المحرر موضوع: تحالف القوى العلمانية و الديمقراطية و اليسارية حاجة ملحة  (زيارة 1726 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامي المالح

  • ادارة الموقع
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 164
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سامي بهنام المالح

تحالف القوى العلمانية و الديمقراطية و اليسارية حاجة ملحة


ان ابرز الملامح التي يمكن رصدها عند تحليل لوحة الوضع العراقي، و التي تضع كل قوى المجتمع المدني و الاحزاب و التكتلات العلمانية الديمقراطية و اليسارية امام مسؤوليات و مهام مشتركة هي:

اولا ـ  تداعيات الاوضاع  في المجتمع و الدولة العراقية نتيجة الحرب و انهيار السلطة الدكتاتورية الدموية و الاحتلال الذي نجم عنها، و الذي اصبح شرعيا بقرارات من مجلس الامن الدولي.

ثانيا ـ تدهور الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و تفشي البطالة و الفقر من جهة و توسع ظاهرة الفساد الاداري و نهب ثروات البلد من جهة اخرى.

ثالثا ـ  استمرار النشاط الارهابي المنظم و الواسع و تدهورالاوضاع الامنية في البلد.

رابعا ـ نتائج انتخابات كانون الثاني 2004 و الواقع السياسي العراقي الجديد
الذي كرسته على الارض.

خامسا ـ مواجهة استحقاقات عملية كتابة الدستور و التهيئة للانتخابات المقبلة.

ان بناء تحالف واسع لكل القوى التي تناضل من اجل تطوير العملية السياسية و مواجهة الارهاب المنفلت يمر عبر الاستعداد للقيام بالاعمال و النشاطات و الفعاليات الجماهيرية المشتركة. فعلى هذه القوى ان تنحاز الى الجماهير
المسحوقة و المحرومة و الطبقات الوسطى و ذات الدخل المحدود، كي تستنهضها من خلال الدفاع الملموس عن مصالحها، و قيادة تحركها من اجل مطالب ملموسة حيوية يومية و تدريبها على الاستفادة من حرية الراي و التعبير و التظاهر و الاضراب و حرية التنظيم دفاعا عن مصالحها، ولانقاذها من شرك التعصب القومي و الطائفية و العشائرية و المناطقية و كل ما يضعف الانتماء الوطني و الوعي الديمقراطي.

القوى الديمقراطية و اليسارية مطالبة بتبني برنامج نضالي واضح و متميز و مفهوم لاوسع القطاعات و الشرائح. برنامج يستوعب هموم الناس و حاجاتها الملحة و كل ما يجذبها للعمل و يثيرها على الحركة لتحقيق ما هو ملموس في تحسين
ظروفها و حياتها اليومية و يؤمن لها الاستقرار و يمنحها الامل بمستقبل افضل.
 ان الوصول لصياغة هكذا برنامج يتطلب الحوار و التفاهم و الشفافية و الاستعداد التام لتجاوز الاختلافات الايديولوجية و الفكرية، و الاتفاق حول القواسم المشتركة، و الوقوف معا كقوة فعلية موحدة للتأثير على الاحداث و الضغط على القوى المهيمنة و التي تتقاسم السلطة و النفوذ. ان صياغة هكذا برنامج يتطلب ايضا ايجاد الاليات و الوسائل الفعالة للوصول الى اوسع الجماهير لضمان تحسس نبضها و الوقوف على معاناتها واحترام ارائها و مواقفها و تقيمها للامور.

النوايا الحسنة و اصدار البيانات و النداءات و التقارير لم تعد تكفي. فالقوى القومية و الاسلامية و الطائفية التي رتبت امورها و شكلت تحالفاتها و حققت الانتصارات، ماضية في تعزيز مواقعها و التاثير على تطور الاوضاع و فرض رؤيتها
بغية رسم ملامح عراق المستقبل المنسجم مع مصالها الاستراتيجية.  فمن الاهم المبادرة للجلوس على طاولة الحوار و التفاهم و التوافق لايجاد القواسم المشتركة و التخطيط للاعمال المشتركة و بناء الثقة و العلاقات التضامنية.
انها معركة واحدة و مصيرية، على كل من يريد عراقا ديمقراطيا متحررا و مزدهرا بكل ابنائه دون اي تميز، ان يخوضها معا.
ثمة عشرات من التشكيلات و المنظمات و الجمعيات و المجالس و الهيئات و اللجان التي تعلن عن برامجها من اجل دستور علماني ديمقراطي و من اجل عراق ديمقراطي فدرالي موحد. و عند تحليل و دراسة كل هذه البرامج و الاهداف المعلنة، و خاصةالموقف من قضايا الدين و الدولة، وقضية الفدرالية و قضية المرأة و اسس المواطنة المتكافئة دون اي تميز عرقي او ديني اوطائفي .. الخ ،  يصعب ايجاد اختلافات جدية و مبدأية تفرقها. ومن هنا تبرز شرعية التساؤل:

ما الذي يمنع كل هذه المنظمات و اللجان و التشكيلات ان تقترب من بعضها و ان تعمل معا و ان تهيْ الاجواء لقيام جبهة عريضة ذات برنامج موحد لمواجهة الاهداف المشتركة؟
ان نتائج التشتت و عدم الوضوح و التلكؤ في تجميع القوى و الاتفاق على القواسم المشتركة، واضحة و جلية. ان لاستمرار
في هذا التلكؤ و التاخر في المبادرة لتجاوز كل ما يعيق العمل المشترك و تجميع القوى سيؤدي الى انحسار الوعي الوطني الديمقراطي، و الى ترك الجماهير المسحوقة فريسة للقوى القومية المتطرفة و الطائفية و السلفية و لتاثيراتها
الفكرية.

لعله من المفيد التذكير، بان واحدة من المشاكل و العقد التي تعيق عملية تجميع القوى العلمانية الديمقراطية و اليسارية هي مشكلة تحديد من هي و تعريف ماهية هذه القوى. الكل ينطلق من كونه هو الديمقراطي و ان برنامجه اكثر ديمقراطية من غيره من البرامج و انه هو الجدير بقيادة و تمثيل هذا التيار. و كذا الحال بالنسبة لليسار و القوى و التجمعات و الاحزاب التي تدعي بانها تمثل اليسار. ان احد الحلول لهذه الاشكالية بتقديري هو جمع و تنظيم طاقات كل القوى الغير حزبية ، التي لا تنتمي الى التنظيمات الحزبية، بشكل مستقل بعيدا عن المصالح الحزبية، اشخاص و هيئات و لجان و مجالس و الناشطين في المؤسسات الثقافية و الاجتماعية و الرياضية، في داخل العراق و خارجه، و التي تريد العمل من اجل اهداف مشتركة انية و استراتيجية. اما الاحزاب و المنظمات الديمقراطية و اليسارية، فبامكانها، بل و المطلوب منها بالحاح، ان تتجاوز صراعاتها و اختلافاتها الفكرية و الايديولوجية و ان تبدأ بالتشاور و العمل للاتفاق على الاهداف الانية و الاستراتيجية المشتركة.
انه تحدي كبير تفرضه الظروف و الوقائع على الارض، و لا سيما، ان كل هذه القوى و الاحزاب التي تتناقض فكريا و تتهم بعضها باليمين و التطرف و..الخ ، تقر و تعلن مرارا بانها لا تقوي و لاتستطيع مواجهة التحديات و المهام الجسيمة
بمفردها.

و من الطبيعي ان تتضامن و تتفاعل القوى العلمانية الديمقراطية الغير حزبية و المتحررة من القيود الايديولوجية مع تجمع او جبهة الاحزاب و القوى الديمقراطية و اليسارية و ان تدعم نشاطاتها السياسية و ان تراقب ادائها في ان
واحد.

ان واحدة من اهم المهمات التي تواجهها قوى المجتمع المدني و القوى المؤمنة بالقيم الديمقراطية هي بناء و تشكيل الرأى العام. فمن الهام جدا اثارة الامور الهامة و العقدية لمناقشتها و نشرالمعلومات و توفير الاحصاءات و الوثائق و
تحليلها و مناقشتها علنا و بشفافية، و بروح علمية معاصرة، بغية وضعها في متناول المواطن و تكوين رأى عام واسع جماهيري ضاغط و فعال.
فالجماهير و الشعب الواعي، و المتطلع على الوقائع و الحقائق، هو وحده الذي يبني الوطن و يختار ممثليه بوعي و يحدد مستقبله السياسي