هل كان يسوع المسيح كلدانياً ........ ؟
بقلم / نزار ملاخا / الدنمارك
في مجتمعنا الشرقي بشكل عام و المجتمع العراقي بشكل خاص هو أن ينتسب المولود إلى نسب آبائه وأجداده , فيحمل أسماؤهم ويلقّب بها , أو يلقّب بأسم الجد الأول أو بأسم المنطقة أو القرية أو المدينة و حتى في الكثير من الأحيان بأسم المهنة التي كان يمتهنها الأب أو الجد سابقاً , وهناك من يحمل لقب المحافظة أو حتى الدولة التي ينتسب إليها .
ألم يقولوا عن السيد المسيح له المجد إنه أبن النجار يوسف ؟ وبهذا أستدلال على عمل مار يوسف البتول حيث كان نجاراً .
وهناك حالات لا نقل عنها إنها نادرة بل يمكننا القول بأنها غير شائعة ومحدودة أو هي قليلة جداً , وهي أن يحمل المولود لقب الأم وأن ينتسب إلى عشيرة أو عائلة أمه , وهناك حالات وأمثلة محدودة على ذلك وفي تاريخنا العراقي مذكورة مثل هذه الحالات وكما كان لنا من الأصدقاء من كان يحمل لقب أمه , أما ماهي الأسباب و الدوافع و الغايات فهذه أمور تفرضها الظروف المحيطة بالشخص نفسه ولسنا هنا في باب الدخول في هذا المجال ولكننا نقول بما أن المجتمع الشرقي كان هكذا بشكل عام فإن الحال في بلاد فلسطين و شرق الأردن كان هكذا منذ ما يقرب من ألفي عام ولم يختلف المجتمع اليهودي عن بقية المجتمعات في هذه الحالات وكانوا ينسبون المولود إلى عدة أجيال وليس إلى الجد الأول أو الأقرب كأن يقولون : من ذرية داود أبن إبراهيم ... وهكذا
يؤكد الكتاب المقدس على أن إبراهيم أبن تارح هو من أور الكلدانيين التي هي المقيّر حالياً و تقع حنوب العراق , وقد هاجر هو وأسرته من تلك المنطقة ( أور الكلدانيين ) حسب الأمر الإلهي الصادر له حينذاك و كما أورده الكتاب المقدس في سفر التكوين , ولأن إبراهيم يحمل هذا اللقب ( كلداني ) ولربما كان يحمله أما لأن آبائه وأجداده سكنوا تلك المنطقة وولد بها هو وأبوه وجده , أو لربما أن أجداده كانوا يشتغلون بعلم الفلك ودراسة أحوال النجوم , وكان هذا العلم من العلوم النادرة في ذلك الزمان , على كل حال مهما كانت الأسباب فقد حمل أبونا إبراهيم هذا اللقب , إذن فمن المنطقي و من الطبيعي أن يحمل أولاده وسلالة المواليد الجدد اللقب نفسه , ألا نقول كلنا أولاد آدم ؟ أليس هذا أنتساباً لأول إنسان خلقه الله على وجه الأرض ؟ على كل حال نعود فنقول بما أن إبراهيم كان كلدانياً فمن الطبيعي و المنطقي أن يكون إسحق و يعقوب وأجيالهم كلها كلدانية القومية و الأنتساب , و عندما أراد اسحق أن يتزوج فقد أشترط عليه أبوه أن يخطب له إمرأة من بلاد الرافدين , أي من أرض آبائه وأجداده أرض الكلدانيين و من بلاد الكلدانيين , وتم لأسحق ما أراد فخطب له رفقة بنت بتوئيل , ولدت له رفقة أبناً سوف يكون عميداً لأجيال و أجيال ألا وهو يعقوب ( إسرائيل ) , لقد تزوج يعقوب من أربع نساء حرانيات أي من حران و حرّان هي مسقط رأس آخر ملوك الكلدان وهو نبونائيد , ومن تلك النساء الأربع ولد أسباط إسرائيل الأثني عشر , أي ولدوا من ذرية إبراهيم الكلداني .
معلومة لربما غابت عن أذهان الكثيرين وهي أن أسباط إسرائيل ألأثني عشر هم كلدانيون بانتسابهم إلى أبيهم إبراهيم . ومن هؤلاء الأبناء أو الأسباط سبط يهوذا ( تك 46 : 12 )
من نسل يهوذا ولد داود الملك و من نسل داود الملك ولدت مريم العذراء و بما أن والد العذراء مريم ينتسب إلى – مريم بنت يوياكيم من نسل و ذرية داود وداود من نسل و ذرية يهوذا و يهوذا أبن يعقوب من نسل و ذرية إبراهيم الكلداني – فمن الطبيعي جداً لا بل و من المنطقي أن تكون مريم العذراء كلدانية وكذلك أمها حنّة هي من سبط يهوذا من نسل داود أيضاً فبدون شك تكون العذراء مريم كلدانية , وانه من حق أي واحد من هذا النسل أن يحمل اللقب الكلداني , فلو كان في أيام العذراء مريم نهضة قومية كما هي اليوم لكان لقبها مريم الكلداني أي مريم بنت يوياكيم الكلداني , ومريم هذه هي أم الرب يسوع المسيح .
كما نعلم جميعاً بأن الرب يسوع المسيح هو إله كامل و إنسان كامل في نفس الوقت , لأن يسوع إبن الله . أما من الناحية البشرية أو الطبيعة البشرية هو مولود من إمرأة , أما من الطبيعة الإلهية فهو مولود من الله أي انه روح الله و كلمة الله وبهذا يحمل صفات الله , هذا الكلام موثق في الأنجيل كما هو موثق في القران و ان يسوع المسيح حمل اللقبين في نفس الوقت :
: " ها هي العذراء تحبل و تلد ابناً و تدعوا اسمه عمانوئيل أي الله معنا " اشعيا 7 : 14
" وهذه سيرة ميلاد يسوع المسيح : كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف , فتبين إنها حبلى من الروح القدس . " 1 متى : 18
وهناك نص واضح وصريح لنسب يسوع الإلهي ورد في إنجيل متى وعلى لسان الله عز وجل حيث يقول :" وإذا صوت من السماوات يقول : هذا هو أبني الحبيب , الذي به سررت كل السرور " متى 3 : 17
و يقول القرآن عن هذا الموضوع ما يلي :
" وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " البقرة 87
" إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه أسمه المسيح عيسى أبن مريم "
آل عمران 45
" ومريم بنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا " التحريم 12
" وإنما المسيح عيسى أبن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم و روح منه "
النساء 171
في إنجيل متى الفصل ألأول ( 20 – 23 ) يعلن ملاك الله ليوسف بأن الجنين الذي في أحشاء هذه الفتاة العذراء وأسمها مريم هو كلمة الله و روح منه أي حبل به من الروح القدس أي بالمعنى الضيق أن تلقيح البويضة تم بأعجوبة إلهية ( حللها كيفما تفهم ) و ليس بفعل بشري ( ونحن نعلم كما يقول العلم أيضاً بأن كل جنين بشري هو ناتج عن تخصيب الحيمن لبويضة ) لقد أتخذت كلمة الله جسد إنسان محدود الأمكانيات و ذلك لغاية الله الخلاصية و قد كان هذا أمراً خارقاً للطبيعة تجاوز إدراك البشر و منطقهم .
إذن كل هذه الأدلة تثبت النسب الإلهي ليسوع المسيح , ولكن ماذا عن الطبيعة الإنسانية و لمن تنتسب ؟ ؟ ؟
بهذه الحالة وكما قلنا في بداية الكلام بأن هناك من يحمل لقب أمه , ويسوع كان واحداً منهم , فكثيراً ما يسميه القرآن ( عيسى أبن مريم ) و المسلمون جميعاً يسمونه هكذا .
إن النسب الجسدي ليسوع المسيح يعود لنسب أمه العذراء مريم , وبما أن مريم العذراء هي كلدانية حسب ما أوضحنا في أعلاه فلا شك بأن يكون السيد المسيح له المجد كلدانياً عراقياً , و معنى ذلك أن الدم المسفوك على الصليب كان دماً كلدانياً خالصاً .وهذا ما يؤكده الكتاب المقدس حيث يقول :
يقول الكتاب :
" هذا نسب يسوع المسيح أبن داود أبن إبراهيم " متى 1 : 1
و يقول الله لأبينا إبراهيم :
" و بذريتك تتبارك جميع أمم الأرض لأنك أطعتني " تك 22 : 18
" قد أقسم الرب لداود قسماً صادقاً لا يرجع عنه , من ثمرة بطنك أقيم ملكاً على عرشك "
مزمور 132 : 11
" أما قال الكتاب ان المسيح سيأتي من نسل داود " يوحنا 7 : 42
إذن خلاصة القول هي بأن يسوع المسيح كلداني القومية من ناحية الجسد و بأن جميع أمم الأرض تتقدس بأسم آبائه وأجداده لأن من نسلهم ولد يسوع وإلى جدهم إبراهيم ينتسب و سفك دمه لأجلنا جميعاً أي لأجل جميع البشر ولم يسفكه من أجل الكلدانيين فقط
هكذا هم الكلدانيون يضحون من أجل كل البشر هذه هي طريق ربنا و معلمنا يسوع المسيح فكيف لا نقتدي به و خاصة عندما يتبين إنتسابه بالجسد لنا ؟
فهل هناك شئ أقدس من الأنتساب إلى الكلدانيين ؟ وهل هناك أشرف وأقدس من الأنتساب إلى الرب الإلهي يسوع المسيح ؟ و هل هناك أقدس من المشاركة مع يسوع المسيح بالنسب ؟ ألا يحق لكل الكلدانيين ان يفتخروا بذلك ؟ ألا نستحق بكل فخر و أعتزاز أن نكون و أن ندعى بالأمة المقدسة ؟ و ذلك من خلال تقدسنا بيسوع المسيح له المجد
إذا كان يسوع المسيح كلدانياً فكيف يمكنني أن أنكر كلدانيتي ؟ وماذا يقولون الآن ناكري القومية و مروجي التسمية الحديثة وبقالي القوميات ؟ هل يغلقون محلات البقالة التي باتت تعاني من كساد البضاعة وعدم التصريف ؟ ها هو المسيح له المجد كلدانياً فأين أنتم ذاهبون ؟ ألا يكون في حكم الملحد و الكافر كل من ينكر هذه الأمة التي صارت جسداً للكلمة الإلهية ؟ ألا يدخل في باب الكفر كل من ينكر هذه الأمة التي صارت جسداً لروح الله؟ لقد أختار الله الكلدان أمة ليكون منها جسداً لكلمته و روحه وأبنه , الله تجسد بجسد كلداني أيها العالم فما بالكم ساكتون .
أيها الكلدان ماذا تريدون بعد كل هذا ؟ إنكم أمة تاريخية عظيمة حية مقدسة , فأية أمة من أمم الأرض جميعها حملت كل هذا الأرث العظيم المقدس ؟ من حقكم أن تطال هاماتكم عنان السماء , لأنكم تفتخرون بانتسابكم إلى أمة أنتسب لها الله بالجسد و ليس الأصنام .
أيها الكلدان إنكم أمة تستحق أن تكون مدعاة فخر و قداسة لجميع أمم الأرض .
نزار ملاخا
27 / 6/2005