المحرر موضوع: سعداء أنتم حقاً بمصارع العراقيين !  (زيارة 2508 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sayyar Jamil

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 279
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سعداء أنتم حقاً بمصارع العراقيين !
 تعقيباً على نقدات جهاد الزين 
[/b]




سيّار الجميل

لقد كانت مقالة الاخ جهاد الزين "مذعورون في بيروت سعداء "في" بغداد" المنشورة في"قضايا النهار" يوم السبت 25 حزيران 2005 مثيرة للتفكير والمشاعر معا. فالرجل قد أثار مسألة اخلاقية لابد من ايلائها اهمية ليس من اجل ما يحدث اليوم من مصارع للعراقيين، بل انما هو يدق اجراسا على ابواب العرب دولا ونخبا ومجتمعات غدت لا تعرف اين هي اليوم في خضم من الضعف الكسيح والذي ساهم في تفاقم اهترائه جملة من جماعات ونخب اولئك الذين يدعون انفسهم بالمثقفين والمفكرين الذين لم يكتفوا بفقد صدقيتهم فحسب، بل انهم باتوا يعيشون اليوم بلا صدقية وبلا اخلاق وهم يسعدون بمرأى ما يشاهدونه على شاشات الفضائيات من قتل وارهاب للعراقيين بالجملة من دون ان يرفّ لهم طرف او حاجب وبعد مرور اكثر من سنتين وحتى يومنا هذا! انني واثق بأنهم يدركون حجم الخطر الذي بدأ يزحف ذات الشمال وذات اليمين، ولكنهم صمّ بكم عمي عن اخطر ظاهرة مميتة تجتاح العراق وستنتقل الى كل بلدانهم العربية – لا سمح الله!!

يقول الاخ جهاد الزين: "من يرصد ادبيات معظم الاوساط الثقافية العربية حيال ما يجري في العراق منذ الاحتلال الاميركي – البريطاني له يكاد يظن انه لا وجود للمدنيين في هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه ما يتجاوز الـ25 مليون نسمة... الا في حالة واحدة هي عندما يكون هناك نشاط عسكري ما لقوات الاحتلال في احدى القرى او المدن. اما الصمت حيال عمليات التفجير العشوائي ضد المدنيين العراقيين، وجزئيا ضد الشرطة العراقية، فهو صمت شبه مطبق. لقد تمادت هذه العمليات ضد المدنيين الى حد اصبحت عبارة عن مذبحة بل مذابح يومية ترتكبها "المقاومة" العراقية ولم يصدر موقف جدي من اي مثقف او مجموعة ثقافية او حزبية او ناشطة في اي عاصمة عربية تقريبا ضد هذه الممارسات الوحشية ضد المدنيين العراقيين سوى باستثناءات قليلة فيما تنصرف معظم الاصوات الى التفرغ لادانة... الاحتلال. كل شيء هو الاحتلال، ولم يثر الوضع العراقي بتعقيداته الكثيرة والنوعية اي نقاش فعلي في المنتديات الثقافية – السياسية العربية حتى بالحد الادنى على غرار النقاش المتعلق بالمدنيين الاسرائيليين رغم كل المناشدات التي اطلقها مثقفون وناشطون عراقيون لكي يعيد زملاؤهم العرب امكانية ردم الهوة النفسية – السياسية التي ارتسمت بين المزاج العام للشعب العراقي ومعظم نخبه وبين الوضع العربي بسبب اصبح معروفا هو وقوف الاتجاه العام للنخب العربية مع... صدام حسين او على الاقل الصمت عن ممارسات نظام حكم صدام حسين... عبثا وبعد اكثر من سنتين يجري انتظار... حصول هذا السجال الضروري الذي يتمثل في السؤال: اين هو الخط الفاصل بين مقاومة الاحتلال الاميركي وبين اذية المدنيين، بل حتى العراقيين عموما خلال المقاومة او باسمها؟".

نعم، صدقت يا صديقي جهاد في كل الذي قلته بحقنا نحن العراقيين. لقد ذكّرني مقالك بكتاب درسناه منذ أمد بعيد عنوانه "مقاتل الطالبيين" فكم وجدت من اشباه نظائر العرب بين الامس واليوم ازاء العراق والعراقيين! نعم صدقت في كل تساؤلاتك التي لا يستطيع أحد من الاخوة العرب ان يجد لي اي مبررات واهية يحمي بها نفسه ويغطي بها على هذا الانحدار الذي اقل ما يقال عنه انه بعيد جدا عن معاني الانسانية والضمير والوفاء والنصرة. صيحاتنا التي اطلقناها منذ سنتين لم تنفع العرب ابدا. أولئك الذين لم يجدوا في العراق الا صدام حسين والاحتلال الاميركي وليكن من بعدهما الطوفان. منذ سقوط الطاغية الجلاد والامة العربية المجيدة تأكل نفسها بنفسها على ذكراه الكريهة من دون ان يلتفت اليها احد، ومن دون ان يفكّر العرب بهول ما يحدث في العراق. علما بأنهم كانوا يصفقون للبطل القومي الذي سيواجه اميركا ويدحرها! ولا ادري اين هي تلك المشاعر القومية الاخوية التي ذبحنا حناجرنا من اجلها من الخليج الثائر حتى المحيط الهادر ومنذ خمسين سنة ؟ ولا ادري اين هو الضمير العربي الذي يعبر عنه عشرات بل مئات من الكتاب والمفكرين وهم يصفون انفسهم بالعرب والمسلمين ؟

انهم يرون ويسمعون مقتل العشرات من العراقيين يوميا في اوسخ حرب ارهابية ضدهم وباساليب بشعة من قطع للرؤوس الى تفخيخ للسيارات الى تفجير للعبوات الناسفة الى رمي الصواريخ عشوائيا. الى تناثر اللحم البشري لنسوة ورجال واطفال في الشوارع والمساكن والمحلات العامة ودور العبادة. لقد سكتوا على كل جرائم الطاغية في الامس سكوتا يثير الم كل العراقيين الشرفاء واليوم يسكتون سكوتا مخزيا يثير كل التساؤلات. اين اقلامكم وضمائركم ايها المتفلسفون والمحاضرون والمهاترون والمفكرون والمحللون الاستراتيجيون في مؤتمراتكم القومية وتجمعاتكم الدينية وصحفكم اليومية بالعربية ؟ اين مشاعركم العروبية المرهفة وانتم ترون وتسمعون على شاشات الفضائيات، مأساة شعب اصيل قدّم للامة العربية المجيدة الغالي والرخيص على امتداد قرن كامل ؟ اين السنتكم الطويلة وانتم لا تعرفون الا السباب والشتائم والكلام الرخيص ؟ الناس تنقاد مع آرائكم والجماهير العربية باتت لا يعنيها من امر العراق شيئا الا الاحتلال وكأن الابرياء الذين يقتلون كل يوم من دون ذنب هم من الحشرات او الهوام! سعدء انتم بمقتل العراقيين سواء كانوا مدنيين ام عسكريين ؟ سواء كانوا من الاطفال والنسوة والرجال ؟ سعداء انتم في الذي يجري في العراق ؟ لم تنفع الكلمات معكم ابدا ابدا، فلقد التقيت بمثقفين عرب مشهورين وهم يشمتون كيف تمزق دوميللو وباقر الحكيم وغيرهما اربا اربا!!

سعداء انتم بهذه المذابح الهمجية وانتم تتفرجون على مأساة اللحم البشري العراقي وهو يتشظى في الشوارع. ولا تعلمون بأن الارهاب زاحف عليكم عاجلا ام آجلا! ولا تدركون كم انتم اصحاب افق ضيق منذ عرفتم التصفيق والتهريج وترديد الشعارات والرقص في الشوارع لكل الطغاة والجبابرة! ولا تفهمون كم انتم ضعفاء حتى في اخلاقياتكم وتعاملاتكم. ولم ينفعكم كبريائكم فانتم طبول جوفاء. وسيحاصركم الارهاب حتى وان كنتم في بروج مشيّدة! متى فكرتم بحقوق الانسان؟ متى كنتم مع الحق يوما ؟ متى صدقتم حتى مع انفسكم ؟ لقد كنا نعيش خيالا سقيما ووهما بليدا في القرن العشرين. فكل شيئ كان يصبغه الزيف حتى النخاع! لقد أرتضيتم ان تكونوا ايها المثقفون العرب - الا من سلم منكم - من تعساء هذا التاريخ الذي ملأتموه عفونة وجيفا وقيحا وانتم تصفقون للجلادين عهدا وتسعدون بالارهابيين عهدا آخر! كم شوهتم سجل تاريخكم بمواقفكم الباردة الخاوية التي تثير الاشمئزاز! لقد كنتم وما زلتم تسكتون عن الحق ايها الشياطين الخرس. حقا انكم تذعرون في بيروت من موجة اغتيال بعض شخصيات وقادة ومثقفين، وحقا انكم تدينون قتل المدنيين الابرياء في اسرائيل – وحسنا فعلتم - ولكنكم سعداء بما يحدث في بغداد وكل بقعة من أرض العراق.

انني اعجب حقا كم صدّرتم من قصائد واناشيد واغنيات عن بغداد بلد الرشيد وابطال بغداد وثوار بغداد ايام الهوس القومي. وبقيتم تذبحون حناجركم وتقيمون الدنيا ولا تقعدوها. اما اليوم، فلقد نسيتموها ونسيتم شوارعها وخمائلها وقصورها وموائدها ولياليها. ولم يعد يهمكم من أمر شعب العراق شيئا وهو يقتل ويفجر ويذبح على ايدي اعتى الارهابيين الذين تسكتون عما يفعلونه سكوتا غير مبرر. وتصمتون على كل الجرائم، بل وتتلذذ قنواتكم الفضائية على السنة مذيعيكم ومذيعاتكم بكل المذابح ضد العراقيين. انكم تساهمون في اوسخ جريمة يرتكبها وحوش هذا العصر وانتم من ورائهم لا تقولون حتى كلمة سواء بحق السماء. انه ليس النضج الثقافي التحديثي العربي الذي يقف عند حدود المسألة القومية ويبقى بعيدا عن اسوار العراق – كما وصفته صديقي جهاد -، بل انه التعاسة والجحود والغدر والشماتة عندما يصل الامر الى ان يطبق الصمت اطباقا على عقول المثقفين والكتبة الدجالين وهم ينعمون بمشاعرهم الميتة. لقد سمعنا تهريجا وكلاما كثيرا عن الاحتلال من دون ان نسمع من يدين الارهاب، فكما تدين هذا مطلوب منك ان تدين ذاك، مطلوب منك ان توجد نقيض النقيض لا ان تلعب ضد هذا وتسكت ضد ذاك! مطلوب منك ان تدين كل من يقف وراء هذا الارهاب المنّظم، لا ان تقف مع اعوان الجلاد. الدنيا كلها ترصد كل شيئ يتحرك بالضد، والعرب ينتظرون قتل بعضهم بعضا. ولقد نجح العرب نجاحا باهرا في لعبة التفخيخ القاتلة. مفكرون ومشايخ اسلاميون يباركون مشروع القتل علانية على شاشات التلفزيون من دون اي حياء ولا اي اخلاق ولا اي دين!

وأخيرا اردد ما سجله الاخ جهاد عندما قال: "ان الصمت عن المذابح ضد المدنيين العراقيين هو تعبير بدوره عن تخلف الدور الطليعي السابق الذي اعتدنا عليه للنخب المصرية في الثقافة السياسية العربية منذ اواخر القرن التاسع عشر. ولربما هي المرة الاولى في تاريخ مصر الحديث التي لا نشهد فيها مبادرات من مثقفين وناشطين مصريين من اي نوع كانت حيال نزاع خطير يدور في احد اهم البلدان في العالم العربي وهو العراق منذ سقوط نظام صدام حسين. فحتى تاريخ هذا السقوط كانت النخب المصرية – واعني تحديدا غير الرسمية – تتجه باعداد كبيرة وديناميكية لما سمي يومها "التضامن مع العراق ضد الحصار الاميركي". حسنا... اين الاختلافات الحيوية بين المثقفين المصريين حول الوضع العراقي مثلما حصل سابقا ولا زال يحصل حيال اسرائيل...".

دعوني اتوقف ها هنا، اذ ان لي وقفة أخرى حول هذا "الموضوع"... عسى اجد بارقة او شاردة باستثناء اصوات شريفة تنطق عن ضمائر حية وهي لا تعرف ان تنتقل على كل الموائد... فالمشكلة اكبر من اي مقال يكتب!

 

مؤرخ عراقي


غير متصل عبدالاحد سليمان بولص

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2135
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الدكتور سيار الجميل المحترم
تحياتي وقبل كل شيء أود أن ابين بأني من المعجبين بكتاباتكم الجريئة والقيمة والصادقة ولكن لي رأي في موضوع هذا المقال الأخير حول دور العرب وموقفهم مما يجري في العراق.
قبل كل شيء متى كان العرب متحدين ومتعاونين بعضهم مع البعض الآخر فأن الذي نقرأه منذ زمن ما يسمى بالجاهلية أن الغارات والغزوات بينهم لم تتوقف وكانوا شيعا وأحزابا عند وبعد ظهور الدين الأسلامي وبدأت المصالح الذاتية والمشاكل بينهم منذ عهد الخلفاء الراشدين  والتاريخ العربي أثبت بجدارة على أتفاق العرب على أن لا يتفقوا.
أذن لماذا نلومهم لعدم مبالاتهم لما يجري في العراق ومن ثم نسأل أليس الذين يقومون بهذه الأعمال في العراق من العرب والعرب فقط وأليس الوافدون الذين نسميهم بالتكفيريين أو الأرهابيين يتلقون الدعم من العرب العراقيين أذ بدون هذا الدعم لما تجرأوا حتى على دخول الأراضي العراقية ؟ ثم أليسوا من العرب أولائك  العراقيون في الداخل والذين لا علاقة لهم بما يسمى زورا بالمقاومة وهم شلة من أنصاف الأميين أو الأميين الذين أنشأوا لهم سلطات ومرجعيات لا تقل ضلالة عما كان سائدا قبل 1400 سنة خلت وهم يتحكمون  بمصائر الناس ويحاولون توجيههم الوجهة التي يرون بموجب الأوامر الآتية لهم من الشرق الذي لا علاقة له بالعرب؟ ماذا نسمي أن يقتل الحلاق البسيط الذي يكسب رزق أطفاله بهذه المهنة البسيطة لمجرد أنهم يعتبرون أن قص اللحي يخالف الشريعة التي يؤمنون بها وبماذا نسمي تحريمهم على عباد الله  لبس سروال الجينز أو تعديهم على الطبقة المثقفة الناشئة من طلاب الجامعات بحجة أنهم يقومون بسفرات مختلطة ؟ أذا كان هذا هو ما يقوم به العرب العراقيون فلماذا نترجى من الأخرين أن يهبوا لمساعدتنا وهم في كل الأحوال لا زالوا عائشين بنفس عقلية الغزوات والسلب وأكبر دليل على هذا الكلام ما ظهر من تعامل مشين في قضية النفط مقابل الغذاء ذلك البرنامج المذل للعراق أساسا والذي كان  قد أستغل بشكل خال من الأنسانية بحيث أصبح عبئا بدل العون للشعب العراقي المسحوق.
أن العيب فينا نحن العراقيون والخنوع في طبيعتنا حيث ننشد الأشعار ونردد الأمثال ولكننا لا نعمل بها. ألم يقل الشاعر العربي  ( أذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ألخ...)
ألم يقم الشعب الروماني بثورة شعبية أعطى عشرات الآلاف من الضحايا عندما أراد التخلص من الدكتاتور شاوشيسكو والأمثال عبر التاريخ كثيرة؟ لماذا لا يقوم العراقيون بنفس الأعمال بدل ألقاء اللوم على هذا وذاك وأذا كان صاحب القضية خانعا فليس له الحق أن يلقي باللائمة على الآخرين الذين ليسوا بأفضل منه في أية حال من الأحوال.
مع أحترامي لآرائكم.
عبدالاحد سليمان