المحرر موضوع: من أجل عدم تفويت الفرصة التاريخية: نعم للمحافظة المسيحية  (زيارة 1866 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ghassan Shathaya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من أجل عدم تفويت الفرصة التاريخية: نعم للمحافظة المسيحية

يعاني ابناء شعبنا الواحد بمختلف تسمياته التأريخية العريقة الكلدانية والآشورية والسريانية من هجمة شرسة وحاقدة من قوى الاسلام الأصولي من أنصار تنظيم القاعدة بوجهه العراقي – دولة العراق الأسلامية ، ومن أنصار السنة، وأتباع الحركة النقشبندية ، وحزب الله العراق، والمجاميع الشيعية الخاصة، وعناصر من جيش المهدي (الذي كان السباق في طرد ابناء شعبنا من البصرة قبل ان تأخذ القاعدة المبادرة منه لاحقا)، وغيرهم من الحاقدين المسلمين على كل أنسان لايدين بدينهم الاسلامي الذي يكفّر أغلبية بني البشر ويجعل منهم أعداء واجب محاربتهم بهذه الطريقة او تلك .

رغم محاولات المخلصين من ابناء شعبنا الكلداني/الآشوري/السرياني دق ناقوس الخطر منذ أستلام الاحزاب الاسلامية الطائفية السلطة في العراق في عام 2004، الا أن البعض من السياسيين من اتباع الكنيسة الآشورية وبالتعاون مع البعض من المطارنة الكلدان (من محبي السياسة وهم فيها ناقصون) وقفوا ضد مشروع المنطقة الآمنة لمسيحيي العراق الذي كنت قد طرحته شخصيا في عام 2004 والذي كان الرئيس الأمريكي بوش حينها على استعداد للنظر فيه والموافقة عليه، لكن ومع الأسف الشديد وقف في حينها كل من السيد يونادم كنا، سكرتير الحركة الديمقراطية الأشورية، والبطريرك دلي، بطريرك الكنيسة الكلدانية، ضد ذلك المشروع ونتيجة لجهودهم تمت اجهاضه. واليوم وبعد ستة سنوات من قتل عدة الآف من الأبرياء من شعبنا ومن قساوسته وتفجير 52 من كنائسه، وتهجير اكثر من نصف ابناء شعبنا الى خارج العراق، يثبت ومن دون شك ان ماطرحته في 2004 من أقامة منطقة آمنة كان هو الصحيح والحل الأمثل، واليوم لن أعاتب من وقف ضد ذلك المشروع وأجهضه ولن أتهمهم بأن دماء الأبرياء على أيديهم، ولكني أتمنى ان يكونوا قد استوعبوا الدرس الأليم.

اليوم أطالب الجميع ان يعملوا وبكل قوة من أجل توحيد الكلمة والعمل بكل قوة وأخلاص من أجل عدم تفويت الفرصة التأريخية التي طرحها الرئيس طالباني في تحقيق منطقة آمنة لمسيحيي العراق ومحافظة تتمتع بصلاحيات تشريعية وتنفيذية كغيرها من محافظات العراق.

المطلوب مكان يستطيع فيه المسيحي العراقي ان يصل الى رتبة محافظ وقائد شرطة ومسؤول ذو سلطات تنفيذية . مكان يستطيع فيه مسيحيي العراق ان يشعروا انهم مواطنون من الدرجة الأولى لا الثالثة، محافظة يستطيع فيها المسيحي الحصول على حقوقه ان تم التجاوز عليها من دون خوف من شرطة الحكومة ان تأخذ جانب الجاني، محافظة نستطيع ان نأكل ونشرب ونحتفل متى ما أردنا ومتى ما أشتهينا من دون ان يقال لنا لا تستطيعون ذلك لأن الشهر الحالي رمضان، والأسبوع القادم عاشوراء، والأسلام يقول لا للموسيقى ولا للطرب ولا لقص الشعر كما نريد ولا لهذا اللباس او ذاك ولا للنساء السافرات و لا للأختلاط بين الرجل والمرأة و لا لهذا ولا لذاك بل نعم للطم ونعم للتطبير ونعم للتخلف ونعم لوحشية القتل وهمجيته بين شيعتهم وسنتهم وخصوصا الأصوليين بينهم من الذين ابدعوا في فنون الذبح والبربرية والتي يقولون ان الجزار ربهم يأمرهم بها بل يكافئهم ب70 من الحور والغلمان كلما زادوا قتلا وذبحا. يا له من اله شيطان ومصاص دماء. كفانا من حكام اختلفوا فيما بينهم وأتفقوا جميعا على ظلم وأهانة المسيحي العراقي .

ليكن لنا اخيرا أرضا ومحافظة مسيحية نحولها بأيدينا وعقلنا الكلداني/الآشوري المبدع والخلاق جنائن بابل جديدة وآشور صناعية وزراعية وحضارة تضاهي ارقى البلدان. أعطونا كل العراق لنقوده سنعطيكم يا مسلمي العراق بلدا وحضارة ترفعون رأسكم فيه عاليا بين الأمم، بلدا تعيشون فيه بكرامة، تأكلون وترزقون وتفرحون. أعطونا عراقنا، وسنبنيه مرة ثانية بابل عظمى وآشور أعظم.
بعيدا عن التمنيات والأحلام الوردية، ان ما يعيشه العراق حاليا هو سطوة التيارات الأسلامية على السلطة وهزيمة التيار العلماني العربي امامها. ان أي دراسة موضوعية للشخصية العربية العراقية وتربيتها الدينية الأسلامية المتجذرة ستصل الى نتيجة ان التيار الاسلامي الديني سيبقى في موقع السلطة في العراق الى 20 -30 سنة القادمة على الأقل اللهم ان الله يترحم على شعب العراق ويسقط سلطة الملالي في أيران قبل ذلك ، وهذا لن يحدث من دون تدخل دولي خارجي شبيه بأسقاط نظام صدام حسين وبما أن أمريكا قد تعلمت الكثير من الدروس السلبية في العراق وأفغانستان (على سبيل المثال، اعطاء السلطة للشيعة لأول مرة في حياتهم ومنذ 1400 سنة وبدلا من شكرها على ذلك يطالب مقتدى الصدر وغيره من قادة الشيعة محاربة وطرد الأمريكان "المحتلين"، بدل الشكر وتقبيل الأيادي والأقدام) ، فأنا أستبعد ان يقوم رئيس أمريكي بمغامرة جديدة ويغزو أيران (لا أستبعد ضربات تأديبية) .
  
من المؤسف ان أغلبية  قادة عرب العراق ينظرون اليه ، عمليا وكممارسة، كبلد حصلوا عليه جراء غزو أجدادهم له وبالتالي لا يزال في أعينهم كونه غنيمة وسبة ، يحلل لهم فيه ثرواته وأرضه وأمواله، يتقاسمونه فيما بينهم ومع اولاد عمومتهم من الأعارب من بقية البلدان. فصدام حسين قام بتوزيع ثروات العراق على كل عربي دق بابه ومن دون أكتراث أن تلك الثروات هي ملك أبنائه فقط. فقد دعا صدام حسين جميع العرب للمشاركة في تقاسم غنائم ارض السواد، بل قام بتوزيع الأراضي العراقية ومن دون اي شعور بالذنب بالخيانة العظمى للأم أرض الرافدين المقدسة، فهذه 100 كلم مربع لك ايها العربي الأردني، ولك بوسة وأراضي عراقية للحبيب السعودي، وكي لا ننسى الأخوة المسلمين في أيران، فهذا نصف شط العرب لهم. وبعد السقوط ، جاء معارضي صدام من العرب الاسلاميين، ومن اجل اثبات ان الجميع ينظر للعراق كونه غنيمة حرب نتيجة غزوة اسلامية، اخترع الرفاق الاسلاميين قصة الأبار النفطية المشتركة مع الجار الولي الفقيه القائد الضرورة أيران من أجل اعطائها جزء من الأرض، ثم صافحوا يد الأخوة العرب الكويتيين وأعطوهم ما فرضته من اقتطاع اراضي عراقية ظلما حينها أمريكا عندما كانت غاضبة من صدام، ومع كونها اليوم مستعدة للتراجع عن ذلك الموقف اذا اثبت هؤلاء الاسلاميين جدية في عدم القبول بذلك الظلم، ولكن هيهات أن يعترضوا، فأرض السواد غنيمة للتقاسم بين الأخوة العرب الأحباب.

ما ذكرته أعلاه من عدم الأرتباط الحقيقي بالأرض العراقية من قبل القوميين والاسلاميين العرب العراقيين يقابله شراسة للدفاع عن كل شبر سكنه وتوالد عليه الأكراد. فمع كون جميع الحقائق التأريخية تثبت ومن دون أية شائبة أن كركوك ليست تأريخيا أرضا كردية، ولكن سيكولوجية الكرد هي الأرتباط بأي أرض يسكونها والدفاع عنها بقوة وأضافتها الى كردستان التي لا تتوقف عن التوسع والتكاثر. الكردي عندما يستقر في ارض لاينقل الى احفاده عشقه وولعه بأرضه السابقة بل يعلّم الأولاد حب الأرض الجديدة التي  يأكل منها االيوم. الأكراد اليوم يكونون الأغلبية في كركوك ، وبالتالي بالنسبة لهم أصبحت كركوك كردية (كون كركوك أرض نفطية هي فقط علاوة حلوة لا تغير عن جوهر الأرتباط بالأرض)، وأنا متأكد انه لو كان الصراع على كركوك بين قادة عرب العراق وأعراب أخوة لهم على الحدود، لكانوا قد تنازلوا عن نصف كركوك وبكل طيبة خاطر لحل المشكلة.

هناك حادثة مررت بها تؤكد ان هناك مشكلة انتماء متأصلة عند العربي العراقي، فقبل سنين كنت أتكلم مع صديق من الأنبار واذا به يتفاخر بأصل عائلته (العرب عشائر والمفاخرة بالنسب والحسب ضرورة شعرية!)، والذي لم اتوقعه هو تفاخره من كون أصله العريق والعظيم "فعائلتنا أصلها من مكة واحنا نعتبر أشراف"، وهنا لم استطع التحمل فأجبته "يعني قصدك انتوا مو عراقيين. انتو سعودية!" وأصيب المسكين بصدمة جعلته ينظر الي بذهول لا يعلم كيف يجيب وماذا يقول. ان تلك الحادثة وغيرها من الالاف من تمجيد الأصل من سلالة الرسول محمد غير العراقية، وكون العديد من شيوخ العشائر العراقية يستلمون رواتب من السعودية كدليل ارتباط بالوطن الأم، تؤكد في نفس الوقت ان قدرة ايران على السيطرة على شيعة العراق نابع من نفس مشكلة الانتماء الحقيقي الى الأرض التي يعاني منها غالبية عرب العراق. فغريب حقا ان أكثرية شيعة العراق يتبعون ايران وبهمة واضحة مع كون قديسي الشيعة علي بن ابي طالب وأبنه الحسين يرقدان في النجف وكربلاء. بل قارن الزخم الهائل من شيعة العراق المقلدين لعلماء دين ايرانيين مقارنة بفخر ورفض الشيعي الأيراني تقليد عالم دين شيعي عراقي. الشيعي الأيراني يفضل ابن أرضه، بينما عربي العراق لا يزال يتذكر ان أصله من السعودية، فما المانع من تقليد ايراني، أفغاني أو غيره؟ (من المعروف ان غالبية العشائر الشيعية الحالية قد نزحت الى العراق في منتصف القرن الثامن عشر هربا من التطرف الوهابي وتم تحويلها الى المذهب الشيعي بجهود علماء النجف وكربلاء).

ان نقاشي حول شخصية عرب العراق الهدف منه توعية ابناء شعبنا الكلداني/الاشوري من ان الأعتماد او عقد الآمال على تغير حقيقي في اسلوب تعامل قادة العراق مع قضية شعبنا وحقوقه لن يجدي نفعا قبل حصول تغيير جذري ليس فقط في سيكولوجية الحكام بل عوام الناس ايضا، وهذه مسألة ستحتاج الى عشرات السنين وعدة أجيال من أجل حلها، وبالتالي علينا اليوم بناء نبتة في أرض الأجداد ، محافظة مسيحية، من أجل أن تكون شمعة تضويء الطريق امام جميع العراقيين ، من الأعارب العاربة فيهم ومن المستعربة من ابناء شعبنا الكلداني/الآشوري الذين أجبروا على مر الدهور على دخول الأسلام والأستعراب نتيجة لأسباب كثيرة لا مجال الدخول بها في هذه المقالة.

المحافظة المسيحية يجب ان تكون عراقية كما هي نخلته وكما هما نهراه دجلة والفرات، محافظة نبنيها لتكون حاضنة ليس فقط لأبناء شعبنا الكلداني/الاشوري بل للمثقفين والأحرار من العرب والكرد، ليس فقط أرض أمان من اجل ابعاد شبح الغربة عن ابناء شعبنا، بل  من أجل ابعاد الغربة عن جميع العراقيين من  المبدعين والمغنين والموسيقيين والمسرحيين والكتاب والرياضيين والمهندسين والعلماء والأطباء والشرفاء والمخلصين وكل عراقي يريد ان يعيش حرا كريما، بعيدا عن طغيان الأسلام السياسي وتخلفه وفساده وهمجيته.

إعملوا يا أبناء شعبي بهمة وبقوة من اجل تحقيق الحلم من ان ترجع لنا أرض صغيرة من أرض الأجداد.
تحالفوا مع الأخوة الأكراد، فمن دون حليف لن يتحقق شئ. التحالف لا يعني "انت معي على عدوي وانا على الحياد مع عدوك" (كما يريدها البعض). الرئيس طالباني كردي وان كان عربي لقال كغيره "التفجيرات يعاني منها جميع العراقيين، و"الأخوة المسيحيين" لهم حصة منها، فشنو صار خابصينة بيهم، احنة السنة والشيعة نتذابح شنو يعني جم واحد مسيحي ينقتل هنا وهناك وجم كنيسة تتفجر، كلنة عراقيين أخوة وكلنا جايين نموت سوية، شدعوة شنو صار ما تتحملون الذبح والمفخخات."
طالبوا بضمان دولي لحماية تلك المحافظة، فمن دون ذلك الضمان لن يستقر لنا حال.

تحالفوا مع جميع المثقفين والعلمانيين الشرفاء العراقيين في وجه من سيحارب فكرة المحافظة المسيحية من الاسلاميين والقوميين العرب. لن يقبل لا أشبال عفلق ولا أخوة بن لادن و لا أتباع الولي الفقيه بأعادة بعض الأرض لأصحابها الأصليين. سيحاربكم هؤلاء بشتى الوسائل من الأعلام الموجه الكاذب الى التهديد والوعيد.

ولا تنسوا الجبناء من أبناء شعبنا، فهؤلاء أكثر خطرا من الجميع، فهم مهدمي العزائم والشكاكين والمهولين للصعاب ومن جعل الأعداء تنانين جبابرة ذو قوى خارقة، هؤلاء المهزومين دوما من الداخل ..حاربوهم بكل ما أوتيتم من قوة.. حاصروهم وأطردوهم وأبعدوهم عن مركز القرار بشراسة ومن دون أية رحمة. وتذكروا دوما مقولة نابليون "عند القتال، خير لي قائد شجاع يقود الف أحمق من أحمق يقود الف شجاع."

أياكم يا أبناء شعبي من الخونة وبائعي الضمير على شاكلة ميخائيل حنا ، المعروف عالميا بطارق عزيز. أياكم من ذلك الذي باعكم وعمل ضد مصالح شعبنا عندما كان في موقع سلطة، وعندما يفقدها يريد الصعود على اكتافكم مرة اخرى بحجة كونه تذكر أصله فجأة. يقولون ان المجرم طارق عزيز "مسيحي عراقي"، ونقول لهم "اي مسيح صلى اليه المدعو طارق عزيز عندما خدم سيده المجرم صدام حسين اكثر من 30 عام؟ كم مرة زار ذلك الخائن كنيسة مسيحية في فترة 30 سنة من حكمه؟ ماذا فعل طارق عزيز لمسيحي العراق عندما اعتلى منصب نائب رئيس الوزراء صدام حسين ؟ ضد من رفع المؤمن الشجاع البطريرك شيخو عصاه مهددا ومتوعدا برفضه القبول بمطاليب صدام، الم تكن ضد الوسخ طارق عزيزالذي طالبه بالطاعة؟ الم يصبح ذلك البعثي العروبي ميخائيل حنا ، طارق عزيز الذي باع قوميته الكلدانية/الاشورية ليصبح رأس حربة حملة صدام للتعريب ضد أبناء شعبنا؟ بل نقول كم منكم شاهد الأنجيل في يد يهوذا العراق، طارق عزيز، في الفترة التي تحول فيها سيده صدام الى مؤمن قارئ للقران؟ وختاما، رجاء شخصي، الكف عن ربط ذلك المجرم بأسم مدينة اجدادي، تلكيف، فطارق عزيز لم يلد فيها وليس من أهلها.

سيعمل الأعداء على التشويش وتشويه القضية ، وسيغرسون في عقول البسطاء فكرة ان المحافظة المسيحية تعني "تجميع" جميع المسيحيين من كل أنحاء العراق في مكان واحد. وهذا غير صحيح فهي فقط لمن يسكن مناطق سهل نينوى ذو الغالبية السكانية لأبناء شعبنا. واذا أراد البعض الآخر الأنتقال اليها فأهلا وسهلا به ومن لا يريد فهذا شأنه.

المحافظة المسيحية لا تعني خلق غيتو مسيحي ، بل محافظة ذو غالبية مسيحية تعيش بأخوة مع بقية الأقليات من اليزيديين والشبك والعرب والكرد. هذا يعني ضرورة العمل والتنسيق المشترك مع ممثلي بقية الأقليات ودعوتهم للمشاركة في المطالبة بهذه المحافظة العراقية – محافظة الأقليات ذو الغالبية المسيحية.

الفاتيكان لديه سياسة عالمية معينة للتعامل مع المسلمين، لا تسمحوا لها ان تكون على حساب مسيحيي العراق وحقوقهم التأريخية في أرض الأجداد.

الرحمة والخلود لكل شهداء شعبنا المسيحي منذ أن وطأت أقدام الغزاة أرض الرافدين المقدسة.

غسان شذايا
مؤسس المجلس القومي الكلداني
مستشار أقدم – وزارة الخارجية الأميركية (سابقا)
ghassan2@gtekworks.com