المحرر موضوع: النشيد الموصلي - وثيقة منسية للتاريخ المعاصر  (زيارة 2314 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Bassim Hanna Petros

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 12
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
توطئة:

اليوم، والعراق يعيش قلقاً من فقدان الإستقرار والأمن، والموصل من بين مدن العراق المصابة بهذه الحال، تعود بي الذاكرة إلى موقف إتخذه أبناء الموصل كشعبٍ واحد حين هبّوا جميعهم قبل سبعين سنة مطالبين بالإبقاء على { عراقية } الحدباء أيام تأسيس الدولة العراقية الحديثة (المملكة العراقية)، لنستقرأ وثيقة الحدث المذكور. وكأن التاريخ يعيد نفسه بنفسه. فكان النشيد الموصلي.

                                                                             باسم حنا بطرس   
 

هديةً لأبناء الموصل الحدباء

النشيد الموصلي

وثيقة منسية للتاريخ المعاصر

في اليوم الخامس عشر من شهر كانون الثاني لعام 1925، خرجت جماهير الموصل تنادي بانضمام الموصل مدينةً وشعباً إلى الوطن الأم: العراق، تصدِّياً لمحاولة تركيا آنذاك للإبقاء على الموصل ولايةً تابعة لها. فكان:

النشيد الموصلي
الذي صدحت به حناجر المنشدين من تلاميذ مدارس الحدباء، ورددته جماهير الشعب المحتشدة في الساحة العامة قرب بناية القشلة.
 

إليكم قصة النشيد الموصلي (إستناداً إلى الوثائق المتوافرة لدى الكاتب).

 
نبــذة
 

لكون (النشيد الموصلي) من تلحين الوالد، حنا بطرس، وحيث لم تتوفر بين أوراقه التي أحتفظ بها في مكتبتي، ما يوثِّق هذا النشيد، سوى الخبر المنشور في الصحف آنذاك عن تكريم الملك فيصل الأول ساعةً ذهبية للوالد. وبعد أنْ قمتُ بتسجيل مقطع يسير من النشيد بصوت عمَّتي (مرتا بطرس)، وبحسب ما أسعفتها ذاكرتها قبيل وفاتها بسنتين، فاستذكرت منها ما كنت أسمعه في صغري من الوالد الملحن. هكذا تابعت إستقصاء المسألة، فاجتمعت لديَّ المعلومات الكافية عن النشيد: الكلام للشاعر الشيخ إسماعيل أحمد فرج الكبير، مدرس اللغة العربية والدين في أعدادية الموصل.

 كيف لي أنْ أحصل على النص الكامل للنشيد؟ طرقتُ أكثر من باب، وأجريتُ عدداً من الإتصالات، حتى توفر لي إسم نجل الشاعر المذكور، وهو عبد المنعم إسماعيل (مقدَّم طيار متقاعد): فاتصلتُ به مستعلماً منه شيئاً، فأفادني مشكوراً بوثيقة مهمة جداً تتضمن معلومة مختصرة لكنها وافية عن النشيد؛ هذا نصَّها الكامل:
 
 
النشيد الموصلي

نظم / إسماعيل أحمد فرج                                      لحن / حنا بطرس

التاريخ :5/1/1925.

             (هذا النشيد هو رأي الموصليين في إنضمامهم إلى العراق بعد معاهدة لوزان).

 

لستِ يا موصُل إلاّ      دارَ عزٍّ وكرامة

أنتِ فردوسُ العراق    حبَّذا فيكِ الإقامة

 

أنتِ منه خـير جزءٍ         خابَ مَن رامَ إنقسامة

وعماد المجـدِ أنتِ          فيهِ بكِ أقوى دعامة

أنتِ روحٌ هو جسمٌ        أنتِ تاجُ هو هامة

أنتِ شمسٌ  هو بدرٌ           منكِ قد لاقى تمامه

 

إنَّ مَنْ يدنو حِماكِ          فلقد أدنى حِمامة

كيف يدنوكِ وأنتِ             غابُ ابطال الشهامة

دونكِ شعبٌ غيورٌ           باذلٌ فيكِ إهتمامة

أقعدَ الكونَ قديماً        بالقنا تمَّ إقامة

كم أبى فيكِ حبّاً                     قد نضى العِضبُ حسامة

يلتقي الموتَ ببِشرٍ           وسرورٍ وابتسامة

 

نحن شوسُ الحرب قُدُماً     ولنا فيها الزعامة

كيف نولي مَن أتاكِ          طامعاً غيرِ النداما

سوف نُصليها ضِراماً         حرُّها يصلي عظاما

ويسح الدمُ منهم               مثل ما سحت غمامة

 

بلدي الموصل دومي        في آمانٍ وســلامة

لن ينالَ الغـيرُ منكِ       قطّ، مِن ظِفرٍ قلامة

 
 
ويختم عبد المنعم إسماعيل هذه الوثيقة بعبارة:

 

كُرِّمَ الشاعر بـ (100) رُبيَّة ذهب من قبل

المغفور له الملك فيصل الأول لنظمة هذا الشعر.

وكُرِّمَ الملحن بـ (ساعة ذهبية).
 

 

أما آن الأوان أن يعود النشيد هذا لمقارعة الإستبداد الذي خيَّم على العراق

عقوداً طويلة وممتالية من الزمن، ومناشَدة الشعب بكلِّ فصائله

للعودة إلى صفاء النفس والإحترام والمحبة؟

أجل!

باسم حنا بطرس

أوكلند في 1 تموز/يوليو 2005.

كتبت لأول مرة في بغداد بتاريخ 21 آذار/مارس 1998.