعور نفسه ؟  أجزم بأنه نفس الشعور , وهذا هو عزائي وقوتي والذي يجعلني أحتمل فراقك عني .

تعيش في أعماق وجداني أطيافا من الاحاسيس المختلفة بين ألم فراقك وأمل لقاؤك في دنيا الآخرة ,
لكن إحساس ألالم يغلب على مشاعري.

غاليتي ... حبيبتي ... يا من ملكت كل أحاسيسي ووجداني ... يا من جعلتيني أرى الدنيا زاهية بألوان الطيف ... إني أراها ألآن وبعد فراقك سوادا في سواد في سواد .

حبيبتي شميران : لقد عاد الربيع هذه السنة من بعدك دون أي إختلاف عن ربيع الاعوام السابقة , فما تزال الشمس تطل كل صباح من خلف دارنا كما كانت , ولا تزال تبعث الاشعة نفسها من النافذة الى الجدار المقابل , عاد الربيع من جديد ولم تذبل زهرة واحدة منه , وطيوره لم ينفطع تغريدها ولا إختلفت أنغامها ولم يظهر لاحزاني أي أثر متميز في تغريدها الذي تعرفينه.
وورودك التي زرعتيها أزهرت وفاح عطرها , ولبلابك  نعم لبلابك الذي كنت تحبينه كثيرا يكبر ويكبر غير أبه بما حدث لك .
لقد تابع الزمن مساره من بعدك كما كان وتابع الناس معه رحلتهم الصاخبة خلال الحياة وبفيت وحدي الغريب بينهم , المتخلف عن ركابهم , الشارد عن سبيلهم , تشرق الشمس فلا أراها إلا مدبرة عني .

أقبل الربيع بخضرة مروجه وفوح أزهاره ورياحينه , فلا أرى من ذلك كله إلا ما يذكرني بربيع أيامي معك ويعيدني الى عبير الدنيا في أنفاسك.

والناس .. الناس والاصدقاء الذين إكتأبوا لمصابي ولبسوا سيماء الحزن في وجوههم من أجلي , إنفضت عني دموعهم وإنصرف كل الى شأنه ودنياه , أما ألحديث عنك فقد أصبح رقما من الارقام في قائمة الاحاديث .

أنظر الناس في جوانب الارض والمنغمسين في لهوهم وأفراحهم فلا أجدني إلا ضائعا بينهم , غريبا عن أحوالهم ولا أحس في ضجيجهم إلا بما يحس به المعذب .   لا أرى الدنيا من حولي إن ضحكت إلا  مغموسة بالكأبة والسواد كأنها لا تزال حبيسة في عمر ذلك اليوم الذي شيعت فيه أحلامي , ذلك اليوم المشؤوم العشرين من مارس ... يوم أودعتك في ذلك الصندوق اللعين ثم دفنتك في التراب , في أرض غريبة عن أهلي وأهلك بعيدة عن أرض أبائنا وأجدادنا .

لم يبق لي في الدنيا بعدك إلا الذكريات التي تشدني نحوك والبقايا من أثارك التي تنتمي إليك.
   
الناس يهربون من ذكريات مصائبهم واحزانهم الى أسباب الفرح والنسيان , أما أنا فلا يطيب لي إلا أن أفر من أسباب الفرح والنسيان الى ذكريات مصائبي وأحزاني , لا يؤنسني إلا الحديث عنك ولا يطربني إلا إسترجاع أيامي معك. 

أنا أعلم علم اليقين أنك لم تموتي بل إنتقلت من عالم زائل فاني الى عالم أزلي باق , أنني على يقين بأننا سنلتقي ... سأنفذ إليك من الباب الذي سبقتيني إليه ولسوف نعيش معا من جديد.

 قيل لي لقد ماتت أم الفرات فروض فكرك يعد اليوم على نسيانها وإن تعلق الحي بالميت لا فائدة منه.
ولكن والله والله ما سمعت كلمة أشد وأوحش من هذه الكلمة التي قيلت لي من باب التعزية والسلوى .

ما أحببت فيك جسمك , شكلك , أنوثتك ,ولكن الذي علقني بك هو صفاء روحك , سمو إحساسك , إشراقة قلبك , أحببت فيك حبك الكبير للناس , تعبدك اللامحدود لربنا والهنا يسوع المسيح وأمه العذراء مريم ,
أحببت فيك رقة شعورك وعظمة إنسانيتك , أحببت فيك نهايتك تلك النهاية التي توجت فيها عمرك بلحظة قدسية جميلة أكملت فيها كل ما يتمناه المسيحي الحق , فنلت جسد ودم ربنا يسوع المسيح , وتطهرت بمسحة المرضى , وتوجت كل ذلك باستقبالك وإحتضانك لصورة أمنا مريم العذراء , تلك الصورة التي طالما أحببتيها بكل جوانحك وتعبدت لصاحبة تلك الصورة , فما أن اتاك ولدنا فوز بصورة العذراء مريم حتى إحتضنتيها على صدرك وسلمت روحك بيديها بعد ساعتين تقريبا من إستلامك لها. فهنيئا لك حبيبتي , وإني لعلى ثقة كبيرة وتامة من أن العذراء مريم قد إستقبلتك في أحضانها كما إستقبلت أنت صورتها.

يا رفيقة الدرب في حياتي ومماتي , يا شميران الحبيبة , يا أم الفرات , يا أنيسة عمري , إن موتك زادني حبا على حب ولسوف يبقى حبي لك في إزدياد حتى تحين ساعة اللقاء.                 وأشكركم.