المحرر موضوع: العراق: الحلول الصعبة..!  (زيارة 818 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق: الحلول الصعبة..!
« في: 00:26 05/08/2010 »
العراق: الحلول الصعبة..!

باقر الفضلي


الأمل الذي يزرعه قادة القوائم النيابية الفائزة في الإنتخابات في نفوس المواطنين، عن قرب تشكيل الحكومة الجديدة، بات ديدن جميع تلك القوائم وغذاؤها اليومي، وكلما يمر الوقت، ترتفع الأصوات، ويحتدم صراع التصريحات..!؟
 

 كل هذا ليس بعيداً عن الصراع المحتدم بين قادة تلك القوائم المتنافسة، ولكن ما فات الجميع، بل وما أغمضوا الأعين عن إبصاره أو حتى التحسس بوجوده، وهو أقرب الى العين من الحاجب، سيظل الهاجس الغالب والوحيد بالنسبة للمواطنين، وهم الأكثر تحسساً بوجوده، في وقت يغرق فيه أولئك القادة مثبورين بصراعهم المستميت على "تملك" قيادة السفينة..!؟


فما أنفك الأئتلافان (دولة القانون والإئتلاف الوطني)، [[ وهما كتلتان للمكون الشيعي...]] على حد قول السيد رئيس الوزراء في لقائه مع قناة العراقية يوم 2/8/2010،(1) متمسكين حالياً بشكلية هذا "التحالف" لأغراض تشكيل والإحتفاظ بالكتلة الأكبر، رغم إعلان الإئتلاف الوطني تعليق مفاوضاته مع إئتلاف دولة القانون، ولا يدري المرء لماذا هذا التركيز على "المكون الطائفي" فقط في تشكيل الكتلة الأكثر عدداً..؟ سؤال يظل يبحث عن جوابه في خضم سيل الخطب والمقابلات عن "لا طائفية" الكتل السياسية التي تتشدق بها ليل نهار..!!


من جانبها هي الأخرى كتلة (العراقية)، تراها متمسكة بفوزها الإنتخابي، بإعتبارها الكتلة التي يقصدها الدستور، ولها الأسبقية في تشكيل الحكومة الجديدة، وتعلن دون توقف، إستعدادها لمشاركة الكتل الأخرى الفائزة منها أو غير الفائزة في تشكيل الحكومة، أو ما يدعى بحكومة المشاركة، ولكن ومع مضي الوقت، أصبح هذا التمسك مثار إتهامات مقصودة من جانب الكتل الأخرى وخصوصاً التحالف المنافس الآخر؛ بأعتبار كتلة العراقية تمثل طائفة "السنة"، مما بات يوحي للمواطن والمراقب المتابع، بأن نتائج الإنتخابات جاءت وهي تدور في نفس محاورها السابقة، وليس هناك ثمة تغيير ما، أو تبدل في نهج العملية السياسية وأسسها البنيوية، وكأنه عاد المشروع الطائفي نفسه، سيداً للموقف السياسي، لتُرسم تاكتيكات الأشهر الخمس المنصرمة ما بعد إعلان نتائج الإنتخابات، وفقاً لهذا المشروع، الذي تمحور حول إنعدام الثقة بين الكتل المتنافسة على منصب رئاسة الوزراء، وليصبح الحافز المحرك لهذا الصراع في الشوارع الخلفية للمتصارعين..!!؟


وليس من باب المبالغة والتهويل، أن تكن "الطائفية" ليست بذاتها هي الهدف المبتغى، بالنسبة للإحزاب والكتل السياسية المبنية طبقاً لمفهوم "الطائفة الدينية"، بقدر ما هي سلاح ذو حدين بأيدي تلك الأحزاب، ولا تشذ من تدعى باحزاب الإسلام السياسي عن هذه القاعده، وهذا ما يحدث الآن في العراق؛ فالطائفية من جانب، سلاح للتراشق والإتهام والإضعاف بين المتصارعين، ومن جانب آخر، أداة للتحشيد والإستقواء ووسيلة لتشكيل الكتلة الأكبر لأغراض نيابية، كما وليس هناك من فارق جوهري بين مفهومي الطائفية والعشائرية في هذا السياق ولتلك الأغراض، فهما توأمان من رحم واحد..!؟


فما يدور حالياً من شلل عام للحياة السياسية في البلاد، وفي مقدمته العجز التام للكتل السياسية الفائزة في الإنتخابات، من تشكيل الحكومة الدستورية الجديدة، إنما يعود مرده لطبيعة الصراع المبني في أساسه، على قاعدة "الطائفية" كسلاح للتكتيك والتحشيد والمناورة، وليس بعيداً عن ذلك أيضا، إستغلال وإستثمار الطقوس والعادات والشعائر والمناسبات الدينية للطائفة المعنية كإحدى وسائل ذلك الصراع ومن أدواته..!؟   


لقد كشفت المقابلة الأخيرة للسيد رئيس الوزراء في 2/8/2010 مع قناة العراقية، جوانب مهمة عن طبيعة ذلك الصراع، وإن كان على مستوى الطائفة الواحدة، مما كان له من الدلالات الواضحة ما يغني عن القول؛  بأن بناء الحياة السياسية الطبيعية وتثبيت مبدأ التبادل السلمي للسلطة، لا يمكن أن يكتب لهما النجاح في ظل صراع وتنافس من أجل السلطة، يعتمد التوازن الطائفي وليس (مبدأ المواطنة) سبيلاً للفوز بالسلطة، وهذا ما يجعل من الصعوبة بمكان، الإهتداء الى الحلول والأجوبة السليمة والديمقراطية، للخروج من مأزق الإختناق الذي يعاني منه الشعب العراقي اليوم، في وقت يُطالب منه، المزيد والمزيد من الصبر والأناة، على حد ما جاء في المقابلة المذكورة..!!؟؟     


فالحلول المطروحة بأشكالها المختلفة، قد أوصلت العملية السياسية الى طريق مسدود ومحفوف بالخطر، بل وفتحت الأبواب على مصاريعها أمام التدخل المفضوح في الشأن العراقي من  قبل أطراف إقليمية ودولية، بعد أن تبين عجز القوى السياسية من التوصل الى الحلول الدستورية المطلوبة، ولا حتى الى الحلول الوسط الممكنة في مثل هذه الظروف، في وقت تجهر فيه بالرفض لأي مساعدة أو تدخل من قبل الأمم المتحدة ، بل تعلن القبول بإستمرار الحالة قائمة مثلما هي عليه الآن ولأمد غير منظور، كما أفاد السيد رئيس الوزراء محذراً في مقابلته مع قناة العراقية..!!؟


لقد سبق وأن أشرت في مقالة سابقة تحت عنوان (العراق: الفشل والصراع)؛(2)  بأن الحلول الصعبة ستكون هي من ستجد طريقها، ومن ستفرضها حالة الجمود السياسي والفراغ الدستوري والأمني، وهي من سيجري اللجوء اليها، طالما أن أقطاب العملية السياسية ممسكون بتلابيب بعضهم البعض..!!؟


 في عين الوقت ناشد مجلس الأمن اليوم 4/8/2010 في بيان صحفي؛ الفرقاء السياسيين العراقيين والنواب الجدد الى ضرورة التعجيل بتشكيل الحكومة الجديدة، [[ "حيث أن التأخير يؤثر على البنية الأساسية والخدمات في البلد ويؤثر على أرزاق المواطنين العراقيين ورفاههم.."]] كما ورد في البيان المذكور..!!؟(3)
4/8/2010
___________________________________________________________