المحرر موضوع: الأقليات والقوى الكبرى  (زيارة 1005 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل abo malek

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأقليات والقوى الكبرى
« في: 00:17 29/05/2009 »
الأقليات والقوى الكبرى

الأقليات في الشرق الأوسط  مهمتها الأساسية , هكذا يبدو,ليس البحث عن حلول لشعوبها   أو تامين العيش بأمان والانصهار بالمجتمع , بقدر ما هو دورها الخفي ممارسة الغوغائية والتمرد و ارتكاب الفظاعات بأوقات الأزمات , وإشغال الدول ليسلط الضوء عليها و تبرر أعمالها الوحشية ,  وتثير اهتمام وسائل الإعلام الغربية  و من ثم تهدأ و تعرض نفسها على أنها الضحية , إن الدول اليوم تسحق التمرد و أعمال الفوضى لتحافظ على وجودها فليس بالعنف وحده تستطيع الأقليات أن تنال حقوقها إنما بالتآخي و المواطنة و الهدوء .

إن إثارة القلاقل أصبحت وصمة عار على جبين أغلب الأقليات المشبوهة , و الغرب الذي تتشدق به الأقليات هدفه الإمعان في توسيع دائرة المجابهات بين المواطنين ليحقق المزيد من الانشقاقات و ارتكاب الفظائع و الخراب على يد أبناء الوطن الواحد .  و على أثرها تحتل عناوين الصحف الكبرى في كل من واشنطن و باريس ولندن أصداء المعارك و الخلافات وكأنهم يتألمون أكثر بكثير من ألام أهل الموتى والجرحى و المهجرين وهذا كله نفاق و دجل . و الغاية من وراء كل ذلك تطبيق سيناريو جنوب لبنان على كل البلاد العربية عبر تمويل ميليشيا مسلحة ممولة تسيطر الدول الغربية و إسرائيل عليها لإضعاف الأقطار العربية , وتأمين مناطق عازلة لتحيك المؤامرات من خلالها . و للتأكيد على صدق نواياهم يقدمون همسا الدعم الضمني الذي فيه من الالتباس ما يكفي لأن يكذب في أول مناسبة .
كانت المأساة الأشورية برمتها تبدوا بالنسبة إلى الإنكليز في أعوام 1933 وقبلها لعبة المراحل المفيدة , فقد تم استخدام الليفي الأشوري كممحاة كبيرة لتمحوا المأساة الدموية التي قامت بها القوات الإنكليزية بحق الشعب العراقي  غير أن  المسألة الأشورية لم تكن بالنسبة للبريطانيين مجرد ممحاة للمآسي التي يرتكبها الغرب حيال الشرق  , بل ظلت تستخدم كجسر للهيمنة . سيتمر الحال على هذا المنوال حتى يومنا هذا فتستخدم القوى الكبرى الأقليات كممحاة لجرائمها دون توقف , فالمشكلة الأشورية لا توجد عليها إدانات , و القضية الأشورية مطروحة بالأمس , مثلما هي مطروحة اليوم , وكما هي ستطرح غدا . لكن وقع الكارثة التي سببت المرارة قد وقعت في ظل حراب الاحتلال البريطاني و اليوم يستمر الحال في ظل الاحتلال الأمريكي .

إن مشكلة الأقليات في العالم العربي , هي مشكلة ماثلة لا يمكن التغاضي عنها بإطلاق شعارات جاهزة في وجهها . فهي مشكلات من الدرجة الأولى وتتميز بأبعاد ثقافية سياسية داخلية . وهي في كل مرة تسمح بتشكيل عنصر تفكيك أو تحطيم اجتماعي في ساعات الأزمات الكبرى , وقد ظلت الإجابات الرسمية أو القوى السياسية الشعبية , تستند في مجابهاتها لمشاكل الأقليات إلى ركيزتين أساسيتين ..
الهروب إلى التراث ... أو تضخيم المشكلة عبر تحويلها إلى الخارج .
الهروب إلى الماضي وكان وسيلة استنجاد بالتاريخ , ويخفي حقائق مشكلات الحاضر الواقعية . ومع خوف الأقليات من الداخل , وخشية الأكثرية من الخارج  راحت القوى الكبرى تثير الأقلية على الأكثرية و الأكثرية على الأقلية داخل الدولة الواحدة
الركيزة الثانية : هي إن إحالة مشكلة الأقليات على حساب الخارج قد أدت إلى انسداد الأفق و اكتساب حالة من استحالة الحل , وبالتالي إلى حالة دائمة من العداء المبطن و التجاهل وبين حلم الاستغاثة بالتاريخ , وواقع الإحالة إلى الخارج كانت الأقليات تلعب دورا تحطيميا بالنسبة إلى الدول و ترتهن أكثر فأكثر لقوى العالم الخارجي .

لقد تحولت مشكلة الأقليات في المنطقة العربية و العالم عموما إلى ما يشبه الرهينة بيد أمريكا و أصبحت قضاياها تثار في الإعلام الغربي , عندما تكون ضرورية لتغطية مشروع محدد . و إلا لماذا السكوت أو كيف غاب النباح أو العويل على مسيحي الشرق وكيف تمت التضحية بأبناء المسيح , من خلال سوقهم إلى المذابح في إطار الحروب المتتابعة . لقد تمت تسوية قضايا الأقليات في معادلة علاقتها بالقوى الكبرى ببساطة . فهي مجموعة أضحيات أو قرابين تساق إلى المذبح عند كل ضرورة , أما مصالحها (الأقليات ) وحقها في العيش الحر الكريم , فهي أخر هموم القوى الكبرى ,  إذ لا ترى فيها أكثر من طعم على طريق صيد المجتمع الشامل أليس ذلك ما جرى بالنسبة إلى الأشوريين , وهل يمكن الإنكار إن المأساة الأشورية , تستعيد صورها في كل حلقة من حلقات التاريخ المغلقة وفي كل مرحلة تحتدم فيها أحداث المنطقة وتضطرم .
المشكلة الكبرى إن الأقليات لا ترى سوى نفسها أو أوضاعها من خلال التعامل مع قيادات الوطن العربي وهي لا تقدر أبدا , إن الديمقراطية ربما تكون مغيبة عن الأكثرية أضعاف ما هي كذلك بالنسبة للأقلية .
كلنا أمل أن نحيا جميعنا على أرض واحدة تستوعب الجميع بهمومنا ومشاكلنا ودون أن نحتمي بالأجنبي الذي هو عدو لنا جميعا في كل الأوقات .

                                                           القامشلي .عبدالله ماروكي