المحرر موضوع: هل سيكون جبار ياسر، أول وزير صابئي في العراق؟  (زيارة 1145 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل falh hason al daraji

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 53
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل سيكون جبار ياسر، أول وزير صابئي في العراق؟
---------------------------------------------------


فالح حسون الدراجي
كاليفورنيا
falehaldaragi@yahoo.com

-----------------------------------

عندما فتحت عيني على الدنيا في ناحية كميت قبل أكثر من نصف قرن، كان ( الكميتيون ) عائلة واحدة، وأبواب بيوتهم الشريفة مفتوحة للجميع .. ويوم ذهبتُ الى مدرستها الإبتدائية، وجدت أمامي طلاباً مختلفين في الدين والقومية دون أن يظهر ذلك للعيان.. فكان معي في نفس الصف إبن الصابئي عمارة الصايغ، وإبن اليهودي عزرا أبو البيض، وإبن المعلمة المسيحية (ست سميرة) وغيرهم من الزملاء الآخرين الذين يمثلون فسيفساء العراق الجميل. فكنت مثلاً أشرب الحليب الذي وفره لمدارسنا الزعيم قاسم مجاناً في كوب إبن عمارة ( الصبي ) عندما أفقد كوبي الشخصي، وكان إبن عزرا اليهودي يشاركني كوبي عندما يفقد هو كوبه أيضاً .. وهكذا كنا نعيش في ذلك الزمان ( المتخلف )، وفي تلك المدينة الصغيرة التي تقع في أقصى مدارات الجنوب العراقي.. وبعد أكثرمن عشرين عاماً، مضيت الى الجيش العراقي جندياً (لأحمي الوطن )! وجدت أمامي في إحدى سرايا (فرقة 24) عدداً كبيراً من أبناء العراق الذين ينتمون لهذا البلد الكرنفالي الجميل. فكنا نأكل في قصعة واحدة أنا وسالم الأيزيدي، وجورج المسيحي وعبد الزهرة المسلم الشيعي، وستار الصَبي، وكامران الكردي، ونور الدين التركماني، وجاسم السني المعظماوي. ولم يكن غريباً أن يستشهدا معاً، المسلم الكردي كاكه كامران، وستار الصابئي، فيختلط دمهما سوية ليرسما صورة لأجمل عراق في الدنيا ..
 واليوم، وإذ تمضي سكاكين الإرهاب الحاقدة لحز أعناق العراقيين، فإنها لم تفرِّق قط بين عنق المسلم الشيعي، وعنق المسلم السني، ولا بين عنق المسيحي الكلداني والآشوري، وعنق الصابئي المندائي، ولا بين عنق العراقي الإيزيدي، أو عنق العراقي الفيلي، أو التركماني، او الشبكي. فقد تساوى العراقيون جميعاً وهم يواجهون مفخخات الموت وكواتم الحقد الإرهابي، كما تساووا من قبل في نيل ( حقهم ) الوطني من ( مشانق ) صدام، وأسلحته الكيمياوية في كردستان والأهوار والنجف وكربلاء سواسية .. وهنا يبرزالسؤال الصعب : إذا كان العراقيون متساوين كأسنان المشط في حياتهم الإجتماعية، سواء في مدارسهم، وأزقتهم، ومقاهيهم، وشوارعهم، وخدمتهم العسكرية، وأسواقهم، وعشقهم، وهواياتهم وأغانيهم وأشعارهم. أو متشاركين  في ( قصعتهم )، وبندقيتهم، ودفاعهم، ونضالهم الوطني السياسي، كما يواجهون اليوم بالتساوي محنة المشنقة والإرهاب والإنفجارات.. فلماذا نفرِّق بينهم في توزيع المناصب الوزارية والحكومية، علماً بأن هذه المناصب ليست غنائم ولا مكارم ولا هبات توزع على الناس، فيأخذ الأخو وإبن العم وإبن العشيرة أكثر من الغريب (وإبن البايرة) إنما هي، وكما نصَّ الدستورحق طبيعي لكل مواطن عراقي كفوء؟
ولأني عراقي من الوريد الى الوريد، وقلبي محروق على بلدي العراق وعلى مسيرته الديمقراطية الصاعدة،  ولأني ( إبن عائلة) ظلمت كثيراً، وإبن طائفة ذاقت طعم التفرقة والظلم والتمييز دهوراً ودهور على يد ( الآخرين )،  فلا أريد اليوم أن يُظلم غيرنا كما ظلمنا من قبل. بخاصة ونحن نشاهد فرسان القوائم العراقية الفائزة في الإنتخابات وهم يتبارون كل يوم على شاشات التلفاز في الدفاع عن العدل والمساواة بين عموم العراقيين، وعلى منح الفرص الحقيقية للكفاءات العراقية عند تشكيل الحكومة الجديدة، فيدعون في تصريحاتهم بصوت عال لنبذ المحاصصة الكريهة، ورفض الطائفية اللعينة، والتصدي لكل أشكال التعصب الديني والقومي والمذهبي والقبلي أيضاً. لأجل كل هذه العوامل الوطنية، ولغيرها، أعرض هنا أمام دولة رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي إسم  الدكتور جبارياسر الحيدر مرشحاً لإحدى الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة. فالدكتور جبارياسر واحدٌ من أبرز أبناء الطائفة الصابئية المندائية، ومن أجمل الأسماء الوطنية العراقية التي ناضلت من أجل حرية العراق، وسعادة شعبه، فدفعت الثمن تلو الثمن من أجل هذا الهدف السامي. فضلاً عن مايتمتع به من كفاءة علمية، وخبرة مهنية عظيمة، متمنياً على  جميع الزملاء الكتاب أن يعرضوا أيضاً أسماء وطنية وعلمية مقتدرة أخرى من أطياف شعبنا العراقي أمام دولة رئيس الوزراء، لنكون عوناً، ويداً له في تشكيل الحكومة الجديدة، لا نقاداً فحسب، لما سيأتي به التشكيل الوزاري الجديد من أسماء قد لا نرضى عنها .. ويشهد الله أني لا أعرف هذا الرجل، ولم ألتق به، أو أتحدث معه حتى في التلفون .. سوى أني أعرف من أحاديث الناس تاريخه المضيء بالوطنية والنضال والتحدي والصبر في مواجهة الطغاة. والمكتنز بالإبداع والإنجازات العلمية الواضحة لكل ذي بصيرة   كما أعرف عائلته المناضلة الشجاعة، بدءاً من أشقائه الرائعين، وليس إنتهاءً بإبن عمه البطل الفذ، والشهيد الخالد ستار خضير، ذلك الفارس الذي أنشدنا له في شبابنا أغنية المجد والبطولة : (ستار شدَّة ورد) عندما اغتالته عصابات صدام قبل أربعين عاماً.    
ولكي تتضح صورة الدكتور الحيدر امام الجميع نعرض بعضاً من سيرته الشخصية، التي حصلنا عليها من خلال إتصالنا ببعض الأخوة المندائيين، والمناضلين، الذين ساروا معه في طريق الحرية، وبعض زملائه في مهنة الطب .. لقد ولد الدكتور جبار ياسر الحيدر في قضاء الكحلاء / محافظة ميسان في 23 / 7 / 1935 وانتقل مع عائلته الى بغداد عام 1943 وهو في الصف الثاني الابتدائي .. انهى دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية المركزية في بغداد وتخرج منها بمعدل جيد، فقبل بموجبه في بعثة لوزارة النفط الى انكلترة آنذاك، كما قبل ايضا في كلية الهندسة، لكنه فضل الدراسة في كلية الطب / بغداد، فالتحق بها وتخرج منها عام 1960 . عمل طبيباً مقيماً في الناصرية، ورئيسا للاطباء المقيمين في مستشفى الفرات الاوسط في الكوفة .. ثم عزل  عن الخدمة بعد اعتقاله أثر انقلاب شباط الاسود عام 1963، وقد نال نصيبه مثل ما ناله العراقيون الوطنيون من تعذيب قاس على ايدي الحرس القومي الفاشي، ليسجن بعدها سنة واحدة، وينتقل بعد خروجه من السجن الى  بغداد، فيعمل في عيادته الخاصة كطبيب ممارس .. وبعد عام، اعيد للخدمة في وزارة الصحة مرة أخرى .. حيث تم تعيينه ( طبيب مركزي) في قضاء الميمونة بمحافظة ميسان، وبعدها طبيباً ممارساً في شعبة الجراحة في مستشفى العمارة الجمهوري ولسنوات عديدة..
سافر الى بريطانيا للدراسة على حسابه الخاص عام 1969 والتحق بكلية الجراحين الملكية البريطانية، فحصل عام 1974 على شهادة زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية من ادنبرة / أي شهادة الـ ( أف. آر. سي .أس ).. ليعود الى العراق ويعمل جراحاً إختصاصياً في المستشفى الجمهوري في البصرة، ثم رئيسا لقسم الجراحة، واستاذاً محاضراً في كلية طب البصرة .
 وفي عام 1976 أوكلت اليه مهمة فتح مستشفى الضمان الاجتماعي للعمال في الرصافة التابع اداريا الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فعمل على تطويره، وإعادة تبعيته الى وزارة الصحة، بإسم مستشفى الكندي العام.. حيث استمرت خدمته في هذا المستشفى جراحاً اختصاصياً ورئيسا لقسم الجراحة أيضاً .. حتى أصبح مستشفى تعليمياً ..  ولعل من المفيد ذكره هنا أن الدكتور جبار ياسر الحيدر قد أصبح مشرفاً على الدراسات التخصصية العليا في الجراحة العامة، وجراحة المسالك البولية ورئيسا للجنة العلمية، فقدم بحوثا علمية قيمة، نشرت في الكثير من المجلات العلمية الرصينة .. ليختتم خدمته لهذا المستشفى وهو مديراً له بعد حصوله على لقب جراح استشاري، ورئيس اللجنة الاستشارية لجراحة المسالك البولية في وزارة الصحة  ..
 وقد إستمر في عمله مديراً لمستشفى الكندي حتى عام 1994 .. حيث اصبح المستشفى تعليمياً بفضل الجهود التنسيقية التي بذلها شخصياً مع وزارة التعليم العالي، وكلية طب بغداد آنذاك، والتي اسفرت عن تأسيس كلية طب الكندي..  
تقاعد الدكتورجبار ياسر - بناء على طلبه - عام 1994 ، بعد خدمة جليلة يشهد له فيها الجميع.. وقد بلغ مجموع العمليات الجراحية التي قام بها أثناء خدمته ما يقارب 25 ألف عملية جراحية كبرى وفوق الكبرى، ووسطى أيضاً ..  
ولم يسترح الرجل بعد تقاعده الوظيفي، بل قام بإنشاء ( مستشفى الفردوس الاهلى ) للجراحات التخصصية في بغداد عام  1993،  وقد تولى العمل فيه جراحاً استشارياً، ومديراً له أيضاً .. وللحق فإن هذا المستشفى صار عوناً للفقراء المرضى من جميع العراقيين بلا إستثناء  ..  
  وفي عام 1997 هاجر الدكتور جبار مع عائلته الى كندا، فأستقر فيها،  بعد أن ترك في العراق مرغماً عيادته ومستشفاه ..  
 .. ومثلما كان ناشطاً سياسياً وطنياً في العهد الملكي منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي، فنال نصيبه من المضايقات والمراقبة والاعتقال على يد جلاوزة التحقيقات الجنائية في ذلك الوقت ، ومثلما واصل نضاله الوطني والعلمي والطبي بعد ذلك أيضاً.. فهو اليوم يواصل نضاله الوطني كداعية لحقوق الانسان والاقليات العراقية. ورغم أنه ليس عضواً في أي حزب سياسي حالياً،  لكنه عضو فعال  في الجمعيات والمنظمات العلمية التالية :-  
فهو زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية  
وعضو في نقابة الاطباء العراقيين
وعضو الجمعية الطبية العلمية العراقية
وعضو مؤسس لجمعية الجراحين العراقية
وعضو جمعية السرطان العراقية
وعضو المجلس العراقي الأعلى للسرطان
وعضو جمعية الهلال الاحمر العراقية
وحاليا يشغل مهمة رئيس الجمعية المندائية الكندية
وعضو ناشط بالجمعية العراقية الكندية  
وعضو أيضاً في جمعية ذوي المهن الطبية المندائية في العالم
وقبل الختام أود أن أسأل الجميع وأقول: بإلله عليكم، ألا يستحق هذا العراقي المطرَّز بكل هذا التاريخ الوطني والعلمي والمهني الكبير منصب  وزير في الحكومة العراقية الجديدة، كي يقال إن في هذه الحكومة عدالة وطنية، ومساواة صادقة؟ أم سنظل فقط نخاطب الصابئة والمسيحيين والإيزيديين أيام المحنة، فنطالبهم بالصمود، والبقاء ، والتشبث بأرض الآباء والأجداد .. صارخين بهم واحداً واحداً، وبقول شعري واحد: (إحذر إتغادر بلادك يالعراقي) بينما نبخس حقه ( العراقي) ساعة تويع الحقوق الوطنية؟
 كلمة أخيرة أتوجه بها الى دولة رئيس الوزراء نوري المالكي، وأقول له : صحيح أنك ستواجه صعوبة بالغة في إقناع الحيتان الطائفية والعروبية الشوفينية، لوعرضت عليهم موضوع تعيين وزير صابئي لاينتمي لحزب سياسي، ولا لقائمة برلمانية فائزة، سوى إنتمائه المخلص لوطنه، وشعبه، ومهنته العلمية الأكاديمية. ولا ينتمي لغير تاريخه المضيء، وغده الباسم الجميل .. لكني أذكرُّك أيضاً يا دولة الرئيس، بأن الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم كان قد سبقك في هذه المواجهة، حيث عانى ما عاناه من حيتان الشوفينية والتعصب عندما عرض قرار تعيين الدكتور الصابئي عبد الجبار عبد الله رئيساً لجامعة بغداد على مجلس السيادة قبل نصف قرن للمصادقة.. فصمد بوجه مجلس السيادة الذي رفض المصادقة على القرار، وظل الزعيم مصراً على قراره الوطني.. حتى أجبرهم على الرضوخ للأمر الواقع . فنجح الزعيم، وأصبح الدكتور الصابئي عبد الجبار عبد الله أول مندائي يرأس جامعة بغداد، لقد دخل الزعيم عبد الكريم قاسم التأريخ لشجاعته وصموده وفرض قراره الوطني .. فهل سيدخل المالكي التأريخ أيضاً، بإعتباره أول رئيس وزراء يختار صابئياً مندائياً وزيراً في حكومته .. وهل سيكون الدكتور جبار ياسر الحيدر أول وزير صابئي ينال حقه الوطني في تاريخ العراق الحكومي؟