المحرر موضوع: الأنتهازيون : لا انتماء لهم ...  (زيارة 673 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسن حاتم المذكور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 560
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأنتهازيون : لا انتماء لهم ...

حسن حاتم المذكور
الأنتهازيـة : اعراض لأمراض اجتماعية لا يمكن تجنبها’ والأنتهازيون لا يتكاثرون صدفـة بل هناك بيئـة مفروضـة على مجتمعاتهم ’ واغلب اسبابها داخليـة وخارجيـة .
الأنتهازي لاينتمي الا لذاتـه ’ يبالغ في تضخيمها واستصغار سواهـا وعلى استعداد لتحطيم ذات الآخر’ منهار مـن داخله قاسياً في سلوكـه شاطر وليس ذكياً ’ متطرف في افتعال المواقف ’ لكنه اول من يخون الأقربون ويشي بهم ويتلذذ في مآساتهم واحياناً يتطوع للتنكيل بهم ’ وهو الأسرع في التلون ’ يبالغ ثرثرة في مظاهره ’ ثرواته وجاهتهه مركزه مغامراتـه واحياناً يتعنتر على مرؤوسيه دون وجهة حق ’ لا يملك في داخله افضل ’ انه يعالج نقصاً يطارد شخصيتـه المتهالكة ’ وقد يكون يسارياً في مراحل المد اليساري ’ او اسلامياً ضمن المد الأسلامي او بعثياً قومياً متعنصراً في مراحل انفلات المد القومي  وعلى استعداد تام لتعذيب رفاق امسـه حتى انتزاع اعترافاتهم وبراءاتهم كرهاً ’ بغيـة تصفيتهم سياسياً وفكرياً واحيانـاً جسدياً’ كثيـر الشك والريبة بالآخرين ’ ويفترضهم كارهين وحاسدين له ويخططون للأيقاع به’ لهذا فهو النقطة الأضعف والأسهل صيداً للقوى الخارجية التي تبحث عـن وكلاء وسماسرة يمهدون لها طريق التدخل في شؤون بلده ’ لكنه وفي جميع الحالات يشعر دائماً بالدونية وتكون نهايـتة بائسة في احيان كثيرة ’ فالأنتهازي عديم والولاء حتى وان كان من ابوين عراقيين.
بعد سقوط النظام البعثي البغيض عام 2003 ’ كانت العملية السياسية البديلة ’ بيئـة مثالية لنمو وانتشار الأنتهازية والأنتهازيين ’ واصبحت المنطقـة الخضراء ورشـة تأهيل تخرجت منها طبقـة مرعبـة من الأنتهازيين والوصوليين والنفعيين والمرتزقـة ’ شدت ذيولهـا الى بعضهـا وباشرت افتراس العراق سلطات وثروات ’ تعض بعضها احياناً طمعاً بالحصـة التي في مخيلـة كل منهـا ’ ومن يحاول رفضها ومشروعها لفرهدة العراق طائفياً وعرقيـاً فتلك مجازفة وخرق للمألوف ’ يشترك الأنتهازيون في شرعنـة عزلـه وتهميشه ثم انهاءه ’ فالعراق في نظر تلك الطبقـة الصاعدة فساداً ’ هو حصتها المتحاصصـة .
حدثني صديق في الأمارات العربية’ ان شقراء في دبي نصف الشقراء’ وبعد ان خسر فريق بلدها لكرة القدم امام فريق آخر ’ انفعلت وخرجت مـن الماخور ولم تعد الا في اليوم التالي ’ وعندما سألها البعض " ما بالك والرياضة وانتي ’ كذا ... وكذا.. " ’ اجابت : نعم ورغم كل ذلك فأنا انتمي الى وطن له دولة وحكومة وعلم وفريق رياضي وعندي هناك اسرة واقارب واحباء ’ وسأعود يومـاً لأبداء حياة جديدة ومـا اسهل ان انساكم ’ صحيح ان مـا افعلـه لا يشرفني لكن لي اسبابي اما انتم هنا بين افخاذنا تهينون امهاتكم وامهات اطفالكم وليس لديكم اسباباً لتلك الفعلة الكريهة .. " .
قـد لانتفق مع مبررات الشقراء ’ لكنها من حيث الجوهر ’ تبقى اكثر صراحة ووضوحاً وربما غيـرة من بعض السماسرة والدلالين  .
فخامـة اول رئيساً للوزراء وسيادة النائبين الأول والثاني لرئآسة الدولة وبرئآسة طواقم الحبربشيـة وفي غضون ثلاثـة اشهر ’ طرقوا ابواب عواصم انظمـة الجوار العروبية والأسلامية اكثر من عشرين مـرة ’ ولا يوجد عند العراقيين شك ’ بأنه على طاولة الملك والرئيس والأمير والشيخ ’ تمت مختلف الصفقات والمساومات المشينـة على حساب سيادة العراق وكرامـة ومستقبل شعبـه ’ ومنحوا تخويلاً للتصرف بحصتهم من المقاعد داخل البرلمان العراقي ’ وحريـة ابتزاز الفرقاء في طبيعـة وتوقيت تشكيل الحكومـة العراقيـة ’ ثـم يعودوا الى العراق بوجوه كاذبة ’ كون الرئيس والملك والأمير والشيخ ابدوا حرصهم الشديد على وحدة العراق وسيادته وامن وسلامـة شعبـة !!! ’ دون ان يكشفوا عن طبيعـة الصفقـة وحجم الملايين من الدولارات التي حُولت الى ارصدتهم هناك ’ وعدد الأنتحاريين الذين اتفقوا على تأهيلهم وترحيلهم الى العراق ’ انهم اقل صدقاً وشرفاً وغيرة من شقراوات الخليج .
سماحـة السادة فلان وعلان وفلتان ’ يلعبون الأن شطارة على اكثر من حبل ’ يعرضون ما تبقى من ( جعبيـة.. ) تاريخ العائلة وما تكرمت بـه الجارة ايران لشراء اصوات المعوزين البسطاء من ( ولـد الخايبة .. ) فلم يعد ذلك كافياً وهـم يقتربون مـن الوقت الضائع لمستقبلهم البائس سياسياً واجتماعياً واخلاقياً ’ راحوا يطرقون ابواب العواصم العروبيـة الأكثر كرماً ’ وبعد كل زيارة صفقة ومساومة ’ يمنحون فيها قتلة العراقيين وتدمير بلدههم فتوة مشروطة للبراءة والنزاهة ’ ثم يعودوا للعراق بوجوه اخرى ومواقف مغايرة وفتوات مفبركة للأسراع في تشكيل الحكومـة ’ مـع تكرار معزوفـة اتهام الأخرين بتعطيلها وهم في وضع بهلواني مخجل ’ فأن كانت شقراوات الخليج يبعن جسداً لهن ’ فالسادة يبيعون وطناً ليس لهم ’ انهم  كمن يسرق اهلـه ويفتعل مطاردة لصوص مفترضين .
لم تكن ظاهرة الأنتهازيـة والأنتهازيين داخل المجتمع العراقي وليدة سنوات ما بعـد التغيير في عام 2003 ’ انها كانت السمة المميزة للنظام البعثي ’ حيث كانت دولتـه فاسدة سافلة ومجمع لقوى الأنحطاط والرذيلـة ’ وكانت البيئـة الأمثل لنموا وانتشار الأنتهازيـة وتفريخ الأنتهازيين ’ وكل ما قام بـه الأحتلال ’ هو تكريسها وتعميمها وابتكار روافد اضافيـة لها ثم توزيع مراكو نفوذها ’ وقد طبق وبذكاء خارق نظريـة ( فرق تسـد ... ) حتى داخل مستنقع الأنتهازيـة والأنتهازيين .
الأنتهازيون والنفعيون والوصوليون ’ هم الآن المشكلـة الحقيقيـة للعراق والمأزق الأخطر للعراقيين ’ انهم يكملون ما ابتداءه الفكر الشمولي البعثي في تدمير الشخصيـة العراقيـة ولـم تكن الفوضى الراهنة ومنها اعادة تشكيل الحكومـة الا انعكاس لواقع عراقي اصيل’ تواصل تكريسه طبقـة طفيليـة انتهازية تدعي نفاقاً وتضليلاً اجتثاث الوجه الآخر لعملتها .
ان تجاوز تلك الحالة ليس امراً سهلاً ولا يمكن ان يكون الا عبر عملية مشتركة شجاعة وقد تكون مؤلمة ’ تبدأ من نقطة اعادة ترويض وتهذيب الذات وتطبيعها بأتجاه التغيير الجذري لعلاقات الفرد مع الأسرة والمجتمع مع الدولة ’ عبر حالة وعي جديد معاصر وثقافـة وطنية جامعـة تحتل مواقع ثقافـة الأنتهازيـة والأنتهازيين ’ انها مهمـة قد تبدو صعبـة للغاية ’ وهي كذلك ’ لكن ليس هناك خيار بديل اذا ما اردنا للعراق ان يستعيـد ذاتـه ثـم عافيتـه .   
10 / 09 / 2010