المحرر موضوع: ياأثرياء العراق . . لتكن أوبرا وينفري، خير أنموذج لكم .  (زيارة 1447 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مروان ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 189
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
        ياأثرياء العراق . .
                        لتكن أوبرا وينفري،  خير أنموذج لكم .





منذ فترة  قد تصل الى عامين أصبحت متابعاً لكل البرامج التي تقدمها مقدمة البرامج الاميركية الشهيرة اوبرا وينفري . ويوماً بعد اخر يزداد اعجابي بهذه الشخصية  لِمَا تتمتع به من خصال انسانية رائعة ، اضافة الى ماتمتلكه من مواصفات حرفية ومهنية عالية ، تضعها في مقدمة الشخصيات الاعلامية التي عرفها العالم خلال الخمس وعشرين عاما الماضية .
 وبكل ماقدمته من تقارير وحوارات وقضايا تناولت الشأن الانساني سواء في اميركا اولاً أو في بقية دول  العالم ثانياً ، يجعلها هذا أن تنال على جهودها تلك احترام وثناء العالم باجمعه .
فهي لم تترك اية قضية تشغل الرأي العام الاّ واقتربت منها وسلطت الاضواء عليها . ابتدأ من الجرائم البشعة التي هزت الاوساط الاجتماعية في اميركا مروراً بالخيانات الزوجية ، ومأسي الاعاصير وماتخلفه من كوارث اقتصادية واجتماعية، الى أهم الاصدرات في عالم الكتب والطبخات والازياء ، الى اللقاء بالعوائل المشردة جراء الازمة الاقتصادية التي مرت على اميركا منذ العام 2008.
لقد كانت أوبرا في مهنيتها العالية،  تقدم أنموذجاً متقدماً للاعلام الذي يقف الى جانب القضايا والمشكلات التي تعصف بكيان المجتمعات ، دون أن تتورط في افتعال الاثارة من أجل نجاح ماتقدمه ، وعوضاً عن ذلك ،  أستثمرت كل نجاحاتها  المتواصلة التي حققتها في مهنتها منذ خمسة وعشرين عاماً لخدمة القضايا المجتمعية لاجل ان يكون الاعلام خير وسيلة لتقديم يد العون الى من يحتاج العون ،اضافة الى مهامته الاساسية في الكشف عن الحقيقة ،وتسليط الضوء الساطع ،على الازمات والمشكلات التي تواجه المجتمعات .
 أوبرا كانت كريمة جداً، مع كل الذين يحتاجون دعمهاً ورعايتها طيلة  مشوارها الفني وهي تتألق في مسارعملها يوماً بعد أخر وسنة بعد أخرى لتصبح في نهاية الامر، صاحبة أكبرامبراطورية اعلامية ،وهي لم تكن سوى  تلك المرأة السوداء الفقيرة التي بدأت مشوار حياتها بعد ان كانت قد تعرضت في طفولتها الى  التمييز والاغتصاب . وأدركت بحسها الانساني وذكائها المهني،  ماينبغي عليها ان تفعل،  لكي تتجاوز محنتها وترتقي الى مستوى طموحاتها ، ولتصل بكفاحها الى ماوصلت اليه من نجاح مهني جعلها تعرف جيداً أهمية العمل الانساني الذي يخدم المجتمع ، وتعرف جيداً من  يستحق ان تقف الى جانبه من عامة الناس .
 ولأنها أمرأة تتسم بالارادة والشجاعة منذ خطواتها الاولى في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ، عندما ابتدأت العمل  كمذيعة ومقدمة للبرامج في احدى المحطات الاذاعية المحلية،كانت تقف دائماً مع بسطاء الناس الشجعان، الذين يقاومون الصعاب، سواء كانت اقتصادية او خلقية أو اجتماعية ، لتمد لهم يد العون،  دونما حساب لكمية ماينبغي ان تعطي .
وكم هي تلك الخدمات التي قدمتها الى من كان يحتاج لها ، لكي  يبقى واقفاً على قدميه متمتعاً بكرامته الانسانية .
إن اميركا على الرغم من كل المساؤى التي تحفل بها ، من سياسة استعمارية قذرة ، واستعلاء على شعوب الارض الفقيرة، واستغلالها البشع للثروات الطبيعية لبلدان العالم الثالث،  إ لاّ ان نمط الحياة فيها ،ونظامها الاجتماعي  ،شجّع  دائماً على احترام وتقديس العمل الخيري لمن يملك القدرة على تقديمه الى المجتمع .
 ويبدو واضحا ان النظام الاقتصادي الاميركي  بما فيه من قوانين صارمة تفرض على اصحاب رؤوس الاموال ــ من رجال المال والاقتصاد ونجوم المجتمع،  سواء من الفنانين او الاعلاميين ــ الى  ان يبادروا لتقديم الاعمال الخيرية،  وتأسيس الجمعيات الانسانية  التي ترعى فئات من المجتمع بحاجة الى دعم . وقد ساهم بدرجة كبيرة جداً  الى اشاعة ثقافة انسانية بين عموم الاميركان ، قوام تلك الثقافة  :  احترام العمل التطوعي ، الذي يقدم خدمات ضرورية الى من هم بحاجة الى  الدعم والمساندة المادية والمعنوية.
لذاغالباً ماكنّا نجد العديد من المشاريع الانسانية الكبيرة ، التي عادة  مايقف وراءها نجوم السينما والرياضة،  من اجل دعم المرضى والمعوقين والمشردين والفقراء،  سواء داخل اميركا او حتى خارجها، كما هي الحال في الكثير من تلك المشاريع في افريقيا واسيا .
ويبدو ان أوبرا قد وصلت في طموحاتها ومشاريعها الانسانية الى درجة  لم يصل اليها احد قبلها ، عندما اطلقت هذا العام مشروعاً  طموحاً ،عنوانه
( تحقيق الاحلام الجامحة ) .
يأتي هذا المشروع الكبير بعد ان اعلنت في مطلع عام 2010  نيتها التوقف نهاية هذا العام عن تقديم برنامجا التلفزيوني الشهير الذي مضى عليه 25 عاماَ ، لتبدأ مرحلة اخرى جديدة من حياتها المهنية في  مطلع عام 2011  عندما يبدأ بث قناتها الفضائية الخاصة بها . 
في مشروعها الجديد ( تحقيق الاحلام الجامحة ) الذي تختتم به مسيرة برنامجا التلفزيوني الشهير، سعت أوبرا  الى جمع 250 متابعاً لبرنامجها التلفزيوني ، وسبق لهولاء المتابعين ان عرضت أوبرا  قضاياهم  في تقارير خاصة عبر برنامجها ، ابتدأ من أول حلقة عرضت قبل ربع قرن،  وانتهاءً بأخر حلقات قدمت في الاسابيع الماضية من هذا العام . وبعد ان جمعتهم بدأت في تحقيق احلامهم الخاصة،  مهما كانت كلفة وصعوبة تحقيق تلك الاحلام،  فلا شيىء يقف امام الاصرار الذي تتحلى به هذه السيدة الشجاعة عندما تعزم على تحقيق امر ما .
لذا لم يكن غريباً عليها ان تشتري لسيدة مكافحة سبق ان ابتليت بمرض غريب اصاب يديها وقدميها بعد ولادتها لابنتها وعجز الاطباء عن معرفته مما اضطرهم  الى بتر اطرافها العليا والسفلى . لكن الروح القوية التي كانت تتحلى بها تلك المرأة جعلتها تقف صلبة امام وضعها الجديد ولم تستسلم ابداً واستمرت في تأدية دورها الطبيعي كأم وكأن شيئاً لم يكن .
امام هذا النموذج وقفت اوبرا امام العالم لتقول لها:  انك المرأة القدوة لنساء الارض . . ثم بدأت أوبرا في تحقيق ماتحلم به تلك السيدة المعاقة ،  ابتدأً من شراء بيت فخم لها ، ودفع كافة تكاليفه نقداً،  الى تصميم اثاث ومطبخ البيت وفقاً لوضعها الغيرطبيعي وهي المرأة الفاقدة الاطراف  حتى تستطيع ان تتعامل مع الاشياء والادوات بناءً على وضعها الخاص هذا .
وهكذا تتوالى عملية تحقيق احلام 250 امرأة خلال الايام والاشهر القادمة من عمر البرنامج في عامه الاخير . اضافة الى العديد من المساعدات الانسانية التي ستوزعها اوبرا في معظم قارات الارض لنساء ورجال سبق ان عرضتهم في حلقات برنامجها .
ان أوبرا هناتقدم صورة اخرى للاعلام ، غير تلك الصورة البرغماتية التي تعودنا عليها ، سواء في اميركا او في مناطق اخرى من العالم ، اعلام مسؤول ، يتحلّى بكامل المسؤوليةالاخلاقية تجاه مجتمعه وتجاه المجتمع الانساني عموماً ، وتجاه الاشخاص الذين يقدمهم في البرنامج  عندما لايقطع الصلة معهم بل  يبقى على تواصل دائم بهم ،  يتابع سيرهم في الحياة ، وهم يحملون مشكلاتهم معهم .
ماأنوي الوصول اليه في هذا المقال هو:  الغياب التام  للمشاريع الانسانية التي تخدم المجتمع فيما نقدمه من برامج في قنواتنا الاعلامية،  باستثناء قناة الشرقية التي خلقت لنفسها نهجاً متفرداً في هذا المضمار، وهذا أمر يحسب لها ولأدارة القناة ، منذ اطلالتها الاولى عام 2004 عبر اكثر من برنامج من خلال  تقديم العون والمساعدة لشرائح وفئات وافراد من المجتمع العراقي المبتلى بتركة ثقيلة من الازمات والمشكلات،  تبدأ  بالحروب والمعوقين، والعاطلين عن العمل ،والمهجرين ، وتنتهي  بطبقة سياسية فاسدة لاهم لها سوى ادامة الفوضى  لا لشيء سوى استمرارها في الجلوس على كرسي الحكم ، ونهب الثروة العامة ، وعدم الالتفات الى مايعانيه هذا الشعب من محن تفتك به .
إضافة الى ذلك  غابت  هذه المشاريع الانسانية عن رجال الاعمال والطبقات الثرية العرقية ، التي ازدادت ثراء بعد التاسع من نيسان الى حد مخيف ، ولو دققنا في مجمل انشطتها التجارية لن نعثر  في اجندتها  اي مشروع يسعى لتوظيف ولو جزء بسيط من تلك الثروات الهائلة لخدمة فئات من المجتمع هم بحاجة الى الدعم والمعونة .
فهل ياترى  سيأتي ذاك اليوم الذي نتحلى فيه  بصفات اخلاقية وانسانية دعانا اليها ديننا الاسلامي ! تحتم علينا ان نخصص جزءاً من ثرواتنا وبملء ارادتنا لاقامة مشاريع وجمعيات، تقدم العون للاخرين المحتاجين  لنا ، وساعين من خلال هذا العمل ، لان نكون متطابقين مع انفسنا ومع طبيعة ديننا الحنيف ، وأن نكون ايضاً  اعضاء نافعين ومؤثرين في صنع السعادة والامان لمجتمعاتنا . !؟
من الغريب هنا ،  ان نجد ماينبغي ان نكون نحن عليه كمسلمين متجسداً بأبهى صورة لدى الغرب ،  أولئك الذين دائماً ما نتهمهم  بالكفر. .!
نعم ،  قد يكون في نمط الحياة الاميركية ، الكثير من التفاصيل التي ندينها ولكن في المقابل ، علينا ان نحترم جوانب أخرى مشرقة فيها ، منها مايتعلق بموضوعة العمل التطوعي والخيري الذي يكاد ان يكون ثقافة مشاعة هناك .
 إن  منطق الامرهنا  وكما يقتضي بهذا ديننا ،  أن نكون نحن المسلمون  السباقون الى تقديم العمل الخيري والتطوعي على اولويات حياتنا ، أليس كذلك ؟ 
لكننا وياللاسف،  لسنا هكذا ، بل نكاد ان نقيم الدنيا ونقعدها من اجل الدفاع عن ممتلكاتنا الخاصة ،والسعي المحموم لزيادتها، حتى لو جاء ذلك  على حساب خراب بلداننا ومجتمعاتنا ، بل إننا مازلنا نحتمي بعقلية قروية لايهمها في هذا العالم سوى الارض التي نملكها  ونزرعها ، وليذهب الوطن والعالم بعدها الى الطوفان ، بمافيهما اقرب الناس الينا .
وعلى العكس من هذا السلوك وهذا الفهم وهذه الثقافة ، فيما لو سادت بيننا  ثقافة اخرى،  هي تقافة العمل الخيري والتطوعي ، وشهدنا صورها متجسدة في سلوك الاثرياء عبر المشاريع التي يقدمونها الى المجتمع . ماذا سيحصل في حينها .  من المؤكد  سنجد انفسنا لسنا بحاجة الى ماستقدمه الدولة لنا من هبات ومساعدات قد تحتاج الى زمن طويل جداً لكي تصل الى من يحتاجها ، وقد لاتصل ابداً،نتيجة للفساد وللاجراءات الروتينية والرسمية التي تثقل مؤسسات  ودوائر الدولة .
اخر القول لنا  :  هي دعوة لرجال الاعمال وألاثرياء العراقيين، أن  يعيدوا النظرتماماً في علاقتهم ببلدهم، ومجتمعهم ،وقيمهم ، واهدافهم ، وأن يكرسوا شيئاً مما يملكون لاقامة مشاريع خدمية انسانية تساهم  في نهضة بلدهم الجريح الذي لامكان لهم خارج حدوده ، وما سيقدمونه له ، ما  هو إلاّ واجب اخلاقي يفرضه عليهم انتمائهم لهذا البلد . ولتكن أوبرا خير أنموذج لهم لكي يحذوا حذوها .



                                                    مروان ياسين الدليمي
                                           Marwan_ys2000@yahoo.com