المحرر موضوع: حرب السدود على نهري دجلة والفرات  (زيارة 4801 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل samir latif kallow

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 50554
    • MSN مسنجر - samirlati8f@live.dk
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني





الآثار السلبية على العراق

حرب السدود على نهري دجلة والفرات





في يوم البيئة العالمي.. سد ايليسو التركي وتأثيره على البيئة والمحيط والإنسان في العراق وتركيا.

ميدل ايست اونلاين
كتب ـ د. إبراهيم خليل العلاف

يقع سد ايليسو (ايليصو) على نهر دجلة، وعلى بعد 50 كيلو مترا جنوبي مدينة سعرت التركية، ومن المتوقع أن يكون ارتفاع السد 36 مترا وسعة الخزن 46.7 وهو أحد المشاريع الثلاثة عشر التي تولد الكهرباء بالقوة المائية، وتعتزم الحكومة التركية إقامتها على نهري دجلة والفرات. وكان من المقرر أن تقيمه مجموعة شركات بقيادة بريطانية.

وسد ايليسو هو ضمن مشروع جنوب شرقي الأناضول المعروف اختصارا" بـ (مشروع الغاب) قرب الحدود مع سوريا والعراق. ويتضمن مشروع الغاب إنشاء 22 سدا و17 محطة كهربائية على نهري دجلة والفرات. وبدأ العمل به سنة 1981 وينتظر إكماله بحلول العام 1012 ومن المتوقع أن يروي 8.5 مليون هكتار أي حوالي 19 % من مساحة الأراضي المروية في تركيا. وسوف ينتج 118 مليار كيلو واط/ساعة أي 22% من الطاقة الهيدروكهرومائية لتركيا.

ويقع سد أتاتورك على نهر الفرات، ووضع الحجر الأساس له سنة 1981 ودشن في 24 يوليو/تموز 1992، وسد قره قايا يقع على الفرات كذلك، أما سد ايليسو وسد قرال قيزي، فيقعان على دجلة ويتكون مشروع غازي عينتاب من ثلاثة سدود ومشروع ادي بامان كهانا ويضم 5 محطات كهرومائية و4 سدود ومشروع جزرة ويضم سدا ومحطة كهرومائية ويروي سهل سيلوبي وسد بيره جك على الفرات وسد قره قاميش.

ويعد سد أتاتورك نقطة الارتكاز لمشروع الغاب، ويمثل السد الثالث في العالم من حيث قاعدته التي تبلغ 84.5 مليون متر مكعب، وتنتج محطته الكهرمائية 2400 ميغا واط وتروي مياه أنفاقه سهول حران وشانلي واورفة.

وأكد المدير الإقليمي لمشروع (الغاب) أن البنك الدولي سيقدم قرضا "بقيمة مائة مليون دولار، للمشاريع السبعة التي ستنفذ في سهول حران وشانلي اورفه ضمن الغاب." ومن المقرر أن يضم سد ايليسو محطة كهرومائية تعمل بقوة مليار و200 مليون ميغا واط وتولد طاقة كهربائية قدرها 3 مليارات و830 مليون كيلو واط/ ساعة في السنة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2000، قررت الحكومة البريطانية منح قرض لشركة بريطانية مرشحة لبناء سد ايليسو الذي تقدر تكاليفه لوحده بـ (1.75) مليار دولار، ويحتاج المشروع إلى (ائتمانات تصدير) من تسعة بلدان تأتي بريطانيا في مقدمتها. ويهدف المشروع كذلك إلى إنشاء السد، وتشكيل بحيرة اصطناعية ضخمة وراءه.

تعرض مشروع سد ايليسو ولا يزال لانتقادات لاذعة من لدن (أنصار البيئة) الذين أكدوا بأنه سيؤثر على معيشة أكثر من ستين ألف شخص يعيشون على ضفاف نهر دجلة في كردستان تركيا، كما عبرت وكالات التنمية الدولية، عن قلقها من أن يؤدي بناء السد إلى خفض كبير في منسوب المياه في نهر دجلة مما سيؤثر سلبا "في الدولتين المتشاطئتين سوريا والعراق"، وأثيرت مخاوف من أن تغمر مياه البحيرة الاصطناعية الناتجة عن المشروع، بعض الآثار التركية المهمة.

والجدير بالملاحظة أن الانتقادات للسد في بريطانيا جاءت بتحريض من (مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان). ويسعى عضوا مجلس العموم البريطاني (آن كلويد) و(بيتر لويد) إلى تقصي آراء سكان المنطقة في جنوب شرقي تركيا حول مشروع ايليسو. ويخشى مجلس العموم من أن اعتبارات حقوق الإنسان ستثير الشكوك في ادعاء الحكومة البريطانية بأنها تنتهج سياسة خارجية لا تراعي المبادئ الأخلاقية، ومن هنا فقد تعرضت الحكومة البريطانية إلى انتقادات شديدة لتأييدها لمشروع بناء السد ووضعت مجموعة حكومية بريطانية، استجابة لضغوط من أطراف متعددة أربعة شروط قبل أن توافق على دعم المشروع بحوالي (450) مليون دولار وهذه الشروط هي:

1. البدء ببرنامج إعادة توطين مناسبة لستين ألف مواطن تركي (معظمهم من الأكراد الأتراك) سوف يضطرون إلى مغادرة قراهم عند بدء بناء السد.

2. استشارة سوريا والعراق.

3. وضع خطة لإنقاذ آثار تعود لأكثر من 2000 سنة.

4. إجراء تحسينات بيئية تتضمن تشييد قنوات مياه مجاري.

أدت الشروط الجديدة إلى انسحاب شركة (سكانسكا)، العضو السويدي من شركات البناء التي كانت ستتقاسم المشروع. ولكن (توني بلير) رئيس مجلس الوزراء البريطاني الاسبق أصدر أمرا "بنقض توصية بالانسحاب من المشروع أصدرتها وزارة التجارة والصناعة البريطانية". لكن مايك ويلتون، الرئيس التنفيذي لشركة بلفور بيتي، قال إن ثمة الكثير من القضايا العالقة في المشروع، وأن من مصلحة الشركة عدم الاستمرار.

وقال أعضاء لجماعات سياسية وبيئية أن الشركات المشاركة في المشروع قد انسحبت لأن السد على نهر دجلة، وسيؤدي بناؤه إلى تشريد عشرات الآلاف من السكان، ويمكن أن يثير مشاكل جديدة مع سوريا أو العراق. فضلا "عن أنه يحطم كنوز بضمنها قلعة حصنكيفا التي تعود إلى القرون الوسطى."

وقال الدكتور مظفر عبدالله الأمين، رئيس شعبة المصالح العراقية الأسبق في لندن، إن جهود (جمعية أصدقاء الأرض) والفريق المناهض لسد ايليسو كللت بالنجاح، وشكر الأمين جماعات الضغط البيئية ذاكرا "أن العراق وفر الكثير من المعلومات الخاصة بالآثار السلبية المحتملة لإنشاء السد."، كما كشف أن تركيا حاولت تمرير مشروع السد بالقول أنها حصلت على موافقة العراق وسوريا، وأن السد لن يؤثر على انسيابية النهر. لكن أنقرة في الحقيقة اتخذت قرار السد منفردة رغم الاعتراضات العراقية والسورية.



موقف الحكومة التركية


قالت وزارة الخارجية التركية آنذاك في بيان لها أن تركيا ستستمر بالمشروع وأن انسحاب الشركات البريطانية والإيطالية محزن، ولكن تصميم الحكومة التركية على بناء السد مستمر. ويضعف إعلان الشركتين، جانب الهندسة المدنية من ائتلاف الشركات المضطلعة في تشييد السد، فبعد انسحاب الشركة السويدية، لم يبق إلا شركات تركية هي (تيسكا) و(نورول) و(تيكيفن).

ونقلت وكالات الإنباء أواخر أغسطس/آب 2006 خبر مشاركة السيد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي في احتفال تدشين أعمال سد ايليسو قرب دراغيتجيت على بعد 45 كيلو مترا عن الحدود التركية – السورية الأمر الذي أثار مخاوف الحكومتين العراقية والسورية فضلا عن محبي البيئة والإنسان من منظمات المجتمع المدني في الكثير من بلدان العالم، خاصة وأن السد سيغير أنماط حياة السكان في تركيا، وسيحول أراضي عراقية وسورية إلى صحراء، وسيغمر مناطق أثارية قديمة في تركيا نفسها ويؤدي إلى نزوح سكان كثيرين، لذلك تنامت الانتقادات للحكومة التركية وهي تزداد يوما بعد آخر.

ومما ذكر في حينه أن السد سيؤدي إلى إغراق 52 قرية و15 مدينة بما فيها مدينة حصنكيفا التاريخية والاثارية. وقد نشر اللورد البريطاني أفيوبيري في مايو/آيار 1999 رسالة مفتوحة أرسلها إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير بين فيها مخاطر بناء السد على السكان في تركيا. كما اتهمت جمعية أصدقاء الأرض البريطانية وزير التجارة البريطاني، حسبما نشرت صحيفة الغارديان في عددها الصادر في 25 يونيو/حزيران 1999، بأنه امتنع عن تقديم وثائق سرية تتعلق بالآثار البيئية التي تترتب عليها عملية بناء السد وخالف بذلك التعليمات المتعلقة بتشريعات حرية المعلومات البريطانية لسنة 1992.


موقف العراق وسوريا


تلقت جامعة الدول العربية مذكرتين رسميتين من العراق وسوريا بخصوص إسهام شركات سويسرية في بناء سد ايليسو على نهر دجلة. وأبلغت سوريا الجامعة بقيام بريطانيا بدراسة تمويل أحد السدود الكبيرة على نهر دجلة يدعى (ايلسيو) الذي تخطط تركيا لبنائه ضمن مشروع (الغاب) قرب الحدود السورية العراقية مع تركيا دون التشاور على النهر مع البلدان المجاورة وهي العراق وسوريا مؤكدة أن هذا المشروع يشكل خرقا (واضحا) لقواعد القانون الدولي المتعلقة بالأعمال المقامة على الأنهار الدولية.

وأكدت الحكومة العراقية في مذكرتها أن تطوير المزارع، وتوسيع الأراضي المروية في المنطقة التي أقر البنك الدولي تمويلها ضمن مشاريع الغاب ستؤدي إلى:

أ. إنقاص كمية المياه التي ستتوفر سنويا للعراق وسوريا.

ب. علاوة على ما سيترتب على ذلك من تلوث خطير.

ج. ونقص في قدرة توليد الطاقة الكهربائية لما سيؤثر سلبا في اقتصاد العراق وسوريا وتنميتهما.

وطالب التقرير وزراء الخارجية العرب باتخاذ تدابير بشأن إعادة النظر في تعاملات الأقطار العربية مع المؤسسات والشركات التي لها علاقة بتنفيذ المشاريع التركية على نهري دجلة والفرات لحين التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين تركيا والعراق وسوريا يؤدي إلى قسمة عادلة لمياه النهرين.


موقف جامعة الدول العربية من إقامة مشروع سد ايليسو


حذرت جامعة الدول العربية، من خطورة مشاركة حكومتي بريطانيا والاتحاد السويسري وبعض الشركات التابعة لهما في بناء سد ايليسو على نهر دجلة، والذي تخطط تركيا لبنائه ضمن مشروع (الغاب)، وجاء ذلك في تقرير أعدته جامعة الدول العربية وعرضته في اجتماعات وزراء الخارجية العرب في الرابع من سبتمبر/أيلول 1999.

ويوضح التقرير أن هذا التحذير قد أبلغ في رسائل بعث بها الأمين العام للجامعة آنذاك الدكتور عصمت عبدالمجيد، إلى كل من روبن كوك وزير خارجية بريطانيا الأسبق وإلى وزير خارجية الاتحاد السويسري.

وأكد الأمين العام للجامعة في رسالتيه على المحاذير القانونية لقيام الشركات البريطانية والسويسرية بالإسهام في تمويل هذه المشاريع وحثهما على تلافي الآثار السلبية التي قد تنجم عن دعم حكومتي سويسرا وبريطانيا لهذا التمويل.

وذكر الأمين العام للجامعة أن هذا العمل من جانب الدولتين لا يتماشى ومبادئ القانون الدولي والأعراف الحضارية، وأنه مخالفة من جانب تركيا لقواعد القانون الدولي المتعلقة بالإنشاءات المقامة على الأنهار الدولية والتي تضمنتها المعاهدات والاتفاقات الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة في مايو/آيار 1997 وكانت بريطانيا إحدى الدول التي صوتت عليها.

وكان الأمين العام للجامعة قد عبر لرئيس البنك الدولي عن قلقه وقلق الجامعة من استمرار البنك الدولي في تمويل هذه المشاريع التركية لما له من تأثير سلبي في الحقوق العربية في مياه نهري دجلة والفرات، وأعرب الأمين العام للجامعة عن أمله في أن يراجع البنك الدولي قراراته في هذا الشأن ضمانا "لحقوق ومصالح الدول الأعضاء والتزاما بأهداف ونظم البنك".

كما أشار الأمين العام للجامعة إلى التطمينات السابقة لرئيس البنك الدولي التي أكد فيها أن البنك لم يقم بتمويل مشروعات ضمن مشروع الغاب إلا إذا استوفت متطلبات السياسات العملياتية للبنك خاصة ما يتعلق بقانون المجاري المائية.

وفي 17 يوليو/تموز 2000 أعلن في جامعة الدول العربية أنها طلبت من بريطانيا إعادة النظر في مشروعها لتمويل سد ايليسو خشية نزوح السكان بأعداد كبيرة والتأثير على استغلال الدولتين المجاورتين العراق وسوريا للموارد المائية.

وقال مسئول في الجامعة إن الجامعة بعثت رسالة إلى وزير الخارجية البريطانية الأسبق (روبن كوك) مؤكدة أن هذا السد الجديد يشكل انتهاكا "للقوانين الدولية المتعلقة بالأنهار المشتركة" وأعلن معاون الأمين العام للشؤون السياسية في الجامعة آنذاك (محمد زكريا إسماعيل) أن بناء السد سيؤدي إلى:

1. نزوح آلاف الأشخاص في المنطقة.

2. سيؤثر على موارد سوريا والعراق المائية من نهر دجلة.

والجدير بالذكر أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تهتم بصفة خاصة بوضع نهري الفرات ودجلة، وقد اتخذ مجلس الجامعة عدة قرارات بشأنه منذ دورته (98) (سبتمبر/أيلول 1992) أكد فيها دعمه لحقوق كل من العراق وسوريا في مياه نهري الفرات ودجلة ودعوته للحكومة التركية إلى الدخول في مفاوضات ثلاثية من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي لتقسيم عادل ومعقول للمياه يضمن الحقوق للدول الثلاث وفقا لأحكام القانون الدولي وسبق للمجلس أن أعرب عن قلقه من استمرار تركيا في إقامة السدود والمشاريع الأخرى على النهرين دون التشاور المسبق مع الدولتين المتشاطئتين معها وحسب ما تفرضه المعاهدات الدولية والبروتوكولات المعقودة بين الدول الثلاث.

كما أعرب المجلس كذلك عن قلقه إزاء قرار الحكومة البريطانية بتمويل سد ايليسو التركي على نهر دجلة ودعاها للتوقف عن تمويل هذا السد داعيا الدول الأعضاء إلى إعادة النظر في تعاملاتها مع الشركات التي لها علاقة بتنفيذ المشاريع التركية على نهري الفرات ودجلة. وحث الدول الأعضاء التي لم تصدق على اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، على الإسراع بالقيام بذلك.

كما أعرب الوزراء العرب عن قلقهم لاستمرار تركيا في إقامة السدود والمشاريع الأخرى على نهري الفرات ودجلة، دون التشاور المسبق مع الدولتين المتشاطئتين معها في استخدام هذين النهرين الدوليين وفق ما تفرضه أحكام القانون الدولي والمعاهدات الدولية والبرتوكولات المعقودة بين الدول الثلاث. كما أعربوا عن القلق إزاء الدور (الإسرائيلي) المتنامي في مشاريع الغاب التركية، وخطورتها على الأمن المائي العربي.

وإزاء استمرار اعتزام الحكومتين البريطانية والسويسرية منح ضمانات لتمويل سد ايليسو التركي على نهر دجلة ودعوتها إلى الاستجابة لاعتراضات الجهات الرسمية وغير الرسمية العربية منها والأجنبية بالتوقف عن ضمان تمويل هذا السد ودعوة الدول العربية إلى إعادة النظر في تعاملاتها مع الشركات التي لها علاقة بتنفيذ المشاريع التركية على نهري الفرات ودجلة، واستخدام علاقاتها مع الدول والمؤسسات الدولية التي تسهم أو تزعم الإسهام في تمويل هذه المشاريع أو ضمانها لإقناعها بالعدول عن ذلك لحين التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضمن المصالح المشتركة للدول الثلاثة المتشاطئة، وحث الدول الأعضاء التي لم تصدق بعد على اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية ولم تودع وثائق التصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة على الإسراع للقيام بذلك وبذل الجهد لدى الدول الصديقة لاتخاذ الإجراء نفسه للتعجيل بدخول الاتفاقية حيز النفاذ، وتكليف الأمين العام للجامعة، بالاستمرار في بذل مساعيه مع الجانب التركي من أجل توصل الأطراف إلى حل عادل لحفظ حقوق الطرفين العربيين ومتابعة الاتصالات مع الجهات الأجنبية التي تعتزم الإسهام في ضمان تمويل وتنفيذ مشروع ايليسو لإقناعها بالتأثيرات الخطيرة لمثل هذه المشاريع والعدول عن ذلك.

لقد كان لتلك الجهود أثر واضح في التطورات اللاحقة وأبرزها انسحاب شركات المقاولات البريطانية والإيطالية التي كانت تركيا تعول عليها في تنفيذ المشروع.

وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية في نشرتها التي أذيعت يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2001 أن شركة (بلفور بيتي) البريطانية و(امبريليو) الإيطالية وهما أكبر الشركات المساهمة في تشييد سد ايليسو الضخم في تركيا، قررتا الانسحاب من المشروع ويعد هذا القرار ضربة قاصمة للمشروع الذي يحظى بدعم شخصي من رئيس الوزراء توني بلير، ونقلت صحيفتا الغارديان والفايننشال تايمز البريطانيتان، عن شركة بلفور بيتي الإنشائية العملاقة قولها بأنها "قررت الانسحاب لأن أسبابا اقتصادية واجتماعية وبيئية تقف حائلا أمام البدء به."ويأتي الإعلان المفاجئ هذا بعد أسبوع من التكهنات من أن رئيس الوزراء البريطاني كان يريد مكافأة تركيا لمساعدتها في الحرب في أفغانستان.

وجاء في بيان أصدرته شركة (بلفور بيتي) في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2001 أن قرار الانسحاب جاء نتيجة تقييم شامل ودقيق لكل الأمور التجارية والبيئية والاجتماعية المتعلقة بالمشروع. وحظي بيان الشركة إلى القول بما أن هذه القضايا لم تجد حلولا "إلى حد الآن ولا في الأفق المنظور" لذلك تعتقد بلفور بيتي بأنه ليس من مصلحة مساهميها استمرارها في المشروع.

ويذكر أن انسحاب شركة بلفور بيتي ليس سوى الأخير في سلسلة من الانسحابات المماثلة من مشروع سد ايليسو، فقد انسحبت (شركة سكانسكاما) السويدية في العام 2000 بسبب ما وصفتها بالصعوبات المتعلقة بالتفاوض مع الشركات المساهمة الأخرى، وعقب انسحاب شركة بلفور بيتي لم يتبق من الشركات الأجنبية المساهمة في المشروع سوى شركة نمساوية واحدة متخصصة في تقنية المشاريع الكهرومائية.

وكانت الحكومة البريطانية قد دعمت المشروع منذ البداية دعما "قويا" قائلة إن من شأن ذلك توطيد علاقاتها مع أنقرة. ولم يتضح بعد ما إذا كان انسحاب الشركة البريطانية سيؤدي إلى تأجيل المشروع. وقال (كريم يلدز) المدير التنفيذي لمشروع حقوق الإنسان في تركيا لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): "إن المشروع برمته أصبح في مهب الريح"، وأضاف "أنه لخبر عظيم"، لكن الحكومة التركية لا تشارك أنصار البيئة وحقوق الإنسان بخطتهم، بل بالعكس تعد أنقرة إلغاء المشروع بوصفه ضربة لتركيا التي ما لبثت تحاول اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد.

إن ما يلفت النظر حقا أن "شركة الستوم الفرنسية، بدأت أواسط سنة 2002، تتفاوض مع الحكومة التركية لتنفيذ سد ايليسو ضاربة." عرض الحائط الانتقادات الموجهة لهذا السد وخاصة من حيث الآثار السلبية على حقوق العراق في كمية ونوعية مياه نهر دجلة المتدفقة إليه، فضلا عن "تأثير السد على البيئة، والسكان، والصحة، والآثار. ويتطلب الأمر السعي بكل الوسائل المتاحة للضغط على الشركة الفرنسية من خلال المنظمات البيئية والاجتماعية إلى جانب مفاتحة الحكومة الفرنسية لمنع هذه الشركة من التعاقد مع الجانب التركي لا سيما أن الكثير من الشركات البريطانية والسويدية والإيطالية والسويسرية، أعلنت انسحابها من المشروع للأسباب المشار إليها أنفا."

ويقتضي من المؤسسات الإنسانية والبيئية والشعبية في العراق وسوريا وخاصة منظمات المجتمع المدني أن تعمل بكل السبل المتاحة، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومنظمة البيئة الدولية، وجمعيات حقوق الإنسان، لتوضيح مخاطر هذا السد على الصحة والبيئة ليس على العراق وسوريا فحسب بل وعلى تركيا كذلك. هذا إضافة إلى تعارض إنشاء هذا السد مع القوانين الدولية المعروفة والمتعلقة بالأنهار الدولية.


التوصيات


1. مفاتحة منظمة الصحة العالمية ومنظمة البيئة الدولية حول الآثار السلبية للسد على الصحة والبيئة ليس على العراق وحسب بل وحتى في داخل الأراضي التركية.

2. السعي لشن حملة إعلامية واسعة سواء في الصحف والمجلات أو في التلفاز والإنترنت للكشف عن مخاطر بناء السد وما سيلحقه من ضرر بمصالح العراق سواء من حيث كمية المياه، أو من حيث نوعيتها وآثار ذلك على الصحة والبيئة.

3. تعرية موقف شركة الستوم الفرنسية من مشروع بناء السد مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هناك شركات بريطانية وسويدية وسويسرية قد انسحبت من المشروع بعد أن اتضحت لهم مخاطره القانونية، والبيئية، والاجتماعية.

4. عقد ندوات متخصصة حول الموضوع وتبصير الناس بمخاطر بناء هذا السد على العراق وسوريا وتوضيح النصوص القانونية المتعلقة بالإنشاءات المقامة على الأنهار الدولية والتي تتضمنها المعاهدات والاتفاقيات الدولية المختلفة خاصة اتفاقية الاستخدامات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة في مايو/آيار عام 1997.

5. دعوة تركيا إلى معاودة حضور جلسات اللجنة الثلاثية المؤلفة من (العراق، سوريا، تركيا) والتي سبق أن شكلت للنظر في مسألة اقتسام مياه نهري دجلة والفرات حسب القوانين والأعراف الدولية.

6. إشعار شركة الستوم الفرنسية بأن العراق سيأخذ جديا "موقفها السلبي هذا بنظر الاعتبار وسوف يمتنع عن الاتفاق معهما لاحقا." على أية مشاريع جديدة في العراق لما يسببه تعاملهما مع الجانب التركي في موضوع تنفيذ سد ايليسو في تركيا من مخاطر التقليل من كمية المياه التي يحصل عليها العراق من نهر دجلة فضلا "عن تدني نوعية هذه المياه وأثر ذلك سلبيا." على صحة وبيئة السكان في المنطق الواقعة على النهر.

7. محاولة الاتصال بالمنظمات الإنسانية والبيئية والاجتماعية في فرنسا وتركيا وبقية أنحاء العالم لبيان موقف شركة الستوم الفرنسية وسعيها للتعامل مع الجانب التركي في تنفيذ مشروع سد ايليسو مع علمها بمخاطر ذلك على الصحة والبيئة والآثار والإنسان ليس في العراق وإنما في تركيا كذلك.


أ. د. إبراهيم خليل العلاف



http://www.middle-east-online.com/?id=79104

مرحبا بك في منتديات



www.ankawa.com