المحرر موضوع: عجائب وغرائب ساسة العراق  (زيارة 1408 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فرات المحسن

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 336
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عجائب وغرائب ساسة العراق
« في: 13:32 17/11/2010 »
عجائب وغرائب ساسة العراق

فرات المحسن

غرائب وعجائب بلاد مابين الشاختين تختلف اليوم عن سابقاتها فهي تدخل المرء في متاهة لا يجد منها فكاك، تحيطه مثل شبكة صيد بأسلاك حديدية، وليس له معها غير أن يتحول إلى مهووس بمحطات التلفزيون ومواقع الانترنيت ليس بحثا عن أغنية أو مسلسل أو برنامج يمتع بها نفسه ويطيب خاطره ويريح بها الروح بضع دقائق، بقدر ما يواجه الكدر والرعب والخوف ليدخل بعد كل تلك العجائب الصادقة أو الكاذبة في قوقعته ويغرب نفسه بخياره الذاتي ويروح يلطم على جبهته ويندب حظه العاثر الذي دفعه في تلك اللحظة للضغط على مفتاح الكومبيوتر أو جهاز التلفاز.
بعض العجائب الحديثة التي تبدو مثل الأساطير، تجاوزت كل ما جاء من غرائبية وكذب وادعاء ورخص وابتذال في تأريخ العالم العربي والإسلامي ولم تدع لسابقاتها ذلك البريق الذي حافظت عليه عبر كل تلك القرون. فلو قارنا بين أساطير الماضي وأساطير الحاضر العراقي لبان لنا أن المقارنة ليس لها من وجهة حق في تفوق القديم على الجديد.
يصر رواة الغرائب الحديثة على أن هناك حكومة وبرلمان وبناء ديمقراطي في العراق، الجميع فيها يمتلك روح الشفافية والتوافق الوطني والخوف على الوطن والمواطن وغير ذلك الكثير من التعابير المجازية أو التوريات، وقبل كل ذلك، للجميع اليوم ما يفخر به من حسن السلوك ونظافة السمعة والسريرة لا بل يتفوق على أبناء وطنه بالإخلاص وحب الخير وبياض اليد والترفع عن الإيذاء والتمسك بالسلوك الديمقراطي والسعي نحو تأسيس دولة حديثة عمادها مشروعه الوطني الديمقراطي.

لا أريد الحديث عن الكثير من العجائب التي تمثل نهج الساسة في دولة العراق اليوم بل اعرض بدعة واحده قدمت في البرلمان من أحد الممثلين الكبار اللذين أبيضت حدقات عيونهم من كثرة البكاء على مظلومية الشيعة والتركمان واسودت جبهته من كثرة السجود لربه وبللت دموعه أضرحة أئمته الأطهار.
 هذا الرجل مخترع البدعة الجديدة قدم اقتراحا في جلسة البرلمان الأخيرة داعيا إلى عدم احتساب الثمانية أشهر الماضية التي أضاعها الساسة وابتلعوا فيها رواتبهم المليونية دون عمل أو خدمة للناس لا بل قضوها يتسكعون ويجترون الأحاديث ويتصارعون مع بعضهم لإكمال سرقة العراق بعد أن سرقوا ما سرقوه. يريد السيد المؤمن الورع  أن لا تحتسب تلك الفترة من عمر البرلمان وعمر الحكومة، مؤكدا على أن احتسابها سوف يعطل تنفيذ مشاريع كثيرة.
 غرائب وأساطير سرقة السلطة والمال العام والخاص ليس بمعيب عند هذا الرجل وأصحابه في باقي الكتل السياسية، وسوف نرى عندما يطرح المقترح اللئيم من قبل الرفيق الجديد التقي الورع للتصويت كيف تتسارع الأيادي لترفع وتمنح المباركة لمقترح سرقة المال العام ومن ثمة يقر تمديد سلطتهم وسطوتهم على رقاب الناس لفترة ثمانية أشهر أخرى دون أن يشعر أحد ما في برلمان ديمقراطية العجائب بنوع من الخجل وتأنيب ضمير لما سببوه في فترة الثمانية أشهر المنفرطة، من جرائم وعذاب طالت أوجاعها أبناء العراق. وسوف لن يكون بينهم من يعلن أن شرف العمل والكلمة يتطلب أن يكون ضميره في كامل صحوته وهو مستعد أن يرجع مبالغ استلمها دون وجهة حق، ويقر بأن فعلته ما كانت غير عملية سرقة بالمعنى الكامل للكلمة، أو يعلن بأن زمن الثمانية أشهر لم يضيعها الشعب العراقي بل أهدرها الساسة الذين كانت خصوماتهم وصراعهم على تقاسم السلطة السبب الرئيسي فيها. لا بل المطالبة بمحاسبتهم عن كل قطرة دم سالت على ارض العراق.
فتحية لأصحاب شرف المهنة والضمائر الحية، من السجد الركع لربهم الكريم الرحيم، ومن المروجين لأساطير الشفافية والديمقراطية ومشاعر الوطنية، والمدافعين عن الوطن، والمضحين بالغالي والنفيس لأجل الشعب العراقي، ورافعي رايات لا آله إلا الله محمد رسول الله من أصحاب المشاريع الوطنية الرنانة الطنانة ونبارك لهم مقدما الثمانية أشهر من الرواتب ومن الزمن الذي سوف يعوض لهم ليبقوا في سدة الحكم على مبدأ شراكة المحاصصة الوطنية.
لوعة وغصة في الصدر نتسائل معها. هل نرى في برلمان العجائب من يمتثل لقيم الشرف والنبالة ليمنع مثل هذا المقترح من الإقرار ويقذفه في سلة المهملات ويعطي الناس والوطن حقوقهم. نحن ننتظر ونحمل رايتين فإيهما سوف نرفع، مباركة أم لعنة.