المحرر موضوع: أهمية الكتابة لدى قدامى أهل الرافدين  (زيارة 9932 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صبري يعقوب إيشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 111
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كلام في التراث


أهمية الكتابة لدى قدامى أهل الرافدين
[/color][/size]
                           
صبري يعقوب إيشو
يتميز الإنسان عن الكائنات الأخرى بنطقه , ويعبر الإنسان عن فكره بالكلام والرموز . والتأريخ يقدم لنا شواهد قديمة جداً عن رموز خلدها قدامى الناس في بطون الكهوف والمغائر, أو نحتوها على الحجر,  هذا علاوة على ما وصلنا منها عن طريق التقاليد والعادات الموروثة أباً عن جد . ولا ريب أن ما وصلنا منها عن طريق الأشكال والزخرفة والكتابة أشد توثيقاً وسلامة . ومن أقدم الشواهد المتوفرة لدينا , أللغة السومرية ثم الأكدية بمفرداتهما وإرجاعهما إلى جذور لها دلائل حضارية وبكتابتهما ونقشهما على الحجر والألواح الطينية برموز وأشكال تعبر , لا سيما في مراحلهما الأولى غير المتطورة عن معاني الكلمات , ككتابة كلمة ( شمس ) أو( رجل) أو( ثور)....                                                                         
ولحسن الحظ إعتمدت الكتابة السومرية مادة صلدة , هي ألحجر الصلب فخلدها التأريخ اكثر مما خلد غيرها التي إستعملت مواداً تبلى مع الزمن .وقد إقتفى في ذلك ألأكديون والبابليون والآشوريون آثار السومريون و فجاءت معظم كتاباتهم فوق الحجر أو على الواح من الطين المشوي . ويأتي إستعمال الطين من أن أرض العراق الجنوبية هي حوض فياضانات وأما الحجر فكانوا ينقلومه من مناطق بعيدة احياناً على ظهر الجمال والثيران .                                                                                             
وتعد الكتابة المسمارية تطوراً لكتابات سابقة كانت تعتمد الأشكال التصويرية , لأن الكتابة المسمارية إعتمدت علامات جعلتها بمثابة مصطلحات أو رموز معبرة عن مقطع كلامي . فمهدت بذلك خير تمهيد  لأختراع الأبجدية و ويكون بذلك فضل قدامى أهل وادي الرافدين كبير على البشرية , سواء بأختراع الكتابة او الأبجدية . أما سبب إستعمال سكان أهل الرافدين علامات تشبه المسامير في الكتابة , فمرده إلى سهولة نقش أو نحت هذه الرموز على الحجر أو على الطين , فهي خطوط مستقيمة , مدببة الرؤوس لتحديد نهاياتها وضبط ربطها ببعضها , بحيث تشبه كل علامة منفصلة منها , ألمسمار أو الأسفين ,  فسماها العلماء المحدثون بالكتابة المسمارية . وقد كتبت عدة لغات بها: أهمها , ألسومرية والأكدية ,ألقديمة وألحديثة بفرعيها ألبابلي والآشوري . وأقدم النصوص المسمارية التي بحوزتنا ترجع إلى أواخر الألف الرابع قبل الميلاد . اما آخر ما نملكه فيرجع إلى سنة 80 ميلادية . فلا عجب أن يطرأ أكثر من تغيير على الكتابة المسمارية عبر هذه العصور الطويلة .                                                                         
وجدير بالذكر أن كل البلاد المحيطة ببلاد ما بين النهرين إستخدمت ألكتابة المسمارية , أقله في التدوين والمراسلات الرسمية .                                                                                                     
لم يقتصر جهد السومريين على تصوير الكلمات برموز سهلة , بل إنهم إخترعوا طريقة تجزئة الكلمات إلى مقاطع , فكانت محاولاتهم خير فاتحة لأكتشاف الطريقة الأبجدية , كما تم التوصل من خلال ذلك إلى معاني الأشياء بشكل تجريدي , بعد أن كانت ألمعاني الواقعية هي ألمرسومة في الأصل بواسطة الأشكال والرسوم . وقاد ذلك إلى نشوء ألفاظ سرية مقدسة والتي كان لها أهمية كبيرة في العالم القديم كله , كما لدى المصريين ,وذلك بخلق هالة قدسية من التسميات والألقاب الثانوية حول إسم إله  من الآلهة مثلاً , أو ألتوصل إلى تجريد فكري ورسم لوحة رائعة تدور حول التعبير عن فكرة معينة و إنطلاقاً من كلمة مفردة واحدة .هذا مثال لما تكشف عنه ألأسماء الخمسون لمردوخ في الملحمة البابلية للخلق .                       
ومعروفة هي قصة حل أو فك  الخط المسماري, فقد إستطاع ألعلماء المحدثون منذ القرن السابع عشر للميلاد فك بعض المقاطع من خلال نصوص مسمارية مكتوبة بأكثر من لغة , ثم توصلوا إلى نتائج مرضية خاصة بفضل القواميس والمعاجم التي كان الكتبة الآشوريون يضعونها لأنفسهم ولتلاميذهم ليترجموا بواسطتها ألعلامات السومرية إلى اللهجتين ألبابلية والآشورية , باعتبار أن اللغة القديمة تلك هي لغة دينية مقدسة وعلمية ورسمية معاً .                                                                                 
وبديهي أنه لولا إختراع الكتابة لطمست معالم الحضارات القديمة في معظم أقسامها وفروعها , ولما حصل التقدم وفضل قدامى أهل الرافدين في ذلك كبير وجلي...  [/b]