القومية واللغة والتاريخ الثلاثية الصعبة (1)
ابتدأ اود القول انني هنا قد اكرر بعض ما قلته سابقا، لانني اراه ضروريا، وخصوصا ان ما ذكرته جاء ردا ولم ينشر كموضوع مستقل، وثانيا انني لا احاول حل الاشكالية التي نعانيها في التسمية، فلحد الان هناك التباسات من بعض المناقشين للامر من الطرفين، بل احاول تسليط الضوء على ما اعتقده حقائق يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار عند مناقشة الاسم والانتماء القومي والتاريخ المكتوب او المنقول شفاها ومن اهم الحقائق التي يجب ان نلفت النظر اليها باعتقادنا المتواضع هو عملية الاسقاطات التي يقوم بها بعض الاشخاص، فافكارنا ومفاهيمنا السياسية والثقافية والدينيةوالقانونية يتم اسقاطها على التاريخ الممتد لاكثر من ستة الاف سنة، ولذا فنحن لا نأخذ الامور بحقيقتها بل بتصورنا عنها، نقوم باسقاط وعينا وادراكنا لكل التراث الانساني والتطورات التي لحقت به على الماضي ورجال الماضي، فمصطلحات مثل الدولة والدين والقومية وحتى اللغة لم تكن كما نفهمها نحن حاليا لكي نقوم بمسألتها او كشفها بادوات اليوم.
لا مراء ان الفكرالقومي (او حتى القومية كمصطلح سياسي ايديولوجي) هو مصطلح حديث نسبيا وان هذا المصطلح مستورد من اوربا التي هضمته بمراحله المختلفة في الوقت الذي اتخذناه نحن بشكله الجاهز، وحسب النظريتين الفرنسية او الالمانية وهاتين النظريتين لمقهوم وتعريف القومية مبنى على مصالح بلديهما في الصراع على الالزاس واللورين، اي ان التعريف لم يكن علميا كليا بل دخلت المصلحة الوطنية فيه، اي ان تحقيق المصلحة الوطنية في الحاق الالزاس واللورين اضطرهما لوضع تعرفين مختلفين لمصطلح القومية (تعريف المصطلح ايضا ايدولوجي مصلحي وليس علميا، فالتعاريف العلمية لا تختلف الا بظهور حقائق كانت مجهولة حين وضع التعريف، ولكن في حالتنا التعريفين المشارين اليهما اعلاه ظهرا في وقت واحد).
قبل القرن الثامن عشر كانت المقاطعات تلحق بهذه الامبراطورية او تلك اما حسب القوة العسكرية او بالوراثة من خلال الزواج، كان يرث اميرا اقطاعية معينة وعند زواجه من اميرة وريثة لمقاطعة اخرى كانت المقاطعتين تتحدان برغم اختلاف اللغة او حتى التباعد في الحدود، كانت شرعية الحكومة هي شرعية القوة او شرعية الدماء الزرقاء (السلالة)، وبتوسع الطبقة الوسطى (البرجوازية) نتيجة الثروات التي هطلت على اوربا جراء مستعمراتها واختراعاتها وصناعاتها واكتشافاتها، ظهرت مفاهيم سياسية نابعة من مصلحةهذه الطبقة التي ارادت الحفاظ على امتيازاتها، فكان انبثاق الفكر القومي والدولة القومية ذات الحدود المغلقة امام الاخرين وبضاعتهم، هذه الفكر لم يلد بين يوم وضحاه، لقد انبثقت افكارا متباعدة وتم تطويرها تدريجيا بتطور الطبقة الوسطى في اوربا، لحين اكتمال ملامحها في منتصف القرن التاسع عشر، وخلال هذه الفترة ظهرت فرنسا كدولة قومية واسبانيا وايطاليا والمانيا وهلمجر من الدول القومية التي ظهرت ابتداء من بداية القرن التاسع عشر، وهنا نود التأكيد ان الايديولوجية القومية لم تلد من ذاتها، بل توفرت الظروف الموضوعية لوالادتها فانبثقت بشكلها النهائي.
كانت علاقات السلطنة العثمانية مع فرنسا وتاليا مع الولايات الالمانية، علاقة متينة مبنية على المصالح المتبادلة وخصوصا مصلحة الطرفين الاوربيين في وجود روسيا ضعيفة، كما ان مستعمرات السلطنة العثمانية الاوربية، قد بدأت بالاستقلال مستلهمة الفكر القومي الاوربي الغربي، ان هذا الامر دفع بالضباط الشاباب الاتراك والذين درسوا في اوربا لاستلهام هذه النظرية او الفكرة لبعث نهضة في السلطنة العثمانية، وحيث ان السلطنة في حقيقتها لم تكن تركية صرفة بل اسلامية فقد انتقل هذا الفكر الى العرب والاكراد، العرب الذين جأهم الفكر القومي من مصدر اخر وهو التواصل الواسع بين لبنان واوربا، وفي نفس الفترة تأثر الاشوريين او لنقل ابناء شعبنا بهذه الفكرة ولم يجدوا افضل من التسمية الاشورية لتحتضن حركتهم القومية، لكي يميزوا نفسهم عن الاكراد والاتراك والعرب والفرس، واستعمالهم للتسمية الاشورية لم يكن رد فعل ضد الكلدان او السريان، فالقوميون الاوائل وحتى الان يفترضون انه من الطبيعي ان يكون الكلدان والسريان اشوريون، ولم يتم اخضاع الامر من قبلهم لمسألة جادة لانهم لم يعنبروا الامر اصلا خاطئ فمادامت (اللغة والتاريخ والدين والارض مشتركة فاين الخلل)؟ لم يجد الاشوريين الاوائل خللا في نظرتهم لانهم دعاة قوميون ولا علاقة لهم بالمذهب الديني، الا ان احد اهم مشاكلنا التي لم نعرها انتباها اننا كنا نعيش في بيئة مذهبية بامتياز، فالقوميون الاشوريون استعملوا كلمة ملت (ܡܠܬ) ككنايةعن القومية علما ان الكلمة في استعمالها التركي تعني مذهب ديني اكثر منها قومية او شعب، ففي السلطنة كانت تعيش ملل كثيرة واغلبها معترف بها ويتم الاعتراف برئيسها بفرمان سلطاني، من هنا اننا والعرب والاكراد والاتراك والكثير من الشعوب اخذنا بالفكر القومي دون ان نهضمه ودون ان يكون نتاج ظروف موضوعية حقيقية، اخذناه بحلته النهائية ونحن فكريا نعيش عصور مظلمة، اخذنا الفكر القومي ونحن تأسرنا اليقينيات الدينية في الوقت الذي كان مذهب الشك يسود اوربا، كما لم تتوفر له قاعدة اقتصادية اجتماعية لكي تحتظنه، مثلما كان مع الفكر القومي الاوربي التي احتظنته الطبقة الوسطى وخلقت له اليات العمل ومدت له يد المساعدة بكل اشكالها، لان الفكر القومي كان تعبيرا عن مصالحها الحقيقية. ونحن اتخذنا الفكر القومي سلاحا للتخلص من الظلم والاضطهاد، لاننا رأينا الاخرين ينجحون في ذلك، دون ان نعير العوامل الاقتصادية والتطورات الفكرية والسياسية المرافقة لهذه العوامل اي اهمية تذكر، لا بل ان الفكر القومي في منطقتنا وخصوصا الاشوري ليس له اي بعد اقتصادي.
مع كل السلبيات التي رافقت الدعوة القومية، تبقى انها كانت حالة او محاولة لاحقاق حقوق شعب بمميزات لغوية وثقافية ودينية وتراثية وتاريخية معينة، وان الدعوة القومية الاشورية لم تمييز بين ابناء الشعب حسب انتماءه المذهبي، بل ان الشواهد تؤيد ان الكثيرين من ابناء الكنيسة الكاثوليكية كانوا فعالين جدا في العمل القومي الاشوري، ونذكر منهم جدنا توما يوسف توما الذي تم اعدامه عام 1918 من قبل الاتراك العثمانيين ومعه مختار ارادن لاتصالاتهم بمار بنيامين شمعون، برغم من كونهما كاثوليكي المذهب.
في سهول نينوى لم تنتشر الدعوة القومية، برغم من تلوينها باسم الكلدواشوري من قبل المرحوم اغا بطرس، ليس بسبب عدم انتماء الشعب بل بفعل عوامل جغرافية وسياسية، بمعنى ان المنطقة كانت منطقة سهلية لا يمكن التحصن فيها وكانت تعتمد على التبادل التجاري مع الموصل في مجمل حياتها بعكس المناطق الجبلية التي كانت مكتفية ذاتيا في اغلب مواردها، تبقى القوش استثناء هي نشط فيها العمل السياسي ولكن ليس القومي بل اليساري والشيوعي بالتحديد، كما ان الحركة القومية الاشورية لم تحرز انتصارا مشهودا، بمعنى انتصار يسجل للتاريخ تغييرا ايجابيا للشعب ما ساعد على ابتعاد ابناء شعبنا في السهل اكثر لعدم الالتحاق بها.
ارتباط الوعي القومي والتسمية بالثقافة عملية واضحة ففي ايران انتشر المذهب الكاثوليكي بعد انتشار الوعي القومي، ولذا فان عملية الكلدنة واجهت صعوبات جمة، في المراحل الاولية، ونجاحها كان نسبيا في الاونة الاخيرة اي ما بعد الثورة الاسلامية وهجرة اغلبية القوميين الاشوريين الفعالين على الساحة، اما في سهل العراقي فان انتشار المذهب الكاثوليكي وتبني التسمية الكلدانية في نهاية القرن الثامن عشر، واعتراف السلطنة العثمانية بالملة الكاثوليكية او الكلدانية حسب ما باتت تسمى ، سبق كثيرا انتشار الوعي القومي، كما ان شعور الانسان في السهل بقوة حماية الكنيسة له الجأه على الدوام الى حضنها، اذا قوة الانتماء المذهبي جعل بعض الاطراف او غالبيتها الغير المتعلمة حينها ترى في الفعل القومي الاشوري عملا لا علاقة لهم به انه عمل جهة غريبة، حتى شاعت مقولة ان ماببين القوردايي والكلدايي شعرة وما بين نسطورنايي وكلدايي جبل1، وهذ الحالة وجدت في عوائل انقسمت على نفسها او قرى انقسمت بين المذهبين، فالنسطوري كان اكثر فعالية في العمل القومي نقيض قرينه الكاثوليكي، طبعا في العراق . ان الوعي القومي بالاضافة الى شموله بعض الكاثوليكين الا انه توسع ليشمل الاخوة السريان فهاهو الشهيد اشور يوسف الخربوطي الذي استشهد فلي مذابح 1915 يدعو الى العمل القومي تحت هذا الاسم اي الاسم الاشوري برغم من انه كان من مواليد خربوط في تركيا الحالية وبرغم من انه من الطائفة السريانية لا بل صار العمل القومي ينتشر على يد كوكبة من المتعلمين ولعل اشهرهم معلم الامة نعوم فائق، برغم العداء المذهبي الشديد بين المذهبين النسطوري واليعقوبي.
في مؤتمر باريس للسلام مثلا وفق وفد واحد في الوصول عن شعبنا، وكان الوفد برأسة المطران (بطريرك لاحقا) مار افرام برصوم ومؤلفا من عشرة اشخاص وقد استقبل من قبل الرئيس الامريكي ولسن حيث خاطبهم قائلا انني سعيد بلقاء نواب امة قديمة العهد وامتكم الكلدانية – الاشورية حرية بالاستقلال ولا بد لي من السعي الاكيد في سبيل احقاق حق هذه الامة(انظر الاشوريون في مؤتمر الصلح باريس 1919 بقلم روبين بيت شموئيل)، هنا نجد ايضا الاسم المركب لشعبنا، وكان مقبولا من الشعب ولم يعتبر تضحية قومية واعتبر امرا اعتياديا، علما ان الوفد كان برأسة مطران سرياني وضم كلدانيون ونساطرة، لا بل ان الوفد نظمته جمعية اسسها كاهن كلداني.
حمل القوميون الاشوريين الفكر القومي وبشروا به وقدموا التضحيات لاجل احقاق حقوق كل ابناء الشعب، وعانوا من الصدود الذي كانوا يقابلون به من قبل فئات من الشعب لاسباب مذهبية واضحة، الا ان حملة مشعل الوعي القومي لم يكونوا منزهين عن الاخطاء التي باتوا يعانون منها، فلم يعيروا اهمية كافية لمراكز القرار في الطوائف، هذه المراكز التي اعتبر عملية الوعي القومي هي عملية سلب رعية من بين ايديها وخلق مراكز قرار موازية لها.
منذ اتخاذ التسمية الكلدانية كتسمية رسمية للمنتمين للكنيسة الكاثوليكية لم تقم بينهم او لم يبشروا قوميا بها، عدا حالات استثنائية مثل تسمية اللغة باللغة الكلدانية او بعض الكتب التي طبعت باسم تاريخ الكنيسة الكلدانية، ولا يختلف عن نضيره تاريخ الكنيسة الشرقية بشئ، وهو نفس تاريخ الكنيسة المشرقية او النسطورية الا في السنوات ما بعد انشقاق كنيسة المشرق. ولكن هذه التسمية شئنا ام ابينا اتخذت طابعا مميزا لجزء كبير من ابناء شعبنا، وهذا الجزء تعايش معها وكأنها اسمه القومي المميز، فكما الاشوري يعتبر هذه التسمية صادقة وصحيحة فأن الكلداني يعتبر هذه التسمية الان صحيحة وصادقة، اذا المسألة الاكثر اهمية التي لا نوليها اي اهمية هي المشاعر، فانا لا يمكنني تبديل مشاعر شخص ما، لانه لا يري خطاء ما في تبنيه التسمية الكلدانية التي ورثها عن اباءه، ان التسمية هنا هي موروث من موروثاته فكيف له الحق بالتصرف به وهو استلمه هكذا، ان الامر الاكثر وضوحا ان المنتمون للتيار الاشوري لم يقوموا بالخطوات الاصح في جعل الاخرين لا يتنافرون مع هذه التسمية، ان البعض منا نحن الداعين للتسمية الاشورية يكادون يشعرون ان الرافضين للتسمية الاشورية، يرفضونها للكره الذي يكنوه للاشورية ولاسباب طائفية، وهذا شعور قد لا يكون صادقا البتة الا انهم عندما يعجزون عن ايصال رسالتهم لا يجدون اي تبرير اخر للامر، علما ان مصداقية الدعوة الاشورية لدينا لا يشوبها شائبة، قد لا يشوب الدعوة الاشورية بذاتها شائبة ولكن الدعاة قد يشوبهم شوائب، وقد يحملون فكر طائفي او استغلالي او استعلاعى علىالاخرين مما خلق فجوات بين الدعاة او المبشرين وابناء شعبنا من الطوائف الاخرى، وهل ننسى وصف البعض لبعض ابنائ شعبنا من الطوائف الاخرى بانهم قرج (نور) الاشوريين1.
الامر اكثر صعوبة على الفهم هو عملية اسقاط ما نحن فيه من وعي قومي وسياسي وفكري على فترة من التاريخ لا يمكن ان تحتمل كل هذه النقاشات، فلا اعتقد ان سركون الاكدي او حمورابي او شلمانصر الثالث او سركون الثاني او نبوخذنصر كانوا يفهمون في القومية او التنظير القومي، لا بل انهم لم يكونوا بالقداسة والهيبة التي نريد ان نصورهم فيها، بل انهم كانوا مستعدين ليتنازلوا عن مناطق من بلدانهم او اجزاء من شعوبهم لاجل مهر امراة او لتلاقي مصالحهم مع هذا الطرف او ذاك، انهم كانوا اقرب الى الطبقة الغنية لاعداءهم من قربهم من طبقة الفقراء والعبيد المتكلمين بلغتهم والذين كانوا يسكنون مدينتهم، وهذا كله لا يعبهم لانهم كانوا يعيشون عصرهم، اذا اسقاط النظرية القومية على فترة تسبق ظهور النظرية القومية باكثر من خمسة الاف من السنين امر مجحف، عملية خداع للمتلقي للقارئ للابناء شعبنا الذين ياخذون الامور كما يروها ولا يخضعوها للمسألة العقلية، لقد كان الملوك حينذاك ملوكا اكثر من كونهم اشخاصا منتمون لبيئة ثقافية تراثية تاريخية لغوية معينة، كانت القوة والقوة المجردة هي العامل الاهم في الخضوع لهذا الملك او ذاك، لا بل لهذا الاله او ذاك، الناس كانت على دين ملوكها، وملوكها اما كانوا يأتون بعملية انتقال السلطة بشكل طبيعي اي الوراثة السلمية او بالاستيلاء احد القواد او الامراء على السلطو بالقوة، وكلا الامرين كان يعتمد على القوة ولم يعتمد على مفاهيم الشرعية التي نفهمها الان، لان هذه المفاهيم اتت بعد نضالات الانسانية لحقب طويلة، ان ملوكنا الذين نفتخر بهم لم يجدوا اي ضرورة لتبرير توليهم امر العباد اصلا، مثل ملوك اروبا في العصور الوسطى حيث برروا ذلك بسبب جريان الدماء الزرقاء في عروقهم، نعم استند البعض الى ان الاله اختارتهم ولكن في المراحل المتأخرة وهذا تقدم في المسار الانساني خطوة كبيرة في ان الملك وجد انه من الضروري تبريرسبب تحكمه في العباد.
ان الانتماء بالمفهوم الذي نفهمه اليوم لم يكن قد ظهر، ولكن التعايش والشعور الفطري بالحاجة الى الاخر كان موجودا، وكان الانتماء بالاصل الى القرية المدينة التي كان الانسان يسكنها، فماذا يربط انسان يعيش في نينوى بشخص يعيش في اشور على بعد ما يقار الخمسون كيلومترا وهما لا يحتاجان بعضهما البعض في اي شئ، لانهما مكتفيان ذاتيا في كل شئ تقريبا. بعكس اليوم ومتطلبات البوم فبين بغداد والموصل ورغم المخاطر ينتقل عشرات الالاف من الاشخاص وبكل الاتجاهين مما يخلق تواصل ضروري لبناء شعور بالولاء للمشترك، ناهيك عن عوامل الاعلام والمدراس والكتاب وغيرها من الروابط التي ما كانت موجودة جينذاك.
ان الصيرورة التاريخية جعلتنا شعبا واحدا، بلغة وعادات وتاريخ ومخاوف وارض وامال واحدة، كل هذه الامور مشتركة والاسم فقط يفرقنا وبالحقيقة ليس الاسم بالضبط بل هو نوع من الكره والحقد، كره وحقد الضعيف الذي عندما لا يجد القدرة على مقارعة من يعتقد انه المعتدي عليه يفرج عن كربه باقرب الناس اليه.
الكلدانية ستدعوا الى نفس ما تدعوا اليه الاشورية، وقد يكون الكلدان اكثر تواضعا ويقولون ان الاشوريين قومية مستقلة وليصفوا امورهم بانفسهم، ولكن بالنهاية سيجد الكلدان انهم والاشوريين شئ واحد، وبالنتيجة ان الكلدانية لكي تثبت اقدامها في التربة ويكون لها صدى ما للاشورية تحتاج الى سنين طويلة من التضحيات، وقد يفكرون بعكس ذلك انهم لا يحتاجون الى اي شئ فجذورهم في التاريخ قوية وهم سحصلون على ما يريدون بقوتهم الديموغرافية، ولكن هذا تفكير المعاند والمكابر، ولا يختلف عن تفكير الاشوري الذي يقول اني عملت ما علي وليشكل الكلدان ان لم يرضوا قوميتهم الخاصة، انهما وجهان لعملة واحدة.
الحل هو الحل الواقعي المكرر اكثر من مرة
ان الاتفاق بين الاطراف الثلاثة يتطلب وعي تام بان وجودهم مرتبط احدهما بالاخر، وانهم شعب وامة واحدة وان الاخرين ينظرون حقيقة اليهم كونهم كذالك، وقد يتعجبون ان جماعة (شمختلك قر تلوخ )* ليسوا شيئا واحدا، ان اشكالية التسمية لا يمكن ان تحل بتبني احد التسميات الثلاثة، بل بتسمية مركبة وموحدة، وان الشعب يجب ان لا يدفع ضريبة نتيجة لالاعيب فرد واجد، كما ان الدولة العراقية عندما تخصص موارد للتدريس والثقافة والاعلام مثلا هل تتمكن من توزيع هذه الحصص على الاطراف الثلاثة ، وهل يمكن لهذه الاطراف الاستفادة من الامر لو وزعت الاموال وجزأت. ها وقد ظهر ان في كل طرف هنالك متعصبين اشد التعصب، متعصبين لحد المقت، اناس لايهمهم ان تتقسم الامة اكثر فقط للتنفيس عن احقاد دفينة، ارجو المعذرة للعبارة الاخيرة، فانا ايضا كانسان اشعر بالضعف في تفسير هذه الحالة المرضية التي تضحي بوحدة شعبنا من اجل بقاء تسمية واحدة فقط وازالة الاخريات، انني عاجز لحد الشلل التام، فالمقترح الذي نقدمه يظهر التسميات الثلاثة، بشكل متوازن ولن يلغي الاخريتين، اما متبنوا التسمية الواحدة فقط وهي هنا الاشورية فلن يقدروا على منع ظهور الكلدانية والسريانية ولكنها بهذه الحالة ستظهر كتسميات لشعوب متعددة، ولكنها تتكلم لغة واحدة ولها تاريخ واحد.
1 القولين اعلاه قد لا يعبران عن حقيقة العلاقة بين اطراف شعبنا، ولكنهما قيلا وسببا الم كثيرا وتريدي لهما هو من باب نقدي.
* احيانا يستهزاء الاخوة العرب بلغتنا ويقولون كلمات فيها الخاء لكثرة وجوده في لغتنا باي شكل، وهنا هي تعبيرا انهم يروننا واحدا ونحن لا نرى ذلك.
تيري بطرس[/b]