المحرر موضوع: على هامش أقـوال فاضـل الـربـيـعـي  (زيارة 1821 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


على هامش أقـوال فاضـل الـربـيـعـي


بـتاريخ 6 / 5 / 2010 كتـب السيد فاضل الربيعي على موقع الجزيرة مقـالاً بعنوان " مسيحيو العراق والخطر المزدوج "
                                                                                                                                                                                                                                                                          الرابط  http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BE0D1CDF-49AA-BD72-6214B1E75C35.htm


جاء المقال مليئاً بالمبالغات والتهويلات والتحذيرات مِـن أن المسيحية الشرقية تـواجه خطر الإجتثاث من الجذور ، لم يسبـق أن واجهـت مثـيـلاً له كما هو عـليه اليـوم ، مُعـلـِّلاً ذلك بـما تـقـوم بـه المئات من المنظـمات التـبشيرية التي تدفـقـت على العراق واتـخـذت لها قاعـدة انطـلاق آمنة منذ عام 1991 في مناطـق كُردستان العـراق التي شملها حـظـر الطـيران ، وبـدأت تـعـمل تحــت ستار منـظـمات انسانية دون رقـيب أو حسيب ، وبمدةٍ قياسية تمكنت من تحويل مئات الآلاف مِـن المسيحيـيـن في الموصل وكركـوك وأربـيـل والسليـمانية الى " المسيحـية الصهـيـونية " دفعة ً واحـدة ، وتـمَّ ذلك بـفـضل ما قـدَّمه لها الحزبان الكرديان الرئيسان الديمقطراطي الكردستاني والإتحاد الـوطني الكردستاني . ويُضيف السيد الربيعي بأن الكنيسة المسيحية العـراقية < التاريخية > باتـت مستهـدفة ً بشكل مكشوف مِن جـانـب الكنيسة الإنجيلية < البروتستانتية > الغربية لتحويل كُلِّ مسيحيي العراق والشرق الأوسط عـموما ونهائياً الى أتباع ٍ لكنيسة واحـدة منتصرة هي كنيسة " المسيحية الصهيونية الجـديـدة " وفي عـبارة اخـرى يـقـول < إنها مأساة الكنيسة العراقية التي تـُواجه خطر " الإجتثاث " المزدوج > ويستدرك الكاتب الربيعي ليضفيَ تعزيزاً لأقـواله بأن المسلمين أيضاً مستهدفـون من قبل المسيحية الصهيونية حيـث يقـول < الفارق الجـوهري بين ما جـرى بالأمس ويجري اليوم في العراق ، أن المسيحيين جميعاً مثلهم مثل المسلمين جميعاً ، باتوا في مواجهة خطر المسيحية الصهيونية > .


أولاً : إن الكنيسة الإنجيلية كان لها وجـود في العـراق منذ العهد الملكي ، وانتمى إليها عدد قليل من أبناء الكنيسة النسطورية الإنعـزالية التي خالـف أتباعـُها الإجماع الذي أقـرَّته الغالبية العظمى مِن أبناء الكنيسة الكلدانية النسطورية ورفـضوا الإهـتـداء الى مذهـب آبائهم وأجـدادهـم الذي سُلـبَ منهم في القـرن الخامس وفـُرض علـيهم مذهـبٌ هرطـوقيٌّ إبـتـدعـه بطـريرك غـربي يـُدعـى " نسطـور" عنـدما بادرت نـُخـبة مِن أخيار أبناء الكـنيسة المُفـكـّريـن الأماجـد في منـتـصف القـرن السادس عشرالى تـَصويـب مسار كنيـستهـم الخاطـيء واستـعادة مـذهـبـها الأصيـل الـذي نشـأت علـيه منـذ بـدايـة تـأسيسها في الـقـرن الـميـلادي الأول وحـتى الـقـرن الخامس هو مذهب الكنيسة الجامـعة " المذهب الكاثـوليكي " أصـرَّ هـؤلاء الـنـفـر القـليـل على الـبـقاء تحـت نـيـر المذهـب الهرطـوقي النسطـوري نـكايـة  ًً بإخـوانهـم الإصلاحـيـيـن المُهـتـديـن وعِـناداً لـيس إلا ، فـليس غـريـباً على البـقـية مِن هـؤلاء الـذيـن إكتسحـتهـم البعثات الـتـبشيـرية من انكـليكانـية انكـلـيـزية وبروتستانـتـية أمريكـية منذ نهايات القرن التاسع عشر وبـدايات القـرن العشرين أن يترك بعض أفـرادها نسطوريتهم ويتحولوا الى الكنيسة الإنجيلية ذات المذاهب التي لا تـُحصى ، كما لا ننكر بأن المنظمات الإنجيلية تبذل أقصى جهـدهـا في جذب أبناء الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية إليها ، لآنها ألـَدَ عـدوٍّ للكثلكة ولأنَّ أبناء الكثلكة ليسوا صيداً سهلاً كبقية المسيحيين الآخـرين . ولكن المبالغـة هي في العـدد الذي ذكره الكاتب بمئات الآلاف وهو عدد لا يـُمكن تصديقـه إطلاقاً استنادا الى النسبة العددية للمسيحيين المتواجدين في العـراق ، وقد ينطبـق رقم مئات الآلاف على المسلمين الذين تنصروا وهو رقم لا زال زهيداً جـداً ، لأن هدف منظمات التبشير بالمسيح موجـه الى الذين لا يؤمنون بالمسيح أما جذبهم لبعض المسيحيين القاطنين في مناطق التبشير فهو لغرض مساعدتهم في الجهد التبشيري ، لذلك فالأمر ليس مثيراً ! ! !


ثانياً : إن مصطلح " الكنيسة الصهيونية " لم نسمع بـه مِن قبـل ، وليس هنالك حتى إشارة أو تـلميـح صادر عن مسؤولي الكـنيسة الإنجـيـلية الى هـذا المصطـلح أما إذا كانـت الكنيسة الإنجـيـلية مدعـومة مِن قبـل الصهيونية العالمية فهو احتمال وارد ، لأن أحـد أهداف الصهيونية هو محاربة المسيحية وبخاصةٍ في شخصية الكـنيسة الكاثوليكـية. ولكننا نرى الكاتب ينتقـل مِن هذا المصطـلح ويأتي الى ذكر الكـنيسة المعـمذانـية الجنـوبـية ويـَدعـوهـا بـ < الـقاعـدة الأساسية لداعـمي اسرائيـل في الولايات المتحـدة الأمريكـية > ألا يعـني هذا نـوعاً مِن الإلتـباس في التسميات أو خـلطاً بيـن الكنائس والحركات الدينية المناصرة لإسرائيـل . والسؤال المحيّر الذي لم يـُفـسره الكاتب ، ماهي مصلحة الحزبين الكردستانيين الرئيسيين الديمقراطي والإتحاد الوطني في دعم المنظمات التبشيرية من حيث المساعدات والتسهيلات غير المحدودة لها كما ذكر ؟ وما هي الأهـداف التي يسعيان إليها ؟ عـزيزي الكاتب الربيعي ،الكنيسة العراقية لا تـُواجه خطر اجتثاث مزدوج كما تـدعي ، شتان ما بين الخطـريـن التبشير والإرهاب ، التبشير لا سيـف لـه وإنـما يعتمد على مبـدأ الإقناع لا يـُؤذي ولا يـُجبر ولا يـُهـدد ولا يـقـتـل ، أما الإرهاب فـيـعـتـمد مبـدأ السيـف الذي يـتـمثـل بالـقـتـل والإبـتـزاز والخطـف والإعتقال والتهجير والأسلمة القسرية وهتـك الحـرمات وتفـجير الكنائس . فهـل هناك وجه مقارنة بيـن الخـطرين ؟ إن مَن يوصـف الـتـبشيـر بالخطـر هو جاهـل  ومنغـمس في مستـنـقـع التعصـُّب وعـدوٌّ للحـق . ثـمَّ اليست الدعـوة الى الإسلام قائمة على قـدم وساق في اوروبا واميركا المسيحيتين وكذلك في الأقطار الأخـرى ، اليست السعـودية تصرف مليارات الدولارات في سبيـل الدعـوة الإسلامية عن طريـق طبع ملايين النسخ مِن القران سنـوياً وتـوزيعـها مجاناً مترجماً حسب هـواها الى غير المسلمين ولاسيما المسيحيين الغربيين ، هـل اعترضت الدول المسيحية على ذلك ؟


ثالثاً : الكنيسة لا سلطة سياسية لها ، ولا تـفـرض عقـيدتها الإيمانية على أحـد ، المسيحية هي محبة وإخاء ، ايمان واقتناع ، تـُقـرُّ بحرية الإنسان وكـرامته بالمطلـق وتحترم اختياراته . تختلـف الى حـدٍّ كبير بثقافتـها عن بقية الثقافات الأخرى بعـدم فرضها على الآخـرين . للكنيسة مهام روحية إرشادية لتعبـيـد الطريق المستـقـيم لسلـوك أبنائها المؤمنيـن ، ولها رسالة خلاصية هي مدعـوة على نشرها وفاءً بـوعـدها لمؤسسها غير المنظـورالسيد المسيح لـه المجـد . لقـد عانت كنيسة المسيح مِن الإنقسامات منذ ظهور الهرطقات في الأجيال الأولى مِن تاريخ نشوئها بالإضافة الى ما جابهته مِن الإضطهادات والمضايقات ، وكان نصيب كنيسة المشرق منها كبيراً جداً ولا سيما بعد ظهـورالبـدعـتـين النسطورية والمونوفـيزية وتفاقم أمرهمها فأدّى ذلك الى انشطارها الى شطريـن ، تـبنى الشطر الأكبر البدعة النسطورية ودُعيت كنيسته بـ < الكنيسة الكلدانية النسطورية > والشطر الأصغـر البدعة المونوفيزية وسمى كنيسته < الكنيسة المونوفيزية المعروفة بالكنيسة اليعقـوبية > . ثـمَّ تعرضت الكنيسة الكلدانية النسطورية الى انشقاق مرير ثاني في منتصف القـرن السادس عشر كما ذكرنا في الفقـرة أولاً من هذا المقال ، فلا حاجة بنا أيها الكاتب المحترم لتدعـونا الى خـوض صراع كنسي آخـر ، كفانا ما لاقاه آباؤنا وأجـدادنا عبر الزمن الطـويـل .


ثـمَّ إن وجـود منـظمات تـبشيرية في بلـدان الشرق الأوسط عـموماً والعـراق خصوصاً ليس بـحـدثٍ طاريء أو جـديـد ، فالـتاريخ زاخـر بالـمعـلومات عـنها حـيث أطـلـق علـيها الـبعـثات أو الإرساليات التبشيرية ، أما نـمطـها فهو مـرتبط باختلاف نـمط العصر الذي تظهر فيه . وكان ظهورُها بعد الحـركة الـتـخـريـبـية اللوثرية ( نسبة ً الى الراهب الألماني مارتن لـوثـر) التي قادها الراهب المتصابي مارتن لوثر عام 1517 فـتسبـَّبـت في انقسام ٍ أحـدثَ جـرحاً عميـقـاً في جسد الكنيسة الجامعة الكاثوليكية ، وأنتجـت فـِرَقاً لا تـُعَـد ولا تـُحصى عملـت على تخريـب المسيحية وتشويه جمالها الروحي بتنـكـُّرها للكثير من العـقائد الإيمانية التي وردت في الإنجيـل المقدس ، وقامـت كُـلُّ مجموعةٍ صغيرة مِن الأفـراد بتكوين كنيسة بروتستنتية منفصلة في كُلٍّ من ألمانيا والنمسا وسويسرا وامتـد العمل التخريبي تـدريجياً الى بقية دول اوروبا حتى وصـل أخيراً الى قارة أميركا الشمالية ، فـرح المنشقـون وظـنـّوا أنهم بعملهم التـمـَرُّدي الشيطاني سينـتـصرون على كنيسة المسيح الجامعة ، ويا لبـئسَ ظـنـِّهم وخيبة أملـهم ، فإن الشيطانَ أنساهم قـول المسيح الـرب لـزعيـم الرسُل بـطرس عنـدما جعـله رئيسَ الكنيسة <<  فأجابـه يسوع : طـوبى لـكَ يا سمعانَ بـنَ يـونا ، فـليس الـلحـمُ والـدمُ كشـفا لـكَ هذا ، بـل أبي الذي في السمـوات . وأنا أقـولُ لـكَ : أنـتَ صخـرٌ وعلى الصخـر هذا سأبني كنيستي ، فـلـَن يـَقـوى عـليـها سُلطـان المـوت . وسأعـطـيكَ مفاتيحَ مـَلـَـكـوت السمـوات . فـما رَبـَطــتـه في الأرض رُبـِطـَ في السمـوات . وما حـلـَلـتـه في الأرض حـُــلَّ في السمـوات مـتـى 16 / 17 - 18 - 19 >> يسوع يجعـل بطرس راعيَ الخـراف << وبعـد أن فـَطـَروا قال يسوعُ لسمعانَ بطرس : يا سمعانُ بنُ يونا ، أتـُحِبـُّني أكثرَ مِـمـّا يـُحِبـُّني هؤلاء ؟ قالَ لـَه : نـعـم يا رَب ، أنـتَ تـَعـلـَمُ أنـّي أحِبـُّـكَ حـُبـّاً شديداً . قالَ لـَه : إرعَ حـُمـلاني . قالَ لـه مرة ً ثانية : يا سمعانُ بنُ يونا ، أتـُحِـبـُّني ؟ قالَ لـَه : نـعـم يا رب ، أنـتَ تـَعـلـَمُ أنـّي أحِـبـُّـكَ حـُبـَاً شديـداً . قالَ لـ÷ : إسهَـر عـلى خِـرافـي . قالَ لـه ثالثة ً : يا سمعانُ بنُ يـونا ، أتـُحِـبـُّني حـُبـّاً شديـداً ؟ فـحـزنَ بطرس لأنـَّه قالَ لـَه في المـَرَّة الثالثـة : أتـُحِـبـُّني حـُبـّاً شديـداً ؟ فـقالَ : يا رب ، أنـتَ تـَعـلـَمُ كـُلَّ شيء ، أنـّي أحِـبـُّـكَ حـُبـّاً شديـداً . قالَ لـَه : إرعَ خـرافي . يـوحـنا 21 / 15 - 16 - 17 >>


فـهـل هنالك أوضـح مِن كلام الرب يسوع المسيح بكـون زعيم الحـواريين بطرس الرسول هو الرئيس الأعلى لكنيسة المسيح الجامعـة ومِن بعـده خـلـفاؤه باباوات روما ! أليس ما قام بـه المتمردون المنشقـون بابـتـداعـهم البـِدع عـن طـريق الإجتهادات الخاطـئة والحـُجـَج الـواهـية والـتـفـسيرات الـمُشوَّهـة لـبعـض العـقائـد اللاهـوتـية ، تخـتـفي وراءَها غاياتٌ دنـيـويـة مِـن رفـعـةٍ ومَـجـدٍ وسلـطةٍ أرضـية مُـسربـَلـة بـهالـةٍ روحية ؟ هي الغـيـرة الـقـاتـلة مِن الرئاسة الكـنيسة الجامعة التي أسسها رأسُ الكـنيسة غيـر الـمنـظـور الـمسيـحُ لـه الـمجـد إتـَّـقـدَ نارُهـا في صـدور زعـماء الإنـشقـاقـات والحـركات التخـريبية اللعـينة بفـعـل الشيطان الذي سمـّأه الرب يسوع " سلطان المـوت " ! السيـد الـرب يسوع المسيح وعـد كـنيستـه التي بناها على الصخـر بطرس بأن سـلطان الـموت لـن يـقـوى عليها ، فـلماذا لا تـُبادرون يا ورثـة أولئك الـمنشقـيـن والحـركـيـيـن الـتـَخـربـيـيـن بـتـقـويـم وإصلاح ما خـرَّبـوه بإصغائـهم الى صوت سلـطان الموت ، لماذا أنـتم مستمرون على سماع هذا الصوت ، أتـؤمنـون بسلـطـتـه وقـدرتـه للـنيـل من كـنيسة المسيح ؟ إنـَّكم واهـمـون ! ! !  إنـَّكم مـدعـوون  للعـودة الى سماع صوت المسيح الذي قالـه بصـدد بناء كـنيسته ! كنيسة واحـدة وراع ٍ واحـد مع تعـدُّد أماكن وجـودها ! لقـد جاهـدت الكنيسة الجامعة وفـور حـدوث الإنشقـاقـات الأولي بعـد انـفـضاض أعمال المجمع الخلقيدوني المسكوني المنعـقـد عام 451 لإعادتـها الى حظيرتها ، لكنَّ الإبليس قـوّى مِن عـناد زعمائـها فـلم تـُـفـلـح ، وعـاودت الـكـرة مع رئاسة الكـنـيسة الـشرقـية البـيـزنـطـيـة في المجـمع الـذي عـُقـد عام 1054 بـمـقـَـرِّها في الـقسطـنـطـيـنـية  ( اسطـنـبـول اليـوم ) وكان الجانـب البيزنطي المفاوض غير قادر على تحـرير نفسه مِن سلطة سلطان الموت الذي أشار إليه المسيح لـه المجـد ، فـفـشل المجمع واشتـدَّ الخـلاف حتى وصل الى القطيعة التامة .


ولكن الكـنيسة الجامعة الأم ، ليس باستطاعتـها قـطـع أملـها والإستسلام وعـدم البحث عن أبنائـها الضالين مهما كانت العـوائـق ومهما اشتدَّت الصعـوبات ، ولذلك كانت تـتـحرك في المسارين غرباً وشرقاً . فـفي عام 1445 تـقـدمت الجالية الكلدانية النسطـورية في قبرص بشخص مطـرانـها مار طـيمثاوس على عهـد البابا (اوجينـوس الرابع 1441 - 1447) بطلب الإنتماء الى الإتحاد الإيماني مع الكرسي الرسولي في روما ، وورد الطلـب بالنص التالي :

< أنا طيمثاوس رئيس أساقـفـة تـَرشيش على الكـلـدان ومطـران الذيـن في قـبرص منهم ، بالأصالة عن نفسي وبالنـيابة عن كافـة الجـمـوع الـمتـواجـدة في قـبرص ، أعـلـنُ وأقِـرُّ وأعـِدُ أمام الـلـه الخالـد الآبِ والإبـن ِ والـروح ِالقـدس، وأمامـَـكَ أيـُّها الأب الأقـدس والـطـوباوي البابا اوجينـوس الـرابـع ، وأمامَ هذا المـَجمَـع اللاتيراني المقـدس ، بأنـنـي سأبـقـى دوماً تـحـت طاعـتِـكَ وطـاعــــــة خـُلـَفائـكَ وطاعـة الكـنـيـسة الرومانـيـة المقـدسة على أنـها الأم والرأس لكـافـة الكـنائس >

وربما سائـل ٍ يـقـول لماذا لـم يُقـدِّم المطران طيمثاوس نفسه بصفـتـه مطران النساطـرة ، ولـهؤلاء نقـول : كانت الغاية من تـوقـيع وثـيـقـة الإتحاد الإيماني هي اعـتـنـاق المـذهـب الكاثـولـيكي ونـبـذ المذهب النسطـوري ، ولـذلك كان لا بـدَّ عليه أن يستـعـيـضَ عن لـقـبـه المُـرتـبـط بالمذهـب الذي نـبـذه ، بـلـقـبٍ آخـر ، فاخـتار لـقـبـَه القـومي الكـلـداني .

واستـنـاداً الى أقـوال المطـران طيمثاوس أصـدر البابا اوجينـوس الرابـع بتاريـخ 7 / 8 / 1945 م المـرسوم البابوي التالـي وكما ورد في ( كتاب العلاقات / روما ص 11 / الأب شموئيل جميـل ) .

< وطـيـمثـاوس ذاتـُه ، حـظـر أمامَـنـا في المجـمع اللاتـيـراني المسكـوني وفي جَـلستِـه العامة ، أعـلـنَ باحـتـرام ٍ وتــَـقـوى صـيـغـة َ إيـمانـِه وتـَعـلـيـمِه ، أولاً بـلـُغـَـتِـه الكـلـدانـية ، ثـمَّ تـُرجِـمـَت الى اليـونانـية ومِـنـها الى اللاتـيـنـيـة > وبـنـاءً الى هـذا الإعـلان الـوحـدوي ، فـإنَّ البابا اوجـيـنـوس الـرابـع في مَرسومِه الآنـفِ ذِكـرُه مـنـع أن يُسمـَّى أحـدٌ الكـلـدان فـيـما بعـد نساطـرة ، كما يـمنـع في الموضوع عَـيـنـِه أن يُسمـَّى المـوارنـة هـراطـقـة ، ومِن ثـم يُساوى الكـلـدان والمَوارنـة بالحـقـوق والإمتـيازات الـديـنـيـة مع كـافـة الكـاثـولـيـك .  والمقـطـع الأخـير بخصوص المساواة هـو شمـول الكلدان والموارنة بالإعـفاء الضريبي عن الإقامة في قـبرص الذي كان مفروضاً على الهـراطـقة والأجانب القادمين إليها ، ولا علاقـة لـه بأيِّ شيءٍ آخـر .
                                                                                                                                                                                                                                                               وعلى ذات الـنـمط جـرى اهـتـداء الـقسم الأعـظـم من أبناء الكنيسة الكلدانية النسطورية ( كنيسة المشرق حتى القـرن الخامس ) الى الأيمان الكاثوليكي في منتصف القرن السادس عشر وبالتحـديد عام 1552 واستـعاد تسمية كنيسة آبائه وأجـداده الكلدان باسمهم القـومي ومذهبهم الكاثوليكي ، أما القسم الهـزيل من أبـنائها الذي أصر على بـقـائـه على المذهـب الهرطـوقي النسطـوري إنكـمش تـدريجـياً وانـزوى في المنـطـقة الجـبـلية العراقية والتركية والإيرانية يعيش حياة ً بـدائية مـُزرية ، حتى التـقـته بعثة الكنيسة الإنكليزية الأنكليكانية التبشيرية المعروفـة بـبـعـثة اسقـف كانتيبري التي أغـرتـه وجعـلـت منه أداة ً طيـعة بيد مخابرات دولتها ولا مجال هـنا لذكـر ما جلبته عليه من المحن والمصائب والموت والدمار .

 الغرض مِن هذه المقدمة التاريخية الموجـزة هو تفـنيـد لأقـوال الكاتب الربيعي الذي لا يـُحسن حتى بكاء التماسيح على تـفـكـُّك ما يسميها بالمسيحية التاريخية وأنها تؤول الى ضعـفٍ وهـوان ، ثـمَّ تتلاشى ثقافتها الروحية ، ويعـزو ذلك الى المنظمات التبشيرية الإنجيلية الغازية ، ويجعلها السبب لِـما يتعرَّض لـه مسيحيو العراق مِن أعمال القتل والتهجير المنظم . لا يا سيد ليست هذه المنظمات هي السبب بل الإسلام السلفي العربي المتعصب هو وراء كُلِّ هذه المآسي التي يتعرَّض لها المسيحيون ، لـو كانت هي السبب ، لماذا لم يتعـرض المسيحيون القاطنـون في اقليم كردستان الى القتـل والتهجير . وها هو يـدق أسفيناً تحريضياً بتشبيهـه الوضع بما حدث بالماضي بين المسيحية النسطورية والكثلكة الرومانية البيزنطية ، بتدعوته الكنيسة الشرقـية الى محاربة المنظـمات التـبشيرية ،  إن الكنيسة ليس لها قـوة سياسية ولا هي سلطة علمانية ، والأصح لا ترضى ولا تـُحاول فرض ايمانها أو معتقدها على أيٍّ كان .إن هذا الكاتب يـُستدل مِن فحوى مقاله بأنه متشبع بإديولوجية النظام البعثي السابـق الهادفـة الى إزالة كُـل ثقافات الأقـوام العراقية الأصيلة ولا يـراها إلا ضمن مُحتوى القـومية العـربية ودائرة العقـيدة البعثية . لا استاذ ، لا تخـف على الكنائس الشرقية فهي مُحصَّنة بايمان أبنائها فهم حماتـُها مِن كُلِّ ما تتعرَّض لـه .


الشماس كوركيس مردو
عضو الهيئة التـنـفـيـذية
للإتحاد العالـَمي للكتاب والأدباء الكلدان
في 9 /6 / 2010