المحرر موضوع: نتنياهو: هل سيحقق السلام..؟!  (زيارة 955 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي

نتنياهو: هل سيحقق السلام..؟!

باقر الفضلي

سؤال تولى الإجابة عليه مباشرة السيد نتنياهو بنفسه، وذلك في أول تصريح له بعد إعلان موافقته على البدء بالمفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية؛ ويبدو ان السيد نتنياهو كان في حالة إنتظار لمثل تلك الساعة، ليعلن بصراحته المعهودة، أولاً؛ مباركته لدعوة وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هلاري كلينتون، للبدء بالمفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية بدون شروط، وثانياً؛ ومن هنا كانت إنطلاقته لتحديد موقفه من قضية السلام المنشود في المنطقة، للوصول الى حل الدولتين وما تعنيه من معالجة القضايا العالقة وفي مقدمتها الإقرار بقرارات الشرعية الدولية، فيما يتعلق بإنهاء الإستيطان وحق العودة وقضايا ترسيم حدود الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وغيرها من موجبات الحل التي تمهد الى قيام سلام دائم في المنطقة بالإعتراف التام بحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته الديمقراطية المستقلة..!


فالى أي حد كان السيد نتنياهو قادراً على ترجمة إلتزاماته للدخول الى مفاوضات السلام المباشرة، والتي جاءت داعمة لموقفه في لا مشروطيتها، فهذا ما يمكن تلمسه من أول تصريحاته في الثاني والعشرين من آب الجاري..؟!(*)


رغم توجس السيد نتنياهو من صعوبة المفاوضات القادمة، وكونها لا يمكن أن تحقق نجاحاً منتظراً دون تقديم تنازلات متبادلة من الجانبين، ورغم معرفته بحجم الشكوك وأسبابها بعد السنوات 17 منذ إنطلاق عملية أوسلو، فإن السيد نتنياهو لم يتناسى شروطه القديمة، التي كانت ولا زالت تعتبر مقتلاً لأية عملية سلام يدعو لها الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي، تلك الشروط التي تعكس بوضوح خالص، موقف التطرف الإسرائيلي، وتمسكه بروح الإحتلال والعنصرية المقيته والكراهية للشعوب الأخرى، بعيداً عن كل فنون السياسة وتوازن المصالح والإعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ناهيك عن ما تكرسه تلك "الشروط" المشروطة، من خروج على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأخيراً لمبدأ "بدون شروط"، الذي هلل له السيد نتنياهو نفسه..!؟؟


فما جاء في تصريحات السيد نتنياهو لا يبعث إلا على الرفض والإستهجان، ولا يرى فيه المراقب للأحداث، غير عصيٍ يسعى السيد نتنياهو الى تثبيتها في عجلة عملية السلام القادمة، ليثبت من جديد إن دعوته لمفاوضات غير مشروطة، إنما تبطن مشروطية من نوع آخر، مشروطية تدفع بعملية السلام الى الإنتكاس، لكونها تؤجج من قريب أو بعيد، التطرف الديني في الجانب الآخر، وتزرع بذور الكراهية بين الشعبين، وتعيق المفاوض الفلسطيني من تمسكه بحقوق شعبه المغتصبة من قبل الإحتلال الإسرائيلي، ليحيط السيد نتنياهو نفسه في النهاية، بطوق من التطرف الإسرائلي المتعنت من غلاة المتطرفين المتدينين، ومن أقطاب الحركة الصهيونية، وليلقي الكرة أخيراً في ملعب السلطة الفلسطينية، بذريعة الرفض للمطالب الإسرائيلية اللامشروعة..!!؟؟


فهل حقاً لا يدرك السيد نتنياهو ، ما سوف تكون عليه تداعيات تصريحاته الأخيرة على مجمل عملية التفاوض المباشر وإحتمالات فشلها، وما ستؤول اليه أوضاع المنطقة وبالذات فلسطين المحتلة، من إحتمالات تصاعد الغليان، إذ ستخلق حكومة السيد نتنياهو كل الذرائع والأسباب لمواجهة أية ردود فعل محتملة من قبل الشعب الفلسطيني، بالعنف والتنكيل والتعسف، وإضفاء جو من العربدة لإشعال لهيب عدم الإستقرار، والتسويف من قبلها بإقرار الحقوق الفلسطينية، لإطالة أمد الحلول لعقود جديدة..!!؟


فما الذي يعنيه السيد نتنياهو في تصريحه المذكور، حين يعلن بإن: [["الدولة الفلسطينية المستقبلية عليها الاعتراف بان اسرائيل هي دولة لليهود"، مضيفا بأن "الدولة الفلسطينية يجب ان تكون منزوعة السلاح".]]


فأية دولة تلك التي يفتخر بها السيد نتنياهو، ويطالب مفاوضي الشعب الفلسطيني الإعتراف بوجودها، وهي لا يمكن أن تكون، طبقاً لإرادة السيد نتنياهو، غير تلك الدولة "الدينية" العنصرية ، وإلا فما جدوى المطلب الإسرائيلي بهذا الإعتراف، في وقت لم يتم فيه بعد إعتراف إسرائيل نفسها بوجود الشعب الفلسطيني، ولا حتى بحقوقه المنصوص عليها في القرارين الأممين 181/1947 و194/1948، هذا في وقت تدرك فيه السلطة الفلسطينية بإن من تُسمى دولة إسرائيل هي نفسها (الدولة اليهودية)، التي جرى تسميتها وفقاً لقرار التقسيم 181/1947، ولكن القرار نفسه لم يشر الى تلك الدولة، بأنها خاصة لليهود فقط، كما يريدها السيد نتنياهو لأغراضه السياسية..؟!!


أليس في هذا الإشتراط غير طلب بإذعان المفاوض الفلسطيني لتجاهل وجود الفلسطينيين العرب في دولة إسرائيل منذ العام 1948، وتهديد وجودهم في دولة إسرائيل الذي تحكمه بنود القرار 181/1947، بإعتبارهم مواطنين للدولة إسوة بمواطنيها الآخرين من اليهود، وذلك تحت مختلف الذرائع التي سوف تستنبطها حكومة السيد نتنياهو من مفهوم "الدولة الدينية"؛


 هذا ومن جانب آخر، قطع الطريق أمام تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 194 الصادر في 11/12/1948 الخاص بحق عودة اللاجئين الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم وفقاً للقرار المذكور، وهو ما تحاول حكومة السيد نتنياهو عرقلة تنفيذه بأي شكل من الأشكال، وإحدى هذه الأشكال إستغلال تسمية دولة إسرائيل ب(الدولة اليهودية) في جانبها "الديني"، ليكون الهدف من وراء كل ذلك، منع عودة جموع اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي إجبروا على مغادرتها منذ أيام النكبة، الذي ترافق وتأسيس الدولة اليهودية بموجب قرار التقسيم..!!؟   


أما الدولة المنزوعة السلاح؛ فلا ندري كيف تمكن السيد نتنياهو أن يعثر في قاموسه السياسي، على دولة ستكون عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، وفقاً لنتائج المفاوضات المباشرة وبرعاية المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ولها تمثيلها حالياً هناك، ولكنها في نفس الوقت وطبقاً لمشيئة السيد نتنياهو ينبغي أن تكون منزوعة السلاح..!!؟


 ألا يرى السيد نتنياهو مثلنا، بأن إشتراطه الثاني على المفاوض الفلسطيني، هو الآخر مهيناً ولا يشكل غير تعويق آخر أمام المتفاوضين، وذريعة لا تصمد للمناقشة، للتهرب من إستحقاقات عملية السلام المنشودة، وإلا كيف يمكن تصور قيام دولة ستكون عضواً لدى الأمم المتحدة وستحضى بإعتراف الجميع، وهي تحمل على إكتافها وزر "عقوبة" لم ترتكبها، لينزع عنها السلاح، نزولاً عند رغبة السيد نتنياهو في مشروطيته لمباشرة المفاوضات المباشرة، أملاً في تحقيق السلام..!


فهل حقاً، وفي ظل مثل هذه المقدمات التي تقدم بها السيد نتنياهو، سترسو سفينة المفاوضات المباشرة الى شاطيء السلام..؟!
سؤال يظل في وارد الإجابة، طالما ظل اليمين الإسرائيلي ممسكاً بمقاليد الحكم في دولة إسرائيل "المقفلة لليهود"، وطالما يحلو للسيد نتنياهو التعلق بتلابيبها "الدينية"..!! 
23/8/2010
(*)  http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2010/08/100822_netanyahu_talks_tc2.shtml