المحرر موضوع: أزمة الكنيسة الكلدانية مالية هي أم روحية وإدارية  (زيارة 903 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل nori mando

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 174
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أزمة الكنيسة الكلدانية مالية هي أم روحية وإدارية!
       الشماس نوري إيشوع مندو

     تصريح المطران شليمون وردوني النائب البطريركي لوكالة " أسيا نيوز " حول الأزمة المالية التي تعاني منها رئاسة الكنيسة الكلدانية، أثارت الكثير من الألم والأسى  في نفوس أبناء الكنيسة الكلدانية في جميع أنحاء العالم. ودفعهم للتسأل عن حقيقة ما يجري في كنيستهم في هذا الظرف الصعب الذي يمر فيه العراق.
   فهل يصدق عاقل أن أكبر وأعرق رئاسة كنسية في العراق تعجز عن دفع رواتب كهنتها والذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين؟. وهل يقبل العقل والمنطق أن كنيسة عريقة مثل كنيسة المشرق الكلدانية عمرها ألفي سنة عاشت خلال ظروف مختلفة من مُر الحياة وحلوها وبقيت راسخة وثابتة على قوتها وحضورها وشهادتها. واليوم بمجرد أن محسناًَ مثل الأستاذ سركيس أغاجان الذي وقف بجانب الكنيسة بضعة سنوات داعماً، قطع دعمه المالي لأسباب مجهولة، تدق هذه الرئاسة ناقوس الخطر معلنة عن قرب إفلاس الكنيسةالكلدانية؟.
   فهل يعقل أن مصير كنيسة ما بمؤسساتها  وأبرشياتها المنتشرة في العالم يتعلق بشخص ما قد تكون له اجندته الخاصة؟  ثم  لماذا لم تستفد الكنيسة من هذا السخاء الحاتمي ( ملايين الدولارات) حتى تقوم بمشاريع استثمارية تؤمن لها واردات كما فعلت كنائس أخرى؟
   دعوات الخيرين ذهبت في مهب الريح لأن رئاسة كنيستنا لا تقبل النقد البناء. وأهم هذه الدعوات كانت من الأب الفاضل ألبير أبونا المحترم الذي وضع أصبعه على الجرح منبهاً. فأصدر في تموز 2008  كتيبه الشهير " كنيستي إلى أين ". شرح من خلاله وضع الكنيسة اليوم. فتحدث عن الهجرة والتهجير وموقف الكنيسة من ذلك. ثم تتطرق إلى تركيبة الكنيسة من بطريرك وأساقفة وكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة والعلمانيين متحدثاً عن واقعهم اليوم، وما يشوب مسيرتهم من صعوبات بسبب الابتعاد عن الهدف الأساسي وهو مجد الله وخلاص النفوس. ويختم كتيبه بالسؤال كنيستي إلى أين؟ فهي اليوم في منعطف خطير وأمام مستقبل غامض. وخلاصها لا يتم إلا بخطة مدروسة وجريئة ترسم لها حياتها ورسالتها بوضوح. إنها خطة الإنجيل ورسالة المحبة والخدمة. وهذه الخطة تقتضي منها الأمانة والأتزان والأستمرارية بدون انحراف.   
   وبعد هذا الكتيب أصدر الأب الفاضل ألبير أبونا المحترم أربع رسائل مهمة هي:
1_ " أتبعك يا نور الحق ". مبيناً فيها عن حاجة الكنيسة العميقة إلى العودة إلى الجذور والينابيع، وإلى أن تنظر إلى ذاتها بنظرة الله. ويختم رسالته بدعوة الجميع لتحمل مسؤولياتهم ليتحركوا وينقذوا الكنيسة قبل فوات الأوان.
 2_ " كنيستي تفتقر إلى رعاة ". وفيها يتحدث بحزن وأسى عن وضع الكنيسة اليوم وهي في حالة يرثى لها من الخمول والفوضى. فكلٌّ من الأساقفة والكهنة يتصرف بانفراد، والجماعية والشركة غائبة. أ لمال أصبح الصنم الأكبر ، ويسعون لجمعه بشتى الطرق فأصبحت كنائسنا لا روح ينعشها، بسبب إهمال مؤسف في الأمور الروحية. ويختم رسالته بدعوة الرعاة للتضحية بمصالحهم الخاصة، ويجندوا طاقاتهم وإمكاناتهم لرفع شأن الكنيسة، فلينظروا إلى ما يريده منهم المسيح ويتحركوا لتحقيقه بجرأة وفعالية.
3_ " وأنت يا كاهن المسيح ". وفيها يدعو الكهنة لإعادة النظر في حياتهم على ضوء الشؤون المستحدثة في العالم ومتطلبات الكنيسة وإنسان العصر. فلا يجوز أن يظل الكاهن منغلقاً على نفسه ويحيا في ماضٍ عتيق لا يتجاوب مع أماني إنسان اليوم، ولا يوفر له ما يشبع أشواقه الإنسانية والروحية والعلمية. ويصف رسالة الكاهن قائلاً: ليس الكهنوت وظيفة تقوم بها مدة ساعات محدودة، ثم تخلد إلى الراحة والبطالة. فحياتك كلها للمسيح، وكلها للآخرين بدون تحفظ. فعليك أن تنظر إليها مثل هبة مجانية تلقيتها من يسوع، وعليك أن تحياها وتبذلها بكل مجانية وسخاء.  وعليك أن تبرهن عن محبتك لرعيتك من خلال الابتعاد عن مخاطبتهم بكلمات نابية أو أقوال مهينة أو تصرفات عنجهية. أو بإهمالك ولا مبالاتك. ويختم رسالته محذراً الكاهن من أربع أصنام تعيق رسالته هي: 1_ المال. 2_ الجنس. 3_ الأنانية. 4_ الكسل.
4_ " كيف تبنى كنيستي ". وفيها يدق ناقوس الخطر بقوله: كنيستي اليوم على شفا الهاوية. فأين الرعاة؟ أما يكفيهم النوم؟ فقد باعوا حريتهم بمبلغ من المال أو بحياة الترف. أما الخراف فأقرأوا السلام عليها ولتفترسها الذئاب الخاطفة. المهم أن أصحاب السيادة مرتاحون للوضع القائم ! ويختم رسالته بالقول: أيجوز لكم أن تخلدوا إلى الصمت واللامبالاة إزاء ما يجري في كنيستكم وأمام عيونكم؟ ألم يبق فيكم سامري صالح يحاول إسعافها؟.
    بعد كل ما كتب الأب ألبير بشفافية ووضوح لم ترد رئاسة الكنيسة على ما طرحه، فهي لا تعترف بأن هناك أزمة. بل همس أحدهم بمجالسه الخاصة واصفاً الأب ألبير بأنه رجل أصيب بالخرف؟
   وحسب اعتقادي أن كنيستنا في ظل هذه الرئاسة لا تعاني من أزمة مالية فحسب، ولكن هناك أزمة روحية وإدارية وكنسية خانقة؟ والازمة المالية ما هي الا نتيجة!
   علينا أن لا نتكبر ونتهرب من واقعنا المرير. فمقال الأب الفاضل سعد سيروب المحترم وضع النقاط على الحروف من خلال تشخيصه حالة الكهنة في كنيستنا. وقد صنفهم بأربعة أنواع هي:
 1_ الكاهن المقاول والبنّاء الذي ينصرف وراء المجد الباطل متناسياً البشارة التي كرس نفسه من أجلها. فهو يقنع نفسه أنه يبني الكنيسة مادياً. متجاهلاً أن الكنيسة تبنى بروح المحبة وعيش كلمة الله. وهذا النوع من الكهنة يحصر المهام الزمنية للرعية بنفسه متجاهلاً دور العلمانيين الذين بنظره ليسوا بجديرين بتحمل هذه المسؤولية فهو وحده الشخص الأمين والحريص. أما الشعب فليسوا سوء عبيد يجب أن يقدموا له الطاعة وعليهم السكوت وعدم النقد وإلا صب عليهم جام غضبه.
2_ الكاهن الذي يبحث عن الراحة بعد سنوات قليلة من الخدمة. فأمام أصغر صعوبة يترك القطيع هارباً إلى مكان أخر ليعيش متنعماً بملذات الدنيا المغرية. متناسياً أن يسوع الراعي الصالح شدد على العمل للبحث عن الخروف الضال.
3_ الكاهن الذي يبحث عن المناصب العليا من أسقفية أو بطريركية متنازلاً عن قيمه الكهنوتية ليصبح بوقاً لذلك وذاك لتتحقق أهدافه ولو على حساب القيم والأخلاق الكهنوتية.
4_ الكاهن اللامبالي والنرجسي الذي لا يحب إلا نفسه. فهو يعيش أنانيته المقيتة منغلقاً على زمرة من الأصدقاء يجارونه نفس الطبع المنحرف. فهذا النوع يستعمل الكهنوت مطية لتحقيق غرائزه مبتعداً بذلك عن رسالة الكهنوت الحقيقية التي تدعوه للعمل على خلاص النفوس.
    وأنا بدوري أزيد على تصنيف الأب سعد تصنيف مهم وهو الكاهن الملتزم بدعوته الكهنوتية من خلال عمله الدؤب والشفاف. وهذا الكاهن يشبه المسيح في رسالته المثمرة والذي ينبذ العالم وملذاته واضع يده على المحراث لا يلتفت يمنى ولا يسرى بل يسير بخطة ثابتة نحو الهدف السامي وهو مجد الله وخلاص النفوس. وما أكثر هؤلاء الكهنة القديسين، وكما نحن بحاجة ماسة لهم في عالمنا اليوم.
    و يبدو من خلال ما طرحه الأب سعد أن الكنيسة الكلدانية تفتقر إلى التنشئة الكهنوتية من روحية وعلمية وراعوية. ولهذا نجد بعض الكهنة يغرقون في الفوضى والارتباك بسبب مشاكل روحية ومعضلات مادية، فتجرفهم وتبعدهم عن أهدافهم السامية.
   منذ فترة كتب الكثير من مؤمني الكنيسة عن خطورت ما يجري، أذكر منهم الدكتور ليون برخو ومسعود النوفلي وأنطوان صنا وعبد الأحد سليمان وأمير فراس ويوحنا بيداويد وسمير شبلا وغيرهم. وفيها يرفعون الصوت عالياً لإنقاذ الكنيسة. وقد طرحوا العديد من الحلول الرزينة للخروج من هذا المأزق. لكن دعواتهم لم تجد آذاناً صاغية. لقناعة رئاستنا بأن العلماني لا يحق له التدخل في هذا الموضوع. ويبدو أن البعض منهم قد تلقى من بعض النفوس الضعيفة مكالمات هاتفية تهددهم!  الكنيسة ليست شركة خاصة يحق لمديرها أن يتصرف حسب مزاجه؟  لكن الكنيسة هي مؤسسة إلهية يتطلب من القيمين عليها التصرف بنزاهة وشفافية حسب القوانين والأنظمة المرعية.   
   من المعيب أن ينشر خبر الأزمة المالية في العديد من المواقع أللإلكترونية ليسمع القاصي والداني مأساة هذه الكنيسة الجريحة والمتألمة؟.وهنا لا بد لهذه الرئاسة الكريمة أن تعترف بفشلها في إدارة الكنيسة، وتقدم استقالتها لتفسح بالمجال أمام الخيرين من آباء الكنيسة ليقودوها إلى ميناء السلام. وعليها أن تعتذر عن تقصيرها لأنها سدت الأبواب أمام الأصوات التي كانت تنادي بإصلاح الخلل قبل فوات الأوان. ولكن لا حياة لمن تنادي؟.   
   وأختم بقليل مما قاله الملفان نرساي في ميمر معاتبة الكهنة: * أرغمني الزمن الشرير لفضح شروره. والحديث عن فوضويته وغياب العدالة فيه. * حسد أعمى حجب المعرفة عن عيونهم. ولم يتبينوا من الذي يستقبل ضررهم. * محبة المال شدتهم إلى الأرضيات. ولم يشتهوا امتلاك الحياة الأبدية المحضرة لهم. * الطمع ولج ونخر بضمائرهم. يجمعون من الجميع ولا تشبع شهوتهم. *  الغطرسة السادجة أغوتهم من المعرفة. ولم يتفرسوا ويعلموا أين تكمن الفائدة. * محبة التكبر صادتهم بشراك المجد. وكالفراشة سقطوا من علو تدبيرهم. * بمحبة الأرضيات زال الاهتمام بالروحانيات. واستبدلوا غنى الأسرار بالجهل والحماقة. * بطبيعة مغايرة قاد الرعاة كياننا. وبدون حماية افسدوا حياتنا لضلالهم. * كقطيع بدون راعٍ أضحينا. فهجمعت الحيوانات وأفسدتنا بعادات سيئة. *  من ضلك أيها الجاهل فمرتبتك ليست سلطاناً. عبداً أنت وخادم لإخوتك المحتاجين. * لماذا تطلب ليس لطلب العطايا أقمت. للتبشير بدون مقابل دعتك المحبة الإلهية. * الكنز العظيم الذي أؤتمنت عليه ليس لك. فلماذا تتباهى وكأنه لك. * وددتهم للمرتبة التي بين أيديهم. وأبغضهم للإثم الذي نشروه في الأرض.