المحرر موضوع: المشروع الوطني والمشاريع الانتخابية المعلنة  (زيارة 616 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جاسم الحلفي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 358
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المشروع الوطني والمشاريع الانتخابية المعلنة
                                    
                                                                                                    جاسم الحلفي
السؤال عن الائتلافات التي تم إعلانها خلال الفترة الأخيرة وهل تقع ضمن اتجاه المشروع الوطني الذي يأمله العراقيون ويتطلعون الى تحقيقه؟ هو سؤال واسع التداول في العراق هذه الأيام. وفي الواقع ثمة سؤال آخر يطرح نفسه وهو: هل يكفي الادعاء بتبني خيار المشروع الوطني كي يضفي مصداقية على التصريحات التي يطلقها هذا الطرف او ذاك؟  ان الإعلان عن التمسك بهذا المشروع يعطي أهمية له. فالمشروع الوطني أصبح مطلوبا!. والتأكيد على حاجة العراق اليوم لهذا الخيار يبدو أمرا ملحا، وليس لحاجات انتخابية، ذلك لان التحديات أمام القوى السياسية العراقية كبيرة. وقد بينت التجربة انه لا يستطيع أي طرف، حزبا كان ام تحالفا، ان يتصدى بمفرده للمهام المتشعبة المطروحة، مهما بلغ حجمه السياسي وتمثيله البرلماني او مسؤوليته الحكومية. فتأمين الأمن وترسيخ الاستقرار، وإعادة الإعمار، ومكافحة مخلفات الدكتاتورية والاحتلال، وتجاوز نتائج الإنقسام الطائفي، والأعمال الإرهابية، ومواجهة التدخلات الدولية والإقليمية، وتعديل الدستور، وبناء الثقة، والمصالحة، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني، ومكافحة البطالة، وحل قضايا المهجرين، والأرامل، والتصحر والجفاف وقلة المياه، وضرورة الإسراع بتشريع القوانين  المتعلقة بحياة المواطن ومعيشته.. الخ، هي من الأولويات التي لا يمكن تأجيلها تحت اية مبررات. لذا تكمن أهمية المشروع الوطني بقدرته على صياغة برنامج وطني يجمع عليه اكبر عدد ممكن من القوى والشخصيات السياسية. والمسؤولية في ذلك تقع على من يمتلك الإمكانيات الأكبر في التحرك. وهذا يتم عبر الاتصالات المثمرة، والتشاور الواسع وإطلاق المبادرات السياسية لضمان الوصول الى مشتركات مقبولة وقابلة للتنفيذ، والترفع عن الحزبية الضيقة والأنانية والكسب السريع والرخيص. وتشير الوقائع إلى ان التحالفات التي تم الإعلان عنها لم تتوقف جديا عند المواضع سالفة الذكر، دع عنك العجالة في الإعلان عنها. ولكن بالمقابل، فان الصورة التي قامت عليها الائتلافات السابقة حاضرة في أذهان المواطنين، ولا تغيرها الرتوش الشكلية، التي أريد بها إضفاء صفة الوطنية بديلا عن الصفة الطائفية او الاثنية.  فهناك من دخل هذا الائتلاف أو ذاك دون ان يطلع على برنامجه، ناهيكم عن واجب المشاركة في صياغته. وهناك من لم يتوقف عند ذلك أصلا، فالهدف عنده – كما يبدو – هو الموقع وحسب. بل ان هناك من أعلن عن أسماء قوى ضمن تحالفه دون معرفتها بذلك أساسا.   ان مما يزيد صعوبة إبقاء هذه التحالفات موحدة كونها أعلنت قبل إقرار قانون الانتخابات، وكون قضية حسابات حجوم وتمثيل الأحزاب والقوى لم تدرس لغاية هذه اللحظة في هذه التحالفات السريعة، الأمر الذي سيجعل منها، بعد إقرار القانون وترتيب القوائم، نقاط خلاف تهدد وحدة هذه الائتلافات وتماسكها وإمكانية استمراريتها طيلة الدورة الانتخابية القادمة.  ان المشروع الذي يراد له ان يكون عابرا للطائفية والاثنية والمناطقية، مشروعاً للمواطن العراقي والوطن الموحد، هو مشروع سياسي كبير وذو طبيعة إستراتيجية وليس مشروعاً انتخابياً وحسب، كما يتصور البعض الذي ينطلق – للأسف - من حسابات قصيرة النظر.  اما القوى والشخصيات الديمقراطية، التي تواصل مشاوراتها المكثفة، وتستعد لمؤتمرها المزمع عقده أواسط الشهر الجاري (تشرين الأول)، فتقع عليها مهمة بناء بديل حقيقي وصياغة برنامج عمل واقعي يميزها بدقة ووضوح عن المشاريع الأخرى، ويكون قادرا على جذب القوى الاجتماعية التي تشكل حاضنة موضوعية لهذا المشروع وقواه. عند ذلك يمكن الرهان على انجازات ملموسة وليس الانشغال بالبحث عن أسباب الإخفاق.