من اجل دستور يضمن سيادة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان
[/b][/size]
برلين 2 تموز 2005
ورقة العمل المقدمة من قبل
الحركة الديمقراطية الآشورية - المانيا
الحزب الوطني الآشوري - المانيا
كامل زومايا – ناشط في مجال الدفاع عن حقوق اللاجئين - المانياالسيدات والسادة الاجلاء، يسعدنا ان تتاح لنا فرصة الحضور والمشاركة في الملتقى النقاشي لهذا اليوم والذي هو جهد نبيل والتزام وتجسيد لروح المسؤولية الوطنية التي بعاتق جميعنا في هذا الاستحقاق التاريخي لشعبنا ووطننا العراقي، الا وهو استحقاق صياغة مستقبل شعبنا ووطننا من خلال صياغة دستور عصري ودائمي له.
ويشرفنا في هذا اليوم ان نشارككم بهذه المداخلة التي تم اعدادها عبر حوار ايجابي ومسؤول بين تنظيمات ومؤسسات شعبنا (الكلداني الاشوري االسرياني) والذي هو جزء ومكون اصيل من مكونات الفسيفساء العراقية، املين ان نكون قد وفقنا في اغناء هذا المنتدى النقاشي نحو تحقيق الهدف الذي عقد من اجله الا وهو تقديم المقترحات والرؤى لمستقبلنا المشترك في بلدنا الموحد الحر الديمقراطي الفيدرالي العلماني.
ايها الحضور الكريم،
اننا نتفق جميعا في حقيقة ان بناء الاوطان لا يتم الا بالاقرار بالحقائق والوقائع وليس بالامنيات التي لا تكفي لوحدها ومهما صدقت نوايها لتحقيق البناء.
ان الادعاء الذي يقول ان ابناء شعبنا العراقي عاشوا بسلام ومودة بعضهم مع البعض هو ادعاء يفتقر الى الكثير من المصداقية، وهو ادعاء لا يصمد امام حقائق التاريخ القريب منه والمعاصر، بل ولا يصمد حتى امام ذاكرتنا اليافعة.
فبلدنا، العراق مهد الحضارات، بلاد النهرين، والذي نحبه كلنا كان بلدا لحكامه ولم يكن ابدا بلدا لشعبه.
كان بلدا لطائفة واحدة ولم يكن بلدا للعراقيين كلهم.
كان بلد الحروب الدامية، وبخاصة في التاريخ الذي عشناه منذ مطلع القرن المنصرم ولحد اليوم.
فتاريخ العراق القريب والمعاصر، وللاسف ولشديد الالم، هو تاريخ حروب واضطراربات وازمات واحتقانات وقمع واستبداد، ولم نر في الاربعين سنة الاخيرة الا سنوات خمسة من السلام.. وحتى هذا لسلام كان سلام استبداد ولم يكن سلاما حقيقيا.
اذا هنالك خلل بنيوي في تركيبة العراق السياسية وبناء هيكلية الدولة العراقية، هذه الدولة التي تحكم بها على الاغلب الفكر البدوي اذا جاز التعبير.. فكر يعتبر الدولة من الممتلكات الشخصية، هبة من الله، والحاكم آمر باسم الله. الله الذي امنا به الها رحوما رئيفا عادلا ورأيناه من خلال الحكام باسمه الها ظالما.
فان كنا نؤمن بالله، فهذا حق من حقوقنا كبشر فرادا ام مجتمعين.
ولكن ان نحكم باسم الله، فتلك المشكلة.
لقد شاهدنا الجرائم التي اقترفت وما زالت تقترف باسمه سبحانه وتعالى.
وهل نحن بحاجة الى سرد المذابح التي اقترفت على شعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) باسم الجهاد؟
وهل نحن بحاجة لان نحصي المذابح التي اقترفت باسم الجهاد على الايزيدية؟
وهل نحن بحاجة للتذكير بارقام مئات الالوف من الشهداء من الاكراد و(الكلدان الاشوريين السريان) والتركمان والاف القرى المدمرة والجوامع والكنائس والاديرة المهدمة باسم الامة العربية؟.
ايها السيدات والسادة،
نحن نحب العراق وشعب العراق لاننا جزء منه، لا بل نؤمن بأننا الجزء الاكثر اصالة فيه كوننا اقدم شعوب العراق المحتفظة بلغتها وهويتها واستمرارية وجودها. والعراق لنا ليس مجرد تاريخ، بل هو الحاضر والمستقبل ايضا رغم كل النكبات والمذابح التي ارتكبت بحقنا الى اليوم.
ولاننا نحب العراق فاننا لا نطالب بأي تعويض.. فتعويضات الدنيا كلها لن تعيد لنا قتلانا ومواقعنا التي خسرناها حتى بات يعيرنا الاخرون بأننا اقلية!!!
فهل تساءل احد لماذا تحولنا الى اقلية؟
هل كان ذلك حقا بارادتنا الحرة ام بالسيف والضرائب الباهضة التي فرضت علينا منذ بداية الحقبة الاسلامية؟
واليوم اذ نريد جميعا بناء العراق، يجب ان ندرك ان بنائه لن يتم بقبول الذرائع الواهية التي يسوقها لنا من يريد التشبث بالماضي الذي تطغي صفحاته الدموية على صفحاته البيضاء.
ان من يريد ان يسوق للاستبداد الايديولوجي ولكن تحت مسميات اخرى، هو اما ناكر لما حدث في العراق من المقابر الجماعية او متشبث بنظام المقابر الجماعية.
ان من يتشبث بقانون سن قبل الف واربعمائة سنة ويريد فرضه علينا باية حجة هو كافر لنعمة الحرية.
فالحرية خيار لا رجعة فيه.. ولبناء العراق الجديد يجب ان نوفر نعمة الخيار لكل عراقي وعراقية.
القول ان العراقيين غير مهيئين لمنحهم الحريات مثلما هو حاصل في اوربا او اميركا لهو قول باطل، وهو قول يريد لنا ان نظل في ما نحن عليه دون تغيير وتطور.
انه قول يخاف على عادات وتقاليد وموروثات ويدعي الوصاية عليها، وصاحب القول لا يخاف على الوطن والمواطن، بل يقدمهما قربانا لايديولوجيته.
ان خنق الحريات وتحريمها كانت السبب الذي دفعنا للاغتراب والتشتت في المنافي.
وها نحن اليوم نلتقي في احد منافينا لبحث شؤون وهموم وطننا. في حين ان الشعوب الحرة تبحث لشؤونها وهمومها داخل اوطانها وبكل حرية.
ايها الحضور الكريم،
من بين سيئات سيطرة تقاليد البداوة على مسيرة وطننا، كان ترسيخ قيم لا تتلائم مع الدولة كمؤسسة، بل اعتبرت هذه المؤسسة ملحقة بالعشيرة وليس بالحزب كما ادعى النظام، بل وكانت الامور اسوا واقبح من ذلك.
فعائلة شيخ العشيرة لا ترث كل ما في العشيرة، بعكس ما حصل في وطننا الذي اعتبره النظام مزرعة للدكتاتور وعائلته الذي امتلك البلاد والعباد.
كما ان تركيز السلطة في يد مجموعة معينة من انصار واقرباء الحاكم والذين لم يمتلكوا ما يؤهلهم تسنم مناصب ادراية في مؤسسات الدولة، بل ان كل ما تمتعوا به هي صلة القرابة التي ربطتهم بالحاكم الذي استولى على مقاليد الحكم بوليمة دموية تذكرنا بولائم شاهات ايران جلبت الكوارث للوطن واقتصاده.
ومما ساعد أيضا في استمرار سيطرة السلطة الحاكمة بالاضافة الى الفكر المتخلف والحاق مؤسسة الدولة برئيس النظام، هو تمركز السلطة في العاصمة وحرمان المناطق الاخرى منها، فتمركز السلطة يفتح الشهية للمزيد منها ويفتح الشهية لاتخاذ قرارت قد لا تلاءم الاطراف.
وحيث اننا هنا اليوم لمناقشة الخطوط والتصورات للدستور واهم المبادئ العامة التي يجب ان توجهه، فاننا نود استرعاء انتباهنا جميعا، مؤسسات وافراد، لمسألة مناقشتنا لهذه الوثيقة الهامة والتي عليها وبهداية منها يتم بناء مستقبل العراق شعبا ووطنا ويتحدد مصيره.
اننا نود استرعاء انتباهنا جميعا الى اغترابنا خارج وطننا، واسباب هذا الاغتراب لتم معالجتها جذريا ولا تضطر اجيالنا القادمة لتكرار رحلة منافينا.
ادناه بعض النقاط والمحاور التي نرى ضرورة الانتباه اليها وايلاءها اهميتها وتضمينها في الدستور العراقي العتيد:
اولا: كي لا يكون هنالك مواطن من الدرجة الاولى ومواطن من الدرجة الثانية وهلم جرا في تسلسل النزول، ولكي تصان الكرامة الانسانية لكل ابناء شعبنا العراقي، يجب ان ينظر الى ان القانون هو السيد في البلد، وانه ليس هنالك من هو فوق القانون مهما علت رتبته او مكانته.
ثانيا:ان لا يكون هنالك دينا رسميا للدولة.
فالدولة اساسا مؤسسة وليست كائنا حيا له روح.. فروح الدولة وعقلها وحياتها تكتسبها من كل العراقين مسلمين وغير مسلمين، مؤمنين وغير مؤمنين.
ان تاريخ العراق والمنطقة يشهد تعرض القوميات والاديان غير المسلمة الى مذابح كبيرة بأسم الجهاد.
ان علمانية الدولة بما تعنيه من مساواة بين الاديان لن تنتقص من قيمة الاسلام، بقدر ما تمنح للمواطنين حرية الاختيار بعقل وادراك في كل امور حياتهم بما لا يتعارض مع القانون الذي يتساوي فيه الجميع.
كما ان الاصرار على ان يكون الاسلام دينا للدولة يتبعه مطالب قانونية تتعارض والتزامات العراق تجاه ابناءه بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية الدولية، مثلما تتعارض حتما مع التزاماته بالمواثيق الدولية.
كما سيتم التعارض بين القوانين التي يجب ان لا تخالف احكام ومبادئ الشريعة وبين الشريعة الواجبة التطبيق، ناهيك عن حقيقة وجود اجتهادات متعددة في الشريعة.
ان تشريع وجود دين رسمي محدد للدولة هو الخطوة الاولى لشرعنة التمييز والمفاضلة بين ابناء تلك الدولة على اساس الدين. وهذا ما يجب ان لا نرضاه لعراقنا الجديد.
ثالثا:الديمقراطية هو نظام حكم لا يستقيم الا بتوفر الحريات الفردية، ولكي يكون النظام ديمقراطيا يجب ان يختار بحرية ويجب ان يكون هنالك فصل بين السلطات، ويجب ان تكون مؤسسات الدولة خاضعة لقانون يحكمها، وان يكون هناك اقرار واضح بالتبادل السلمي للسلطة، بحكم ما تفرزه صناديق الاقتراع.
ان اعتماد الدستور للمبادئ الديمقراطية في العراق الجديد يجب ان يتجاوز حدود الصياغات والعبارات التقليدية التي ترددها الانظمة الدكتاتورية ايضا. اننا نرى ضرورة تضمين الدستور موادا تضمن تطبيق القيم والممارسات الديمقراطية واليات ذلك.
رابعا:لقد اثبت تاريخ العراق ومنذ تاسيسه كدولة حديثة ان نظام الحكم المركزي جلب الكوارث على العراق والعراقيين. ان النظام الفدرالي للعراق الجديد وتوزيع السلطات على الاقاليم هو ضمانة لتفادي هذه الكوارث مثلما هو احدى اقوى ضمانات عدم هيمنة الدكتاتوريات على مقدرات الحكم.
اننا نرى العراق الجديد عراقا اتحاديا بين اقاليمه وتتوزع فيه السلطة على الاقاليم والمحافظات، بدءا من القرى وصعودا الى المركز.. وهذا يتطلب تسهيل امر المواطنيين بفتح دوائر مماثلة للوزارات او الدوائر العليا في الاقضية والنواحي بالاضافة الى المحافظات والاقاليم.
ان اقامة النظام الفدرالي امر لصالح الوطن والمواطن وهو حماية وضمانة للتعددية السياسية والثقافية.
خامسا:لا بد من تضمين الدستور اقرارا واعترافا صريحا بالهوية القومية لكل مكونات العراق دون تهميش او تمييز.
لا يجدر بالدستور الجديد عند اشارته الى مكونات الشعب العراقي ان يتضمن مصطلحات ومسميات مثل مصطلح (الاقليات) او تسمية (اخرى) وما شابهها من تسميات ومصطلحات تشرعن للتمييز والمفاضلة.
فكل القوميات في العراق يتوجب الاعتراف بها وبهويتها كقوميات اصيلة دون مفاضلة بينها.
كما يتوجب ان يتضمن الدستور ضمانات لمشاركة ابناء هذه القوميات في كل هياكل السلطة في المركز والاقاليم وبما يحمي هويتها ووجودها بدءا بوضع كوتا لكل قومية في المجالس المنتخبة ووصولا الى اقاليم او مناطق ادارية خاصة بها.
سادسا:اننا نرى اهمية ان يتضمن الدستور العراقي الجديد تاكيدا على الهوية العراقية الجامعة والشاملة لكل العراقيين ويتجاوز الموروث التقليدي في الدساتير العراقية من ان هوية العراق هي هوية قومية عربية او دينية اسلامية.
فالعراق هويته عراقية وهو وطن ومستقبل كل العراقيين.
سابعا:تضمين الاعلان العالمي لحقوق الانسان في ديباجة الدستور واعتبارها جزءا منه بكل ما يعنيه ذلك من التزام بمواد الاعلان.
ثامنا:تضمين الدستور مبدا الضمان الاجتماعي لابناء الشعب العراقي بما يعنيه ذلك من تحقيق الكرامة الانسانية للمواطن ويضمن في ذات الوقت تحصينه من الجريمة بدافع العوز.
تاسعا:لسنا بحاجة الى تكرار ما تضمنته اوراق العمل الاخرى في هذا المنتدى النقاشي او في اليات ومواقع وورشات عمل اعداد الدستور العراقي من مبادئ اساسية وعامة مثل مساواة المراة بالرجل وضمان الحريات العامة وتحريم التعذيب والتمييز وغيرها من المبادئ المعتمدة في الدساتير العصرية.
ايها السيدات والسادة،
ان التاريخ الحضاري لعراق ما بين النهرين يعطي لنا شواهد على هيكليات ديمقراطية بمعنى مشاركة جماعية في اتخاذ القرار السياسي، فملحمة كلكامش تقول لنا ان الوركاء كانت تصرف امورها عبر مجلسين هما المجلس المدني للمدينة والاخر مجلس محاربيها ومهمتهم تقديم الراي والمشورة لحاكم المدينة.
والعراقيون كورثة لسومر وبابل واشور حري بهم ان يستلهموا حكمة اجدادهم الاوائل ويعيدوا بناء العراق الجديد على قيم ومبادئ ديمقراطية عصرية والتي من خلالها يستعيد العراق شعبا ووطنا دوره ومكانته في المجتمع الدولي ويكون بدستوره وهيكله الديمقراطي الفدرالي الحر نموذجا للديمقراطيات الحديثة المتشكلة او التي في طور التشكيل وبخاصة في اوطاننا التي ابتلت بانظمة دكتاتورية بمسميات وايديولوجيات متعددة ولكنها متفقة جميعا على ممارسة الانتهاك والاستبداد.
وشكرا
يوسف يلدا بثيو تيري كنو بطرس كامل زومايا
الحركة الديمقراطية الاشورية الحزب الوطني الاشوري ناشط في مجال حقوق اللاجئين
ka.zozo@gmx.net betkanno@web.de rampit@t-online.de[/size]