المحرر موضوع: بيان بمناسبة عيد الاستقلال للمنظمة الآثورية الديمقراطية  (زيارة 1418 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل A D O

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 129
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المنظمة الآثورية الديمقراطية
هيئة فرع سوريا
بيان بمناسبة عيد الاستقلال

لقد  نجح  الشعب السوري بكافة أطيافة القومية والسياسية في تحرير البلاد من المستعمر الفرنسي وإجلاء قواته، وتحقيق الاستقلال الوطني الكامل في السابع عشر من نيسان 1946. وقد تحقق ذلك بفعل النضالات والتضحيات الكبيرة التي قدمها من أجل إنجاز هذه المهمة الوطنية النبيلة، بفضل تكاتف وتلاحم جميع أبنائه، وتوحد إرادتهم الوطنية الحرة التي كان لها الكلمة الفصل في إنجاز الاستقلال، ودحر واحدة من أعتى القوى الاستعمارية آنذاك.

وقد ساهم شعبنا الآشوري السرياني الكلداني مع أخوته العرب والأكراد والأرمن وباقي مكونات الشعب السوري، بدور هام في تحقيق الاستقلال، وبرز من صفوفه رجال تميزوا بحسهم الوطني الوقاد، ووقوفهم ضد المحتل الفرنسي، أمثال البطريرك أفرام برصوم، والمطران قرياقس تنورجي، والخوري ملكي أفريم، والنائب سعيد أسحق، وغيرهم كثيرون ممن كان لهم دور بارز في مواجهة الاحتلال وإفشال مخططاته وإرساء دعائم الحكم الوطني فيما بعد.

إن آباءنا، بناة الاستقلال وصانعيه، عملوا أيضا في مسيرة نضالهم لتحقيقه، الدفاع عن قيم الحرية والحق والعدالة والمساواة، وبناء دولة عصرية لكل مواطنيها، آملين أن يجعلوا منها نموذجا لكل دول المنطقة، إلا أن النخب السياسية التي تعاقبت على الحكم بعد الاستقلال، عجزت عن ترسيخ قيم ومعاني الاستقلال، وفشلت في إنجاز المهام الوطنية، وفي مقدمتها بناء نظام ديمقراطي علماني، قادر على إدخال سوريا عصر الحداثة والتقدم، بسبب خضوع البلاد - باستثناء سنوات قليلة - لأنظمة شمولية انقلابية مؤدلجة، جرت البلاد إلى الفشل في تحقيق هذه الأهداف، بفرضها وصاية خانقة على المجتمع، وتقييدها للحريات وإعاقتها لعملية التنمية في كل مجالات الحياة.  فسوريا بعد ستين عاما من الاستقلال، ما زالت تعاني من الاستبداد السياسي، ومن استمرار حالة الطوارئ، وما زالت السجون تحوي الكثير من معتقلي الرأي، كما وتعاني من تراجع الأحوال المعيشية، ومن انتشار الفقر والبطالة، وتفشي الفساد في مفاصل الدولة، حيث لم تنفع الشعارات التي رفعت طيلة المرحلة الماضية في منع تدهور الأوضاع، بل قادت إلى إهمال وتحجيم القضايا الوطنية، وتهميش دور المواطن وتقييد حريته وهي أثمن ما يملك، وهذا ما أدى إلى إضعاف الرابطة الوطنية، وإيقاظ الانتماءات ما قبل الوطنية، وفتح المجال أمام صراعات زادت من حدة الاحتقان في صفوف المجتمع، وتجلى ذلك في حوادث دامية وخطيرة وقعت مؤخرا في أنحاء مختلفة من البلاد.

لا شك أن سوريا تمر أمام منعطف خطير، وتحتاج من أجل صيانة استقرارها واستقلالها، وبنائها وطنا حرا مزدهرا، إلى ذهنية جديدة قادرة على التعاطي مع التحديات الخارجية والداخلية، انطلاقا من الإرادة الحرة لمواطنيها والقادرة على دفعها إلى سكة التصالح مع تاريخها ومع شعبها ومع ذاتها الوطنية. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال العودة إلى القيم والمبادئ التي حققت الاستقلال، وتجاوز ذهنية الاستبداد التي شلت طاقات وإمكانات المجتمع، وأقصت الناس عن السياسة والمشاركة الفاعلة في الشأن العام. ولتحقيق شروط هذه العودة لا بد من إلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وجميع القوانين والمحاكم الاستثنائية، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي، وطي ملف الاعتقال السياسي نهائيا، والحد من القيود المفروضة على الحراك السياسي، والكف عن ملاحقة ناشطي المعارضة ومضايقتهم، والعمل على إطلاق الحريات العامة، وسن قوانين ديمقراطية وعصرية للأحزاب والانتخاب تكفل مشاركة واسعة وحقيقية في الحياة السياسية لجميع أبناء المجتمع، وقبل هذا وذاك لا بد  من إعادة اللحمة للوحدة الوطنية، وإعطاء الأولوية للهوية الوطنية السورية، كرابطة جامعة لجميع السوريين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية، وذلك من خلال الإقرار الدستوري بحالة التنوع القومي القائمة في سوريا، والإقرار بحقيقة كون شعبنا الآشوري السرياني الكلداني شعبا أصيلا فيها. حيث يشكل هذا التنوع مصدر ثراء وقوة للبلاد. بهذا فقط يمكن بناء سوريا جديدة، وطنا نهائيا لكل أبنائها قادرة على صون استقلالها وتحرير أراضيها المحتلة وتحقيق تقدمها وازدهارها. 

وكل عام والشعب السوري بألف خير، وإلى المزيد من النضال من أجل التغيير الوطني الديمقراطي السلمي في البلاد.

سوريا في 15 نيسان 2006
هيئة فرع سوريا[/b][/size][/font]