المحرر موضوع: حول رسالة كيانوري السكرتير الاسبق للجنة المركزية لحزب توده أيران  (زيارة 2067 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Adel Habba

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 30
    • مشاهدة الملف الشخصي
نشرت هذه المادة في صحيفة "الزمان" العراقية في 10 آب 2001. ونظرا لأهميتها في الظروف الراهنة، إرتأيت نشرها في المواقع الألكترونية.

حول رسالة كيانوري السكرتير الاسبق للجنة المركزية لحزب توده أيران
عادل حبه

في ظل الحيز المحدود للحريات والتي توفرت في إيران إثر أنتخاب السيد محمد خاتمي لرئاسة الجمهورية، بدأت بعض الصحف الإصلاحية بالكشف عن الممارسات المأساوية للتيار المتشدد خلال العقدين الماضيين ضد معارضيه وحملة التصفيات التي طالت أعداداً كبيرة من السجناء هم من خيرة أبناء الشعب الإيراني وأعضاء الأحزاب والتيارات السياسية والدينية المختلفة .
فقد نشرت صحيفة " همشهري " الشهرية الصادرة في طهران أخيراً مقالة مثيرة تحت عنوان "عقدان من الإعترافات التلفزيونية"، ألقت الجريدة فيها الضوء على مهزلة الإعترافات المفبركة في أوائل الثمانينيات لعدد من قادة حزب توده حول ما إعلن آنذاك عن "نية" الحزب بالقيام بإنقلاب عسكري والنشاط الجاسوسي لصالح الإتحاد السوفييتي. وكان الهدف هو تصفية الحزب وإبادته. إن السبب المباشر لهذا الهجوم هو دعوة الحزب للمسؤولين الإيرانيين بعد إخراج قوات صدام حسين من الأراضي الإيرانية الى إنهاء الحرب بعد أن حررت الأراضي الإيرانية. وأكد الحزب آنذاك إن الإستمرار بالحرب تحت شعار: " الطريق إلى القدس عبر كربلاء "، وهو نفس ما كان يردده الحكم في العراق بمتاجرته بالقضية الفلسطينية بشعار:"الطريق إلى القدس عبر عبادان"، ما هو إلاَ فخ أمريكي يراد به تدمير أكثر لكلا البلدين الجارين وإستمرار الحرب العبثية.
لقد مورس إنتزاع الإعترافات الكاذبة ضد مختلف التيارات السياسية بحيث شملت بعض كبار رجال الدين في إيران أيضاً. وما زال المتشددون بفعل سيطرتهم على الأجهزة القمعية في إيران يزاولون نفس المهمة. وهذا ما جرى أخيراَ ضد قادة " حركة نهضة الحرية " القومية- الدينية ومنهم المهندس عزت الله سحابي والدكتور حبيب الله بيمان زعيم حركة المسلمين المناضلين وآخرين.
إن هذا الأسلوب، أي إجبار المعتقلين على الإقرار بجرائم لم يرتكبوها تحت طائلة التعذيب، هي تقليعة قديمة قدم البشر في اللجوء إلى العنف والقسر لتوطيد سلطة النخبة وصبغ المجتمع بعقلية واحدة. فقد إنتهجت محاكم التفتيش في أوربا القرون الوسطى نفس الإسلوب ضد أنصار حركة التنوير والعلماء، ومثال غاليلو وكوبرنيكوس خير شاهد على ذلك. وعلى نفس المنوال في القرن العشرين، طبقت النازية الألمانية والفاشية الإيطالية نفس النهج. ثم أعقبهم ستالين الذي فرض على غالبية قادة الحزب وكوادره وقادة الجيش والعلماء والمثقفين والمعارضين لسطوته إلى " الإعتراف بذنوبهم " في "العداء للشعب والعمل لصالح ألمانيا النازية !!". وسارعت أنظمة الإستبداد في العديد من البلدان العربية على "إستيراد" هذه التقليعة البغيضة وإتباع نفس العبث اللاإنساني. وبدأت التلفزيونات العربية الرسمية بالمنافسة في عرض ضحايا هذا النهج الذين راحوا "يعترفون بجرائمهم وخيانتهم للوطن أو إهانة الدكتاتور ومعارضته" !! وأبرز مثال على ذلك تلك الضحايا الكبيرة التي قدمها الشعب العراقي على يد حكامه الحاليين الذين تفننوا في إذلال الشعب وإنتزعوا إعترافات كاذبة من الضحايا. ومنهم قادة بارزون في الحزب الحاكم بفعل التعذيب الفريد من نوعه.
إن ما حدث في إيران أزاء حزب توده، كما أكدته الأحداث، ما هي إلاً طبخة هيأتها المخابرات البريطانية بعد الثورة الإيرانية. وساعدها في ذلك مرتدون في المخابرات السوفييتية، وبالذات الضابط السابق في المخابرات السوفييتية وعميل المخابرات البريطانية فلاديمير كوزيجكين الموجود حالياً في بريطانيا، وبدعم داخلي إيراني يتمثل في جمعية المؤتلفة الإسلامية - الجناح الأكثر تشدداَ في تيار المحافظين - وعناصر الساواك السابق التي أعيد إستخدامها وذلك لإزاحة حزب توده واليسار والحركة الديمقراطية عموماً وتأثيرهما على السياسة الإيرانية ولجم أية محاولة لقيام علاقات بعيدة عن التوتر والمواجهة بين التيار الإسلامي العقلاني وبين اليسار الإيراني من أجل إستقرار الديمقراطية والحفاظ على الحريات التي حصل عليها الشعب الإيراني بعيد الثورة. والغريب ان هيئة الاذاعة الريطانية قد اذاعت خبر الحملة الواسعة على حزب توده ايران واعتقال قادته في نشراتها الاخبارية باللغة الفارسية والعربية قبل اسبوع من بدء الحملة الواقعية ضد الحزب وهو امر يثير التساؤل والدهشة.
ولمزيد من إلقاء الضوء على جانب من هذه المأساة نعود إلى رسالة نور الدين كيانوري التي وجهها من السجن قبل وفاته إلى سيد علي خامنئي والتي تكشف عن عمق هذه المأساة الرهيبة، والتي نشرتها المجلة المذكورة .



آية الله خامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
مع التحية والتهنئة بمناسبة العيد الحادي عشر للثورة الإسلامية في إيران

حضرة آية الله

كان بودي أن أتوجه إليكم بهذه الرسالة قبل الرسالة التي وجهتها لكم في الرابع عشر من مرداد 1368 شمسي هجري ( 5 آب 1989 ميلادي). ولكنني فكرت آنذاك بأن ليس هناك أية فائدة ترجى من إستذكار تلك الأحداث الأليمة. ولذا إكتفيت بطلب ما هو أساسي. إلاَ أنه وللأسف وبعد مرور أكثر من ستة أشهر ولحد الآن لم تتخذ أية خطوة بإتجاه تحقيق أجزاء من المطاليب التي طرحتها. إن النماذج التي أشاهدها يومياً تدل على أنه لا يوجد هناك أي بصيص من الأمل في تحقيق ذلك. وعلى هذا يتوجب علينا، أنا وأصدقائي، كما يبدو أن نتعفن في هذه الدوامة وأن نكتفي بالتخفيف عن معاناتنا بكتابة ما جرى لنا خلال الفترة الماضية. ولربما تسعف هذه الكتابة إيجابياً أولئك الذين سيتعرضون لنفس مصيرنا في المستقبل.
بعد ظهر يوم الخميس المصادف الخامس عشر من بهمن 4 شباط وبدون أي إبلاغ مسبق، دخل ممثلي لجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم لمتحدة إلى غرفتنا التي يشاركني فيها محمد علي عموئي وطلبوا منا بإبداء الملاحظات حول حقوق الإنسان. بادرت بالتحدث إليهم باللغة الفرنسية التي كانت مفهومة بالنسبة للضيوف. وشرحت لهم أهم مبادئ حقوق الإنسان التي نص عليها البيان العالمي، والتي وردت بشكل دقيق في القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وللأسف لم يتم الأخذ بالعديد من هذه المواد أثناء التحقيق معنا من قبل المراجع القضائية الإيرانية، بل وداسوا عليها بأقدامهم. وهذا بالضبط ما حدث لنا نحن المعتقلون من أعضاء حزب توده الإيراني.
في أثناء تبادلنا الحديث، قلت لهم إنني أرسلت رسالة شكوى إلى مرشد البلاد وأسلمكم نسخة منها. ومن أجل أن لا يحصل أي سوء فهم لدى ممثلي السجن الذين يرافقون الضيوف بشكل يخالف العرف الدولي، فإنني سلمتهم نسخة من تلك الرسالة التي وجهتها لكم في 14 مرداد شمسي هجري( 5 آب 1989 ميلادي ).
وجواباً على سؤالهم فيما لو تعرضت إلى التعذيب، فأجبتهم بالإيجاب. ولكنني إمتنعت عن ذكر التفاصيل التي ذكرتها في الرسالة.
وفي الحقيقة، ففي أثناء قراءتي للقانون الأساسي لبلادنا والذي ساهمتم أنتم شخصياً وبشكل فعال ومؤثر في تدوينه، هذا القانون الذي نقبله اليوم بقدر ما يتعلق الأمر بحريات المواطنين وحقوقهم وخاصة حقوق المعتقلين، وأقارن هذه البنود بما تعرضنا له أثناء الإعتقال، ينتابني العجب وأفكر في عمق الهوة والإنفصام والبعد بين الشعارات وبين الواقع الفعلي. وأخشى أن يصبح هذا الأسلوب هو الطاغي في سائر نواحي الحياة السياسية والإجتماعية للشعب وخاصة تلك المتعلقة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية لملايين المحرومين في بلادنا !
عند قراءتنا للفقرة 23 من القانون الأساسي نلاحظ التأكيد على ما يلي:
الفقرة 23 – "يمنع تفتيش العقائد ولا يمكن أن يتعرض أي فرد لكونه يحمل رأياً ما" .
ولكن من الناحية العملية، نلاحظ في مطالعة الإدعاء العام الثوري التي طلب فيها تنفيذ عقوبة الإعدام العبارة التالية التي تقول: "إننا نقوم بالدعاية للثقافة المادية الماركسية" !! وهنا ينتابني العجب من هذا الإتهام الذي يتنافى مع نص القانون الأساسي.
الفقرة 32 – "لا يمكن إعتقال أي فرد إلاَ بحكم ونظام يحدده القانون. وفي أثناء الإعتقال ينبغي إبلاغ المتهم بالتهمة بصورة تحريرية مباشرة ويجب تهيئة إضبارة الإتهام خلال 24 ساعة وتحويلها إلى المراجع القضائية وتأمين سير المحكمة بأسرع وقت. وكل من يتخلف عن تطبيق هذه الفقرة يعرض نفسه للعقوبات" .
والآن يا حضرة آية الله أسمحوا لنا أن نقارن بين هذا المبدأ وبين ما تعرضت له وأفراد عائلتي أثناء الإعتقال. ليس لدي أية معلومات عن ما تعرض له الآخرون. ولكن ما تعرضت له أنا وعائلتي يكفي لتبيان عمق الكارثة.
ففي صباح 17 بهمن عام 1361 شمسي هجري( 6 شباط 1983 ميلادي) وفي الساعة 3,5- 4 بعد منتصف الليل، إقتحمت مجموعة من الحرس البيت بعد تحطيم الباب الرئيسي وهجمت على غرفة النوم في بيت إبنتي وأمرونا بإرتداء ملابسنا. ولم يكن في أيدي هؤلاء السادة إلاً حكم إعتقالي فحسب. ولكنهم لم يعتقلوني أنا فحسب، بل قاموا بإعتقال زوجتي بدون أي أمر رسمي بالإعتقال من الجهات المسؤولة. ولم يكتفوا بذلك فإنهم بادروا إلى إعتقال إبنتي التي ليس لها أدنى علاقة بنشاطنا السياسي وبدون أي حكم قانوني. ولا تتصوروا إن الأمر توقف عند هذا الحد .. لا ! فقد قاموا بإعتقال أبن بنتنا وحفيدنا البالغ من العمر أحد عشر عاماً. وأخذونا جميعاً إلى المعتقل رقم 3000، أي مقر اللجنة المشتركة في عهد الشاه والتي تم إعتقالي فيها ومحاكمتي وسجني فيها في الفترة التي سبقت إنقلاب 28 مرداد شمسي هجري( 19 آب 1953 ميلادي).
وبعد إطلاق سراح إبنتي أفسانة، التي تعرضت للتعذيب وبقيت في السجن لمدة سنة ونصف بدون أي حكم، تبين أن السادة الذين قاموا بإعتقالنا قاموا بنهب البيت في غيابنا. فقد سلبوا كل ماهو ثمين في البيت مثل المسكوكات الذهبية المتعلقة بإبنتي أفسانة والتي كانت تحصل عليها في الأعياد وأعياد ميلادها من الأقرباء خلال السنوات المنصرمة. ولم تنج من هذا السطو الهدايا القيمة التي حصلت عليها في أسفاري وحتى وثائق التخرج، بدءاً من شهادة الصف السادس الإبتدائي حتى أعلى وثيقة علمية حصلت عليها كبرفسور أكاديمي في بناء المدن والهندسة المعمارية من جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وعلى الرغم من مضي 7 أعوام وعلى الرغم من المطالبة المستمرة من قبلي ومن قبل أفسانة إلا َ أنه لم يجر إرجاع هذه الممتلكات. ويبدو أن هؤلاء السادة الذين قاموا بالإعتقال إعتبروا هذه الأشياء جزءاً من الغنائم الحربية في حرب المسلمين ضد الكفار وقاموا بنهبها.
هكذا كانت " مقدمة " الإعتقال، وبعدها توالت مشاهد المسرحية الأليمة الواحد تلو الآخر.
نص القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية على الفقرة التالية:
"الفقرة 35 – يمنع القيام بالتعذيب من أجل إنتزاع الإعتراف. ومن غير الجائز إجبار أي فرد على الشهادة أو الإعتراف أو القسم. إن مثل هذه الشهادة أو الإعتراف أو القسم يفتقد إلى القيمة والإعتبار القانونيين. ويتعرض للعقاب كل من يخالف هذه الفقرة".
اننا نتأسف على الماضي ولما جرى لنا ونقلق على ما يخبئه المستقبل جراء دوس بعض المسؤولين بأقدامهم على هذا المبدأ القيم والذي يمكن أن يتكرر خرقه في المستقبل أيضاً.
ومنذ اليوم الأول للإعتقال، تعرضت غالبية المعتقلين، وبالنسبة لي بعد بضعة أيام من الإعتقال، إلى التعذيب بالمعنى الكامل له والذي أطلق عليه أسم جديد هو "التعزير".
وتضمن التعذيب الفلقة بإستخدام إنبوب بلاستيكي مما يؤدي إلى سحق جلد كف القدم. وبالنسبة لي ومنذ اليوم الأول لم يؤد التعذيب إلى سحق الجلد فحسب، بل وأدى إلى تمزيق القسم الأعظم من عضلات كف كلا القدمين. وإحتاج ذلك إلى علاج إمتد فترة ثلاثة شهور لإلتئام الجروح. كما تطلب تضميد الجروح يومياً ولم أستطع الذهاب إلى الحمام إلاَ بعد فترة ثلاثة شهور.
والنوع الثاني من التعذيب وهو الأكثر وحشية من الفلقة فكان "دستبند قباني". ولا يعرف هذا الإسلوب من التعذيب إلاَ من ذاقه والذي يمكنه أن يدرك ماهية تعرض المعتقل إلى هذا النوع من التعذيب لمدة 8 إلى 10 ساعات متوالية.
بالنسبة لي، فبعد تعرضي لأولى ضربات الفلقة التي رافقتها الشتائم والإهانات والصفعات والضربات على الرأس، لم يستطع هؤلاء السادة أن ينتزعوا مني إعترافات كاذبة والتي سأصفها لاحقاً. وما كان منهم إلاَ أن بادروا إلى إستخدام "دستبند قباني".
وفي خلال 18 ليلة متعاقبة كانوا يقتادوني في الساعة 8 مساءاً إلى غرفة واقعة في الطابق الثاني ويقومون بتنفيذ عملية "دستبند قباني". وتستمر العملية حتى الساعة 5 إلى 6 صباحاً، أي لمدة 9 إلى 10 ساعات. ويأتي كل ساعة أحد المأمورين ليبدل ترتيب القيد في اليدين. وربما ليس لديكم فكرة عن " دستبند قباني "، ولهذا سأقوم بشرحه لكم.
هذا التعذيب عبارة عن رفع أحد اليدين فوق الكتف، ثم ترفع اليد الأخرى من وراء الظهر وتسحب لتقترب من اليد الأولى. ويربط رسغ كلا اليدين بقيد فلزي ثم يقفل. إن الألم الذي يتعرض له المعتقل جراء هذا التعذيب رهيب للغاية. فخلال 18 ليلة من الليالي التي تعرضت فيها لهذا التعذيب نسي المعذبين مرتين تغيير ترتيب قيد اليدين، وبقيت على هذا الحال من الساعة 12 منتصف الليل حتى الساعة 5 صباحاً. إن السبب في إستمرار هذا التعذيب هو رفضي وعدم إنصياعي لمطاليب المعذبين الذين أرادوا إنتزاع الإعتراف مني بالقوة.
خلال هذا التعذيب فقدت 18 كيلوغراماً من وزني ولم يبق من بدني سوى الجلد والعظام. ووصل الأمر إلى حد أنني فقدت القدرة على السير بدون تلقي العون من شخص آخر. ولهذا كنت أتوسل بالحرس للذهاب من أجل قضاء حاجتي.
وما زالت آثار التعذيب باقية على بدني لحد الآن. فاليد اليسرى أصيبت بنصف الشلل. وفقد أصبعان من أصابع اليدين الحس تماماً، مع قدر بسيط من التحسن أخيراً. وأود التذكير على أن عمري في ذلك الوقت بلغ 68 سنة.
لقد تعرضت زوجتي مريم إلى الضرب بالفلقة إلى حد أنها وحتى الآن وبعد 7 سنوات تشعر بآلام كف القدم. ورافق هذا التعذيب "الشرعي" الشتائم والسباب لها من قبيل " العاهرة، ورئيسة العاهرات و ... غيرها من الشتائم الشرعية". إن الصفعات والضرب على رأسها قد أفقدها حاسة السمع في الإذن اليسرى، علماً إنها بلغت السبعين من عمرها في ذلك الوقت.
أرجو أن لا تتسرعوا وتظنوا أن أسوء أنواع التعذيب هو "التعزير"، فهناك أنواع أكثر سوءاً من النوعين الأولين.
النوع الأول هو التعذيب الجسدي، ويتم ذلك عبر ربط المعتقل بـ "دستبند قباني"، يربط بحبل وبحلقة مثبتة في السقف. وبعد ذلك يسحب جسد المعتقل الى الاعلى بحيث يتمركز وزن المعتقل على كتفه ويديه مما يعرضه إلى ألم غير قابل للتصور. إن أفراداً من أمثال الصديق العزيز عباس حجري، المعروف ببنيته القوية والذي أمضى وقاوم 25 سنة في سجون الشاه الرهيبة، أغمي عليه عدة مرات. ولم يكتف السادة الذين يقومون بالتعذيب بذلك بل راحوا يهزونه كالإرجوحة وهو معلق في السقف.
وما زال السيد محمد علي عموئي على قيد الحياة كشاهد على هذا التعذيب، وهو الذي أمضى وقاوم مع السيد حجري وخمسة أبطال آخرين من منظمة ضباط حزب توده إيران 25 سنة في سجون الشاه الرهيبة بعد الإنقلاب الأمريكي- الإنجليزي في 28 مرداد عام 1332 شمسي هجري(19 آب 1953 ميلادي)، بالطبع ليس كشاهد متفرج، بل كشاهد تعرض هو بالذات إلى التعذيب نفسه.
إن السيد حجري المعروف بقوته البدنية أصيب بشلل في يده اليمنى على أثر التعذيب بحيث لم يعد بإمكانه تناول طعامه.
لقد أعفيت من هذا التعذيب لسبب بسيط هو أنه لم يعد في بدني أي رمق من الحياة.
النوع الثاني من التعذيب هو التعذيب الروحي. وقد طبق علي هذا النوع من التعذيب. إن هذا التعذيب أكثر إيلاماً من الأنواع الأخرى. فما هي ماهية هذا التعذيب.
بعد أن فقد هؤلاء السادة الأمل من فرض الإعترافات علي عن طريق أنواع التعذيب لتحقيق هدفهم المذكور أعلاه، كرروا معي "إختبار" هذا الأسلوب ثلاث مرات.
في المرة الأولى أخذوني إلى أحد الغرف. وهناك شاهدت زوجتي مريم وقد عصبت عيناها وحشر منديل في فمها وهي ممدة على سرير الفلقة. ثم حشر المنديل في فمي أيضاً وشرعوا بضرب كف رجليها العاريتين بالفلقة. هذه الحادثة سبق ان رويتها آنفاً. إن هؤلاء السادة ومن أجل أن لا يلوثوا أيديهم بهذا العمل المشين بادروا إلى إستخدام أحد أعضاء حزب توده إيران هو "حسن قائم بناه" لتنفيذ هذه المهمة لقاء نجاته من التعذيب. أن المسؤولين عن التعذيب وبعد أن عرضوا علي هذه المشاهد سحبوني إلى خلف باب غرفة التعذيب وطلبوا مني الإعتراف مقابل إيقاف التعذيب ضد زوجتي التي ما زلت أسمع أنينها جراء ضربات الفلقة. وبعد دقائق وبعد أن رفضت الإذعان لمطلبهم، أي الإقرار بنية الحزب للقيام بإنقلاب عسكري، عادوا وأرجعوني إلى زنزانتي .
هذا نموذج من نماذج تطبيق المبادئ المتعلقة بحقوق المواطن حسب قانون الجمهورية الإسلامية من الناحية العملية.

حضرة آية الله
تمر اليوم سبع سنوات وأنا أقف إلى حافة خشبة الإعدام. وأقسم بوجداني الإنساني أنه لا توجد أية كلمة أضافية على ما شرحته وكتبته في رسالتي.
ولكن لا تتعجلوا فالقصة ما زالت مستمرة.
وبسبب عدم إستسلامي لمطلب هؤلاء السادة، عادوا وأرجعوني إلى غرفة التعذيب. وفي هذه المرة كانت نوبة إبنتي أفسانة التي أرقدوها على سرير التعذيب وقام نفس هذا الشخص السفيه بضرب كف إبنتي بالفلقة. ومن جديد أجلسوني وراء باب غرفة التعذيب وأجبروني على سماع أنين البنت. وأعادوا الكرة وطالبوني بقبول عرضهم. وعند رفضي للعرض جرجوني ليلاً من جديد إلى غرفة التعذيب. وفي هذه المرة طبقوا عليها طريقة "دستبند قباني" وعلقوها بالسقف. كانت رجلاها ما زالتا على الأرض، وسحبوني وراء باب غرفة التعذيب، وهددوني بتعليق مريم في حالة عدم إنصياعي لمطاليبهم. كنت أسمع أنيناً خافتاً لمريم لأنهم وضعوا منديلاً في فمها. وبعد فترة قصيرة تعالى صوت السيد "ياسر" من داخل غرفة التعذيب الذي تعالى صوته ملوحاً بإصابة مريم بالإغماء ومطالباً بإستدعاء الطبيب. وعادوا بي إلى زنزانتي.
ومن أجل أن لا أجافي الحقيقة، فبعد عدة أسابيع من إنتهاء التحقيقات في السجن الإنفرادي، قال لي المحقق الخاص بي السيد "مجتبى" إن ما جرى ما هو إلاَ تمثيلية مفتعلة وإن الأنين كان من تقليد "ياسر". وبعد لقاء قصير مع زوجتي مريم أكدت "إنهم لم يرفعوني إلى السقف وبأنها بقيت خمسة دقائق في غرفة التعذيب وبعدها أرجعوني إلى زنزانتي".

حضرة آية الله
هل أن كل هذه الإعترافات تدخل في إطار "التعزيرات" الإسلامية ؟
بقدر معرفتي بـ "التعزيرات الإسلامية" الواردة في العقوبات الإسلامية فإن:
التعزير ينحصر بالضرب بالسوط وليس له أية علاقة بالأساليب الأمريكية والإسرائيلية التي تتلمذ عليها عملاء الساواك وجلاديهم، الساواك هي المخابرات والبوليس السري الإيراني في عهد الشاه، مثل " دستبند قباني " والتعليق بالسقف وسائر الأساليب التي أشرت إليها في رسالتي أعلاه.
التعزير هو حد للعقوبة يطبق في حالة ثبوت الجرم ويحدد من قبل حاكم الشرع شأنه شأن سائر "الحدود" الإخرى. إن تطبيق التعزير من أجل إنتزاع الإعتراف على إتهام واهي كلياً وإفتراضي وغير صحيح، والذي سأشير اليه لاحقاً، هو إتهام كاذب والذي ثبت بطلانه وكذبه بالرغم من كل أساليب التعذيب والدوس بالأقدام على أصول القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية .
وكما ذكرت فإن الهدف من كل هذا التعذيب هو إنتزاع إعترافات كاذبة من العناصر البارزة في حزب توده إيران بقصد إتهام الحزب بالتحضير لإنقلاب مسلح في بداية عام 1362 شمسي هجري (عام 1983 ميلادي) للإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
واعتقد ان هؤلاء السادة الذين فبركوا كل هذه الإكاذيب ولجأوا إلى كل الأساليب غير الإنسانية لإنتزاع الإعترافات ولتأكيد الأكاذيب كانوا يرمون إلى تحطيم حزب عمل خلال أربعة سنوات من نشاطه القانوني، على الرغم من مختلف أنواع الضغوط سواء من جانب نظام الجمهورية الإسلامية أو القوى الرجعية وسائر المجموعات اليمينية واليسارية المتطرفة، أقول عمل الحزب بثبات وبكل إمكانياته للدفاع عن الثورة وشارك في الإستفتاء على النظام إيجابياَ وإنتهج "سياسة مقبولة من قبل الشعب".
إن الدليل على عدم الجواب على وجهة نظري هو أن عملية التحقيق شهد لها شاهد آخر ما زال حياً هو السيد محمد علي عموئي الذي سعى ليس فقط اليوم بل مرات عديدة لإماطة اللثام عن كل مراحل التحقيق الوحشية واللإنسانية التي تعرض لها هو والسيد عباس حجري وسطرها في رسالة من 40 صفحة وجهها إلى حجة الإسلام ناصري ممثل آية الله منتظري ثم كررها في مناسبات أخرى كلما سنحت الفرصة ليرسلها إلى عدد من المسؤولين الآخرين.
وتتحدد القضية في أن المحققين كانوا يسعون إلى إنتزاع تقارير كاذبة ومفبركة من السيد علي عموئي وعدد آخر من الكادر القيادي عن أن حزب توده إيران، السكرتارية التي تعتبر الهيئة العليا في الحزب في الفترة بين إجتماعي اللجنة المركزية، كان يتهيأ للقيام بإنقلاب عسكري قبل بضعة أسابيع من الإعتقال كما أشرت إليه آنفاً. وبسبب معارضة السيد عموئي وآخرين، فقد تعرض هؤلاء إلى أقسى أنواع التعذيب ! إن السيد عموئي، الذي قضى 25 سنة في السجن في مرحلة الطاغوت أي كل مرحلة شبابه في سجون الشاه المخيفة، تحمل كل أنواع التعذيب الجسدي والنفسي غير القابل للتحمل، وإنني عاجز عن أن أشرح هنا كل ما تعرض له وكلَي أمل أن يبادر هو مرة أخرى إلى أن يصف لكم هذه العملية. وجرى نفس الشئ للسادة عباس حجري ورضا شلتوكي ولآخرين ولي أيضاً.
لقد ذكرت لكم آنفاً ما تعرض له السيد عباس حجري. أما بالنسبة للسادة الآخرين، ومن ضمنهم عناصر من التيار الإسلامي، فقد حصل الأمر ذاته. وبهذه " الشطارة "، على حد علمي، إستطاع المحققون إنتزاع إعترافات كاذبة من 12 فرداً من أعضاء المركز القيادي للحزب.
كنت الشخص الوحيد الذي لم يذعن لقبول هذه الأكاذيب على الرغم من الضغوط التي مورست ضدي. لقد قيل لي إن جميع أعضاء السكرتارية المعتقلين قد أذعنوا لمقولة أن الحزب كان يتهيئ للقيام بإنقلاب عسكري في الأول من أيار ( 11 أرديبهشت سنة 1362 حسب التقويم الإيراني ).
كان جوابي الوحيد هو أنه :
أولاَ – لو بادر جميع أعضاء الحزب إلى القبول بهذا الإدعاء أمامي فإني سأرد عليهم إنه كذب محظ ولا أقبله. وأشير إلى أنهم تعرضوا لنفس الضغوط التي تعرضت لها أو أسوء وإعترفوا بهذه الأكاذيب.
ثانياَ – هل توجد مهزلة أكثر من التي نعيشها وهي إن حزباَ سياسياَ يمهد للقيام بإنقلاب عسكري بمئة قطعة سلاح خفيف،البندقية، وبمقدار من القنابل اليدوية وقاذفتين خفيفتين أمام تلك القوة الكبيرة من الحرس والجيش والشرطة واللجان الثورية والتعبئة! أنتم تعتبروننا أذكياء وشطار فكيف لكم أن تلصقوا بنا مثل هذه الحماقة؟
وجوابا على سؤالي قالوا بأن أشخاص آخرين، حسن قائم بناه، تحدثوا عن وصول أسلحة وفيرة من الإتحاد السوفييتي ومن المحتمل أنها خبئت في غابات مازندران وفي بعض البساتين في ضواحي طهران وبعض مناطق خراسان.
وكان جوابي هو الآتي: أليس من الحماقة بمكان أن نحصل على كميات كبيرة من السلاح وندفنها في غابات مازندران! وهل أنه بالأمكان ولوحدي القيام بمثل هذه المهمة العسيرة؟ وخاصة لشخص بمثل سني وطاقة رجل في سن الثامنة والستين! وهل يوجد شخص آخر من بين مئات المعتقلين من إعترف بذلك وساعد على نقل الأسلحة وتخبئتها؟ لا يوجد أي شخص على الإطلاق.
وإذا كنتم تعتقدون بوجود أسلحة مخبئة في أحد بساتين الأصدقاء في ضواحي طهران، فأذهبوا إلى هناك وإجلبوا هذه الأسلحة.
لقد قلت أنه في أثناء الثورة، يومي 21 و 22 بهمن ( 10 و 11 شباط عام 1979) إستطاعت عدة معدودة من أعضاء الحزب لا يتجاوزون العشرة أفراد الحصول على بضع قطع من السلاح شأنهم شأن سائر أفراد الشعب في تلك الأيام وأخفيناها في بيتين حتى نستطيع إستخدامها في حالة تحرك المناوئين للثورة في يوم من الأيام، والعمل بقوانا المحدودة الى جانب القوى الموالية للثورة لردع قوى الثورة المضادة.
ثالثاَ – إن جميع وثائق ومحاضر هيئة السكرتارية وقعت جميعها في أيديكم. وفي هذه المحاضر لا توجد لا من قريب ولا من بعيد أية إشارة إلى مثل هذا الحديث. فالعكس هو الصحيح. فقبل أسابيع من الإعتقال سمعنا وشعرنا بملاحقة المأمورين لنا ليلاَ ونهاراَ وأن السلطات في الجمهورية الإسلامية ولأسباب سياسية عامة تتهيأ لتوجيه ضربة إلى حزبنا. ولهذا السبب إتخذنا قراراَ في هيئة السكرتاريا وبإتفاق الآراء على خروج الكوادر الحزبية المركزية خارج البلاد وبشكل غير قانوني وأوكلنا المهمة الفنية لهذا العمل الحزبي إلى تنظيمات صغيرة لتهيئة كل ما تستلزمه هذه المهمة.

حضرة آية الله
إن ما يثير الضحك هو أن الأشخاص الذين يمهدون للقيام بإنقلاب عسكري يسعون في الوقت ذاته إلى الفرار من البلاد!
ومن التقارير المفبركة التي جرى فرضها على القياديين تحت طائلة التعذيب كون هؤلاء الأشخاص من ضمن قادة الجناح السياسي - العسكري - التنظيمي والدعائي للإنقلاب الذي جرى الحديث عنه. والأنكى من ذلك، طرحت قائمة بإسماء أعضاء "مجلس الوزراء" الذي سيستلم الحكم بعد نجاح الإنقلاب الموعود. وقيل وقتها أن كيانوري سيصبح رئيساَ للجمهورية !! وعموئي وزيراَ للخارجية وآخر وزيراَ للحرب و ...
إنه لشئ يثير العجب حول طبيعة تلك "العقول الجبارة" التي أعدت هذه الكوميديا المبتذلة. بالطبع لا تتصوروا أن هذه التسميات بقيت في إطار ما ورد أعلاه. ففي تلك الفترة وأينما كانوا يجرجروني كانوا يضعون القاباً جديدة. ولكن بسبب وضع القناع على عيني لم أستطع التعرف على هؤلاء الأشخاص. فالبعض منهم راح يوجه اللطمات على رأسي ويسألني: "كيف حال رئيس الجمهورية".
في الأشهر الأولى من الإعتقال، وبسبب الضغوط الشديدة، أصبت بنزيف معدي عدة مرات بحيث لم يستطيعوا إنقاذي من الموت إلا بواسطة الحقن المغذية.
في يوم 11 من أرديبهشت ( أول أيار ) قال لي المحقق: "نحن نذهب إلى البيت وأسلحتنا معنا خوفاَ من إحتمال إنقلاب عسكري. وليكن معلوماَ لديك بأنه قد وزعت علينا قنابل يدوية نرميها في كل زنزانة في حالة إنطلاق أول رصاصة في المدينة".
وكان جوابي والإبتسامة بادية على وجهي هو الآتي: "أرجو لك قضاء ليلة مريحة وسنرى بعضنا غداَ صباحاَ". وإنتهت أحاديثي كما رويتها وتبين أن قضية "الإنقلاب العسكري" الذي يمهد له حزب توده أيران ما هو إلا بالوناً لا أكثر.
لقد تطلب الأمر سنة واحدة لنقلنا إلى سجن إيفين. وبدلا من 24 ساعة لتوجيه الإتهام كما جاء في نص القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية، مرت فترة تزيد على 365 مرة على المدة المقررة .
وخلال هذه السنة كنت أنا وزوجتي وإبنتي محرومين من لقاء الأقرباء ولم نستطع التحدث معهم بالتلفون شأننا شأن السجناء الآخرين مرة واحدة في الإسبوع، فقد سلب منا هذا الحق أيضاَ .

في سجن إيفين
في نهاية عام 1362 ( بداية عام 1984 ميلادية - ع.ح. ) نقل القسم الأعظم من سجناء توده إلى سجن إيفين لإجراء المحاكمة.
وفي سجن إيفين لم تسلم إلى المحكمة الإضبارة التي نظمت في المعتقل حسب المادة 32 من القانون الأساسي. لذا بدأت من جديد عملية التحقيق بكل تفاصيلها وأجبرنا على ملأ الصفحات جواباَ على أسئلة المحققين مع فارق أنهم لم يلجأوا إلى التعذيب الذي مورس ضدنا في المعتقل .
ولكن هذا الواقع كان نذير شؤم بالنسبة لنا أثناء الإعتقال والإقامة في سجن إيفين الذي ضم بين جدرانه 11 من أعضاء اللجنة المركزية الذين قضوا نحبهم وهم:
1-السيدان رضا شلتوكي و تقي كيمنش، وهؤلاء الإثنان كانا ضمن مجموعة الضباط التودويين الذين قضوا 25 سنة في سجون الشاه المخلوع. 2- السيد كاكيك آوانسيان ( الذي قضى 15 سنة في السجن في عهد الشاه وإلتقى بكم في ليلتكم الأولى في السجن الإنفرادي آنذاك وزودكم بالسيجائر. وفي وقت آخر إلتقى بالسيد الحاج مصطفى الخميني الإبن الأكبر للإمام الخميني الذي جلبوه إلى السجن بدون ملابس كافية في السجن الإنفرادي مما دفع كاكيك إلى تزويده بأحدى بطانياته علماَ أنه أرمني وتودوي. وجواباَ على ذلك شكره السيد الحاج مصطفى وقال: "في هذه الظروف لا توجد أهمية لمثل هذه القضايا".
3-السيد باباخاني الذي سجن لمدة 10 سنوات في عهد الشاه وكان مع السيد لاجوردي في سجن مشهد.
4- البرفسور آكاهي، أستاذ الفلسفة.
5- حسن قزلجي , الشاعر والكاتب الكردي الطاعن في السن
6- حسن حسين بورتبريزي
7- علي شناسائي ( والإثنان هما عاملان قديمان تم سجنهما لبضعة سنوات بعد إنقلاب 28 مرداد ) .
8-محسن علوي - أستاذ الرياضيات السابق - إعتقل بعد 28 مرداد وتعرض إلى التعذيب الوحشي لجلادي الساواك بحيث أدى إلى شلل في يده اليسرى .
10-السيد أنصاري من أهالي تركمن صحرا وحائز على الدكتوراه في العلوم الإجتماعية والأدب التركماني من الإتحاد السوفييتي .
11-السيد رحمان هاتفي
ليس لدي أدنى إطلاع عن وفاة 10 منهم، من رقم 2 إلى 11. ولا أعلم هل أنهم فارقوا الحياة جراء التعذيب أو من أثر التعذيب أو المرض. ولا توجد أية سابقة عن وفاتهم أو إبتلائهم بمرض خطير في سجن إيفين.
أما فيما يتعلق الأمر بالسيد شلتوكي، فإنه كان مصاباَ منذ فترة بسرطان حاد في المعدة. ولهذا السبب لم يستطع تناول طعام السجن بإستثناء الخبز. إن الأصدقاء الذين كانوا يشغلون الزنزانات القريبة منه يقولون أنهم كانوا يسمعون مراراَ صوت إلتماسه بطلب الخبز للتخفيف من آلامه، ولكن مسؤول القاطع كان يرفض تزويده.
وبعد إنتهاء المحاكمات في صيف عام 1364 ( 1985 ميلادية ) التي سأعرج عليها لاحقاَ، تم نقل كل من السادة عباس حجري و عموئي و شلتوكي و باقرزاده و ذو القدر، وجميعهم من الضباط الذين قضوا 25 سنة في سجون الشاه، و بهرام دانش و دكتور أحمد دانش وفرج الله ميزاني إلى غرفة في الحسينية.
ويشير عموئي والآخرون إلى أنه لم يبق من شلتوكي الرياضي وذي البنية القوية سوى الجلد والعظم ولم يستطع الأطباء سوى تزويده بالمسكنات إلى حد أنه لم يعد هناك أي أمل ببقائه حياَ. في البداية تم نقله إلى مستشفى السجن وبعد ذلك وبمساعدة عائلته تم نقله إلى أحد مستشفيات طهران. وبعد أن فقد الأطباء الأمل بشفائه أعيد مرة ثانية إلى مستشفى السجن ومات هناك في وضع مأساوي.
وبعد وفاته لم تسلم جنازته إلى ذويه ولم يجر إعلام عائلته بمحل دفنه. وهددت عائلته بضرورة الإمتناع عن أقامة مراسيم الفاتحة على روحه.
إن السيد محمد عموئي هو أبن خالته وحصل على هذه المعلومات من عائلته.
أما فيما يتعلق الأمر بالعشرة الآخرين، فبعد إنتهاء المحاكمات مباشرة تم نقلنا من زنزانات القسم 209 إلى قسم جديد أطلقوا عليه أسم "الإستراحة"، وهو أسم على مسمى !! ونقلونا إلى الزنزانات الإنفرادية. ولقد شاهد عموئي السيد كاكيك وهو يسير بمساعدة آخرين لأنه لم يعد قادراَ على السير وحده. وكان على جسمه قميص وسروال رث لايحجبان جسمه. وبعد هذا التاريخ لم يعد بإمكاننا رؤيته.
لماذا تعرض لكل ذلك؟ وهل تكرر التعذيب على غرار البرنامج المقرر في معتقل 3000 ؟
ومع ذلك هناك سؤال يبقى مطروحاَ وهو أنه في ذلك الشتاء القارص قدم كاكيك ما لديه للتخفيف من البرد عن آية الله مصطفى الخميني، في حين أن أنصاره لم يقدموا له حتى بطانية ممزقة لكي يلفها حول خاصرته حتى لا يقطع هذا الطريق الطويل وهو على هذه الحال أمام أعين عشرات وعشرات المأمورين والمستخدمين الذين ينظرون إليه بعيون ساخرة.
وإلى من أستطيع أن أشكو ألمي ؟ لحد الآن ينتابني الخجل من التحدت بذلك إلى أصدقائي.
هنا ولكي لا أجافي الحقيقة، أود التذكير بقدر ما يتعلق الأمر بي، بأنه ليس لدي أي شكوى من مستشفى السجن. إن طاقم المستشفى لم يقصر تجاهي سواء أكان الأمر يتعلق بالعلاج العام أو بالعمليات الجراحية الأربع التي أجريت لي، إثنتان في مستشفى السجن وإثنتان في مستشفيات طهران.
أما بالنسبة لبقية السجناء , فلحد علمي وخاصة في السنوات 2-3 الأخيرة، وأن لم يكن بالحد الذي عوملت به، إلا أنه لا توجد شكوى أساسية من قبلهم.
ومنذ الإنتقال من سجن 3000 إلى سجن إيفين في صيف عام 1364 ( 1985 ميلادية) وبعد عدة أشهر كنا قابعين في زنزانات تبلغ مساحتها 1,80 متراَ إلى 2,80 متراَ. وفي بعض الزنزانات يسجن 2-3 فرد أو حتى 5-6 أفراد. كنا محرومين من الخروج من الزنزانة لإستنشاق الهواء النقي ولم يسمح لنا بالإستفادة من الحمام إلاً مرة واحدة في الإسبوع.
خلال تلك الفترة لم توفر لي الفرصة للقاء زوجتي مريم إلا مرتين ولبضع دقائق بحضور المحقق وكنا محرومين من لقاء الأقرباء لحين إطلاق سراح إبنتنا بعد سنة من إنتقالنا.
وكما أشرت أنفاَ فإن أبنتي أفسانة وبعد عام من التعذيب والتحقيق في سجن 3000 تم نقلها إلى سجن إيفين. وفي سجن إيفين تكرر التحقيق من جديد. وأخيراَ تم عرض نموذج آخر لمسرحية شكسبير الشهيرة "ضجة كبيرة بلا سبب". فقد أطلق سراح أفسانة بدون محاكمة وحكم. وهكذا مرت سنتان من حياتها هباء بهباء. وبقي أبنها خلال هذه الفترة محروماً من الرعاية. وتلاشت حياتها ونهبت ممتلكاتها.
وهنا أرى من الضروري الإشارة إلى النواقص الجدية في سجون الجمهورية الإسلامية دون المقارنة بسجون البلدان الشعبية والديمقراطية، بالطبع بإستثناء أمريكا المعادية للديمقراطية والدول التي تدعي الديمقراطية، ولكن حتى لو قورنت بسجن إيران في عهد الطاغوت.
أولاَ- فيما يتعلق بمواجهة السجناء لأقربائهم – يتمتع السجناء بلقاء إقربائهم لا في الدول الشعبية والشرقية فحسب، بل وحتى في سجون الشاه المخلوع ويطال ذلك حتى الأصدقاء والمعارف حيث كان بإستطاعتهم اللقاء بالسجناء. وكان من حق السجناء الحصول على كل أنواع الطعام والملابس من الأصدقاء والأقارب. فعندما كنتم أنتم في السجن فمن الطبيعي أنكم كنتم شهوداَ على بعض السجناء المرفهين الذين كانوا يحصلون على طعامهم من الغذاء والعشاء من بيوتهم.
أما في سجون الجمهورية الإسلامية، ولحد علمي، فإن بإمكان السجين المواجهة إسبوعياَ أو كل أسبوعين مع أقربائه من الدرجة الأولى ( الأب – الأم – الزوجة – الإبن – الأخت – والأخ ). وإذا لم يكن للسجين أي من أقرباء الدرجة الأولى فيستطيع بإجازة خاصة التمتع بحق مواجهة أقربائه من الدرجة الثانية. بالطبع تجري المواجهة وراء الحاجز الزجاجي ويتم الحديث بواسطة التلفون.
ثانياَ- فيما يتعلق بالعلاقة بين السجناء داخل السجن، وهنا يدور الحديث عن سروال "كاكيك" الرث، لربما ستقول حسناَ لماذا لم ترسلوا له، أنتم رفاقه في السجن، سروالاَ مناسباَ ليرتديه؟ هذا يعود بالضبط إلى منع أية علاقة بين السجناء وهو النقص الثاني في سجون الجمهورية الإسلامية على حد علمي.
بالطبع بالنسبة إلى السجناء الذين مازالوا تحت مظلة التحقيق، فإنه من المفهوم أن يتم هذا العزل لتفادي التنسيق . ولكن في سجن إيفين الذي كنت شاهداً عليه فإن إمكانية التماس وحتى السلام بين السجناء الذين يعرف أحدهم الآخر والقابعين في زنزانات مختلفة ممنوع بإستثناء السجن العام. ويسري هذا المنع حتى على السجناء الذين إنتهت محاكماتهم منذ سنوات بل وحتى بالنسبة للسجناء الذين عاشوا في زنزانة واحدة لفترة بل ولسنوات عديدة. وإذا ما صادف وإن تواجه السجناء في صالون المواجهة أو في المستوصف مثلاَ فليس من حقهم السلام على بعضهم وإذا ما حصل ذلك يتعرض السجين إلى العقاب.
ويبقى الجواب على سؤالي بدون رد وهو السبب في كل هذه التعقيدات والمحدوديات فيما يتعلق بالأشخاص الذين تجمعهم سوابق من الصداقة والمعرفة، وما هو الضررالذي يعود على مقررات السجن في الجمهورية الإسلامية في حالة تبادل الحديث بين هؤلاء الأفراد. هل يتصور البعض أن مثل هذه القيود ستحول السجون إلى جامعات؟

المحاكمة
إن نموذج محاكمتنا،السيد محمد علي عموئي و السيد مهدي برتوي و نور الدين كيانوري، يشبه كل نماذج المحاكمات الأخرى. وهي وثيقة دامغة على دوس المراجع القضائية بالأقدام على بنود القانون الأساسي.
الفقرة 35 من القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية تشير الى ان من حق المتهم "في كل المحاكم يحق لكلا طرفي الدعوى تعيين وكيل له، وإذا لم يكن بمستطاعه إنتخاب محامي له فيجب أن توفر له إمكانيات ذلك" .
من المعمول به في جميع المحاكم هو أنه بعد تنظيم بيان الإدعاء من قبل النيابة العامة وإبلاغ المتهم بها، يعين الأخير محامي له أو بضعة محامين وبعد ذلك توفر الفرصة للمتهم ومحاميه أو مجموعة المحامين للإطلاع على وثيقة الإدعاء. وبعد ذلك يحدد يوم إجراء المحكمة وتبدأ إجراءات المحكمة.
في عهد الطاغوت (الشاه)، إعتقلت أنا ومجموعة من القادة والمسؤولين في حزبنا وجرى محاكمتنا. وطالب النائب العام في مطالعته بإنزال عقوبة الإعدام بي وبآخرين ( 14 شخصاَ ). لقد إخترنا 12 محامياَ من الدرجة الأولى بشكل مشترك. وقام هؤلاء السادة وبدون أن يتقاضوا فلساَ لقاء أتعابهم بالدفاع عنا ببسالة وشجاعة خلال كل جلسات المحكمة التي إستمرت عدة أسابيع. وفي النهاية وعلى الرغم من تهديدات الشاه لقضاة المحكمة، وكان أحد القضاة الثلاثة العقيد بزرك عميد، وعلى الرغم من وجود القاضيين الصوريين الآخرين، قضت المحكمة بتبرئتنا بشكل تام.
ولكن ثمن حكم هذا القاضي كان غالياً لاتخاذه لهذا الموقف الإنساني . فبعد فترة قصيرة خلعت رتبته ووضع في السجن , ولكن بقي هذا الأسم اللامع في تاريخ المحاكمات الصورية لحكومة الطاغوت .
بعد 28 مرداد عام 1332 ( 19 آب 1953 ميلادية)، سجن أيضاَ عدد كبير من قادة وأعضاء الحزب وكان الجنرال آزموده قصاب النيابة العامة العسكرية. ولكن تمتع جميع المتهمين بنفس الحقوق التي نص عليها القانون الأساسي للجمهورية الإسلامية.
ولكن في محاكماتنا جرى الدوس بالأقدام على عدة أصول من أصول القانون الأساسي للجمهورية .
أولاَ – أود أن أشير إلى أننا أبلغنا بخلاصة مطالعة الإدعاء الثوري بعد إعتقالنا مباشرة في شتاء عام 1363 ( عام 1984 ميلادية – ع.ح. ).
ثانياَ- لم توفر لنا الفرصة بتعيين محامي ومطالعة الإضبارة.
ثالثاَ- نظم الحكام إتهامهم في 10 تير 1364 ( 1 تموز 1985 ميلادية ) أي بعد سنة ونصف من إعتقالنا وطالبوا بالحكم بدون التدقيق في التناقضات العجيبة في إضبارة التحقيق وبدون التدقيق في مواد القانون الأساسي حول عدم شرعية الإعترفات التي أخذت في ظل التهديد والتعذيب.
وطالب الأدعاء العام بإنزال عقوبة الإعدام لغالبية الأفراد بالاستناد إلى التهمة الواهية وهي " النية بقلب نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، هذا بالرغم من أن " البالون المفبرك " لما سمي بتدبير الإنقلاب قد انفجر.
ومما يثير السخرية، إن الإدعاء العام الثوري طالب بعقوبة الإعدام لأشخاص على أساس "النية الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية" حتى بالنسبة لمتهم لم يعترف بهذه الإتهامات الكاذبة بالرغم من التعذيب والضغط الرهيب.
ونموذج على ذلك مطالعة الإدعاء المتعلق بزوجتي مريم فرمائيان. فقد جاء في المادة 4 ما يلي: "أنها كذبت وأخفت الحقائق خلال كل مراحل التحقيق".
وتلاحظون هنا أن بيان الإدعاء يفتقر إلى الأساس الواقعي .
ان ما هوأكثر مدعاة للضحك هي القضية التالية:
1- أعتقل السيد فريبرز صالحي في شهريور 1360 ( أيلول 1981 ميلادية )، أي قبل سنة ونصف من إعتقالنا. ومنذ ذلك الوقت بقي في السجن حتى إعدامه (بسبب نفس التهمة الموجهة الينا) في صيف عام 1367 ( صيف عام 1988 ) .
2- أعتقل السيد الدكتور فريبرز بقائي في 15 تيرماه عام 1360 ( 6 تموز عام 1981 ميلادية )، أي أكثر من سنة ونصف من إعتقالنا ولحد الآن وبالرغم من نيله درجة تخفيف من حكم الإعدام (بسبب نفس التهمة الموجهة الينا) إلى الحكم المؤبد، فإنه مازال في السجن ويعمل ليل نهار بالطبابة في السجن.
وحتى بالنسبة لهذين الإثنين، طالب الإدعاء العام الثوري بإنزال عقوبة الإعدام بتهمة "النية بالإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ". إنه لأمر يثير العجب بحق.
وكما جرى الإشارة أليه فإن الأتهام بالإنقلاب قد افتضح بحيث لم يطرح المحققون على المجموعة الثانية من قادة حزب توده إيران قضية الإنقلاب ولم يستطع الإدعاء الإستناد الى هذا الإتهام.

أما حول " النية ":
يعرف سيادتكم جيداَ إن هناك إختلاف جذري من الناحية القضائية بين " النية " و " الإقدام ". وحتى الإقدام، فهو يتضمن ثلاث مراحل والذي يحتاج في كل مرحلة إلى عناصر الإثبات، وتحدد العقوبات بشكل منفصل.
إن المراحل الثلاث للإقدام هي عبارة عن : 1- التفكير والتصميم على الإقدام، و 2- توفير الوسائل للإقدام، 3- التنفيذ العملي.
إن النية بقصد إرتكاب الجريمة لا تشكل أي جرم. فالآلاف من الناس ينوون ليلاَ ونهاراَ معاقبة أعدائهم أو من آذاهم إلى حد القتل. ولكن إذا لم يقدمون على شئ فإن ذلك لا يعد جرماَ.
ولنتجاوز ذلك، فكيف يستطيع من إتهم بأنه " ينوي الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية " ويقوم بنفس الوقت بتحريض زملائه على الفرار من البلاد قبل إعتقاله ؟ ولم أتحدث ولو بكلمة واحدة عن مثل هذه " النية " مع أي من أعضاء أو من مسؤولي الدرجة الأولى في الحزب.
كل ذلك يدل على الأسس الواهية للهيكل الكبير من الإتهامات والمحاكمات وأراء حكام الشرع .
بدأت المحاكمة بدون الإطلاع والعلم المسبقين بالمضمون الواسع للإدعاء العام الثوري وبدون المحامي وبدون قراءة الإضبارة من أجل العثور على التناقضات فيها. وإنتهت بعد عدة جلسات قصيرة إستمرت لمدة ساعتين. ولم يتم إبلاغنا، أنا وعموئي، برأي المحكمة حتى اليوم وبعد مرور أربع سنوات ونصف. وهكذا فإنني أنتظر عند خشبة الإعدام لمدة أربع سنوات ونصف مثلها مثل السنوات الطوال التي قضيتها في النضال ضد النظام الطاغوتي. إنني أنتظر كل يوم إبلاغي برأي المحكمة، وهو الإعدام، وتنفيذ الحكم .

الحياة بعد المحكمة
في فترة الأربع سنوات ونصف، التي أعقبت إنتهاء المحاكمة، أتصل بي من الحوزة العلمية في قم أحد رجال الدين البارزين وهو السيد موسوي زنجاني. وإستفسر عن رأيي في قضايا مختلفة مثل "التعاونيات" ونقد عدد من الكتب المشبوهة ( المتعلقة بعلاقات عصابة مظفر بقائي بالأمريكان ) والعلاقات بين حزب توده والدكتور مصدق...الخ. وقمت بتدوين رأيي في كل قضية بالتفصيل مع الإستدلال والتحليل وقدمتها له. وإستمر هذا التعاون بعد المحكمة وفي صيف عام 1365 ( 1986 ميلادية ) التي سأعرج على شرحه.
وبعد فترة طلب مني السيد رازاني، الإدعاء العام الثوري، أن أهيئ تسجيلا عن الماركسية وخاصة كتاب " الرأسمال " لكارل ماركس من أجل إطلاع الحوزة العلمية في قم. وقلت له إن صديقنا فرج الله ميزاني، الذي أعدم في صيف عام 1367 – عام 1988 ميلادية، متخصص في الإقتصاد السياسي وله باع أطول في هذا الميدان. ووافق على المقترح. ومنذ ذلك الوقت كان السيد موسوي زنجاني يأتي كل أسبوع إلى زنزانتنا ( كنا فيها 7 من السجناء ) وكان يسجل خلال ساعتين المحاضرة على راديو – مسجل. ومن الطبيعي إن ماكان مكتوباً هو أكثر تفصيلاً وأكثر كمالاً مما كان يسجل. وأستمر تدريس المجلد الأول من الرأسمال قرابة 10 أشهر. وبدأ بالمجلد الثاني ولكن توقف العمل بسبب طارئ حدث أثناء ذلك.
ويشير السيد موسوي زنجاني الى إن المسؤولين ذوي الصلاحية في الحوزة العلمية في قم كانوا راضين جداً عن النتائج .
وبالمناسبة فقد أعلمونا في تلك الفترة أنه قد إنتفت قضية تنفيذ حكم الإعدام. بالطبع غدا واضحاً إن القضية لم تكن كما أعلمونا. ولربما كان الأمر على هذه الصورة ولكن تغيير القرار جاء لأسباب سياسية.
في تلك الفترة كان وضعنا إعتيادياً ونتمتع بالحقوق العامة للسجناء بدون أية أفضليات. وسمح لنا بشم الهواء لمدة ساعة أو أكثر في باحة السجن. بالنسبة لي فبالإضافة إلى المسائل العامة كانت هناك قضية المواجهة مع زوجتي. وسمح لنا بعد إجراءات المحكمة باللقاء مرة كل شهرين بشكل غير منظم. في صيف عام 1365 ( 1986 ميلادية ) إنقلب هذا الوضع الإعتيادي. والسبب يعود