المحرر موضوع: الملا ئكـة أرواح خادمة ومبشرة  (زيارة 2766 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Qardak Kandallan

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 183
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                      الملا ئكـة أرواح خادمة ومبشرة


                                                                       قرداغ مجيد كندلان

ان النبي داود هوأول من علم أن الملائكة هي أرواح وخدام لله تعالى إذ قال :" ألجاعل
من ألرياح رسله ومـن لهيب ألنار خدامه "( مزمور104: 4 ) .الله خلق ألملائكـــــــــة
باختلاف درجاتها علـــى أسا س أنواع ألخدمة ألتــي تقوم بها . لذلك إذا أخلوا بحــــدود
عملهم يكونون قـــــد خرجوا عن حدود خلقهم وهنا وجب ألعقاب ، وليس مــن توبـة أو
صفح ،لان طبيعة خلقهم مربوطة ومحدودة بالطاعة ألمطلقة لخالقهم . كما أن ليس فـي
في طبيعتهم مجال للحرية أو مجال للتصحيح أو ألتوبة. فيصبح سقوطهم عبرة وتمهيدا
لانتهاء وجودهم :" فإذا كان الله لم يعف عـــن الملائكة الخاطئـــين ، بل أهبطهم أسفل
ألجحيم وأسلمهم إلى هاوية ألظلمات حيث يحبسون ليوم ألدين " ( 2بط 2: 4)  .
يلاحظ هـــــنا أن الله لم يعف عنهم ، وهذا ليس لان الله عديم ألشفقة علــى ألملائكــة ،
حاشى ، ولكـــن لان طبيعتهـم ليست مهيأة لمثــل هذا العفـو أو هذه التوبـــــــة . وهذا
ما يوضحـــه ألقديس يهوذا في رسالتــه:" أما ألملائكة ألذين لم يحتفظوا بمنزلتهــــم
ألرفيعة، بل تركوا مقامهم، فإن الله يبقيهم ليوم ألدين بقيود أبدية في أعماق ألظلمات"
( يهوذا 6 ) .
إن ألخدمة بالنسبة للملائكة هي من صلب طبيعتها . ويصبح نوع ألعمل هــو خدمتهــا
ألاساسية أمام ألله . كذلك ترسل ألملائكة لخدمة ألقديسين للحياة ألابدية ألتي يكلفهــم
بها  الله ويحول ذلك دون أن يفقدوا موقفهم أمام ألله على ألدوام ، فخدمة ألقديسيـــن
جزء لا يتجزأ من خدمة ألله .
ومن ألجدير بالذكر أن الانسان ليس كالملاك ... فإلانسان ألذي خلق علــى صورة ألله
في ألحرية : " فخلق الله ألانسان على صورته " ( تكوين 1: 27 ) ، قد أعطيت لـــه
بعدئذ وصية ألخير وألشر ، فألامر والعمل بالوصية جاءه بعد عملية ألخلق . لذلك إذا
سقط في ألشر فالله ينقذه – إن أراد ألانسان – ليكمل صورته فيه .  لذا حــين يخفــق
ألانسان في طاعة وصية الله ، فإنه يؤدبه حتما لكي يرتفع بالتأديب الى ماكان ينبغي
أن يرتفع إليه بالطاعة .
عند ألتمحيص في ألكتاب ألمقدس نرى أمثلة عديدة يرسل فيها ألله ملائكتـه لتقديــم
خدمات متنوعة ، ففي ألعهد ألقديم قام ألملاك بالنجاة وقت ألضيق :
" في جميع مضايقهم تضايق وملاك وجهه خلصهم بمحبته وشفقته أفتداهم ورفعهم
وحملهم كل ألايام ألقديمة " ( اشعيا 63: 9 ) ، " الملاك الذي خلصني مـــن كـــــل
سوء يبارك الولدين " ( تكوين 48: 16 ) .
ونرى الملاك مرشدا:
" إني أعلمك وأرشدك في ألطريق الذي تسلكه وأكون ناصحا لك وعيني ترعاك "
( مزمور 32: 8 ) .
كما ونجد الملاك يعد طعاما وماء لايليا في القفر :
" ثم تقدم في البرية مسيرة يوم ، حتى جاء وجلس تحت رتمــة ، والتمس الموت
لنفسه وقال : حسبي الان يارب ، فخذ نفسي ، فإني لست خيرا من أبائي . ثـــــــم
اضجع ونام تحت الرتمة . فإذا بملاك قد لمسه وقال له : قم فكل . فنظر فإذا عنـــد
رأسه رغيف مخبوز على الجمر وجرة ماء . فأ كل وشرب ، ثم عاد وأضجــــــع .
فعاوده ملاك الرب ثانية ولمسه وقال: قم فكل، فإن الطريق بعيدة أمامك. فقام وأكل
وشرب  وسار بقوة تكل ألاكلة أربعين يوما وأربعين ليلة الى جبل الله حوريب "
( الملوك الاول 19: 4-8 ) .
أما في العهد ألجديد فإن الصور الخارقة التي يستخد مهـــا الانجيليون للتعبيـــــر
عن حضور الله تتطلب منا بأن نؤمن بالحقيقة التي يكشفها الله من خلال ملائكتـه.
ويجب أن نتعامل مع العد يد  مــــن النصوص الانجيلية التي فيما تضعنــــا بإزاء
" شهــــود " امتلأوا خوفا ورهبا ، تحملنا في الوقت ذاته علــــــى الشعور أمام
تجلي الله عبر " ملاكه " الذي يحمل رسالة مـــن قبلـه . فالسيد المسيح نفســه
يعطينا معلومة عن استخدام الله للملائكة لمرافقة الارواح القديسة الـــى حضــن
إبراهيم : " فمات المسكين فحملته الملائكة الى حضن إبراهيم "(لوقا16: 22).
ولكن أقوى أعمال الملائكة واضحة من حياة السيد المسيح المسجلة في الانجيل
المقدس . فالملائكــــة اضطلعت بدور البشارة :" أرسل الله الملاك جبرائيل ...
الى عذراء مخطوبة ... فقال : " افرحي ، أيتها الممتلئة نعمة ، الرب معك ...
فستحملين وتلدين ابنا فسميه يسوع " (لوقا 1: 26-31) . وهنا يتبين فـــــــي
لحظــــة ميلاد المسيح ظهور الملائكة وجـنـــد السماء لمريم العذراء وليوسف
وللرعاة وأعطوهم بشارة الميلاد والعلامة . وكذلك بشرت الملائكة بقيامة السيد
المسيح :" فرأت ملاكين فـــــي ثياب بيض جالسين حيث وضع جثمان يسوع ،
أحدهما عند الرأس ، وألاخر عند الرجلين " ( يوحنا 20: 12 ) ، وكان ظهـور
الملاكين جلوسا في قبر المسيح ، كحراس سمائيين ، يشير الى انتهاء نوبتهما
في الحراسة ، بعد أن قام المسيح وغادر القبر وهذه إشارة الــــى القيامــــــة .
وبالفعل كان الملاكان بحسب انجيل لوقا أول من أعلن القيامة : " لماذا تبحثن
عــــن الحي بين الامــــوات ؟ إنــــه ليس ههنا ، بل قام " ( لوقا 24: 5-6 ).
وياللمفارقة التي يبرزها الانجيلي بين حراس القبر الذين مـــن خوفهم أصبحوا
كالاموات وبين الملائكة الحراس الذين أعلنوا القيامـــة .
أجادالبشير لوقا لاعلامنا بالتدخل الفعال للملاك للدفاع عن الرسل بفتح أبواب
السجن واطلاق الرسل وتشجيعهم لمتابعة التبشير : " غيــــر أن ملاك الرب
فتح أبواب السجن ليلا وأخرجهم ، ثم قال لهــــم : اذهبوا وقفوا فــــي الهيكل
وحدثوا الشعب بجميع امور هذه الحياة " ( أعمال 5: 19-20 ) .
هذه الحقيقة تحمل في طياتها معنى القيامة لتمنح الانسان الحرية من القيود .
وذلك كما قام الملاك بإنقاذ الرسول بطرس مــــــن داخل السجن وهــــو تحت
الحراسة المشددة والابواب حديدية مغلقة : " وكان بطرس في تلك الليلـــــــة
راقدا بين جنديين ، مشدودا بسلسلتين، وعلى الباب حرس يحرسون السجن .
وإذا ملاك الرب يمثل ، فيشرق النور في الحبس ، فضرب الملاك بطرس على
جنبه فأيقظه وقال له : قم على عجل . فسقطت السلسلتان عن يديه . فقال لــه
الملاك... : إلبس رداءك واتبعني . فخرج يتبعه ... فخرجا وقطعا زقاقا واحدا،
ففارقه الملاك من وقته . فرجع بطرس الــى نفسه فقال : الان أيقنت أن الرب
أرسل ملاكه فأنقذني ...."( أعمال 12: 6-11 ) .
ولكن أجمل مصادفات هذه الليلة البديعة أن الكنيســــة كانت وظلت تصلـــــي
وصلاتها قبلت وخرج بطرس ووقف يقرع الباب بينما كانوا لا يزالون يصلون.
كان الملاك على عجلة ، وقلما كانت الملائكة وقت تتعجل الامور ، فالزمـــــن
عندها لا وجود له ، ولكن كانت الصلاة بلجاحة ، وصلاة اللجاجة لدى الابرار
تقتدر كثيرا في فعلها :"أفما ينصف الله مختاريـــه الذين ينادونه نهارا وليلا
وهو يتمهل فــــي أمرهم ؟ أقول لكم : إنه يسرع الــــــــى انصافهـــــــــــم "
( لوقا 18: 7-8 ) ، وعندما أكمل الملاك مهمته سحب كيانه المرئي مـــــــن
محيط رؤيا الانسان ليمارس بطرس التبشير بالمسيح .
وهيرودس الذي قتل يعقوب أخا يوحنا وعاد الى بطرس ليقتله ، نال نصيبه
من يد ملاك ضربه ضربــــة قاضيــــــــة ، وهكذا أفسح للرسل المختاريـــن
تكميل البشارة : " فضربه ملاك الرب من وقته لانه لم يمجد الله . فأكلـــــه
الدود ولفظ الروح " ( أعمال 12: 23 ) 
وبشرى النجاة لتشجيع بولس الرسول في محنة تحطيم السفينة لكي يشهــد
للايمان المسيحي وسط البحارة ويخبره بضرورة الشهادة في روما :" فقــد
حضرني  في هذه الليلة ملاك من عند الاله الذي انا له وإياه أعبد ، وقال لي:
لا تخف يا بولس ، يجب عليك أن تمثل أمام قيصر ، وقد وهب الله لك جميع
المسافرين معك . فأطمئنوا أيها الرجال" ( أعمال 27: 23-25 ) .
وختاما  فإن قيام الملائكة بدور فعال في أنتشار المسيحية بتوجيه من الروح
القدس تجعلها وكأنها في عرض السماء وليست على وجه الارض .