المحرر موضوع: رأسمالية الدول عصر يتشكل هل هو نهاية السوق الحرة؟ (4)  (زيارة 860 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. هاشم نعمة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 183
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

   رأسمالية الدول عصر يتشكل هل هو نهاية السوق الحرة؟ (4)

                                                                                         
     ترجمة: د. هاشم نعمة

                                       الطريق إلى الأمام
     خلقت الأزمة المالية العالمية وهم الوحدة الدولية القائم على خوف خاطئ متمثل بأن الجميع يغرق في نفس القارب. قبل عام، كان الحديث يدور في الدوائر السياسة حول عملية "فصل"، الأزمة الاقتصادية بواسطة قيام الاقتصاديات الناشئة بتطوير قاعدة محلية واسعة للنمو بما فيه الكفاية لتحريرها من الاعتماد على طلب الاستهلاك القادم من الولايات المتحدة وأوروبا. غير أن توقعات الفصل ثبت بأنها سابقة لأوانها. حيث إن المشاكل الاقتصادية التي نَشأت، بدرجة كبير، في الولايات المتحدة فرضت بقوة انخفاضاً حاداً في النمو الاقتصادي في العشرات من البلدان النامية من خلال تراجع الطلب على صادراتها.
     لكن تحت السطح، لا يزال الفصل واضحاً في الأسواق النامية المحلية في البرازيل، والصين، والهند، وروسيا؛ المتمثل في الاستثمارات الحكومية العائدة لهذه البلدان التي تتم في الخارج؛ والتي تعمل على إضفاء الطابع الإقليمي على تدفقات رأس المال؛ وعلى المدى البعيد ستتمكن دول مجلس التعاون الخليجي، وأعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا، وبعض حكومات أمريكا الجنوبية من إصدار العملات الإقليمية القادرة على الحياة ومن ثم تصبح هذا الدول أكثر اعتماداً على الذات.
     لم يعد بإمكان الولايات المتحدة أن تعول على الشركاء الاستراتيجيين لشراء ديونها، كما فعلت مع اليابان وألمانيا الغربية في الثمانينات. حيث يجب عليها الآن أن تعتمد على منافسيها الاستراتيجيين، خصوصاً، الصين التي لا تعتقد بأن الولايات المتحدة قادرة على الاحتفاظ بدورها كمركز اقتصادي عالمي لأجل غير مسمى. وقد ساعدت احتياطات الدولار المدخرة بكين على الحفاظ على قيمة العملة الصينية منخفضة، ومن ثم زيادة صادرات الصين وإنتاج فوائض تجارية قياسية. لكن الآن تتمثل أولوية الصين في بناء سوقها المحلي لخلق نموذج جديد من النمو الاقتصادي يعتمد أقل على الصادرات إلى الولايات المتحدة وأوروبا ويعتمد أكثر على طلب المستهلكين الصينيين. وإذا نجحت الصين، عندها سيصبح "الفصل" مصطلح ذو معنى أكثر، وسيكون للصين حافزاً أقل لشراء ديون الولايات المتحدة. وإذا أراد عدد أقل من الدول شراء سندات الخزانة الأمريكية، فإن معدل فائدتها يجب أن يُرفع لجعلها جذابة للمشترين، وهذا سيعني أن مديونية الولايات المتحدة ستستمر لفترة طويلة. وبمجرد أن يبدأ الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة، فإنه سيكون بوتيرة أبطأ، وستتسارع عملية تأكل مكانة الدولار باعتباره العملة الاحتياطية في العالم.
      قد تخلص الولايات المتحدة بأن قوتها في ضبط وتعزيز القواعد الاقتصادية في العالم في طريقها للانحسار. أنها لا تستطيع، على أية حال، أن تتمتع بثقة كبيرة يؤهلها كي تلعب دوراً قيادياً في مجموعة العشرين ( مجموعة الدول ذات الاقتصاديات الرئيسية). هذا المنتدى يشمل الاقتصاديات الناشئة، مثل الصين والهند، التي استُبعدت من مجموعة السبعة (مجموعة الدول الصناعية الكبرى) وبسبب الاختلاف الطبيعي بين المصالح الاقتصادية لهذه الدول ومصالح الدول المتقدمة سيكون من الصعب بناء أي توافق في الآراء بشأن أصعب التحديات الاقتصادية. إن المشكلة تتضخم بسبب ميل السياسيين، في كلا من العالم المتقدم والنامي، لتصميم خطط التحفيز لتكون متوافقة مع زبائنهم أو جمهورهم أو دوائرهم الانتخابية، وعدم أخذهم بعين الاعتبار تصحيح الاختلالات الاقتصادية الكبرى.
     هل ستبقى رأسمالية السوق الحرة  تشكل بديلا مجديا على المدى البعيد؟ سيعتمد هذا الأمر إلى حد كبير على ما يقوم به صانعو القرار السياسي الأمريكي بعد ذلك. ومع هذا فإن رأسمالية الدولة سوف لن تختفي في أي وقت قريب.
انتهى 
الترجمة عن مجلة: Foreign Affairs, Volume 88 No. 3, May/ June 2009