المحرر موضوع: التغيير السياسي قد يكون شرطاً أساسياً لإطلاق الإصلاح التعليمي  (زيارة 849 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ** يدكو **

  • اداري منتدى الهجرة واللاجئين
  • عضو مميز متقدم
  • *****
  • مشاركة: 8832
  • الجنس: ذكر
  • ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه
    • مشاهدة الملف الشخصي
فرضَت العولمة تحديات كثيرة على الدول المتطوّرة، كي تحافظ على تفوّقها العلمي في مواجهة المدّ العِلمي من الدول الناشئة، كالصين والهند.

وجعل الرئيس الأميركي باراك أوباما إصلاح نظام التعليم الأميركي على رأس أولوياته عبر برنامج «السباق إلى المركز الأول»، لتحسين أداء المدارس الحكومية ذات الأداء الضعيف، وتعزيز رواتب الأساتذة والتقديمات لهم. والتزم توظيف 10 آلاف أستاذ متخصص في علم الحساب والعلوم في العامين المقبلين، لتعزيز مرتبة الطلاب الأميركيين الذين تراجع أداؤهم إلى المرتبة 21 في العلوم و25 في الحساب عالمياً، وهما مادتان أساسيتان لتخريج مهندسين وعلماء وأطباء يخدمون بلادهم باكتشافات علمية.

وكان «القانون الأميركي للتعافي وإعادة الاستثمار» لعام 2009 رصد 5 بلايين دولار لبرامج التعليم للمراحل الدراسية المُبكرة و77 بليون دولار لإصلاح أنظمة التعليم في المراحل الدراسية المتوسطة والثانوية.

وأطلقت شركة «ماكينزي» للاستشارات العالمية في مؤتمر إلكتروني من لندن تقرير «كيف تستطيع أنظمة المدارس الأكثر تطوراً عالمياً مواصلة تطوّرها؟»، الملحق لتقرير صدر العام 2007 بعنوان: «كيف يمكن لأنظمة المدارس الأفضل أداءً عالمياً أن تتبوأ الصدارة؟»، الذي تناول السمات المشتركة لأنظمة المدارس المرتفعة الأداء.

والتقرير الجديد الذي يقع في 125 صفحة يرصد عشرين نظاماً مدرسياً عالمياًً ذات تمويل حكومي أو بإدارة حكومية مباشرة تسجّل تحسناً في الأداء بمعدلات مختلفة، وهو وفقاً لمعدّيه «أشمل قاعدة بيانات حول إصلاح أنظمة المدارس عالمياً جرى تجميعها على مدى عقد كامل»، وهو ينتقل من مرحلة التقويم إلى التنفيذ، واستند إلى 200 مقابلة مع الأطراف المعنيين بتطوير أنظمة المدارس و600 إجراء تدخّل نفذوها، ودرس كيف استطاعت كل دولة من الدول العشرين (الأردن من الدول العربية) تحقيق مكاسب مهمة ومستدامة وواسعة النطاق في نتائج الطلاب، وفقاً لمعايير تقويم دولية ووطنية.

«لا يوجد مسار وحيد لتحسين أداء النظام المدرسي» تقول منى مرشد، الشريكة في شركة «ماكينزي» العالمية للاستشارات والمعدّة الرئيسية للتقرير. وتضيف: «بينما تشير تجارب الأنظمة التطويرية العشرين التي درسناها إلى أن هناك قواسم مشتركة قوية في طبيعة مخططاتها، وانه يمكن لنظام تعليم ما تحقيق مكاسب كبيرة حيثما بدأ، خلال ست سنوات أو أقل، إلا أن نتائج الطلاب في عدد كبير من أنظمة المدارس كانت سجلت إما ركوداً وإما تراجعاً في العقد الأخير». وتابعت انه مثلاً، في لونغ بيتش الأميركية، عززت إجراءات التدخل على مدار ست سنوات أداء الطلاب في الصفين الرابع والخامس إبتدائي في مادة الرياضيات بنسبة 50 في المئة و75 في المئة على التوالي.

وحتى الأنظمة التي تبدأ من مستويات أداء منخفضة، مثل ولاية ماديا براديش (الهند) وميناس جيرايس (البرازيل) وكيب الغربية (جنوب أفريقيا)، سجلت تحسناً مهماً في مستويات تعلم القراءة والكتابة والحساب في غضون سنتين إلى أربع سنوات فقط، في حين حققت تقدماً في تضييق فجوة التحصيل بين الطلاب من مختلف الخلفيات والمستويات الاجتماعية والاقتصادية. وفي ميناس جيرايس، كان نصف التلاميذ ما دون 8 أعوام يرتادون المدرسة فقط، وأرتفعت نسبتهم في العام الحالي إلى 86 في المئة، وفقاً لمرشد التي أضافت أن «أهم تحدي في الأنظمة التعليمية الضعيفة هو محدودية قدرة المدارس والوزارة المعنية».

وتنفّذ أنظمة المدارس ثلاثة إجراءات أساسية لتحقيق هدف تحسين تجربة التعلم للطلاب في الصفوف: تغيير «التصميم الهيكلي» عبر إنشاء أنواع جديدة من المدارس وتغيير الأعوام والمستويات والمناهج الدراسية وإلغاء مركزية مسؤوليات النظام، وتغيير «الموارد» عبر إضافة الأساتذة أو زيادة تمويل النظام المدرسي، وتغيير «العمليات»، أي تعديل المناهج الدراسية وتحسين الطريقة التي يتولى بها المعلمون مهمات التدريس والتعلّم والمديرون مهمات القيادة. وكل نوع من أنواع إجراءات التدخل الثلاثة، أي التصميم الهيكلي والموارد والعمليات، يكتسب أهمية على مدى طريق رحلة التطوير، لكن الغالبية العظمى من إجراءات التدخل في العيّنة كانت في إطار بند «العمليات».

وأضافت مرشد: «ترتبط كل مرحلة معيّنة من رحلة تحسين نظام المدارس بمجموعة فريدة من إجراءات التدخل، وتنفذّ كل الأنظمة مجموعة مشابهة من إجراءات التدخل الرامية إلى الانتقال من مستوى أداء معين إلى آخر، بصرف النظر عن الثقافة والموقع الجغرافي والسياسة أو التاريخ». وتبلي الأنظمة التعليمية بلاء حسناً في الاستفادة من الأنظمة التي تمر في مرحلة مشابهة، أكثر من تلك في مستويات أداء شديدة الاختلاف، كما أن الأنظمة لا يمكنها الاستمرار في إحراز التقدّم باعتماد الإجراءات نفسها التي حققت لها النجاح في الماضي.

وتنطوي إجراءات التدخل التي تجريها ماديا براديش (الهند) وميناس جيرايس (البرازيل) وكيب الغربية (جنوب أفريقيا) على مسار الانتقال من الأداء «الضعيف» إلى «المتوسط» على أوجه شبه «لافتة» في جَمع البيانات والتنظيم والموارد المالية وأصول التربية، وتقوم مجموعة مختلفة من الإجراءات بالشيء نفسه في الارتقاء من الأداء «المتوسط» إلى «الجيّد»، ومجموعة ثالثة من «الجيّد» إلى «الجيد جداً»، ومجموعة تنقله من «الجيد جداً» إلى «الممتاز».

وعلى رغم أن كل مرحلة أداء ترتبط بمجموعة مشتركة من إجراءات التدخل، إلا أن ثمة تبايناً كبيراً في الطريقة التي ينفّذ بها نظام ما هذه الإجراءات، أكان من ناحية تسلسلها أو توقيتها أو تنفيذها. وهناك أدلة قليلة أو مُنعدمة بأن «منهج المقاس الواحد المناسب للجميع» نجح في تنفيذ الإصلاح.

وتحتاج الأنظمة ضمن مستويات الأداء «الضعيف» و «المتوسط» إلى مركز يعمّم ممارسات التدريس على المدارس والمعلمين، لكن هذا النهج لا يصلح للأنظمة ذات الأداء «الجيد» فما فوق التي تحقق التقدم بواسطة مركز يعزز المسؤوليات والمرونة لدى المدارس والمعلمين في إعداد ممارسات التدريس.

ويشكل أحد أهم قرارات التنفيذ «تركيز نظام معيّن على تفويض الأطراف المعنيين للتقيد بالإصلاحات، بدلاً من إقناعها بذلك».

وأشارت نائب رئيس مكتب التعليم في هونغ كونغ (من الأنظمة «الممتازة»)، كاي كاي تشان، إلى أن هونغ كونغ عمّمت التعليم الإجباري للجميع العام الماضي، في حين كان سابقاً لغاية الصف التاسع فقط. وفرضت جامعات هونغ كونغ النجاح في فحص القبول لديها في مادة الحساب بنداً إجبارياً لدخول الجامعة، لتعزيز أهمية هذه المادة.

واعتمدت الأنظمة قيد الدراسة على المَزج بدرجات مختلفة بين «التفويض» و «الإقناع» لتنفيذ مجموعة إجراءات التدخل. فأميركا وليتوانيا اعتمدت أهداف «يجب تطبيقها»، في حين أن سنغافورة وهونغ كونغ وبولندا اختارت إجراء حوارات خاصة مع المدارس لإقناعها بالإجراءات المعتمدة.

ولفتت مرشد إلى أن هناك ستة من إجراءات التدخل مشتركة على مدى رحلة التطوير بأكملها هي: بناء مهارات التدريس للمعلمين والمهارات الإدارية لمديري المدارس، وضمان هيكل الأجور والمكافآت المناسب للمعلمين ومديري المدارس وتقويم الطلاب وتحسين نُظم جمع البيانات وتيسير التطوير عبر إدخال وثائق السياسات وقواعد التعليم ومراجعة المعايير والمناهج الدراسية.

ومن ناحية تدريب المعلمين، اعتمدت أرمينيا (في مخططها للانتقال من الأداء المتوسط إلى الجيد) على برامج تدريب متداخلة ومحددة مركزياً، في حين سمحت سنغافورة (في مخطط الانتقال من الأداء الجيد إلى الجيد جداً) للمعلمين بمرونة في اختيار المواضيع الأكثر توافقاً مع حاجاتهم التطويرية.

وتضع الأنظمة المتطورة مسارات وظيفية للمعلم، يقوم بموجبها المعلمون ذوو المهارات المرتفعة بمسؤولية دعم زملائهم الأقل تجربة لتحقيق التميز التدريسي في المدرسة في المقام الأول، ثم على امتداد النظام ككل. وتضع هذه الأنظمة أيضاً الممارسات التعاونية، مثل تخطيط الدروس بوتيرة أسبوعية لجميع المعلمين في المادة الدراسية نفسها والتدريس المشترك.

وعلى رغم أن المعلمين يحصلون على 56 في المئة من تدخلات الدعم في هذه الأنظمة، فإنهم لا يتلقّون سوى 3 في المئة من إجراءات التدخّل حول المساءلة.

البيئة الحاضنة للإصلاح التعليمي

وحول البيئة الحاضنة لتنفيذ الإصلاح التعليمي في دولة ما، لاحظ التقرير أن «هناك ظرفاً واحداً أو أكثر من ثلاثة ظروف أنتجت الشروط المطلوبة لتحفيزه، هي أزمة اجتماعية واقتصادية أو تقرير حرِج رفيع المستوى حول أداء النظام السيء، أو تغيير في قيادة البلاد السياسية. فمن أصل خمسة عشر من الأنظمة العشرين، كان اثنان أو أكثر من شروط «التحفيز» متوافرة قبل إطلاق جهود الإصلاح. ويعتبر الحدث الأكثر شيوعاً هو تغيير القيادة، أكان سياسياً أو استراتيجياً.

وكان القادة الاستراتيجيون الجدد حاضرين في جميع الأنظمة النموذجية، والقادة السياسيون الجدد حاضرين مناصفة.

ولاحظ التقرير أن «استمرارية القيادة أمر ضروري ليس فقط لتحقيق الإصلاح، لكن لإستدامته»، إذ أن متوسط فترة تولّي المنصب لدى القادة الاستراتيجيين الجدد هو ست سنوات، ولدى القادة السياسيين الجدد سبع سنوات. وهو يقع في تناقض صارخ مع القاعدة، إذ ان متوسط فترة تولّي المنصب لمديري مدارس المقاطعات الحضرية الأميركية هو ثلاث سنوات فقط، ومتوسط فترة تولّي المنصب لأمناء التعليم في بريطانيا هو عامان فقط، ومتوسط فترة تولّي منصب وزراء التربية والتعليم في فرنسا سنتان.

وبالتالي، ختمت مرشد: «يجب أن تعكف الأنظمة على إعداد الجيل المقبل من القادة، مع ضمان انتقال سَلِس للقيادة، للحفاظ على الاستمرارية على المدى الطويل في تحقيق أهداف الإصلاح، وتحقيق مكاسب سريعة في نتائج الطلاب».

ويذكر أن الأنظمة الدراسية الـ20 التي درسها التقرير هي في أرمينيا ومدرسة «أسباير» (التابعة لنظام مدارس الميثاق الأميركية) وبوسطن ولونغ بيتش (الولايات المتحدة) وتشيلي وبريطانيا وغانا وهونغ كونغ والأردن ولاتفيا وليتوانيا وماديا براديش (الهند) وميناس جيرايس (البرازيل) وأونتاريو (كندا) وبولندا وساكسونيا (ألمانيا) وسنغافورة وسلوفينيا وكوريا الجنوبية وكيب تاون الغربية (جنوب أفريقيا).

* صحافية من أسرة «الحياة»