المحرر موضوع: نصب الشهيد الاشوري في سدني ... محاولة جيدة.. ولكن....  (زيارة 1856 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سيزار هوزايا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 358
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نصب الشهيد الاشوري في سدني ... محاولة جيدة.. ولكن....

تعرض نصب الشهيد الاشوري الذي ازيح الستارعنه مؤخرا وتحديدا في يوم السابع من اب الماضي في مدينة سدني الاسترالية ، تعرض الى هجمة تخريبية وتشويهية بكتابة عبارات نابية عليه عن الشعب الاشوري، من قبل مجموعة مجهولة، في ردود فعل (متوقعة) من قبل من عارض اقامة مثل هذا النصب.

ونحن هنا لسنا بصدد التعرض بالمثل الى الجهات المسؤولة عن هذا الاعتداء، بالكتابة عنهم وعن ممارساتهم اللااخلاقية، ولا بصدد القيام بدور المسيو بوارو بطل روايات اكاثا كريستي، للبحث عن الجناة وتقديمهم للعدالة.  فالمسالة عندي على الاقل  ليست في مهاجمة النصب ، ولا بمن فعل تلك الفعلة او بمن يقف وراءه.. ولا بموقف الاتراك منه..  بل هي وبرأيي المتواضع بموقفنا نحن من هذا النصب..

خويادا تيويلايا...

كان للاتحاد الاشوري العالمي خلال تاريخه الممتد الى نهاية الستينيات من القرن الماضي، محطات تاريخية مهمة، وضع من خلالها اسس متينة للعمل القومي، ساعدته على ذلك الارضية الصلبة التي كان قد وضعها قبله نعوم فائق، وفريدون اتورايا، واغا بطرس، وفريد نزها، ويوسف مالك..واخرون..

فالاتحاد، تمكن من تصميم وتعميم العلم القومي، وتعميم ذكرى السابع من اب كيوم للشهيد الكلدواشوري، بالاضافة الى فتح قنوات للتعامل السياسي بين شعبنا من جهة وحكومات الكثير من الدول من جهة اخرى، وان كانت له محطات اخرى تعثر فيها ومن خلالها، بعدها، لكنه يبقى ذو تاريخ سياسي وقومي مثمر مشهود له.

وان مر الاتحاد كالعديد من المؤسسات السياسية والاجتماعية والمدنية الاخرى الخاصة بشعبنا بفترة سبات،( تخللتها بعض اللقاءات مع اطراف سياسية اخرى خاصة بشعبنا خلال السنوات الماضية، لكن هذا لا يقع في اطار الانجازات السياسية، فاللقاءات والحوارات هي اوكسجين المؤسسة السياسية، بها تدوم الحياة فيها، وبدونها تنعدم)  .. الا ان صحوته المتأخرة بعض الشئ هذه المرة اثمرت عن بناء النصب التذكاري لمذابح سيفو في مدينة سدني.. والذي كان مثار جدل منذ بدايات العمل على استحصال الموافقات بخصوصه،  فمن بلدية فيرفيلد التي تباينت اراءها بخصوصه، مرورا بالسفير التركي في استراليا، فوزير الخارجية الاسترالي الذين كانت لهم ردود افعال سلبية تجاه فكرة اقامة هذا النصب..

 
هل كان التوقيت ملائما؟؟

شخصيا اؤمن ايمانا عميقا بان اهم نقطة يجب الوقوف عندها قبل البت باي نشاط او عمل سياسي كان او اجتماعي او رياضي او اعلامي هي التوقيت الصحيح.. فعامل الوقت يحدد ضمنا ما ستؤول اليه تلك النشاطات والاعمال، فالتوقيت الخاطئ لهتلر بهجومه على الاتحاد السوفيتي ووقوعه ضحية للظروف المناخية والسياسية انئذ، قد غير خارطة العالم السياسية، وهكذا فعلت قرارات غزو الكويت والحرب ضد قوات التحالف.. وهكذا يفعل عامل الوقت والتوقيت الصحيح فعلته مع كل قرار يؤخذ وعلى كل الاصعدة، فكم من منتج طرح في الاسواق في الوقت الخاطئ واتلف..وكم من مادة اعلامية نشرت في الوقت الخاطئ فاضحت هامشا، وكم من رياضي خسر جولاته بقرار خاطئ في ثوان معدودة... وكم من قرارات زواج انتهت بطلاقات مبكرة..وكم من طموحات بحكم ذاتي لم تتحقق ؟؟

فهل ترى كان التوقيت مناسبا الان واشدد على كلمة الان لأن نقيم مثل هذه النصب (بضم النون والصاد)؟  

لا شك ان اهداف اقامة مثل هذه النصب هي اهداف سامية في فحواها ومعناها الحقيقي، فاعتراف تركيا بالمذابح التي طالت ابناء شعبنا والتي راح ضحيتها مئات الالاف، واعتبارها جريمة كبرى في تاريخها، هي ضرورة لها ابعادها السياسية على المستويين الداخلي والخارجي.. ولكن لتصيب تلك الافعال اهدافها الصحيحة، يجب ان تكون كل الظروف المحيطة موزونة بدقة وماخوذة بعين الاعتبار.. كي لا تعطي عكس النتائج المرجوة منها.


الظروف المحيطة

يمر شعبنا الان بمراحل حساسة جدا في تاريخه، فهو ولاول مرة منذ قرون يحاول ان يجد له موطئ قدم في الساحة السياسية العراقية، فهو بالاضافة الى محاولات التهميش التي يتعرض لها من بعض المكونات السياسية الاخرى المتواجدة على الساحة، فانه يمر بأزمتين كبيرتين جدا هي ازمة الهجرة، (المنسية) حاليا من قبل مؤسساتنا، والتي ستظهر تبعاتها في المستقبل القريب من جهة، وازمة الاقتتال الداخلي من جهة اخرى. وهاتان الازمتان تأخذانه في دوامة ومصير مجهول لا تُعرف ملامحه.

قد يقول قائل:  وما علاقة النصب بكل هذا؟

نقول: ان اعدادا كبيرة من مهاجرينا تأويهم تركيا في الوقت الحالي، وهم وان نالوا الان معاملة جيدة نسبيا من الحكومة على عكس ما كانوا عليه سابقا، نتيجة ضغوطات دول الاتحاد الاوربي، وفتح قنوات الحوار مع الساسة العراقيين الجدد. الا ان شعبنا يبقى تحت رحمة قوات الامن التركية، التي عرفت بمضايقاتها المستمرة لابناء شعبنا في الماضي البعيد والقريب.. ولا يخفى على القارئ ما للاعلام من دور في اخفاء ما قد يدور خلف الكواليس من مضايقات واعتداءات يعرفها من هاجر الى تركيا في فترة من فترات حياته.. هذا من جهة، ومن جهة اخرى فأن مهاجرينا في تركيا، معرضون للمضايقات المستمرة من قبل بعض الاتراك سواءا كانت تلك المضايقات بدافع السرقة او الاعتداء، والتي تنتهي عادة بأن يسلب من العامل المسكين راتبه، او تسرق حاجياته وامواله، دون ان يتمكن هذا المسكين حتى من الشكوى في مركز الشرطة.. ناهيك عن الاستغلال الفاحش المنتشر في المستشفيات والمقابر..الخ من انواع المضايقات..

 هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان الحكومة التركية كانت، وان مجبرة، قد بدأت ولو ببطء بفسح المجال امام ابناء شعبنا من حاملي الجنسية التركية من ابناء قرانا في جنوب تركيا بالعودة الى قراهم واعادة اعمارها، لا بل ان اخر مستجدات هذه المسالة كانت عودة بعض العوائل وترميم واعادة فتح كنيستين في مديات في محافظة ماردين. ورغم ما قد يشوب مثل هذه القرارات من شكوك تساورنا نتيجة التاريخ المظلم الذي عاشه ابناء شعبنا لفترة من فترات تواجده في وطنه في جنوب تركيا، الا انها تبقى ظاهريا تصب في صالح ابناء شعبنا، ومن المحبذ عدم تعكير مثل هذه القرارات التي قد تعيد لابناء شعبنا قرىً ومناطق عاش عليها اجدادهم، من اجل نصب في استراليا !!


والازمة الثانية ؟؟

نقول ان الاقتتال الداخلي انهكنا ، وجعلنا لا ندرك حقيقة ما تؤول اليه الامة نتيجة الهجرة من جهة، ونتائج الاقتتال من جهة اخرى. فالوضع ليس مناسبا لان نفتح لانفسنا معسكرات جديدة، ونحن خائروا القوى.. فالدخول في مثل هذه المعتركات السياسية، ومطالبة حكومات دول باعترافات وتعويضات تتطلب، (رغم ما جئنا به اعلاه مما قد يفقدها ضرورتها في الوقت الحالي)، نقول انها تتطلب دعما قويا ومعرفة جيدة لحجمنا وموقفنا وموقف المجتمع الدولي من مطاليبنا، ومدى تأثيرنا على صناع القرار في المحافل الدولية، ممن قد يؤيدون مطاليبنا هذه...  فهل نحن في موقع يمكننا من كل ذلك؟؟ ام اننا نزيد الجبهات علينا في معاركنا المستمرة، مع القريب والغريب !!


ما نريده...

نتمنى من جميع مؤسساتنا السياسية والكنسية والمدنية، ان تعي واقع شعبنا جيدا، في الوطن والمهجر، وان تاخذ بعين الاعتبار حقائق ظروفه،  وان تعي بأن كل ما تقوم به من اعمال او تصريحات انما سيؤثر بطريقة او بأخرى على هذا الشعب المنهك.. فنحن لسنا بحاجة الى سياسيين يفتحون امامنا جبهات جديدة..ولسنا بحاجة الى رجال دين، يسيئون للاسلام.. او يمتدحون المحتل، ولا الى منظمة او جمعية تدعو للهجرة، وترسم خطوطها العريضة زهورا... ولا الى اناس يطلقون تصريحات نارية تعمي ادخنتها انظارنا.. ولا الى من يضع نصب اعينه تصفيق الجماهير وهتافاتها..وان قلّت.. ولا الى من يأتينا ليمجد اسم امبراطوريته وعلياءها، وهو قابع في الغربة.. ولا يرى ابعد من انفه.. ..نحن بحاجة الى من يعلم ان شعبنا له واقع محدد، فهو يعيش في الشرق الاوسط، وفي الغربة، بين الاسلام ومع العرب والاكراد..ومع التركمان والشبك والايزيدية..نحن بحاجة الى من يعلم ان لنا شعبا في ايران وسوريا وتركيا.. وان لنا مهاجرين مهددين في تلك الدول وفي الاردن واليونان.. نحن بحاجة الى من ينظر الى شعبنا وهو على الارض..ليرى مستوى هموم هذا الشعب وطموحاته واهدافه، ويعيشها.. فيعرف متطلباته.. واحتياجاته.. .لا الى من يحلق في سماءه عاليا.. فينظر الى شعبنا اقزاما.. والى معاناته.. فتاتا...


سيزار هوزايا
 ايلول ملبورن
2010
sizarhozaya@hotmail.com