المحرر موضوع: السابع عشر من أيار يوم علم الكلدان القومي  (زيارة 1526 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Amer Hanna Fatuhi

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

السابع عشر من أيار يوم علم الكلدان القومي

تهنئة وتمنيات

CHALDEAN FLAG DAY

مدخل تاريخي :

مع أن مشروع علم الكلدان يعود إلى عام 1985م ، يوم طرح لأول مرة على عدد من المختصين في مجال الفن التشكيلي والتاريخ الرافدي في الوطن الأم العراق (بيث نهرين) ، إلا أن تبنيه رسمياً  لم يتم إلا في عام 1997م وذلك من قبل المركز الثقافي الكلداني الأمريكي ، حيث تم تبنيه لأول مرة في ديترويت ، كما تم أيضاً تبنيه آنذاك من قبل رئاسة معهد الجالية الثقافي ورابطة المدينة الكلدانية ، ثم أقر دولياً عام 1999م من قبل الرابطة الدولية للفنانين المحترفين الكلدان . كما عمدت العديد من المنظمات الكلدانية في الوطن الأم العراق والعالم إلى تبني علم الكلدان الشرعي وفي مقدمتها (حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني) أوسع المنظمات الكلدانية إنتشاراً وتأثيراً على الشارع الكلداني ، والمجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني وجمعية الفادي والجمعية الثقافية الألمانية الرافدية في ألمانيا ومجموعة المهندس ليث ككا عيسى في فرنسا والمهندس حبيب تومي في النرويج ومجموعة السيد نافع توسا في هولندا وجمعية أور الكلدانية في الدانيمارك وجمعية أكاديميي أور الكلدان في أستراليا والجمعية الثقافية الكلدانية الأسترالية في أستراليا (أعرق المنظمات الكلدانية في المهجر الأسترالي) ، والمركز الثقافي الكلداني في نيوزيلندا والعديد من المنظمات والجمعيات والشخصيات الكلدانية .

وفي عام 2003م أقر الأتحاد الكلداني بأهلية التصميم  وجدارة مصمم علم الكلدان الفنان فتوحي (كاتب الموضوع) ، ثم قام الأتحاد بعد ذلك بخطوة أكثر جرأة وأشد حرصاً على المصلحة العليا للأمة الكلدانية ، وذلك عن قناعة ودراسة متعمعقة للموضوع وبخاصة بعد الإطلاع على الدراسة الموسومة ( نجمة الكلدان رباعية أم ثمانية ؟ ) أنظر الرابط ( http://www.ankawa.com/cgi-bin/ikonboard/topic.cgi?forum=32&topic=736 )  ، حيث تم تبني العلم الشرعي الكلداني (ذو النجمة الثمانية الكلدانية البابلية) ، وذلك في دورة السيد سام زير التي ضمت نائب رئيس الأتحاد والعضو المخضرم (المهندس هاني جولاغ) . للمزيد حول هذه الجمعيات ومزيد من المعلومات حول العلم ، أنظر (أخبار شعبنا في موقعي عنكاوا وموقع ( www.kaldaya.net ) ، كذلك أنظر الموقع الألكتروني للرابطة الدولية للفنانين المحترفين الكلدان الخاص بالعلم ( www.chaldeanflag .com ) والذي سيشهد قريباً المزيد من الإضافات والتحسينات .

اليوم وبعد سنوات من رفع (العلم الكلداني) رسمياً ، أصبح الكلدان يحتفلون في كل مكان في العالم بالعلم الكلداني في كافة المناسبات القومية والدينية والإجتماعية وكذلك في المناسبات التي تتعلق بوطننا الأم العراق ، وبخاصة في مناسبة الإنتخابات العراقية الأخيرة وكذلك في المسيرات السلمية والإجتماعات المطالبة بحقوق المهاجرين الكلدان في العالم ، ناهيكم عن تزايد نسبة المواقع الكلدانية التي تنشر في صفحاتها الأولى علم الكلدان القومي .

علم الكلدان رؤية وتقنية :

ثمة حقيقة لم يستوعبها للأسف البعض من غير المتخصصين في مجال التصميم الفني ، وهيّ أن علم الكلدان القومي إنما (يمتاز بفرادة لا يتصف بها أي علم آخر في العالم) وذلك من خلال تصميمه الفريد الذي يعتمد خمسة من العناصر البصرية وهيّ : الخطان العموديان الأيمن والأيسر اللذين يمثلان إنحدار نهري دجلة والفرات الخالدين من شمال الرافدين إلى جنوبه ، إذ لا يوجد علم في كل العالم يحتوي على (خطوط عمودية متميزة) كما هو الحال عليه في علم الكلدان القومي ، أما التكوين المركزي فيتألف من دائرتين صفراء وزرقاء تمثلان الشمس والقمر (الأجرام السماوية) دلالة على رقي أسلافنا في مجال العلوم عامة وتميزهم كأساتذة في علم الفلك ، كما يتمثل العنصر البصري الخامس بالشمس الرافدية القديمة التي أشتهرت في الإقليم البابلي والتي تبناها الكلدان رسمياً منذ القدم ، لكنها جاءت هنا بأخراج معاصر وبألوان هي الأحمر والأزرق والأصفر (وهيّ الألوان الرئيسة التي تتفرع منها كل الألوان الثانوية) ، وذلك للدلالة على حقيقة أن كل الحضارات العالمية إنما قد أستقت جذورها من حضارة بلدنا الأم بيث نهرين / وادي الرافدين التي كان للكلدان الأوائل (بناة أريدو وكيش) الفضل الرئيس في تأسيسها .

أما على صعيد العلاقة بين الأشكال والسطوح التي تتوزع عليها المفردات البصرية ، فلم تأت هذه العلاقات البصرية إعتباطاً وإنما جاءت هيّ الأخرى أثر دراسة طويلة ومضنية ، وقد يستغرب البعض من الأخوة من غير المتخصصين في المجال التشكيلي ويقولون مع أنفسهم مثلما قال البعض من البسطاء عن عدم معرفة (يمعود .. هو كله خطين ونجمة) وهم محقون في ذلك بعض الشيء ، ولكن ما يجهلونه هو الكثير !!
فالحقيقة أن أمثال تلك (التصورات غير العميقة) قد واجهت من قبل العديد من المبدعين الكبار من أساطين الفن الحديث أمثال بيت موندريان أحد عمالقة التجريدية الهندسية (GeometricAbstractism) والأب الروحي لحركة (Purism) التي أوجدها فيما بعد المعمار لوكربوزيه ، كما واجهت هذه التصورات غير الناضجة أيضاً كازمير ماليفتج (مؤسس حركة السوبريماتزم / Suprematism ) ، إذ أن أمثال هذه المنجزات التي لا يمكن أن يلم بتفاصيلها إلا المتخصصين في هذا المجال ، إنما تؤدي في الغالب الأعم إلى مواجهة معضلة مزدوجة ترتبط أولاهما (بفوقية الرؤية الفنية وحرفيتها الدقيقة) من ناحية ومحدودية معرفة العامة بالتفاصيل المدرسية للعمل التشكيلي ، كما تخضع أيضاً لعاملين آخرين رئيسين هما (متطلبات إبتكار العمل الفني) التي تتطلب علاوة على (الإلهام الفني) إلى (خبرة حرفية عالية) ، وأخيراً (القدرة على توصيل الفكرة العامة للمتلقي) الذي يجهل أساسيات البناء التصميمي للعمل الفني .
وقد حدث ذات مرة أن أحد كبار التجار المعروفين بعلاقاته الواسعة مع الوسط الثقافي لعصره أن وقف عام 1914م أمام لوحة للفنان ماليفتج (مربع أبيض على مربع أبيض) فقال ساخراً وبصوت جهور : أن أبني الصغير يستطيع أن يفعل ذلك !
فتقدم منه الفنان ماليفتج الذي كان يقف على بعد خطوات منه وقال له بدماثة وتهذيب : أنت محق ياسيدي ولكنك وأبنك لم تفعلا ذلك ، وإنما أنا من فكر وفعل هذا .. فخجل التاجر وأعتذر !

الحق ، أن تصميم علم الكلدان يخضع لمنطق يمكن لنا أن نصفه بعبارة (السهل الممتنع) ، أذ أن تنفيذه سهل جداً ، لكن صعوبته كانت في إبتكاره ومراحل تطويره التي أستمرت لما يقرب من خمسة عشرة عاماً ، وأدت بالنتيجة إلى إبتكار علاقات تشكيلية متميزة منحت التصميم العام إتزاناً بصرياً وتوافقاً شكلياً ولونياً وتوزيعاً هندسياً للأشكال ضمن السطح العام للعمل الفني (علم الكلدان القومي) .
وحري بالذكر هنا ، أنني قد أستخدمت لتصميم هذا العلم الفريد قاعدة النسبة الذهبية ، وهيّ قاعدة تعتمد توزيع البناء العام للتصميم على مبدأ (1 / 3 / 1) ، وهيً ذات القاعدة التي أستخدمها لإنجاز العديد من تصاميمي وأعمالي الفنية التشكيلية منذ عام 1976م ، ولعل من أبرز أعمالي المنفذة وفق هذه القاعدة لوحة (الأبد البارد) التي قدمتها في معرض تشكيلي جماعي عام 1976م وأثارت ضجة كبيرة ، لأنها لم تكن تحتوي إلا على خط أفقي باللون الفيروزي (الأزرق التركواز) ودائرة (قرص) باللون الأحمر المائل إلى البرتقالي ، وقد أستغرب بعض النقاد هذا العمل فجلبت لهم صورة فوتوغرافية لمشهد يصور بحراً هادئاً وقت الغروب ويلوح فيه قرص الشمس الغارب في سماء صافية ، ثم أوضحت لهم بأنني لم أفعل سوى تجريد المشهد من تفاصيله الزائدة والتركيز على العنصرين الأساسيين (البحر وقرص الشمس) وهو تماماً ما فعله أجدادنا الرافديون الأوائل عندما أختزلوا الموجودات المحيطة بهم في بيئتهم القديمة وحولوها إلى صور مختزلة شبه مجردة ، أطلق عليها فيما بعد مصطلح (الكتابة الصورية) وتمكنوا بذلك من أن ينقلوا البشرية كلها من دهاليز التاريخ المظلمة إلى شمس المدنية والحضارة !
وبالمناسبة فقد أقتنى اللوحة آنذاك المهندس المدني الإستشاري (سعد محمد شفيع الهاشمي) وما تزال منذ وقتذاك حتى يومنا هذا تحتل جانباً مهماً من مكتبه ، حسبما بين لي في حديث هاتفي جرى بيننا قبل أشهر لمباركتي بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة .

أن توزيع المفردات البصرية في علم الكلدان ، قد خضعت لقاعدة النسبة الذهبية بشكل صارم ودقيق ، حيث يشكل الخط العمودي الأزرق مع الفضاء المحيط به نسبة (1) إلى (3) من المجموع العام للتصميم وهو ما ينطبق على الفضاء المركزي الذي يحتوي العناصر البصرية الثلاثة الشمس الكلدانية البابلية والشكلين الهندسيين الدائريين اللذين يرمزان للأجرام السماوية ، مثلما  تنطبق هذه النسبة على القسم الأيسر من العلم بذات السياق ، ولو أخذنا القسم المركزي من التصميم لوجدنا أنه يعتمد ذات النسبة الذهبية (1 + 2 + 1) حيث يؤلف الفضاء النسبة (1) فيما يؤلف مجموع الشكل المركزي الثلاثي العناصر والفضاء الموجود في الجانب الآخر النسبة (3) ، فيكون التناسب على النحو القياسي (1 / 3) ، وما يهمنا هنا هو أن نؤكد بأن علم الكلدان هو منجز قومي فريد ينبغي لجميع أبناء الأمة الكلدانية الإعتزاز به ، لأنه وبحق خير ممثل لإصالة أمتنا الكلدانية العريقة وسموها الحضاري ماضياً وتطلعاتها المستقبلية المشروعة ضمن التنويعة العراقية المتآخية .

تمنيات :

بمناسبة يوم العلم الكلداني الذي يحتفل به الكلدان في السابع عشر من كل عام ، لا يسعني إلا أن أتقدم لأبناء الأمة الكلدانية العريقة التي هيّ جزء لا يتجزأ من النسيج العراقي المتآخي ، بأحلى الأمنيات راجياً من الرب القدير أن يحفظ أبناء أمتنا ، ويمن على كافة أخواتنا وأخوتنا العراقيين بهذه المناسبة العزيزة بالأمن والسعادة في ظل عراق ، نأمل أن يكون لكل العراقيين دونما إستثناء .
كما آمل أن يكون الإحتفاء بيوم العلم الكلداني مناسبة تاريخية لترسيخ الحضور الكلداني في الساحة الوطنية العراقية ، التي قدم الكلدان وما يزالون من أجلها كل غال ونفيس ، ليس بصفتهم قومية هامشية بسبب نسبتهم العددية (الترتيب الثالث بين الأثنيات العراقية) ، وإنما بصفتهم سكان العراق الأصليين (Native Iraqis) ، وأن يتعلم الجميع من تجربة الأميريكان مع الهنود الحمر ، فبرغم عقود من الإضطهادات والتمييز العراقي فأننا نجد للهنود الحمر اليوم مكانة متميزة بين بقية شرائح المجتمع الأمريكي بالرغم من ضآلة عددهم .
مرة أخرى أقول مبروك للكلدان بهذه المناسبة التاريخية العزيزة ، مع صلواتنا وتمنياتنا الحارة لوطننا الأم العراق العزيز بالسلام والسلامة .

عامر فتوحي
مدير مشروع متحف بابل / الولايات المتحدة الأمريكية
www.amerfatuhiart.com

محبة وسلام : إلى روح صديقي وأخي الروحي الفنان التشكيلي الكبير (زياد مجيد حيدر) الذي طالما شجعني على المضي في مشروع إنجاز العلم الكلداني ، وإلى صديقي العزيز الفنان التشكيلي التركماني الكبير (برهان صالح كركوكلي / هولندا) ، لمواقفه الأخوية العديدة وبخاصة في تأكيد إصالة تصميم العلم الكلداني ، وأخيراً إلى أستاذنا الرائد الفنان الكبير (عيسى حنا دابش) الذي أسهم مع أخيه الروحي جواد سليم في تنفيذ شعار الجمهورية العراقية لعام 1959م والذي دعمني بمحبة أبوية وأصر على أن تلعب (الرابطة الدولية للفنانين التشكيليين المحترفين الكلدان) دوراً طليعياً في عملية تبني العلم والتعريف به كرمز قومي . لهؤولاء وغيرهم من أحبة لا يسعني إلا أن أعلن عن محبتي لهم ، لأنهم وبحق (خُمرة الرغيف العراقي) وأنهم وبكل يقين (خَمرة العراق المعتقة) .

* صورة اللوحة الفائزة بجائزة معرض (مدينة ديترويت لرسوم الأطفال) عام 2002م ، للفنان الصغير سومر عامر (11 سنة) .