المحرر موضوع: مشاهدات في أفريقيا  (زيارة 2745 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل mouafaq

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 261
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مشاهدات في أفريقيا
« في: 17:50 22/05/2006 »
أ. نويل فرمان السناطي:    مشاهدات في أفريقيا

النقيضان المحيران: صحافة متطورة وفقر مدقع



في البدء أود أن اشكر، الموقع الرائد عنكاوا كوم، من خلال المدير الاستاذ امير المالح، ومراسل الموقع في كندا، الاخ موفق هرمز يوخنا لنشر مقالي الاخير (صوت صارخ) ويسعدني أن استمر بحسب الامكان لتزويد الموقع ما أراه يوصل النداء الصحفي في مختلف مجالات الحياة، وهي، كما اعتقد رسالة إنسانية، ومسيحية وانجيلية. ضمن هذا الخط، أسلط، في بعض المقالات القادمة، الضوء على مشاهد من الواقع الافريقي، من خلال مشاركة اعلامية توفرت لي مؤخرا، وتقديم الموضوع بهاجس يجتر واقعنا العراقي، مما سيوفر للقارئ العزيز، على ما أرجو، فرص المقارنة والتفاعل.
رفاهية الخدمات في المؤتمر
في التجمع الاعلامي الكبير الذي شهدت مؤخرا في أفريقيا العاصمة الغانية اكرا ، ترشحت عدة مؤشرات ومحاور عن المشهد الافريقي من مختلف زواياه، تم رصدها من خلال ما القي من بحوث وكلمات ومداخلات وما تم تداوله من نقاشات، شارك فيها كاتب السطور، بصفة عضو الجمعية العامة للاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة. وشارك في اللقاء حوالي 100 صحافي وصحافية، ضمهم مجمع كبير يحمل اسم غيمبا، وهو مركز متخصص في اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات. يتوفر على كل ما تحتاجه مثل هذه اللقاءات، من سكن، ومطاعم، وتجهيزات صوتيه، مع فضاءات خضراء، بورود بوهيمية وأشجار عذراء.
قدم المؤتمرون من اكثر من 24 بلدا: ألمانيا، الارجنتين، البرازيل، بوركينا فاسو، الكاميرون، كونغو برازافيل، ساحل العاج، اريتيريا، فرنسا، غانا، الهند، العراق، ايطاليا، اليابان، مالاوي، مالي نايجيريا، جمهورية الكونغو الديمقرطية، سويسرا، سوازيلاند، تانزانيا، تشاد، توغو، زيمبابوي. اليابون تمثل بكاهن من الكونغو يعيش كمرسل منذ سنوات، وكذلك الكاميرون تمثل بكاهن فرنسي.
وتم في اللقاء تقديم عدة محاضرات مهمة، مما جعل من اللقاء مناسبة بحث وتفكير في تاريخ افريقيا وفي الصحافة الافريقية. وكانت اوقات الراحة مناسبة ايضا لاكتشافات اجتماعية وثقافية.
وقد أبدت الفرق الصحفية لجمهورية غانا كفاءة طيبة في الضيافة والاستقبال، ومفهوما جيدا في التنظيم على مختلف تفاصيله، الى جانب التجذر القيمي الموروث من ايمانهم وتقاليدهم ما نجم عن ذلك من تطورات اجتماعية.
افتتح اللقاء، رئيس وزراء غانا جي اج منساه، يوم الاثنين 20 حزيران، بحضور الجمعية العامة للاتحاد الكاثوليكي للصحافة مع فرعه الاقليمي في القارة السوداء (لاتحاد الكاثوليكي للصحافة في افريقيا).
حل المؤتمرون في فندق ضمن مجمع غيمبا، يقدم خدمات من الدرجة الاولى، تكييف مركزي، تلفاز هاتف حمام حار وبارد خدمة غرف، تفاصيل لا بد من ايرادها، اذا قارناها بالواقع الافريقي، في الحياة اليومية للمواطنين، بضمنهم المؤتمرون من أفارقة غانا.
معايشة مع اسرة افريقية
وكانت مفارقة تثير الصدمة والهلع، عندما توفر لكاتب السطور، أن يختار معايشة ميدانية لبضع  أيام، خلال المؤتمر، في بيت بضواحي العاصمة اكرا، لا يبعد أكثر من 30 دقيقة بالسيارة السيارة، وأقل من 10 دقائق لو كانت الطريق معبدة، ولا تتزاحم فيها عربات الحمير، مع سيارة التاكسي التي كانت تقلني. تم ترتيب تلك المعايشة من خلال احد الاصدقاء:
بيوت من الطين، والجص، سقوف من الجسور الخشبية، تراب وطين في الشوارع. كهرباء بقوة محدودة، مياه تعطى بالقطارة، إذ لا تأتي ناقلة الماء الى كل يومين، يتم تخزينها في بئر (!) أما الحنفية (رحم الله الشيخ جلال الحنفي) فهي تطل بأوقات متباعدة محددة في الاسبوع. وعندما تتوفر للمرء خدمات السبح في الحمام، يزودونه بسطل ماء، يحفتظ به حتى آخر قطرة. أما الصابون فكان صاحب السطور قد تزود بقطعة ثمينة من صابون حلب. أما الأكل فلحس حظ كنت، أتناوله كزوادة للنهار والليل، في مطعم المؤتمر، وكانت فرصة في المساءات، في شراءعدد من اشياش الكباب واللحم المشوي.
تتكون العائلة من الام، التي أبعدت زوجها، بعد أن ولدت له عشيقته ابنة، اضطرت الى رعايتها، وبعد أن ترك العشيقة الاولى الى ثانية...
الام لويزا، معها ابناها برنس في الجامعة، ويوجين في الاعدادية، مع كنتها وطفلتها، والابنة  فريد وغريس ابنة الزوج.
في الصباح الباكر، تفاجأت، باصوات مرنمة، فحسبتها طريقة للاستيقاظ والاستعداد المبكر للذهاب الى العمل، حتى علمت انها ترتيلة مختارة، يرتلون واحدة منها كل صباح، من الغبش، قبل قراءة فصل من الكتاب المقدس، وتلاوة احد التراتيل... ولمست كيف كان هذا الايمان خير معين للقناعة، وخير حافز للرجاء، بغد افضل، مع الانتباه لطرق كل السبل، وعمل كل الجهود بما يتوفر من وسائل، لتحسين الواقع المرير وراء ابتسامة شجاعة. فإن السيدة ليز تمتلك دارا واسعة ورثتها عن والدها، بادرت الى تأجيل جوانب منها وتطوير القاطع الاخر منها كمدرسة خاصة.
انها تلك المقارنة المحيرة، بين إن تكون الصحافة، في حالة متطورة من الادوات والمنشورات، والامكانت، والتعبير، وبين إن يكون في شوارع العاصمة، متسولون يلبسون بدل الحذاء، قطعا لحمية كبيرة تراكمت على اقدامهم، وأن تعيش في العاصمة، عوائل تحت حد الفقر.
نداء الاساقفة السود في امريكا
الواقع، لا بد أن ما استطاعت إن تعمله الصحافة هو السعي المتواصل المتفاوت لايصال الصرخة الافريقية، تنقل تنقل من خلال وسائلها معالم الوضع الافريقي. وهو بالفعل ما نلمسه مع التعاطف الذي نشهده في كندا، وما تستقطبه قارة البؤس البشري من حملات إنسانية. كان آخرها، ما قام به مؤخرا، اساقفة امريكان سود، اذا اطلقوا رسالة صرحة نحو أفريقيا الجريحة.
فقد أصدرت مجموعات من رعاة الكنيسة في أمريكا، وهم من السود، رسالة توصية وصفت بالقوية، أكدوا فيها أنه لم يعد لديهم أي خيار أخلاقي بديل.. وقالوا في رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس جورج بوش أصدت لها، مجلة نيوز ويك الأمريكية، وجاء فيها: إن موقفنا الأمين تجاه أمريكا وقيادتها لم يعد أمامه، أي مجال للصمت تجاه أفريقا المنكوبة اقتصاديا، ولا نخفي أن الافارقة هم من أبناء جلدتنا. وطلب الاساقفة في رسالتهم المفتوحة اللقاء بالرئيس الامريكي للتداول بهذا الشأن. وقالوا إن زيادة الدعم لأفريقيا لم يعد مجرد مسألة أخلاقية ولا نريد أن يكون هذا الموضوع هو الآخر مسألة مساومة سياسية.
وجاء توقيت إصدار الرسالة-الصرخة متزامنا مع قمة جماعة الثمانية الكبار..
وقال المطران جارلس بلاك الذي كان قد صاغ مسودة الرسالة أنه لأمر لافت للنظر، أن الشأن الأفريقي لم يكن يومًا على الإطلاق، مندرجا على الأولوية في منهاج أي جهة كانت.. والمطران جارلس ومعه المطران  في.دي جاكس من دالاس-تكساس، هما من الرعاة الذين تشكل جماعتهم ما يقارب المائة ألف من الناشطين اجتماعيًا من الأمريكان الأفارقة، للقضايا الاجتماعية وحقوق الانسان.
وفي الشأن عينه التقت وزيرة الخارجية نحو 25 من الوزراء الأمريكان-الأفارقة للتداول بشأن ما يمكن أن تحققه "الكنيسة السوداء" للتخفيف من آلام القارة الأفريقية. على أن أحد الموقعين على الرسامة ( المطران أوجين إف ريفرز-بوسطن) علق على اللقاء، بأنه كان لقاءً وديًا فحسب، وقلما يمت بصلة إلى استراتيجية جوهرية في هذا المضمار. ولم يصدر عن البيت الأبيض أي تعليق بشأن موضوع المقابلة المنشودة.
وعودة الى اللقاء الصحافي في افريقيا، كان الحضور الاعلامي العراقي فيه، كاشفا على ما يجمع القارة الافريقية من جسور مع البلدان النامية، والبلدان التي اصبحت ساحة لصراعات المصالح، وخصوصا منطقة الشرق الاوسط.
لتتعطل لغة الكلمات لتتحدث الصور...
وأخيرا، اوفر على القارئ الكريم، المزيد من الوصف، فان تجول عدستي في الدار-المدرسة، ومشاهدة العوائل النزيلة (نزولات)، سيجعل من الصور أبلغ من الكلمات. افكتفي بتوصيفها قبل استعراضها في المشاهد ادناه: المطبخ، جلسة قراءة الكتاب المقدس، صفوف المدرسة، المرافق الطلاب نقل الماء... ولا ننسى جانبا من الحاسوب والانترنيت الذي يعوض باضاءة شاشته عن صرف المزيد من الكهرباء، مما يذكرني بحكاية كنة من شمال عراقنا، قال لها حموها يا أديبة يا عجيبة،، أطفئي الشمعة الكهربائية فالليلة قمرية.




























































[/b]