المحرر موضوع: ألتّلمذانية و كلدان ، آشور ، سريان  (زيارة 1609 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
ألتَّلمَذانية
و
 كلدان ، آشور ، سريان

ألأميّ ليس الذي لا يعرف القراءة والكتابة ، بل الذي انقطع عن القراءة والكتابة. أنحت مصطلح التلمذانية ولا أدري إن كان موجوداً مسبقاً أم لا ، وهذا قصر في ثقافة الكاتب.

يولد الإنسان ضعيفاً واهناً جسمانياً وذهنياً. هذا الواقع الوجودي يجعله محتاجاً إلى من يوليه الرعاية ، وينميه جسدياً وفكرياً. يقوم (المعلم) بهذا الدور ، بغض النظر عن جنس هذا المعلم ، أَكانت الطبيعة ، قبيلة ، أسرة أم دولة ، ففي كل الأحوال يكون الجهة التي تلعب دور (المعلم) والمنشيء والمنمي لهذا الطفل.

لا غبار ولا غرابة على هذا الواقع لأنه سنة من سنن الحياة ، وعوَز يتطلبها منطق الواقع الوجودي للإنسان. بمرور الأيام ، ووفق القواعد الفيزيولوجية ، ينمو ويترعرع هذا الطفل جسدياً ويجتاز مرحلة إلى أخرى ، فتختلف حاجاته الفيزيولوجية والفكرية أيضاً ، حسب كل مرحلة من المراحل التي يمر بها ، من مرحلة الرضاعة حتى النفس الأخير مروراً بمرحلة اليفاعة فالشباب فالشيخوخة.


أما الحاجات الفكرية ، فالطفل يولد صفحة بيضاء يملك إمكانية (قابلية) الفهم ، إذا ما وُفّر له السبل الصحيحة لبناء قدراته الإدراكية. من الطبيعي جداً أن يمر إذن بمرحلة الرضاعة الفكرية ، وهي التي يكون فيها (منفعلاً) ، لا (فاعلاً) ـ بألمفهوم الفلسفي للمصطلحين ـ أي أن يكون متلقياً من الآخر  و (تابعاً) له ، غير قادر على إنشاء مفاهيمه الفكرية وبقدراته الذهنية الذاتية البحتة ، أي غير (مستقل) ببناء ذاته فكرياً. والشخص والمجتمع السوي فكرياً ، هو الذي يمر بهذه المرحلة ـ أي مرحلة الرضاعة الفكرية ـ شريطة أن يتجاوزها إلى مرحلة الإستقلال الفكري . أي من مرحلة المنفعل إلى مرحلة الفاعلية ، بالتوازي مع تطوره الفيزيولوجي. وإن عبر مرحلة الرضاعة من الناحية الفيزيولوجية ولم يفطم من ناحية الرضاعة الفكرية من الآخر (المعلم) يكون مراوحاً في مرحلة التّلمذانية.

في مقال منسوج بشكل منطقي جميل ـ لا نقد عليه على الإطلاق ـ وبتوقيع السيد (وسام كاكو) ( هل الآشورية وسام شرف عل أعناقنا ؟) ، يستجيب الكاتب لطلبات إخوة لنا من الآشوريين. ردة الفعل هذه ، أَكانت ثقافية أم حركتها الغيرة القومية ، فهي مبررة وفي كل الأحوال مطلوبة ولا يعيبها عيب، طالما تطالب بحقوق أمة ـ ألكلدان ـ موجودة على أرض الواقع ، وفي حوزتها حضارة تاريخها يمتد إلى آلاف السنوات.

لكن الواقع لا يسير وفق حقائق التاريخ ، ولا يهتم بتاريخ الحقائق ، إنما الواقع هو لمن يصنع التاريخ !!  قوميتنا (كلدان ، آشور ، سريان ) ـ وبودي أن أضيف أيضاً  عرب ، صابئة ، يزيدية ، عبرانيين ـ قوميتنا ليست رُقيْماً ونصاً يقرأه لنا مستشرق  ، لأن الكلدان واقع ملموس ، وليسوا نكرة ، بل يمكننا بكل اطمئنان ، واقعي وعلمي ، أن نضع قبل الإسم أل التعريف (ألكلدان) ، وهكذا باقي تسمياتنا الأخرى ومنها : ألسريان !

وجودنا الواقعي وإرادتنا في بناء قوميتنا هي الرُّقيْم  وهي النص ، ويساندنا في ذلك إمتلاكنا لكل أركان بناء القومية الأخرى. بل قوميتنا مبنية ونحتاج إلى إستنهاضها، وما يفعله بعض سماسرة السياسة هو محاولة واضحة لطمسها. فكل ما هو مطلوب من القيمين على أمور أبناء شعبنا ، هو تثبيت حقوقنا القانونية في الوثيقة القانونية للبلد ـ ألدستور ـ وإلا لضاعت حقوقنا في المستقبل.

فالذي لا يفقهه  بعض الساسة بأن محاولة الإلغاء هذه ، ليست في صالح أحد ، وبالأخص الإخوة الآشوريين أنفسهم، إنما هي وبالاً علينا في المستقبل القريب. فعدم تثبيت إسم الكلدان والسريان ـ أو محاولة إقصائهم ـ له تداعيات قانونية في المستقبل ، وسوف تترجم على أرض الواقع . لو حدث إقصاء أحدهم ، حينها سوف نخسر  أرضنا وحضارتنا. فعند إدعاء أهل سهل نينوى ـ على سبيل المثال ـ بانهم سريان أو كلدان ولا يوجد ما يدعمهم قانونياً ، يضيع حقهم .  وعندها ليس بغريب أن يدعي الغريب بأنهم (كرد مسيحيين) ! ولا يستطيع السيد (السياسي) الإعتراض حينذاك ، لأنه هو نفسه عمل على إقصائهم ، ووقف عائقاً في تثبيت حقوقهم.

ويطلب من السيد (السياسي) حينها ، أما أن (يهبر) أو (يعبر) ، أما أن يهبر حفنة من اليورهات كرشوة لبيع أهله السريان والكلدان ، أو أن يعبر وراء الشمس برصاصة ((فوك الجكارة بأربع أصابع)). لكنه يبقى الشيء المفرح أن نثبت الآن جميع تسمياتنا  في الدستور ، وعلى أرض الواقع ليس لدينا مشكلة إجتماعية على الإطلاق. فحينها إذا ما أردنا بناء مدرسة سريانية نستطيع قانوناً ، وإقامة مؤسسة تحت مسمى كلداني أو آشوري ، لا يمكن لأحد أن يعترض.

أية جماعة إجتماعية ، بشرية كانت أم حيوانية ، تستطيع أن تنشيء لها قومية ـ وإن كان العِرق ركن واحد من عدة أركان لبناء القومية ـ طالما لها وجود إجتماعي على أرض الواقع. ولا أظن يوجد شخص لم يسمع بتسجيل تاريخ سلالة لأحصنة ، فكيف الحال مع بني البشر ! ألغجر متى مت واتتهم الفرصة لتثبيت حقوقهم كقومية لن يتأخروا، أَليس من العار على القيمين على أمور مجتمعنا إقصاء شريحة مهمة وفاعلة عبر التاريخ : ألسريان ، من شرائح مجتمعنا من تثبيت حقها القانوني في الدستور ، دستور بلدهم  !؟!

........................................................................

ألتلمذانية لا تنطبق على السيد (كاكو) ، بل كانت موجهة إلى بعض الإخوة اللذين يعتصمون بحبل التوراة كأداة لأزالة الشك عن الوجود الكلداني التاريخي ، في الجدل العقيم الدائر بين كتابنا الكلدان والآشوريين في الوقت الراهن. أي من جماعة ثقافة سعيد صالح ، ألممثل المصري الذي يقول في إحدى مسرحياته : ((ليه ما كبتوش كراريس يا شطار ؟ : نسينا ... كلاّ من لا يسهو ... أهها إعتردي على كلام ربنا ! )). لأن التوراة هي نفسها تحتاج إلى من يسندها علمياً ، وحضارتنا بكل تسمياتها كلدان آشور سريان ، هي التي تسند التوراة وليس العكس.

نذير حبش