المحرر موضوع: العراق: مجلس النواب يوصد الأبواب..!  (زيارة 841 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
سيظل الرابع عشر من حزيران/2010، يوماً مشهوداً في تأريخ الحياة البرلمانية العراقية الجديدة، حينما إفتتح مجلس النواب الجديد أبوابه ذلك اليوم، ليعلن رئيسه الأكبر سناً، عن إفتتاح جلسته الأولى بعد الإنتخابات النيابية في السابع من آذار /2010 ، ليعود بعد فترة وجيزة، لينهيها تحت تسمية فريدة، ولينصرف النواب الجدد الى بيوتهم وهم يرفلون بما إبتكروه، بجلستهم الأولى، بما يسمى ب "الجلسة المفتوحة"، التي مر عليها مع هذا اليوم شهران من التعطيل، وأكثر من خمسة أشهر بعد الإنتخابات، وكأنهم في إجازة مفتوحة، لها بداية ولم تعرف نهايتها الى أين..!


   ولم يكترث السادة قادة الكتل النيابية والسادة النواب الجدد، بأن بقائهم في "جلسة مفتوحة" ولأجل غير مسمى، دون سند دستوري قاطع (المواد 54 و55/ من الدستور)، إنما يشكل سابقة خطيرة بشكلها الحالي، وإجتهاداً إفتراضياً للخروج من مأزق الإختلاف والخلاف بين الكتل النيابية، وتمسك بسلطة فاقدة لغطائها الشرعي، مما يستوجب معه، الوقوف أمام ذلك بجدية ومسؤولية عالية، خاصة وأن الدستور لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية بهذا الشأن، في وقت أصبحت فيه البلاد تعيش حالة من الفراغ التشريعي والرقابي، تحت ظل حكومة منتهية ولايتها الدستورية، ولا تخرج في مسؤولياتها عن حكومة تصريف أعمال، طبقاً لإجتهادات نيابية، وتحفظ من قبل الحكومة نفسها..!


الأمر الأكثر إثارة، يرتبط من حيث الواقع، بمسؤولية الكتل النيابية الفائزة، وموقفها أزاء حالة إستمرارية الوضع القائم، دون ظهور علائم للإنفراج، بعد أن ظهر جلياً عمق الخلافات بينها ككتل نيابية، في أمر الإتفاق على تحديد من يشغل المناصب السيادية الثلاث، وبالذات منها منصب رئاسة الوزراء، الأمر الذي شل حركة المجلس الجديد، ليصبح بحكم المنغلق على نفسه عمليا، رغم أنه في "جلسة مفتوحة"؛  فالغريب بالأمر أن مسؤولية هذه الكتل أمام تداعيات حالة إستمرار الجمود السياسي، أصبح وكأنه حالة هلامية، تضيع معها حدود تلك المسؤولية، مثلما تضيع معها بداياتها ونهاياتها، في وقت يتمسك فيه الجميع بثوابته الخاصة ..!؟


فمع مضي الوقت، ومع العجز المستديم، الذي تحكمه أخلاق "السلطة"، تظل الحلقة المفرغة للحراك السياسي للكتل النيابية، تدور في أجوائها الطائفية السياسية، ومدارات المحاصصة التوافقية، دون أن تنجب أي جديد على خط مسار العملية السياسية، سوى المراوحة في المكان، وإعاقة أي محاولة للتقدم بإتجاه تجاوز المرحلة الإنتقالية، وبناء مؤسسات الدولة المدنية، وترسيخ مقومات الديمقراطية، وجميعها إلتزامات دستورية ووطنية، مما لا ينتج منه، غير ضياع للوقت، وضياع لأية منجزات للعملية الإنتخابية، وهدر لأصوات الناخبين، ومنح فرص جديدة لأعداء "العملية السياسية"؛ من الإرهاب ومن المنتفعين من حالة المراوحة والتلكؤ، التي تخيم على مجمل مسار تلك العملية، وسقوط المزيد من الضحايا، وتضخم في حجم الفشل والدمار الإقتصادي والتخلف الإجتماعي..!؟


لقد عكس الإجتهاد الإفتراضي لتفسير النص الدستوري (المادة/55 من الدستور)، وتأويله بما يتفق ومصالح الكتل النيابية المتصارعة، بإبتداع ما يسمى "الجلسة المفتوحة"، ولأجل غير مسمى، ما يفسر حالة التوازنات القلقة بين تلك الكتل النيابية، مما جعلها تزيد من تشبثها بمقاعدها النيابية، لدرجة لا تسمح لها بالإقدام على أية تنازلات يمكنها أن تسهل الخروج من مأزق تشكيل الحكومة، فأوصدت الأبواب أمام أنفسها وأمام الجميع، مما أفقد البرلمان الجديد، وهو جزء منها، تأثيره في الأوضاع المضطربة، ودفع بالناخبين الى التشكيك بمصداقية النواب المنتخبين، وبآفاق العملية السياسية نفسها، وبتدهور الوضع الأمني بشكل لا تحمد عقباه؛  كل ذلك ما يؤكده، عجز مجلس النواب، رغم جلسته المفتوحة ومنذ شهرين، من تحقيق ما جاء بالنص الدستوري المذكور حتى اللحظة الراهنة..!؟


فالمشهد السياسي العراقي، وهو يمر في حالة من الشلل التام، لا ينبؤ بالتفاؤل وبالإنفراج القريب، خاصة وأن هيبة الحكومة نفسها باتت، وهي في وضعها الحالي، تتعرض يومياً الى النكوص والتراجع، بعد أن أصبح إستهداف رجال الشرطة وقوات الأمن ، هدفاً سهلاً أمام الإرهاب، وكأنها تعيش في عزلة خانقة..!!!؟


إن السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب الجديد والمعطلة بإرادتها، ومعها السلطة القضائية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الإتحادية العليا، والسلطة التنفيذية بركنيها مجلس رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، المنتهية ولايتهما شرعاً، كلهم ملزمون بما توجبه عليهم حالتهم المؤقته في السلطة، وضع الأمور في نصابها الصحيح، بتفعيل نشاط مجلس النواب، للخروج من نفق الأزمة المتفاقمة بإضطراد..!!   
أم أن العملية السياسية يا ترى، قد وصلت الى طريقها المسدود..؟؟!!
وأن لا سبيل للخروج من حالة الشلل والجمود..؟؟!!
14/8/2010