المحرر موضوع: تقييم محايد لمسيرة الائتلاف العراقي الموحّد! (الجزء الثالث)  (زيارة 1014 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Riadh Alhusaini

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 40
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تقييم محايد لمسيرة الائتلاف العراقي الموحّد! (الجزء الثالث)
رياض الحسيني
كاتب صحفي وناشط سياسي عراقي مستقل
www.riyad.bravehost.com

الاخفاقات والمآخذ التي تؤخذ على حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري كثيرة حسب رأي المخالفين له لكن يمكن حصرها بالاتي:
 
1.     الاخفاق في فتح قنوات اتصال مع المجاميع المسلحة والتي تتخذ من المنطقة الغربية ملاذا لها كان يمكن ان تشكّل خطوة اولى نحو التهدئة النهائية بدلا من استخدام القوة من دون لغة للحوار

2.     استعداء الليبراليين واستبعاد الوطنيين العلمانيين في خطوة غير محسوبة النتائج نحو الانغلاق على الاسلاميين فقط

3.     التباطؤ الواضح في تفعيل قانون اجتثاث البعث فضلا عن الانتقائية التي تعامل بها هذا القانون مع الافراد

4.     عدم ملاحقة البعثيين السابقين من الذين هربوا الى بعض الدول العربية بكل الاموال التي سرقوها من البلد

5.     عدم تفعيل قانون محاربة الارهاب بشكل يحد من عملياتهم اليومية ضد المدنيين والبنى التحتية.

6.     رفع اسعار البنزين ثلاثة اضعاف

ربما يبدو بعض هذه الاعتراضات منطقيا في مرحلة ما والى حد ما لكنها ليست كما يتم طرحها من قبل المناوئين للائتلاف العراقي الموحّد وحكومة الجعفري وبالشكل الذي تبدو فيه كلمة حق يراد بها باطل! بيد ان اللذين يطرحون مثل تلك المآخذ لاينتمون الى طرف واحد فالبعض ناصح جاد في النصح والارشاد وذلك لتقويم العملية السياسية بينما البعض الاخر فلا يرجو من وراء ذلك الا التشويش على الحكومة من جهة ومحاولة تشويه صورة الائتلاف العراقي شعبيا ودوليا من جهة اخرى.
الغريب في الامر ان لا احد يتحدث عن الانجازات والمآثر التي قدمتها حكومة الدكتور الجعفري بشكل خاص والائتلاف العراقي بشكل عام.

في خلّة عدم فتح حوار مع "الارهابيين" ان كانت كذلك فهي ليست من الواقع في شئ فالحكومة قد مدت يدها لكل العراقيين وطالبت علنا كل المجاميع التي ترفع السلاح بوجه الحكومة والشعب ان ينخرطوا في العملية السياسية وان لايكونوا يدا للمحتل واداة تخريب يستخدمها الاخرون متى شاءوا ولكن في كل مرة لايجد الشعب العراقي ولا الحكومة الا المزيد من التفجيرات والمفخخات والقتل العمدي العشوائي.

اما قضية استبعاد الليبراليين من مواقع القرار السياسي في البلد فمجانب للحقيقة تماما والكل يعرف كيف رفضت حركة الوفاق العراقي بقيادة الدكتور اياد علاوي باعتباره اكبر كتلة ليبرالية في البرلمان رفضا قاطعا المشاركة في حكومة الدكتور الجعفري وكان شرط مشاركتها الاول هو اسناد رئاسة الوزراء الى الدكتور علاوي والا فالمقاطعة ستكون البديل! وهكذا يكون قد تخلّى الليبراليون عن مواقعهم لحسابات شخصية لم يكن للوطن ولا للمواطن فيها اي حساب يذكر.

القضية الاخرى التي طال الحديث عنها هي مسألة "اجتثاث البعث" والتي كان حقيقة للائتلاف العراقي الموحّد دور بارز فيها ليس من طرف استصدار مثل هذا القانون الوطني الجرئ والمطلب الشعبي في ذلك الظرف العصيب بل لان عراق مابعد الدكتاتورية وفي ظل النظام الديمقراطي يستوجب ازالة كل المخلّفات فضلا عن نزع فتيل ازمة مستقبلية محتملة ناهيك عن سد منافذ احتمالات عودة الجلادين الى السلطة من جديد تحت مسميات وعناوين براقة مستغلين مفاهيم الحرية والانفتاح والهامش الديمقراطي الجديد.
ومع ذلك فلم يكن للحكومة ولا للائتلاف اي دور في اقصاء اي طرف لحسابات غير وطنية فكما هو معروف ان هنالك لجنة خاصة قد تأسست لهذا الغرض يعود تأريخها الى ايام مجلس الحكم وهي المسؤولة عن تقديم التوصيات للقضاء العراقي والذي بدوره يتخذ الاجراءات اللازمة بحق من تنطبق عليهم التشريعات والقوانين.

اما قضية ملاحقة البعثيين واستعادة الاموال المسروقة فهو مطلب شعبي لاتنازل عنه ولو طال الزمن ولكن هل القضية بتلك السهولة التي يتصورها البعض في ظروف مثل التي مرّت بها حكومة الجعفري؟! في عراق مابعد الديكتاتورية تستوجب القضية تقديم الدليل المادي مسندا بالحكم القضائي العراقي النزيه واتباع القنوات الصحيحة لتطبيق اجراءات من هذا النوع.
ومع ذلك كله فقد دأبت الحكومة على تقديم بعض المذكرات القضائية للقبض على بعض ازلام النظام السابق في بعض الدول العربية والتي جوبهت بالرفض من بعض حكومات تلك الدول المستفيدة تارة والتسويف من الاخريات تارة اخرى، فما يكون بوسع الحكومة عمله حينئذ؟ وما دخل الائتلاف العراقي الموحّد بتلك القضية التي هي اصلا من مهمات الحكومة ومن ثم البرلمان والتي لايشكل الائتلاف الا جزءا منها؟!

اما في قضية رفع اسعار البنزين فلم يتكلم احد عن حجم العائدات الى خزينة الدولة والتي تقدر بالمليارات فضلا عن الحد من عمليات التهريب المنظّم للبنزين والتي اثبتت الارقام والوقائع تورط شخصيات حكومية واخرى سياسية متنفذة في عمليات التهريب هذه.
كما لم يكلّف احدا نفسه من اولئك "الفلاسفة الجدد" لان يقدّم دراسة مثلا او بديلا واقعيا لحل مشكلة ازمة البنزبن في بلد يعد من اغنى البلدان في العالم ومصدرا في طليعة الدول المصدّرة للنفط ويعاني مواطنوه ازمة خانقة في توفير المحروقات لاستخداماتهم اليومية!

السئ في القضية ان اللذين يتصدرون اثارة مثل تلك القضايا هم اللذين وقفوا وبحزم وشدة ضد خطط الحكومة لتفعيل تلك القضايا واشباهها سواء اكان الامر متعلق بقضية معالجة الارهاب وتجفيف منابعه ومحاصرته او قضية اجتثاث البعث واستعادة اموال الدولة ومحاكمة المفسدين والفاسدين. اما اللذين وقفوا ضد قرار رفع البنزين فكانوا على اصناف عدة ولكن كان اسوأهم اولئك اللذين لايرون في القرار الا ان حجم عائداتهم من التهريب قد تقلّص بمقدار الثلثين؟!

بعد ذلك كله فالعجز الذي اتهمت به حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري لايمكن تحميله للدكتور الجعفري كشخص في نهاية المطاف ماهو الا واحدا من مجموعة متنفذة تنتمي في النهاية الى منظومة اكبر فيما هي المنظومة الحزبية وهذه الاخيرة تشكّل حلقة من حلقات منظومة اكبر فيما هي المنظومة الطائفية من جهة والعرقية من جهة ثانية. وايا كان الامر فعامل الزمن لم يسعف الرجل لكي يكمل مابدأه حتى يتم الحكم على العمل برمته في نهاية المطاف.
لذا فكان من الممكن بل ومن المنصف اعطاء الرجل وقتا اكبر واطلاق يده على وزرائه، حينئذ يمكن محاسبته ومسائلته ليس برلمانيا فقط وانما شعبيا اذا اقتضت الضرورة!
لكن الملاحظات الكردية في بادئ الامر وتحديدا تلك الصادرة عن رئيس الجمهورية جلال الطالباني والتي شكّلت نواة في مسلسل الاعتراضات التي توالت تباعا فيما بعد سواء من الكتلة السنية (قائمة التوافق) او من شخصيات داخل الائتلاف نفسه لم تسعف الدكتور ابراهيم الجعفري في ولاية ثانية!
الجدير بالذكر ان الانتخابات الثانية التي جرت في منتصف كانون الاول 2005 قد حافظ فيها الائتلاف العراقي الموحّد على حصة الاغلبية النيابية حيث حصد 128 مقعدا تلاه القائمة الكردستانية في المرتبة الثانية بـ 54 مقعدا بينما حلّت قائمة التوافق السنية في المرتبة الثالثة حيث حصلت على 44 مقعدا، اما القائمة العراقية والتي تزعمها الدكتور اياد علاوي فلم تحصل الا على 25 مقعدا فقط، فيما تقاسمت القوائم الاخرى بقية المقاعد.
اما مفاجئة الانتخابات وقنبلة الموسم اضافة الى قنابل التفجيرات اليومية فقد كانت حصول قائمة الدكتور صالح المطلك على ثلاثة عشر مقعدا وهو مالم يتوقعه اغلب المراقبين والمحللين!
المذهل ان هذه المقاعد الثلاثة عشر كانت من ضمن اللذين لم يوقعّوا على المذكرة التي ارسلت الى السيد عبد العزيز الحكيم زعيم كتلة الائتلاف العراقي الموحّد والتي طالب بها الاكراد والسنة اضافة الى قائمة الدكتور علاوي استبدال الدكتور الجعفري بشخص اخر.
في لقاء ضمن برنامج "المدار" من على فضائية ابو ظبي اوجز الدكتور صالح المطلك عدم توقيعه على المذكّرة لاسباب اربعة: الاول نظرا لعدم تفاعل الجعفري مع نظرية اقامة "اقليم الوسط والجنوب" الذي ينادي به السيد الحكيم  والسبب الثاني فهو النفس العروبي الذي يتمتع به الجعفري اما الثالث فهو رفض الجعفري اعطاء كركوك للاكراد!
ولم يكن السبب الرابع الا غياب البديل الذي يرى الملطك ضرورة معرفة هويته قبل التوقيع على المذكرة؟! تبدو هذه الاسباب منطقية لاكثر من وجه وان اختلفنا مع شخص المطلك او نهجه وطريقته لكن الاطراف التي وقّعت المذكرة لم تذكر الاسباب الحقيقية وراء مطالبتها باستبدال الجعفري! كان بامكان المطلك كغيره ان يغلّف حنقه من الجعفري والائتلاف بالشعارات الوطنية ولكنه ابى الا ان يكون سياسيا محترما لعقول العراقيين ولشخصه.
الحقيقة ان تلك الاسباب لم تكن غائبة عن الشارع العراقي الذي كان ولازال شارعا قيل عنه منذ زمن انه يقرأ اكثر مما يكتب الامر الذي قاده بمرور الزمن الى قراءة حتى الذي لم يكن الا بين السطور! [/b] [/size] [/font]