المحرر موضوع: هل ( بائع الملح) هو الفقير الوحيد في العراق ؟ أم هناك الملايين مثله  (زيارة 1471 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حكمت عبوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 113
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل ( بائع الملح) هو الفقير الوحيد في العراق ؟ أم هناك الملايين مثله
                                                                             
                                                                                     حكمت عبوش

عرضت قناة الديار قبل أيام قليلة تقريرا مصورا عن معاناة المواطن (فلاح) والذي يعمل بائعا للملح أبانت فيه سكنه في حي شعبي فقير وفي حجرة مسقفة بالصفيح (الجينكو) وبشكل سيء مما جعل الفتحات ممرا سهلا لدخول مياه الأمطار و تيارات الهواء فيعاني من برودة الشتاء وحر الصيف معا ولا يحصل من عمله سوى على ستة أو سبعة ألاف دينار في اليوم و أحيانا اقل منها وهي لا تكفيه لمعيشته فأرسل عائلته (زوجته وبناته الأربع - ثلاث منهن كبيرات - وابنه) إلى بيت أهلها في العمارة حيث إن أم زوجته هي خالته فأصبح وحيدا وهو لا يملك أدوات الطبخ حيث يعتمد في طعامه على الجيران وبيت أهله (وهم ليسوا بأحسن حال منه كثيرا) و يدخن علبتي سكائر في اليوم بألفي دينار علها تنسيه همومه كما يقول صاحب الدكان والذي يطلبه 75 ألف دينار و عندما أراد إيفاء قسم منها أعطاه (3 ألاف دينار) فقط آملا أن يعتدل حاله في المستقبل و بعد مرور عدة أشهر على فراق عائلته يتساءل و ألتوق يملأه لرؤيتها و مساعدتها (ألا يراني مسؤول ليجد لي عملا استطيع به أن اقضي حوائجي ومتطلبات عائلتي و أولادي المشروعة فهم يحتاجونني فانا شاركت في الحروب وخرجت خالي الوفاض منها) ، وتقول قناة الديار صادقة إن السيد كامل الزيدي رئيس مجلس محافظة بغداد – بعد أن شاهده – قد خصص له راتبا شهريا بعد أن منحه مكافأة سريعة وان العديد من المواطنين من داخل العراق وخارجه اتصلوا بالقناة وابدوا استعدادهم لمساعدته.ونحن نقول للسيد كامل الزيدي: لقد ساعدت آخرين قبل المواطن فلاح (كما عرضت الديار سابقا ) (ومساعداتك كلها مشكورة) ولكن هل منع هذا من ظهور السيد فلاح الفقير وغيره من ملايين من الفقراء الآخرين إذا سنحت لهم فرصة الظهور بالتلفزيون وهناك حالات والكل يعرف أسوء من حالته أفلا يستحقون المساعدة ؟ من يساعدهم ؟ ألا يتملك المواطن العجب و الاستغراب وهو يرى إلى جانب صور بائع الملح ما مكتوب على الشاشة من أن السيد عمار الحكيم عندما علم أن ما دخل الخزينة العراقية من عام 2004- 2009 هو 280 مليار دولار أي (أكثر من 32.5 ترليون دينار. الترليون = 1000 مليار ) قال: إننا سنرى إذا كانت هذه المبالغ موجودة في الخزينة فهذا يعني إن فسادا إداريا نعاني منه وإذا كانت مصروفة فهذا يعني أن فسادا ماليا هو السبب في هدرها لأننا لم نر في الواقع ما يوازي هذه المبالغ الطائلة لا في مشاريع شاخصة ولا خدمات للمواطنين، ونحن نقول انه ليس فسادا أداري أو مالي فقط بل هو كليهما أضف إليهما فسادا سياسيا مستحكما وكل هذا يرافقه غياب الضمير وضياع وتضييع القيم الإنسانية والوطنية والأخلاقية الرفيعة وعلى نطاق واسع . وإلا بماذا تبرر هذه الزيادة المطردة في مليارات الريع النفطي وبقاء حالة الفقر على وضعها والتحسن الذي طرأ ما هو إلا تحسن نسبي (شمل بعض الفئات)و تقول أخر إحصائية لوزارة التخطيط (يبلغ عدد العراقيين الذين يعيشون دون مستوى الفقر 22,9 % أي ما يوازي 6 ملايين إنسان وتبلغ نسبة البطالة 25% من القادرين والمستعدين للعمل ) . إن هذه الصور الغريبة و المتناقضة التي يعج بها الواقع العراقي (مال هائل وفير وفقر مدقع. و ناس ينعمون بتكدس المال و وفرة المنافع تأتيهم من كل الجهات و ملايين فقيرة معدمة) تذكرنا بقول الإمام علي (ما اتخم غني إلا و جاع فقير) وتذكرنا بقصة أصبحت كلاسيكية لكثرة تردادها ولكنها هامة وتعبر عن حالة آنية مؤلمة نعاني منها وهو ما تعرض له الكاتب الساخر برنارد شو عندما سألته سيدة عن سبب صلعته وكثافة شعر لحيته فأجابها السبب هو غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع .
إن ما قام به السيد كامل الزيدي ليس سوى قطرة في بحر فملايين العراقيين يعانون مثل معاناة (بائع الملح) الفقير فما نحتاجه هو قفزة ونهضة جماعية دايناميكية عارمة ليعمل الجميع ويأكل الجميع فالفقراء كثيرون جدا ما نحتاجه هو ثورة حتى على الذات من قبل (المتنفذين و القادرين) قبل الآخرين ليكون باستطاعتهم السير مع الجماهير في ثورة تغيير واقعهم المؤلم نحو الأحسن من اجل رفع مستوى معيشتهم و خلق فرص التطور الشامل لهم وتقول الآية الكريمة (لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالمواطن فلاح ليس وحيدا بل هناك الملايين مثله و هؤلاء نحتاج لتغيير واقعهم إلى عمل تاريخي مدني و سلمي يستحق الإشادة بقادته و منجزيه كما يشيد الألمان بالمستشار (اديناور)  رئيس وزراء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة و قائد المعجزة الألمانية في البناء والتطور ولا يشيدون بهتلر الذي قاد ألمانيا إلى الخراب وسبب لها و للكثير من بلدان العالم التحطيم والهلاك .
ما نريد قوله إن انجاز مثل هذا العمل التاريخي لا زال ممكنا إذا وضع هؤلاء القادة مصلحة ملايين العراقيين نصب أعينهم قبل مصالحهم الشخصية والطائفية و الاثنية والحزبية  إن أكثر من سبعة أشهر لتشكيل الحكومة ليست قليلة وأكثر من سبع سنوات - منذ التغيير- ليست قليلة أيضا وهذا التغيير الذي كان سببه الأساسي هي المآسي والكوارث والفقر الذي عاشته غالبية الشعب العراقي لمدة 40 عاما و منها 35 عاما من زمن صدام الدامي(سوى فترات قصيرة)هي سنوات طويلة فماذا تنتظرون أيها السادة إن الدقائق والساعات والأيام لها أهميتها في الحياة و حساب التطور لدى الشعوب الأخرى فكيف بالسنوات والشهور فاستفيقوا إن الملايين تستغيث بل وتنادي بقوة: إننا فقراء نحتاج إلى غذاء و عمل و كهرباء و ماء و سكن و صحة و تعليم نحتاج إلى كل الخدمات الأساسية التي حرمنا منها منذ عشرات السنين أفلا نستحق, ألا تسمعون ألا تكفيكم معاناتنا إننا نحتاج إلى تغيير واقعنا نحو الأحسن.