المحرر موضوع: ما لم يقله احد عن اضراب سد دربندخان ـ الجزء الثامن  (زيارة 1560 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل دنخا البازي

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
    • مشاهدة الملف الشخصي
ما لم يقله احد عن اضراب سد دربندخان
إضراب بلا عنف
[/size] [/color]
دنخا البازي ( ابو باز )

للاطلاع على الاجزاء الاخرى انقر على الروابط التالية
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,447913.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,448118.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,449096.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,449765.msg4868817.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,452144.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,452434.msg4887489.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,454898.0.html

الجزء الثامن  
لم يتوانى الوكيل بعد أن تطلع بوجهي بأمتعاض لا يوحي بأي أمان أو رضا ، من سحبي من يدي بقوة . كانت لحظتها قد غطت وجهي دهشة مجحفلة بخوف لم يتبدى عليَ ، ولكنه سكنني بكل قوة . جرتني يده اليسرى المطبقة على يدي ، إذ كانت يده الثانية ممسكتا بالملف الأنيق ، الذي إحتوى مذكرة عمالنا ، التي هزت الوكيل في عرشه ، فجاء ليأخذني الى غرفة يحرسها شرطيان ورجل أمن . وقفنا أمام الباب المتوجة بلوحة نحاسية تلصف كالذهب ذو العيار الثقيل وقد كتب عليها بخط النسخ كلمة ( الوزير ) . طرق الوكيل الباب بلياقة لا تنم عن أي قلق ، منتظرا أذنا بالدخول .
لم أكن حينها إلا بحال لا أحسد عليه . تتطاير من عيوني نظرات ، تشرأب الى السقوف النظيفة حينا ، والى بلاطات الأرضية اللامعة حين ثان ، عليَ أهرب من نتائج مقابلة إما أن تغتصب كل أحلامي ، أو تدعها تطير كفراشات ملونة بين دوالي رياض الغد . هذا الوزير هو من يعطي الضوء الأخضر لمصائرنا ان تستمر في سيرها ، اويشعل الأحمر الذي سيجهض كثير من احلامنا وهي لم تكمل أوان ولادتها ، لذا لم اتوقع أن تتم المقابلة بهذه العجالة وبهذا المشهد الذي وضعني به السيد الوكيل .
وقفنا كلنا أمام الوزير ، كانت قد إجتاحتني سمعته المتسمة بالهوى القوماني . وقد سبقت رؤيتي له الآن بكثير .. سبقت ذلك الى مرابع تفكيري ، فتربعت على تخوم ذاكرتي المشبعة بالنفور منهم . كنت احمل عنه فكرة مسبقة تجمعت من هذه الملاحظة وتلك التي كنت اسمعهما من أفواه كثيرة ، تلك الملاحظات كانت تتعلق بميوله السياسية القومية ، وميله للقوة من أجل أن يكون متسيدا هو وحزبه ، ولم ادري إنه هو من أسس القيادة القومية لحزب البعث في العراق منذ 24 تموز من عام الثورة بعد أن وصل ميشيل عفلق الى العراق ليقنع القيادة العراقية ، بالأنضمام للوحدة العربية القائمة بين سوريا ومصر , إلا حين وضح لي ذلك ، طالب عبد الجبار ، عندما ودعني أمام بناية الأتحاد العام لنقابات العمال ، وأنا في طريقي لأكمال مشواري في تقديم المذكرة الى الجهات ذات العلاقة بإضرابنا ومنها وزارة الأعمار . ولا أدري لماذا أكد لي طالب قائلا : إن هذا الوزير ينحدر من مدينة الأوائل ؛ الناصرية ، جّبْانَة الفن والسياسة ، وهو المعتمد سياسيا كأول مسؤول لتنظيم حزب البعث في العراق .
في هذه الأثناء خيم على تفكيري هاجس ما قالوه في الأتحاد العام لنقابات العمال : من المؤكد أنه سيكون لهذا الوزير موقف رافض ، وسلبي ، ليس فقط تجاه ذلك الإضراب وإنما ضد العمال المضربين أيضا ...
عدم الرد على تحيتي له ، عزز لدي تلك الهواجس بموقفه السلبي خصوصا عنما ارتفعت نبرة صوته العالية ، وكأنها سيل من شتيمة وسباب : البلد بأي وضع ، وأنتم تريدون القيام بإضراب ؟! وداوم بذلك الصوت المرتفع ، الذي تجاوز حتى جدران مكتبه : انكم تريدون خلق الأضطرابات والبلبلة في البلد .. انكم بهذا الإضراب الذي تريدون القيام به ، إنما تعملون ضد ثورة 14 تموز ، وضد الزعيم عبد الكريم .
تأكد لي ان هذا الوزير قد وضع في رأسه سلفا ، ان جهة محددة تقف وراء هذا الإضراب ، بعد أن بقي لسانه يقذف بجمرات كلامه ، وكأنها سكاكين مثلومة ؛ إن جرحت ، فأن عمق جراحها سيكون غائرا في اللحم : إني أعرف من يقف وراء هذا النشاط الهدام .. انه نشاط مشاغبين ، انه نشاط شيوعيين .. نعم .. فهم الذين يقفون وراء كل إضراب هدام يقوم به العمال .. انهم يريدون ان يوقفوا مسيرة الثورة .
هذه التهديدات التي كنت احسها سهاما موجهة من جعبة قد أعلن راميها عداءه غير المنصف للعمال ، ليس لهم فقط ، ولكن لمن يمثلون العمال من قوى سياسية في نضالهم المطلبي أيضا , وكنت شخصيا أحس بوخز النبال الحادة تصلي وجداني وأنتمائي العمالي ، كلما أوغل ذلك الوزير في أتهام العمال بالوقوف ضد الثورة وزعيمها ، لمجرد انهم يرومون القيام بإضراب سلمي خال من أي عنف من أجل نيل حقوقٍ مستحقة لهم ؛ كانت الشركة الأمريكية المنفذة للمشروع تحرمهم منها ،رغم شرعية هذه الحقوق . هؤلاء الذي أوغل الوزير بشتمهم وإتهامهم بالخيانة ، لم يكونوا غير عمال عراقيين يطالبون بحقوقهم لا أكثر ولا أقل .
هذا التجاوز غير المعقول من قبل الوزير ، قد جعل مني ؛ مثل مرجل غلى في أتونه دمي ، الذي كنت احسه يزداد غليانا ، مع كل مخرج حرف يلفضه الوزير .. وقد غلى وغلى ، حتى سرى الدم الحامي بي وصولا الى قمة رأسي . فأرتسم على وجهي بلون أصفر ، وحينا بلون احمر ، وتبدى على يديَ وساقيَ بهيئة ارتعاش ملفت ، فبدوت كشجرة تقترب من نهايتها في فصل خريفي تزدحم به رياح ضاربة بالقوة ، لتصدم بكل شاخص على الأرض ، فتهزه بعنف . حالتي هذه ، وأرتعاشي المفرط ذاك ، لم أعهدهما بي سابقا ، حتى في اصعب المواقف .
لم أتمالك اعصابي ، فلا أدري ، هل قاطعته ، أم طلبت منه الأذن بالكلام ، حينما شرحت موقفنا نحن العمال قائلا : سيادة الوزير يبدوا انك حانق علينا ، وهذه المذكرة قد فجرت فيك حنقك هذا ، بشكل وضعنا نحن العمال الذي نحمي الثورة وزعيمها في مصاف الخونة والمجرمين ، وسيادتك يعرف جيدا ، ان زمن المجرمين والقتلة والخيانة قد ولى مع عدو الشعب نوري السعيد ، فقد داسته وداستهم عجلة الثورة التي نحميها نحن وبواسل الجيش . ويعلم سيادتك ان البنادق التي كانت توجه ضد صدور العمال قد ولى عهدها ، بعدما جردهتا الثورة والزعيم من رصاصها .
يا سيادة الوزير ، أنت تعلم إن عهد قتل العمال والكادحين بلا حساب ، قد ولى الى غير رجعة ، فلم تعد هناك من سجون مفتوحة للعمال الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة ، وهم يحرصون كل الحرص على ان تكون وسيلتهم للحصول على حقوقهم تلك ، وسيلة حضارية ، خالية من أي عنف . وقد أقسم العمال على حماية المشروع من أي ضرر يمكن أن يتعرض له ، لأنه وسيلة رزقهم ، وهم لا يعدمون أية وسيلة للدفاع عن مصدر رزق عوائلهم حتى لو واجهوا الموت . وها نحن نسلم سيادتك هذه المذكرة التي فيها مطالب العمال ، وإلا سيكون الأضراب مفتوحا ، حتى تستجيب الشركة لمطاليبهم .
لم اضع في حساباتي أي احتمال بأن أتعرض لأذى من الوزير الركابي او زبانيته ، حين اقتحمت ثورتي الرافضة حصونه وقلاعه ، لا لأنه شهم أو أنساني ، بل لأنه أدرك أني في لحظتها كنت لسان حالهم ، وما مطلوب مني غير العوم ضد تياره ، ليعرف بإننا العمال كلٌ في جسد واحد .
ولولا هذا الهاجس الذي ركبني وأحالني الى فهد يعرف متى يهلجم ، فلربما كانت قد خانتني شجاعتي ، فتجعله يطمع في أذيتي تحت تأثير نوازعه العدائية ضد العمال ، لأني أمثلهم أمامه . ولربما أيضا ، لا يتأخر عن توجية الشرطيون السريون ومراكز الشرطة في بغداد او حتى مركز الشرطة في مكان أقامتي في دربندخان ، ليقتصوا مني أعتقالا او إعتداء في الشارع .
في غفلة من سرحاني التي تهدهدني به السيارة الخشبية السادرة في سيرها الرهواني ، هاجمتني بعض من أفكار بليدة تقصت كل نتائج ما اقوم به من جهود . فصفعتني بحاجة عائلتي وحاجتي الى ما يشبعنا ويكسينا . حتى خيل ألي بأني سأحرم من الحصول على فرصة عمل في المشروع ، بل أتوقع أن احرم فعلا من العمل ، فأبقى عاطلا الى أجل غير مسمى ، مما يجعل من جهدي هذا بلا طائل على الصعيد الشخصي .
عشت في خلال تلك التداعيات ، شوطا من جلد الذات ؛ فلقد كان بإمكاني أن أترك المذكرة عند الأستعلامات كما فعلتها في وزارة الشؤون الأجتماعية ، او كما فعلتها في السليمانية ، غير أن ذلك الفهد الذي تلبسني في حضرة الوزير الشاتم لما اُقدس ، جعلني ألوي عنق هذه الهواجس الكسيحة التي حكمتني ردحا من زمن لا يحسب على حياتي ، وبددت من مضامين هواجسي ، أشباح تلك الأفكار المجنزرة بالغباء ،إذ سعت بكل طاقتها الى إقصاء قناعاتي المخلصة بأن كل ما أقوم به ؛ هو فعلا أخلاصا للطبقة العاملة ، وليس لمصلحة تتعلق بي رغم حاجتي الماسة للعمل أو بالحقيقة حاجتي للمال .
 
* * *
في اليوم التالي عدت أدراجي الى دربندخان . وفي مسافة الطريق الذي دام أكثر من ثمان ساعات بتلك السيارة الخشبية ، كانت الأفكار تتصادم على حواف جدران وسق جمجمتي ؛ فيستحيل صداها ، الى ألم وصداع ، يسرق مني كل سكنة بي ، أو يبتلع أية غفوة قصيرة كانت تجتاحني ، وأنا في ذلك الباص الخشبي الذي كان اشبه بمهد يرجني بلا نهاية ، فأغفوا بلا أمر ولا رغبة مني .
لا تزال فيضانات الجزع من تلك المقابلة التي لم أكن مجبر عليها مع ذلك الوزير المغرور ؛ تدفعني من جديد ، الى أحضان تداعيات السجن او المعتقل ، اللذان أخذا من عمري عمرا ، ومن صحتي شرخا ، ومن استقراري دهرا .
لم اشعر ان هذه التجليات قد جرتني عميقا الى قعر التداعيات التي وشمتها بي وبكل تلافيف المخ ، معاناة السجن ، رغم قصر زمنها . حتى أني قد سايرتها ، وكأني سأقاد حال وصولي لدربندخان الى المعتقل ، فحارت روحي بين ما كنت أتجلد به من شجاعة دفعتني الى ملاسنة الوزير ، الذي لم يتأخر عن إعلان انتهاء المقابلة ، وهو مشحون بمقدار من الحنق المكتوم ، يمكن أن يدمر السد الذي نبنيه لو تفجر ذلك الحنق علنا ، وبين متاهات التفكير بالعجز عن الحصول على عمل .
هذه الأملاءات الباطنية ، كانت تراودني طيلة السرحان الذي تجرني فيها مآقيَ الى سكرات من أغفاءات بليلة بالهواء الربيعي العذب ، وصولا الى بعض من شجارات داخلية بيني وبين ذاتي .
الذات تلومني على ما كان لا يجدر بي أن أتحدث مع الوزير بتلك الطريقة المدافة بإهانة غير مباشرة له . وحين أنط أنا من بين الحطامات التي تحيط بروحي من كل جانب بسبب البطالة ، لا يلوح مني أي لوم ، أو شيٍ منه عليَ ، بعد أن هاج الوزير كثور بلا قرون ، وهو يكيل كلاما شاتما مفعم بالتجريح بالعمال والشيوعية .
لذلك لم يكن من مفر المناطحته معه ، مناطحة بقرون تبقر أدعاءاته السوداء ، فناطحته بتلك الجمل التي تمنيتها أن تذل كبرياءه ، الأمر الذي جعله يفتح خزينه من الأفكار الصارخة التي لا يرشح منها غير مفردات تجرح الحياء ، ووقاحة خالية من كل لياقة .
راح يشتم يمينا ويسارا لاعنا الإضراب ولاعنا من سيقوم به من عمال أتهمهم بالجهل ، ولاعنا الشيوعيين الداعمين لهم ، فلولا تشجيعهم للعمال وتعاونهم معهم ، لما أقدم أولئك الحثالة على القيام بأي إضراب طوال حياتهم ، بل ، ولا حتى التفكير به ، ولا على إتخاذ مثل هذه الخطوات الكبيرة على تفكيرهم . والتي لا يرتقون الى فعلها بدون أمداد ومساعدة وتأييد الحزب الشيوعي ومقاومته الشعبية .
هكذا تقيأ لسانه هذه الجمل اللاعنه ، والتي عكست جيشان كرهه للعمال ومن وراءهم الشيوعيين ومن يقفون في محيطهم الذي يتسع يوما بعد يوم ، ليشكل سدا بوجه أعداء الثورة والشعب .
كنت أقرأ فيما أقرأ من بين جمله الشريرة التي أطلقها من عقالها ، بعضٌ من لعناته على الثورة ، وزعيمها عبد الكريم قاسم ، اللذان أطالا رقاب العمال ، لتسموا الى علا ، فجعلا من أصوات هؤلاء الشغيلة ، مزامير صادحة تعلوا فوق صوت ذلك الوزير المتغطرس ، فيقف ذلك العامل القادم من أوساط عمال مشروع سد دربندخان أمامه ويتحداه ، ذلك العامل الذي لا يتعدى في نظر السيد الوزير ؛ غير مجرد عامل نكره ، لا يتعدى تحصيله الدراسي الشهادة الأبتدائية ، فهل يستقيم ذلك وهو الوزير الحاصل على شهادة الهندسة المدنية من اكبر كلية للهندسة في العراق ، وهو أيضا القائد والمؤسس لحزب سياسي ملون بتأريخ عروبي تمتد جذوره الى سوريا ، وقد أجبرت هذه المعطيات الزعيم الذي قاد الثورة وصار رئيس وزرائها الأول على استيزاره وزيرا للأعمار في أول وزاره في العهد الجمهوري .
في صباح اليوم التالي من وصولي ، التقيت بالهيئة الأدارية للنقابة في مقر النقابة وشرحت لهم نتائج حركتي وبالذات موقف الأتحاد العمال لنقابات العمال في العراق الداعم لحركة إضرابنا ووعدهم بأرسال ممثلا عنهم الى دربنخان لدعم الأضراب، وكذلك نقلت لهم توصيات سكرتير الأتحاد طالب عبد الجبار ( ابو سعيد ) عما يجب أن يكون عليه الأضراب ، والأبتعاد قدر الأمكان عن أي خطأ يمكن ان يربك ذلك الأضراب الذي يعني للأتحاد الكثير عند تحقق مطالب العمال . ونقلت لهم أيضا تحذيره من مغبة قيام عملاء الشركة بعمل تخريبي يمس المشروع ، كما نقلت لهم توصيته بالحذر من نجاحهم في ذلك ، فأنه يعني بالأخير ضعف الطبقة العاملة العراقية وعدم قدرتها على حماية مصالحها .
بعد ذلك وضحت لهم بقية ما انجزت من المهام المكلف بها من قبلهم بشأن أيصال المذكرة الى الجهات ذات العلاقة بما فيها مجريات لقائي بوزير الأعمار . ما اسعدني في كل اللقاء معهم ؛ أن اي منهم لم يقف موقفا معارضا لما قلته للوزير ، بل أيدوه بكل قوة ، مما عزز في نفسي شخصيا ثقة عارمة تطيح بأعتى حاجز يمنع تحقيق طموحي بعمل في المشروع .
خلص هذا الأجتماع الى تحديد فترة زمنيه امدها اسبوعا ، ثم يبدأ الأضراب . وأثناه ذلك الوقت الذي بات حين يسري ، وكأنه يمشي بحافلة على سكة خالية من العثرات . وبعد ان أقترب يوم الأضراب ، او ساعة الصفر كما كان يحلو أحمد باني خيلاني أن يسمي ساعة الأضراب المنتظرة بصبر لايصدق ، تم تشخيص عمل اللجان التي ستدير الأضراب , وكذلك تعيين اسماء من سيقف خلف تلك اللجان .
كان الأول من أيار العيد العالمي للطبقة العاملة يقترب حثيثا من تأريخه الموعود ، وكانت استعدادات اللجان المكلفة بالأضراب في كامل حيويتها واستعداداتها ، وكأن الأعداد للأضراب قد تزامن مع هذا العيد المعد له من الطبقة العاملة العراقية في بغداد وكافة مدن العراق ، إعداد غير مسبوق للأحتفال بمناسبة كهذه ، وهو الحدث الذي لا يعني الطبقة العاملة العراقية فحسب ، ولكن يعني الطبقة العاملة في أرجاء العالم من شرقه الى غربه ، ومن شماله حتى أقاصي جنوبه ، وكانت الأحتفالات في الدول الأشتراكية والشيوعية تحديدا تمثل قمة ما كان يجري من احتفالات بذلك اليوم العيد الذي سيدشن علنيته ورسمية الأحتفال به لأول مرة في العراق على صعيد الدولة العراقية ، بل ولربما في المنطقة قاطبة .
وفي خضم هذا الأندفاع من الطبقة العاملة العراقية ، كنا نحن عمال المشروع في دربندخان نشعل فتيل ثورة بلا عنف من أجل مصالحنا وحقوقنا المشروعة التي تغتصبها عنوة منا الشركة الأجنبية التي تبني السد . لقد تعاهد العمال الذين سيديرون الأضراب عن العمل ، على أن لا يتعرض المشروع الى أي تخريب أو أذى ، لأنه في النهاية هو مشروع لخدمة الوطن ، هو مشروع سيرسم الفرحة على وجوه آلاف الفلاحين وعوائلهم حين ستغدوا مزارعهم وحقولهم بساط اخضر يبشرهم بالخير العميم حين تتحول السنابل الذهبية الى غلال من الحبوب التي ستشبع البطون وتوفر الرفاه لأصحاب من ستزور أراضيهم أمواه السد ، وكذلك فائدته في حماية بغداد من أي فيضان مماثل كما حدث في عام 1954 حين غرقت أقسام كبيرة من بغداد .
لذلك فكل التكليفات والمهمات التي اقرتها لجنة أدارة الأضراب كانت قيد التنفيذ عند أشارة البدأ به .
يتتبع