المحرر موضوع: القديسة أغنس  (زيارة 1418 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل nori mando

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 174
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
القديسة أغنس
« في: 22:45 21/01/2011 »
القديسة أغنس
الشماس نوري إيشوع مندو
   القديسة أغنس: أغنس تعني " النقية " ولدت في أواخر القرن الثالث في مدينة روما من والدين شريفين. ومنذ طفولتها رضعت مع لبن أمها الفاضلة التقية حب التقوى والنقاوة والبتولية. وكبرت الفتاة فكانت حشمتها تزيد في جمالها وبهاء قوامها وإشراق طلعتها.
   فرآها يوماً ابن والي روما فأغرم بها وراح يركض وراءها يخطب ودها. وكانت لا تزال حديثة السن لا تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها. فأغضت عنه ولم تكترث له. فبعث إليها بهدايا ثمينة من ذهب وجواهر، فأحتقرتها وأعادتها إليه، وأرسلت تقول له: " إني مخطوبة لشاب لديه من الحلي والجواهر ما لا مثيل له عند أعظم وأغنى ملك من ملوك الأرض. وهو من نسل لا يدانيه نسلك، ومن نسب لا نسب يفوقه في الدنيا. أمه عذراء، وأبوه لا عروس له. الملائكة تسارع إلى خدمته، والكواكب تخر ساجدة أمام قدرته. يلمس المرضى فيشفيهم، ويأمر الأموات فيعودون إلى الحياة. فله وحده أحفظ الأمانة والعهود.وإذا أنا أحببته بقيت طاهرة، وإذا عانقته لبثت نقية، وإذاأتخذته لي عريساً حفظني بتولاً ".
   فجن الشاب جنونه لهذا الخطاب، ومرض وذبلت نضارته. فلما علم أبوه بالأمر بث العيون في أثر الفتاة، ليعرف ما يكون السبب الحقيقي في رفضها شاباً تتمنى المئات من الفتيات أن يقع أختياره على واحدة منهن لتنطرح بين يديه. فعرف أنها مسيحية، وحسب أنها تعيش تحت تأثير أوهام خيالية لا طائل تحتها. فظن أنه لا بد أن يظفر بها، لأنها سوف تنقاد إليه صاغرة، إن بالوعد أو بالوعيد.
   فأرسل والي رومة وأحضرها أمامه، وأخذ يتملقها ويجهد النفس في كسب رضاها. فلم يفز منها بطائلة. بل كانت تلك الفتاة الناعمة برجاً من عاج لا يتزعزع. فغضب وأخذ يتوعدها بأشد العقوبات لكي يخيفها، فلم تعبأ بتهديداته. فقال أنه يسلمها إلى العهارة بين أيدي شبان الأزقة. فهزئت به، وقالت أن ختنها يسوع لا يسمح لأيدٍ أثيمة بأن تمسها. فأمر الوالي بأن تعرى من ثيابها وتعرض للرعاع لكي يهينوها ويذلوها. فأخذت تلك الحمامة السماوية تصلي وتتضرع إلى الله، لكي يرسل ملاكه فيصونها ويدافع عنها.
   فلما صارت إلى المكان المعد لأنتهاك حرمتها، إذا بنور سماوي يملأ الغرفة ويجللها، ويبهر الأبصار ويغمضها. فصار كل من دخل إليها يؤخذ بلمعان ذلك النور، فيتورع ويرتد ويهرول خارجاً، وفرائصه ترتعد خوفاً ورهبة. إن يسوع ملك العذارى لا يتركعرائسه العابدات عرضة للمخاطر والفجور، لأنه الملجأ الأمين الحبيب للنقاوة والطهارة وسلامة الضمير.
   وأراد أبن الوالي نفسه أن يهاجم تلك البتول ويجرب هو أيضاً حظه معها. فدخل وهو يتهكم بالذين كانوا يخرجون خائفين. لكنه ما كاد ينظر إلى الفتاة حتى صرعه ذلك النور ووقع مغشياً عليه. فحُمل وإذا به قد فارق الحياة. فلما نمي الخبر إلى أبيه أسرع يركض إليه، وترامى ينوح فوق جثته. ثم قام وذهب إلى الفتاة وأخذ يبتهل إليها أن تعيد له أبنه. فجثت البتول وأخذت في الصلاة والإبتهال. فعادت روح الشاب إليه. ثم فتح عينيه وجلس وأخذ يذيع عظائم الله وقدرة المسيح.
   فأستشاط كهنة الأوثان غضباً، وراحوا يهيجون الشعب ويصيحون: أقتلوا الساحرة أقتلوها. فخاف الوالي سمفرونيوس سوء العاقبة. ولما كان يخشى بأس الفتاة البتول، ترك الأمر لعناية وكيله إسباسيوس، وأخذ ولده وأنصرف. ولبث الكهنة يصيحون ويدفعون الشعب الصاخب على الصياح والجلبة. فأمر الوكيل بأن تحرق أغنس وسط لهيب مضطرم. فزجت في النار، وهي تصلي وتتضرع إلى ختنها الإلهي ليقوي إيمانها ويشد عزائمها. إلا أن النيران أحترمتها وأبتعدت عنها، ولم تؤذها. لكنها أحرقت كل من حمله التطفل على الدنو من الفتاة والتفرج عليها. فأزداد هياج الوثنيين على تلك التي أخزت مكائدهم، لأنهم لم يريدوا أن يروا في العجائب الباهرة التي صنعتها سوى السحر والشعوذة. فأمر وكيل الوالي بأن يضربوا عنقها. ففعلوا. وهكذا فازت تلك الأبنة المباركة بإكليل الاستشهاد، وطارت تلك الحمامة البهية إلى الأعشاش العلوية، فأنضمت إلى طغمة العذارى عروسات المسيح المالكات معه إلى الأبد. 
   فحمل أبواها جسدها الطاهر ودفناه في حديقة قصرهما. فصار المسيحيون يجتمعون هناك للصلاة، وللتبرك من رفات تلك البطلة الشهيدة. ففاجأهم الوثنيون يوماً في عبادتهم، وأنقضوا عليهم بالعصي والمدى فتشتتوا. إلا أن أميرنتيانا أخت أغنس بالرضاعة لبثت ساجدة أمام الضريح. فرجموها بالحجارة، وأماتوها تحت الضرب. فلحقت نفسها الطاهرة بنفس أختها إلى المساكن النورانية. فدفنوا جسدها بالقرب من ضريح أختها أغنس.
   وتراءت أغنس البتول القديسة في أحدى الليالي لوالديها، وكانت تحيط بها طغمة من العذارى البتولات رافلات بحلل من نسيج الذهب. وكان النور ينبعث منهن جميعاً. وكانت أغنس تتلألأ بحلة أبهى من ضياء القمر. وكان بالقرب منها حمل وديع أبيض الصوف ناعمه. فألتفتت أغنس إلى أهلها وقالت لهم: إياكم أن تبكوا عليَّ كما يبكي الناس أمواتهم. بل تهللوا معي وهنئوني، لأني أعطيت في ديار المجد الأبدي عرشاً من نور بقرب هؤلاء العذارى. ولقد اتحدت نفسي في السماء مع الذي أحبته بكل جوارحها على الأرض. قالت هذا وغابت عن أعينهم.
   وكثرت العجائب جداً جداً على ضريح تلك البتول النقية الناعمة. ونالت قنسطنسيا أبنة الملك قسطنطين نعمة الشفاء التام من مرض خبيث كان قد أعتراها بشفاعة البتول أغنس. وقد ترك لنا الحبر الأعظم البابا داماسيوس الأول ( 366 _ 384 ) والقديس أمبروسيوس أسقف ميلانو ( ه 375 ) وبعض الكتبة اليونان أيضاً مدائح عظيمة في إكرام هذه الفتاة الملائكية، وإعلان قداستها وجهاداتها وعجائبها.
   وشيد المؤمنون كنائس كثيرة في روما على أسمها، ولا تزال أثنتان منهما قائمتين إلى يومنا هذا. وجرت العادة كل سنة في يوم تذكارها أن يبارك كهنة الكنيسة المشيدة فوق ضريحها حملين صغيرين، وأن يحفظوهما إلى الأحد الأول الواقع بعد عيد الفصح المجيد، وحينئذ يقدمونهما إلى الحبر الأعظم تقدمة خضوع ووفاء. ومن صوفهما يصنع " الباليوم " أي درع التثبيت الذي يباركه البابا، ويقدمه إلى رؤساء الأساقفة والبطاركة، رمزاً للسلطة الكنسية المعطاة لهم من السدة البطرسية.  وتحتفل الكنيسة الجامعة بعيد القديسة أغنس في 21 كانون الثاني.