المحرر موضوع: تونس: وهكذا إنتصر الشعب..!  (زيارة 1279 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
تونس: وهكذا إنتصر الشعب..!
« في: 00:29 16/01/2011 »
تونس: وهكذا إنتصر الشعب..!
باقر الفضلي

لقد أثبت الشعب التونسي بإنتفاضته الجبارة، بأن الشعوب قادرة أن تطيح بمستبديها، متى ما توحدت كلمتها، وهذا ما أثبتته الشرارة الأولى التي أوقدها الشهيد الثائر محمد البو عزيزي، التي ألهبت غضب الشعب ليعصف بكل جبروت الطاغية الذي تربع على عرش السلطة ثلاث وعشرين عاماً كأي فرعون حكم بقبضته الحديدية على رقاب الناس، مؤسساً لنظام دكتاتوري، قمع حريات الناس، وقيد حرية التعبير، وزج معارضيه في السجون، وغير الدستور للبقاء في دست السلطة لفترة أطول، متنكراً لكل أصوات الإحتجاج والإستنكار على نظام العسف والإضطهاد، الذي أغرق الشعب فيه طيلة فترة وجوده في السلطة، ليصبح وجوده جزءً لا ينفصل عن بنية نظام متكامل من الفساد، وإهدار حقوق الإنسان على مستوى كامل مؤسسات الدولة..!!؟


لقد أدرك الشعب التونسي العظيم بكل نخبه وطلائعه المثقفة وجماهيرعماله وكادحيه، بأن الشرارة التي أشعلها الشهيد محمد البوعزيزي بإحراق نفسه إحتجاجاً على طغيان الإستبداد، لا يمكن لها أن تنطفيء عند حدود الأوضاع الإقتصادية المتردية وعند حدود حاجات اليوم الإستهلاكية، كما وليس فقط عند حدود مستويات البطالة المتفاقمة، بل أدرك هذا الشعب الذي صبر كثيراً وعانى كثيراً تحت عنت وإستبداد نظام الإستبداد الفرعوني تحت رئاسة زين العابدين بن علي، بأن مأساة حياته بكل جوانبها، إنما هي نتاج تداعيات النظام السياسي الدكتاتوري الإستبدادي، الذي أسست له وقادته الطغمة العسكرية بقيادة زين العابدين بن علي منذ عام 1978 وحتى تأريخ هزيمتها في الرابع عشر من كانون الثاني/2011 ، ليجد أن لا مناص أمامه غير مواصلة المسيرة النضالية التي إجترح أول خطواتها الشهيد محمد البو عزيزي، وأن يلقي الى مزبلة التأريخ رمز نظام الإستبداد الذي ولى هارباً أمام هدير إنتفاضة الشعب الباسلة، جاراً وراءه  إذيال الخزي والخذلان..!

لقد إنتصرت إنتفاضة الشعب التونسي الرائعة بجدارة وإصرار وعزم كبيرين، لتلقن من الدروس البليغة، كل من يساوره الشك بقدرة الشعوب وقوة إرادتها، وكل من يستهين من الحكام ومن المتسلطين على رقاب شعوبهم، بأن الشعوب ومهما جار عليها زمن الإستعباد وطغيان الإرهاب، لا تغفر يوماً لمذليها ومستعبديها ما إرتكبوه بحقها من صنوف الإذلال ومن جرائم الإضطهاد وإهدار الكرامة..!؟

لقد هزم الشعب التونسي، بلحمة فصائله الوطنية، وتعاضده ووحدة كلمته، وتضحياته الدموية الجسيمة، النظام الدكتاتوري، وأن يرغم الدكتاتور على الإنهزام، ليحقق في الرابع عشر من كانون الثاني/2011 الخالد، الحد الفاصل بين الكدتاتورية الغاشمة، وبين بداية وضع أسس بناء الدولة الديمقراطية، دولة الحرية والعدالة والمساواة..!

وإبتداء من هذا اليوم تكون معركة الحرية والديمقراطية في تونس، قد إبتدأت، وإن مخاضها سيكون أصعب وأقسى، ومتطلباتها ستكون أعظم وأكبر مما يعتقده البعض، فهي ستكون صراعاً لا يتوقف بين مخلفات الدكتاتورية من عسف وظلم وجور وفاقة ودمار إقتصادي وكبت للحريات وإضطهاد لحقوق الإنسان، وجميعها لا زالت تلتحف بثقافة الدكتاتورية وبقاياها من مخلفات قوى النظام المهزوم، وبين أمل واعد للبناء والتعمير وإطلاق الحريات العامة، وتثبيت أسس الديمقراطية كنهج في الحياة السياسية والإجتماعية، وفي مقدمتها إطلاق حرية المرأة السياسية والإجتماعية، وكل ما يصب في مسيرة تعزيز كرامة الإنسان، وما يدفع الى  كنس مخلفات الإستبداد والطغيان..!

إن أمام طلائع وقيادات الشعب التونسية الوطنية، الكثير من المهمات الوطنية التي لا ينبغي أن تنتهي بأنصاف الحلول، والتي تستلزم تمتين وحدة الصف الوطني وإشاعة ثقافة التلاحم الإجتماعي ورص الصفوف، للحفاظ على المكتسبات الكبيرة التي حققها الشعب التونسي العظيم، والتي تجلت بالهزيمته النكراء للدكتاتورية وكل من كان يراهن على إستمرارية بقائها..! 

فهنيئاً للشعب التونسي العظيم بإنتصاره الجبار، وتظل دماء محمد ابو عزيزي الطاهرة، ملهماً أبدياً لكرامة الشعوب، ورمزاً خالداً للنضال والحرية..!
14/1/2011