المحرر موضوع: ليس للعراق هذه الائتلافات  (زيارة 615 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عدنان حســـين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 669
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ليس للعراق هذه الائتلافات
عدنان حسين
2009/10/04
أبداً.. ليس هذا هو الائتلاف الذي يطمح إليه العراقيون، لا الآن.. ولا في المستقبل. ليس هو الذي يمكنه أن يحقق الاختراق المطلوب لكسر تلكم المعادلة اللعينة والقائمة منذ ست سنوات، والتي هي منبع الشرور كلها التي أحاقت بالعراق: معادلة توزيع السلطة وفقا للمحاصصة الطائفية.
ليس هذا هو الائتلاف الذي سيشكل منعطفا تاريخيا، وتطورا نوعيا في عملية بناء دولة عراقية حديثة تقوم على الأسس الوطنية، كما وعد «ائتلاف دولة القانون» بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي، وقبله، «الائتلاف الوطني العراقي» بقيادة الوريث الغرير عمار الحكيم.
نظام الحزب الواحد (البعث) الذي تطوّر سريعا إلى دكتاتورية الرجل الواحد، أغرق العراق عقوداً بحالها في لجة محنة متعددة الأبعاد، لم تخلّف سوى الدمار الشامل والتخلف المريع.. وبينما كان العراق يحتاج إلى نظام مناقض تماما، جاءت الأحزاب الدينية- الطائفية لتغرقه في لجة أعمق وأرهب وأخطر.
ما يحتاج إليه العراق الآن، هو منقذ يخرجه من هذه اللجة.. و«الائتلاف الوطني العراقي»، أو «ائتلاف دولة القانون» لا تنطبق عليهما بالتأكيد مواصفات هذا المنقذ المنتظر. فالأول يعيد إنتاج «الائتلاف العراقي الموحّد»، الذي كان بمثابة المزبلة التي تجمّعت فيها كل القوى الطائفية الشيعية، في مقابل المزبلة الطائفية السنية (جبهة التوافق وتفرعاتها)، وكان كل منهما رأس الحربة في النهج الطائفي والحرب الأهلية الطائفية، التي لم يُنزع فتيلها بعد. أما الائتلاف الثاني (دولة القانون) فليس سوى انشقاق على الائتلاف الأول في إطار الصراع على السلطة والنفوذ، فهو يحتفظ بالجوهر أوالمضمون عينه.
لا يغرنّكم وجود بضعة أفراد يدّعون أنهم ليبراليون، أو وطنيون، في الائتلاف الأول، ولا آخرين يقدمون أنفسهم على أنهم سنّة، أو مسيحيون، أو علمانيون في الائتلاف الثاني، فهؤلاء مجرد رتوش لتمظهرات الصورة، وهم في الغالب الأعم من الطامعين في المناصب الوزارية، إذ القوى المتنفذة في الائتلافين كليهما، طائفية شيعية.
لم نسمع من الائتلافين سوى الكلام المنمّق عن الوحدة الوطنية، ودولة القانون.. ولا شيء البتة عن برنامج متكامل لإخراج البلاد من محنتها المتفاقمة.. كيف، مثلا، سيُحارب الإرهاب ومنظماته؟ كيف سيجري التعامل مع القوى الداخلية والإقليمية الداعمة لهذا الإرهاب وجماعاته؟ كيف ستُستأصل شأفة الفساد المالي والإداري، ابتداء من فوق، حيث الوزراء والمدراء المعينون على أسس طائفية وحزبية؟ كيف ستُكافَح البطالة؟ كيف سيُعاد بناء الاقتصاد.. الزراعة، الصناعة، مشروعات الري، النفط، المعادن؟ كيف تُصلَح الأضرار في القطاعات الخدمية، ويتأمَّن العلاج للمرضى، والتعليم للأميين، ويتوافر الماء والكهرباء والصرف الصحي والطرق المبلطة؟ كيف تُحَل مشكلة كركوك والمناطق الأخرى، وفقاً للدستور الذي ساعدت القوى المتنفذة في الائتلافين في تعطيل بنوده الخاصة بهذه القضية الوطنية الكبرى، أم حسب ما يريده الشوفينيون من بعثيين وأمثالهم؟ كيف تُحل مشكلة المهجّرين والمهاجرين في الداخل والخارج؟ كيف تُعاد الكفاءات الوطنية المشردة في قارات الأرض كلها؟ كيف يُعوَّض ضحايا نظام صدام وضحايا الإرهاب وتُؤمَّن لعائلاتهم حياة كريمة؟ كيف تُصاغ قوانين مدنية عصرية للأحزاب والانتخابات والأحوال الشخصية؟.. هذا كله تفادى الائتلافان الشيعيان الخوض فيه، وتقديم برنامج واقعي بشأنه. والسبب معروف، إذ المتنفذون في الائتلافين، يعنيهم أكثر ما يعنيهم في السباق الانتخابي الوشيك، هو أن تكون رئاسة الحكومة من حصتهم، والمكمّلون، أو المستتبعون لهم، مهتمون بالحصول على المناصب الوزارية، ولا أحد يريد أن يلزم نفسه ببرنامج تكاملي واضح ومحدد.
في مقابل هذين التكتلين الشيعيين المتنافسين سينشأ تكتل، أو أكثر، طائفي سني، سيحتشد حوله، أو حولها، البعثيون، كما هو حاصل الآن، ليعاد إنتاج المعادلة اللعينة إياها القائمة الآن، وليبق العراق غارقا في لجته الرهيبة.
ليس هذا ما يحتاج إليه العراق.. بل إنه لا يحتاج إلى هذا قط. إنه يطمح إلى قيام ائتلاف وطني واسع يضم الأحزاب الرئيسة والشخصيات الوطنية الإسلامية المعتدلة غير الطائفية، ومثلها المسيحية والصابئية والأيزيدية، واليسارية والليبرالية والقومية العربية والكردية والتركمانية والكلدو- آشورية. وقبل هذا يحتاج العراق، أو العراقيون، إلى برنامج وطني شامل للإنقاذ وإعادة البناء تتعهده هذه الأحزاب والشخصيات.
adnan.hussein@awan.com