المحرر موضوع: دستور العراق .. بين الأقلية والأكثرية  (زيارة 2225 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
دستور العراق .. بين الأقلية والأكثرية
[/b]

في العراق اليوم تُعقد المؤتمرات والندوات؛ هنا وهناك، منها في وزارت الدولة ومنها في الفنادق الراقية، والهدف دائما هو الدستور، الكل يريد إغناء التجربة، يحاول إيصال صوته، كما يحاول تثبيت مطالبه، لكي يضمن له موقعا في دستور الغد العراقي. وكل ذلك من الأمور المطلوبة والمهمة بل والضرورية التي من شأنها الوصول إلى الدستور المتكامل والشامل الذي يذكر الجميع، ويقرُّ بحقوق الجميع.
لكن من كل ذلك يجب أن يكون واضحا للجميع أنهم عراقيون، لا سيد بينهم، متساوون بالحقوق وعليهم نفس الواجبات، والأفضلية بهم للأكفأ والأكثر نشاطا وهمة، الأفضلية لمن يُعطي الأكثر، لا لمن يحتل المنصب الأعلى، ليفهم الجميع أن المنصب هو للخدمة، وكل ما زاد علوه يتوجب على شاغله أن يقدم الأكثر في الخدمة لأخوته.
والدستور هو دستور العراق، أي أنه ليس دستورا للمسلمين دون سواهم، ولا للمسيحيين أو غيرهم من أديان العراق، بل هو دستور جميعهم معا، كما أن الدستور ليس للعرب دون الأكراد ولا للأكراد دون التركمان أو غيرهم من قوميات العراق، بل هو دستور كل القوميات في العراق.
إذا ليكون هدف هذا الدستور التركيز على المواطنة؛ ( على العراقية) أي عراقية أبناء العراق، دستور كل العراقيين، ليس فيهم الأكثرية ولا الأقلية، فيجب أن يُراعى الجميع ولا يظلم أي واحد؛ لأنهم جميعا أخوة وبهم معا يتكون كيان العراق وهم وحدهم يسندون بعضهم البعض في السراء والضراء، الأجنبي مهما طال مقامه، ذاهب لا محالة، والوطن يبقى لأبنائه، يبقى العراق للعراقيين، لذلك يجب أن نتكاتف ونشدّ من أزر بعضنا البعض لكي نكون أقوياء في بلد قوي، لكي نكون متحابين في بلد المحبة، لكي نكون عادلين في بلد العدالة الأول في التاريخ. خاصة أنه بلد حمورابي؛ المشرع الأول في العالم، فكم يُحملنا هذا المسؤولية لكي ننجز تشريعا نموذجيا ومتميزا، يليق بأحفاد ذلك المُشرع الأول.
من هذه الأفكار يزداد عجبي واستغرابي عندما أجد بين المؤتمرات والمؤتمرين من يطالب بضمان حقوق الأقليات!! فهل نحن في برلمان لكي يكون لنا أقلية وأكثرية؟ إننا نتكلم عن وطن!! والوطن هو واحد لجميع أبناءه، إنه العائلة الكبيرة التي تضم أبناءه؛ فهل في العائلة من هو أكثرية أو أقلية؟ وهل يحتاج مسلموا العراق أن نثبت لهم حقوقا في الدستور؛ كأن نذكر أن العراق فيه أكثرية مسلمة أو بلد من البلدان الإسلامية؟ أليس هذا أمر بديهي؟ ومن لا يعرف ذلك ويقر بها؟ فهذا أمر بديهي لا يحتاج إلى تأكيد أحد وحتى لو كان الدستور. وحتما المشرعين الذين سيكتبونه ستكون معظمهم من أبناء هذه الديانة، والأمر البديهي لا يحتاج إلى تأكيد. كما أن الإشارة إلى هذه القطعة من الأرض أو تلك دون باقي أرض العراق، أمر يثير الاستغراب، فهل إذا أصبحت هذه البقعة لدى الأكراد أم لدى العرب أصبحت خارج أرض العراق؟ طالما أن الجميع متفقين أن العراق وطن واحد لا يسعى أحد لتجزأته. أما إذا كانت النيات غير صافية، وكل يسعى لغاية في نفس يعقوب، فإن هذا الدستور سيكون مليئا بالقنابل الموقوته التي لا يعرف أحد متى ستنفجر وما هو حجم الدمار الذي ستخلفه.
لذلك يجب أن نفكر كعراقيين قبل تفكيرنا بانتمائنا الديني، فهذا أمر بديهي. كما نفكر كعراقيين قبل أن نفكر بانتمائنا القومي( عربي .. كردي .. كلدوآشوري .. تركماني و ...) وعندما نفكر هكذا سنفوز جميعا بالعراق. وسنكون حقا أبناء بررة لهذا البلد، وسنستطيع أعلاء شأنه ولا يكون هذا أكثرية أو ذاك أقلية!!! لأن كلنا سنكون معا، وسننتصر أحدنا للآخر، وسنكون نحن الضمانة لهذا البلد وتلقائيا سيتم فرز المسيء، لأنه سيعزف لحنا مختلفا (نشاز) وسيكون خارج الجوقة، وكذلك سيكون كالزوان الذي يجب أن يُقلع ويُلقى في النار.
بذلك سنؤسس العراق الجديد؛ عراق ما بعد الظلم، عراق ما بعد الدمار ، عراقاً ينتقل من النزف المستمر إلى حقن الدماء، ومن الدمار إلى الازدهار، والبناء، ومن اللا أمن إلى الطمأنينة، يعيش العربي إلى جانب الكردي ومعهم الكلدوآشوري أو التركماني وجميع فئات المجتمع؛ يعيشون كمجموعة واحدة متراصة. كما يعيش المسلم مع المسيحي والإيزيدي والصابئي أخوة أحباء في الله الواحد الأحد.
إنها دعوة وأفكار كلي أمل أن تجد آذانا صاغية وقلوب متفتحة كبيرة، إنها دعوة لكل العراقيين لكي ينصروا عراقهم ويبدأون وضع اللبنة الرئيسية في مسارها الصحيح.

                                   عبدالله هرمز النوفلي
رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى