المحرر موضوع: أستهداف وتصفية المسيحيين العراقيين والأقليات الأخرى. بصريح العبارة: من المسؤول؟  (زيارة 1568 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالاحد سليمان بولص

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2135
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أستهداف وتصفية المسيحيين العراقيين والأقليات الأخرى
 بصريح العبارة: من المسؤول ؟
لقد سطرت الكثير من المقالات حول هذا الموضوع من قبل مختلف الجهات وكثرت الأستنكارات  الرسمية والشعبية على ما يتعرض له المسيحيون من تعديات ولكون الأستهداف مستمرا  بلا انقطاع فلا بد من الأكثار من مثل هذه الكتابات علها تجد أذنا صاغية لدى المسؤولين وتحرك ما قد يكون متبقيا من ضمير أنساني لدى منفذي هذه العمليات الأجرامية أن وجد لديهم ضمير أصلا.
أستفحلت محنة العراقيين وبصورة خاصة المسيحيين منهم منذ بداية الأحتلال الأجنبي للعراق سنة 2003 وذلك لأخلال المحتل بالقوانين الدولية التي تحتم عليه حماية المدنيين أثناء الحروب وبالعكس من ذلك قامت تلك القوات بأطلاق يد الكثير من القوى الظلامية وشجعتها على تأسيس ميليشيات ظاهرها  ديني وباطنها أنتهازي ومصلحي تقودها حالة الشعور بالنقص سواء من الناحية المادية أو الثقافية أو كنتيجة لحالة  الأستهداف المستمر لعقود من الزمن التي مارسها النظام السابق ضدها  ولكون المكون المسيحي وغيره من الفئات الصغيرة كاليزيديين والصابئة المندائيين لا يملك وبتعبير أدق لا يرغب بأمتلاك ميليشيات خاصة  فقد تم أستهدافهم بأستغلال نقطة ضعفهم هذه.
يقال أن منتسبي تنظيم القاعدة وما يسمى بدولة العراق الأسلامية هم المسؤولون عن كل الجرائم التي لحقت بهذه الفئات المسالمة وهذا قد يكون  جزءا كبيرا  من الحقيقة ولكنه ليس كل الحقيقة لأن الأضطهاد قد بدأ منذ السنة الأولى للأحتلال وفي مدن الجنوب وبصورة  خاصة في محافظة البصرة التي وقعت منذ البداية تحت سيطرة ميليشيات ذات لون محدد ولم يكن  هناك وجود بارز أن لم يكن معدوما لتنظيم القاعدة  حيث بدأ تحديد الحريات وفرض المظاهر الدينية الأسلامية على غير المسلمين بشكل صارم وحوربوا في مصادر رزقهم المتمثلة ببعض الحرف التي أمتهنوها مجبرين مثل صالونات الحلاقة وبيع الخمور بسبب عدم تكافؤ  الفرص للحصول على وظائف في دوائر الدولة التي تم تحديدها وتقنينها بحقهم بشكل بارز وأن كانت مثل هذه التقييدات موجودة ومتوارثة منذ قرون ألا أنها أستفحلت بعد الأحتلال.
تعلن الحكومة العراقية ويصرح الكثير من المسؤولين بأنهم يعملون على حماية المسيحيين وغيرهم من الفئات التي يسمونها بالأقليات الأصيلة في تكوين الموزائيك العراقي وهذا بحد  ذاته كلام جميل ولكن ما هي أمكانياتهم ورغبتهم الفعلية في تطبيقه أذ بات من الصعب التمييز بينما أذا كان هذا الكلام مقصودا فعلا أم انه لمجرد التخدير الوقتي ولسد الأفواه المعترضة سواء من الداخل العراقي بكل أطيافه حيث  الكثير من الأصوات الخيرة ترفض هذا الأستهداف المقيت  أو التقارير الواردة من الخارج وبصورة خاصة من ممثلي الأمم المتحدة تلك التقارير غير الملزمة التي لم تصل يوما لحد الجدية أذ لا تفرق كثيرا عن تصريحات المسؤولين العراقيين.
كان أول عمل قامت به المحاكم العراقية هو محاكمة رجال العهد السابق عن جريمة مذبحة الدجيل التي ذهب ضحيتها 148 مواطن بريء وتم تنفيذ الأحكام بصورة عاجلة رغم وجود محاكمات أخرى أكبر وأهم من جريمة الدجيل أتت بعدها في التسلسل مثل حلبجة ومقتل التجار وغيرها في حين أن مذابح الأقليات لم يشر أليها أحد لا من بعيد ولا من قريب ألا ما ندر مثل مذبحة قرية صوريا التي ذهب ضحيتها معظم أهل القرية وبقرار من ضابط صغيرغير مخول من ضباط الجيش العراقي كان هو الحاكم والمنفذ مقترفا جريمة يندى لها الجبين والأدهى والأمر في الموضوع أنه لا يزال طليقا ولم يلاحقه أحد بحسب المعلومات المتوفرة.

جريمة أخرى كبرى من الجرائم التي نفذت بحق المسيحيين هي تلك التي ذهب ضحيتها المغفور له رئيس أساقفة الموصل المطران بولص فرج رحو ورفاقه الذين أستهدفوا جهارا وأمام المارة في الشوارع وفي وضح النهار حيث حوصروا من جميع الجهات وقد أشترك في الجريمة ما لا يقل عن عشرة أشخاص وكل ما صرحت به الحكومة بعد فترة هو أعدام شخص منتم  لتنظيم القاعدة في قضاء حديثة وكأنه أن صح الخبر كان قد نفذ الجريمة لوحده والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا لم تتم المحاكمة علنا وتعلن من على شاشات التلفزة كما جرت للحالات الأخرى أم أن الدم المسيحي أرخص من غيره وهل لي أن أصدق بأن الأعلان كان جادا وصادقا؟ مجرد أستفسار.
لماذا أذن تقع كل هذه الجرائم وما هي الدوافع التي تختفي وراءها ولمصلحة من يتم طمسها لكي تنسى مع الوقت وألا يتوقع أحد أن تثار مجددا حين يحين الوقت كما كانت الحال مع جرائم النظام السابق؟ كتحليل محايد لا يبغي أتهام احد بصورة محددة يمكن وبصريح العبارة توجيه المسؤولية المباشرة الى جهات عديدة رئيسة وكما يلي:
أولا:
جهات خارجية ومن دول المحيط العراقي تحديدا ليس من مصلحتها حدوث أستقرار سياسي في العراق وبناء ديمقراطية فيه وأن بدأت عرجاء يمكن أن تؤثر على شعوب تلك الدول المغلوبة على أمرها أذ وصلت الحالة السياسية فيها الى أن يحكم رئيس للجمهورية دورات عديدة وعن طريق أنتخابات على شاكلة الفوز بنسبة 99.9% أو ان يستورث الأبن منصب والده الرئاسي وقد تجاوزت الفترات الرئاسية لبعضهم  ست دورات أو أكثر فيما  البعض منهم ملك مدى الحياة.
ثانيا:
تعلن القوات العراقية يوميا عن ألقاء القبض على العشرات من المجرمين ولو تم أحتساب أعداد الموقوفين بشكل دقيق لعد بالملايين ولكن مقابل ذلك قلما نسمع عن أصدار حكم قضائي بحق بعضهم لا بل يتردد أن الكثيرين منهم يفرون من سجونهم أو يسلمون الى دولهم لقاء صفقات مشبوهة أو قد يطلق سراحهم لقاء حصول توافق للحصول على تأييد الجهات التي ينتمون أليها بغية الكسب السياسي .
ثالثا:
الرجل الطيب  مام جلال  رئيس الجمهورية المتوافق عليه لفترة ثانية يرفض توقيع أحكام الأعدام الصادرة عن المحاكم المختصة بأعتباره ينتمي الى الأشتراكية الدولية التي ترفض أحكام الأعدام وفي الوقت الذي تسجل لصالحه  هذه الوقفة ذات الطابع الأنساني ألا أنه ينسى أن القانون العراقي يجيز عقوبة الأعدام والتي رغم قساوتها تعتبر درسا يمنع تمادي الكثيرين في أجرامهم وأن كان لا بد للسيد الرئيس أن يمتنع عن توقيع تلك الأحكام فأني أرى أنه كان الأولى به رفض المنصب لأن موقفه هذا يتقاطع مع القانون العراقي.
رابعا:
مما لا شك فيه أن جل الوظائف الحكومية قد شغلها اناس ينتمون لهذه الفئة أو تلك من القوائم الرئيسية المسيطرة على الحكم في العراق بغض النظر عن الكفاءة والأختصاص والأهم من ذلك الأخلاص وهي مخترقة أو أنها تفضل مصلحة قائمتها على المصلحة العامة ولا بد من أجراء غربلة شاملة لأستبعاد كل مفسد والأبقاء على المخلصين منهم فقط.
خامسا:
المجرمون المغسولة أدمغتهم الحالمون بحور العين يأتي معظمهم من خارج العراق ولولا وجود تغطية ومساندة كبيرة من أناس من الداخل لما تمكنوا من التحرك بهذه الحرية وتنفيذ جرائمهم ولا بد أن وراءهم منظمات متمرسة للتنفيذ ولكن العجيب هو كيف تتحاشى وتتفادى هذه الجهات رقابة  قوى الأمن الداخلي التي يبلغ تعدادها أرقاما خيالية ؟
سادسا:
لم تصدر في يوم من الأيام فتوى تحرم مثل هذه الجرائم من اي من الجهات المتنفذة في الحكم سواء الشيعية منها أو السنية وكل ما يصدر بين فترة واخرى من تصريحات خجولة لبعض رجال الدين لا يرقى الى درجة التحريم ولابد أن الدافع لهذا الأمتناع سببه وجود بعض الآيات في سور القرآن تشجع على مثل هذه الأعمال يستغلها التكفيريون أساسا يستندون اليه في تنفيذ عملياتهم متناسين أن هذه الأفعال المستهجنة تسيء الى الأسلام أكثر من أسائتها للآخرين حيث أصبح العالم ينظر الى كل مسلم وكأنه أرهابي بالرغم من أن الأكثرية الساحقة منهم بريئة من هذه التهمة.
وأخيرا كلمة صادرة عن قلب متألم أوجهها الى أخوتي المسيحيين وبقية الأخوة من الأقليات الأخرى المستهدفة ومع حبي العميق لوطني العزيز المستباح وتقديري العالي لرجال الدين الكرام الذين يشجعون الناس على البقاء وكحل آني ومؤلم جدا لأن الوطن هو أعز ما يفتخر به كل مواطن صالح فأني أطالب كل من أستطاع مغادرة البلد أن يغادره اليوم قبل غد وبدون تردد ومن ليس بأستطاعته الهروب الى الخارج أن يستغل الفرصة الثمينة التي وفرها أقليم كردستان والأنتقال الى هناك وتحمل كل الصعوبات وهذا  أفضل من الأستمرار في تلقي الضربات  المؤلمة حيث قلما يمر يوم لا نسمع فيه عن مقتل مسيحيين هنا أم هناك والى أن يأتي يوم الفرج القريب لكل العراقيين بعون الله. أنا أعلم بأن ما أطلبه صعب جدا ولا يؤيدني فيه كثيرون ولكنه يبقى أهون الشرين أذ أن الحياة أثمن من أي شيء يمكن للأنسان أن يمتلكه.
عبدالاحد سليمان بولص