المحرر موضوع: الشفاعة  (زيارة 2531 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل pawel

  • اداري كتابات روحانية
  • عضو مميز
  • *****
  • مشاركة: 1017
  • الجنس: ذكر
  • لا يوفي الحب الا بالحب
    • مشاهدة الملف الشخصي
الشفاعة
« في: 00:54 09/07/2005 »



الشفاعة هي التوسل أو الصلاة من أجل الآخرين، وهي لا تنبعث من مجرد العاطفة أو المنفعة، بل عن إدراك واع بأن علاقة الله بالإنسان ليست علاقة فردية فحسب بل واجتماعية أيضا فهي تمتد إلى علاقة الإنسان  بالإنسان.

ومن العجيب أن تنكر بعض طوائف البروتستانت شفاعة القديسين متعللة بأن التشفع بالقديسين يفقد السيد المسيح وظيفة هامة من وظائفه وهي التوسط بين الآب والجنس البشري استنادا إلى ذبيحته الكفارية على عود الصليب. كما تستكثر على كنيستنا العظيمة أن تطلب توسلات القديسين من أجلها باعتبار أنهم أموات غير قادرين على تلبية هذا النداء. وتعود هذه الاعتراضات إلى عدم فهم واضح لماهية الشفاعة ومعناها اللغوي وأهميتها، كذلك تعود إلى عدم فهم لماهية الكنيسة وارتباط أعضائها جميعاً بالرأس الواحد ربنا يسوع المسيح.  وحينما تتحدث مع بعض المعترضين تجد أنهم غير مدركين جيدا لمعنى الشفاعة في الكنيسة 
 

ويتضح في العديد من هذه المواقع السابقة أن الشفاعة مقبولة بل مطلوبة من رجال الله الأنبياء والقديسين من أجل سكان الشعوب التي يعيشون بينهم ومن أجل شفاء آخرين أو التوسل من أجل عدم هلاكهم.

ومن الضروري حينما نتحدث عن الكنيسة أن لا نتحدث عنها بصورة أحياء وأموات، فمن الخطأ أن نعتقد أن الذين يعيشون الآن من أعضاء الكنيسة هم الأحياء بينما المنتقلين من الآباء والقديسين هم أموات حيث أن هذا مخالف لتعاليم السيد المسيح نفسه حينما يقول: أنا اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب، ليس الله اله أموات بل اله أحياء  ليس هو اله أموات بل اله أحياء. فأنتم إذا تضلون كثيرا وليس هو اله أموات بل اله أحياء لأن الجميع عنده أحياء فمن الضروري أن نتحدث عن الكنيسة باعتبارها كنيسة واحدة، جسد المسيح الحي، بقسميها الكنيسة المنتصرة وتشمل المنتقلين الذين أكملوا جهادهم على الأرض وهم الآن أحياء بأرواحهم في الفردوس ، والكنيسة المجاهدة وتشملنا نحن الذين نجاهد من أجل أن نكمل سعينا بخوف ورعدة.

ولذا فإننا لا نجد أي وجاهة في اعتراض البروتستانت بأنه لا يجوز أن نطلب توسلات وشفاعة الأموات من أجلنا وأن الشفاعة قاصرة على الأحياء فقط لأنه إن كنا نطلب صلوات المجاهدين الذين يتعرضون للتجارب والضيقات والآلام من أخوتنا على الأرض فكم بالأولى أن نطلب صلوات الذين انتصروا واقتربوا أكثر من الله.

ومن الضروري أن نتحدث أيضا عن شفاعة السيد المسيح من أجل البشرية فيقول الكتاب:إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا وكلمة شفيع هنا مترجمة عن الكلمة اليونانية  باراكليتوس بمعن  معزي    فالسيد المسيح هو المعزي الأول وهو المحامي عنا الذي يدافع عنا ويطلب من أجل غفران خطايانا، وهذه الشفاعة هي شفاعة كفارية أساسها عمله الكفاري الكامل على عود الصليب حينما أكمل الفداء  ولا يستطيع آخر مهما علت أو سمت مكانته أن يقدم هذه الشفاعة التي نحصل من خلالها على خلاصنا من الخطية.

ولا ننكر على السيد المسيح أيضا شفاعته الوقائية من أجلنا حينما يطلب من الآب أن يحفظنا من الشرير

وفي الرسالة إلى تيموثاوس نستمع إلى هذه الآية الرائعة التي تتحدث عن عمل السيد المسيح ووساطته الكفارية من أجل الجنس البشري، من أجل العالم كله حينما يقول:لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح. والكلمة المترجمة وسيط في هذه الآية هي الكلمة اليونانية  (ميسيتيس) وتدل على الشخص الذي يتدخل بين اثنين بغرض صنع أو استعادة السلام والصداقة بينهما، وهو الشخص الذي يصادق على عهد معين.

والسيد المسيح هو الوحيد الذي بدم صليبه استطاع أن يصالح السماء والأرض ويجعل الاثنين واحدا هو الوحيد الذي استطاع بكفارته الغير محدودة أن يرفع عنا لعنة الخطية وعقوبتها المميتة.

أما كلمة واحد المذكورة في الآية هنا فلا تلغي شفاعة الروح القدس أو شفاعة القديسين من أجلنا حيث أنها تدل على نوعية مميزة من الشفاعة كما أوضحنا.
فالروح القدس "المعزي الآخر" يشفع في المؤمنين كما نقرأ في رسالة رومية:وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين وهنا نلاحظ عمل الروح القدس القوي في حياة المسيحي حينما ترتفع أناته المقدسة والمركزة فينا في الوقت الذي نكون فيه قد فقدنا القدرة على معرفة ما نصلي من أجله.

 هل يستجيب الله لشفاعة العذراء والقديسين؟

يحتوي العهدين القديم والجديد على العشرات من المواضع التي تتحدث عن قبول الله لشفاعة قديسيه وأنبيائه والسيدة العذراء وسوف نذكر هنا مثالا واحدا ويمكن الرجوع إلى عشرات من هذه الأمثلة في الكتاب المقدس.

- استجاب الله لشفاعة السيدة العذراء في عرس قانا الجليل رغم أن ساعته لم تكن قد جاءت بعد:"وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. ودعي أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة.لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء.فملأوها إلى فوق. ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكإفقدموا.

أية شفاعة أعظم ، وأية استجابة أسرع من هذه، إن كانت السيدة العذراء قد توسلت من أجل أصحاب الحفل في أمورهم المادية واستجاب لها الرب، أليس بالأولى أن نطلب شفاعتها من أجلنا لكي تطلب من ابنها الحبيب من  أجل حياتنا الروحية والجسدية.

وكما سبق لا نستطيع أن ننكر شفاعة العذراء من أجلنا بدعوى إنها انتقلت الآن فمازالت العذراء عضو في الكنيسة وجسد المسيح تشفع في أبنائها المحتاجين إلى صلواتها وطلباتها وتوسلاتها من أجلهم أمام عرش النعمة. ولعل وجودها الدائم معنا من خلال ظهوراتها المتكررة في كل مكان في العالم - والتي لا يستطيع أحد إنكارها بعد أن رأيناها بعيوننا - والمعجزات الكثيرة التي تقوم بها هو خير دليل على اهتمامها بنا.

ولكننا ينبغي أن نعلم أننا حينما نطلب شفاعة العذراء والملائكة وتوسلات وصلوات القديسين من أجلنا فإننا لا نقدم لهم الصلاة أو العبادة، فالعبادة والصلاة لا تقدم إلا لله الواحد المثلث الأقانيم. وإنما نحن نطلب منهم كأحباء لنا ، مثلما يطلب الطفل الصغير من أمه أن تطلب من أبيه من أجله ، رغم أن الأب يحب الابن ويفرح بتلبية جميع طلباته إن كانت في صالحه.

ولا يعني طلبنا لتوسلات القديسين من أجلنا أن نمتنع نحن عن الصلاة أمام الله من أجل أن يستجيب طلباتنا، فلابد أن نصلي بلجاجة ، ويدعمنا في هذه الصلاة أعضاء جسد المسيح من القديسين الذين ارضوا الله بمحبتهم. فالله يحبنا ويريد أن نقرع ونطلب ونسأل ، ليفتح ويعطي ويجيب جميع ما نطلب ، بل واكثر مما نطلب حسب غناه ، حسب مشيئته الصالحة  .. 

 بعض المفاهيم الانجيلية للشفاعة نراها في الانجيل المقدس وبالأخص عند بولس .

 مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح و ساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة و طلبة لاجل جميع القديسين  أفسس  6  .
  صلاة الايمان تشفي المريض و الرب يقيمه و ان كان قد فعل خطية تغفر له  (يعقوب 5  : 15)

 فاطلب أول كل شيء ان تقام طلبات و صلوات و ابتهالات و تشكرات لاجل جميع الناس  (تيموثاوس الأولى  2 : 1)

   و لما اخذ السفر خرت الاربعة الحيوانات و الاربعة و العشرون شيخا امام الخروف و لهم كل واحد قيثارات و جامات من ذهب مملوة بخورا هي صلوات القديسين  الرؤيا  5  . 

 فاخرج بطرس الجميع خارجا و جثا على ركبتيه و صلى ثم التفت الى الجسد و قال يا طابيثا قومي ففتحت عينيها و لما ابصرت بطرس جلست . ((  أعمال الرسل  ))

 من اجل ذلك نحن ايضا نشكر الله بلا انقطاع لانكم اذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة اناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل ايضا فيكم انتم المؤمنين  .  ((  تسالونيكي الأولى  )) .
الصلاة نعمة تطلب كما يطلب الخبز اليومي والرب لا يرفض اي طلب . والمهم في الصلاة ليس ان نعرف الكثير ونقول الكثير ، المهم هو ان نتذوق في داخلنا كم هي كبيرة محبة الرب لنا . وكم هي طيبة كلمته في ضميرنا . اذا قبلناه وثبتنا فيها قلب الموت فينا حياة والشح عطاء والعقم ثمارا تدوم .