المحرر موضوع: ماذا هناك ليموتوا من أجله: النفط، القواعد والدمى (الجزء الثاني) (1)  (زيارة 952 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdul wahad Rashid

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 3
    • مشاهدة الملف الشخصي
ماذا هناك ليموتوا من أجله: النفط، القواعد والدمى (الجزء الثاني) (1)

ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد (2)

     بعد أن أرتبك موقع الجلبي أمام مؤيديه الأمريكان، واختيارهم أياد علاوي عميل سي. آي. أي لمنصب رئيس الوزراء المؤقت، نظرت الولايات المتحدة إلى علاوي باعتباره الرجل القوي الذي يمكن أن يفرض النظام وأن العراقيين سينظرون إليه كنظرتهم للرئيس السابق. تطابقت ولاية علاوي مع ولاية السفير الأمريكي في العراق نيغروبوتي. أشرف كلاهما على أكثر التطورات الدرامية الشريرة للاحتلال: التخطيط الدقيق وتنفيذ مجازر الفلوجة. كما أن إدارة علاوي/ نيغروبوتي مارست سرياً أشكالاً إضافية من أعمال القتل والتعذيب على أساس تمييزي لا زالت مستمرة حتى الآن.
     أن فشل الاحتلال الأمريكي كسب أي شكل من الشرعية/ القبول لدى الشعب العراقي سهّل للعناصر الفاسدة ممن عاشوا في المنفي أمثال الجلبي وعلاوي القادمين للعراق بحماية قوات الاحتلال الظهور في الساحة العراقية. وعندما تحقق إجراء الانتخابات في ك2/ يناير 2005 خسرت مجموعة علاوي، ولم تحصل على أكثر من 14% من أصوات الناخبين، بل اعتقد الكثير من العراقيين أن النتيجة كانت ستصل إلى أقل من 10% لو لم يصاحب الانتخابات حالات واسعة من الاحتيال والتزوير. وفعلاً حصلت قائمة علاوي- التي أُعلن عن ضمّها أشكالاً متعددة الألوان من يساريين (الحزب الشيوعي العراقي) وتركمانيين وآثوريين وعلمانيين- في الانتخابات التالية، فقط على 8% من أصوات الناخبين. وهذه النتيجة لم تترك للولايات المتحدة سوى التوجه نحو الأحزاب الإسلامية الطائفية: الدعدوة، المجلس الأعلى، الصدريين، الفضيلة. ولأن هذه الأحزاب المتحالفة مع الاحتلال ذات علاقة متينة مع إيران، لذلك لم تترك الولايات المتحدة العِنان لأي منها.
     وبدلاً من ذلك، أخذت سلطات الاحتلال استخدام هذه الأحزاب الموالية ضد الأكراد، السنة، وكل ضد الآخر، للمحافظة على توازن القوة، حيث تكون للولايات المتحدة اليد العليا، مع استخدام أي من الأطراف الموالية لتحييد/ تصفية أي مجموعة أو أفراد، ومنع أي من هذه الأطراف أن تصبح قوة مؤثرة، والمحافظة على أسلوب الموازنة بينها لضمان لجوئها وولائها للاحتلال.  أن المحتل الأمريكي يعمل حالياً على خلق وضع مع الشيعة بالتظاهر لحمايتهم من السنة، ومع السنة بالتظاهر لحمايتهم من الشيعة.. "سمسار شريف في الصراع الدموي الرهيب الذي صنعه!!"
      حسب مسح ميداني شامل تم من خلال برنامج المواقف السياسية الدولية- جامعة ماريلاند (31 مايس/ أيار 2006) فإن أغلبية العراقيين يؤيدون الدعوة المطروحة للولايات المتحدة بجدولة انسحابها من العراق    (87%)، يوجهون اللوم للولايات المتحدة فيما وصلت إليه حالة البلاد من انحلال وتشرذم، ويعتقدون أن الأمن (67%) والخدمات العامة (67%) والتعاون السياسي بين المجموعات العراقية (73%) سوف تتحسن في حالة خروج المحتل من البلاد، وكذلك تقل أعمال العنف (64%)، ويرتفع هذا الرقم الأخير إلى (72%) عند استبعاد المشاركين الأكراد من العينة. وعلى أي حال يرى 80% من العراقيين أن الولايات المتحدة تخطط للإبقاء على قوات أمريكية دائمة في بلادهم، ويعتقد 76% منهم أن الولايات المتحدة سوف ترفض ترك العراق إذا ما طلبت منها الحكومة العراقية ذلك. وأن 88% من السنة (و) 41% من الشيعة (و) 16% من الأكراد يؤيدون المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي.. وهذه الأرقام في زيادة مستمرة منذ بدء الاحتلال.
     أن الطريق الوحيد أمام الولايات للمحافظة على أهدافها الرئيسة في هذه الظروف التي تفتقر فيها إلى "الشرعية" هي في استمرارها خلط أوراق اللعبة في تعاملها مع المجوعات الموالية. ولكن إلى متى يمكن أن تستمر هذه اللعبة سياسياً ودبلوماسياً.. أنها مسألة متروكة للمستقبل.
* العواقب والآثار     
     تقوم القوات الأمريكية بمشاركة قوات الشرطة بمهاجمة الأحياء السكنية في بغداد، وتستمر بضرب مدن محافظة الأنبار وصلاح الدين. ويظهر أن أعمال التصعيد المستمرة للعمليات العسكرية من قبل القوات الأمريكية وكأنها ناجمة عن الشعور بالهزيمة.. بعد 18 شهراً من المعارك في الرمادي، فإن مشاة البحرية الأمريكية يقارنونها بمعارك ستالينغراد، راضون بدورهم كالغزاة الألمان. ورغم أن وزن هذا القتال الشرس أصغر حجماً قياساً بمعارك ستالينغراد، لكن طبيعة القتال متماثلة: جيشان يُقاتل أحدهما الآخر في شوارع ومباني مدينة تحولت إلى خرائب، وتتخلل هذه المعارك وجود مسلحين غير منظورين لتصيد الأعداء وأشكال من الشرك بخاصة قنابل مخبأة جاهزة للانفجار، وتشكل القوات الجوية الأمريكية أكثر الأسلحة الفتاكة، بينما المدنيون هم أكثر ضحايا هذه الحرب.
     وحسب كاتب المقالة، فقد سبق وأن كتب تقريراً (ت2/ نوفمبر 2005) ذكر فيه بعدم وجود فرق جوهري بين ميليشيات الأكراد والشيعة ومعظم القوات العراقية المدربة من قبل الولايات المتحدة. ولحزب بيان جبر (المجلس الأعلى...)- الذي كان وزيراً للداخلية في الحكومة المؤقتة- علاقة قوية مع مليشيات فيلق بدر الذين خضعوا على مدى عشرين عاماً للتدريب في إيران لإعدادهم للدور الذي يمارسونه حالياً في العراق. أن أغلبية قادة الشرطة هم أعضاء في فيلق بدر، وهم القوة الأكثر ارتباطاً بأعمال القتل والتعذيب المستمرة في بغداد على أساس التمييز الطائفي.
     تم إنشاء قوات الشرطة (المغاوير) الخاصة بموافقة المستشار الأمريكي في وزارة الداخلية ستيفن كاستيل العميل السابق في الوكالة الأمريكية دي.إي.أي. التي عملت سابقاً مع الجناح اليميني للقوات شبه النظامية في كولومبيا. كما أن قوات الشرطة هذه تدربت تحت إشراف الكولونيل جيمس ستيل قبل فك لجامها وإطلاقها تجاه أهل بغداد لسنة مضت. كان ستيل قائداً لمجموعة المستشارين العسكريين الأمريكيين أثناء الحرب الأهلية في السلفادور خلال الثمانينات!
     تظاهر جبر وكاستيل بصورة مشتركة تطبيق معايير على درجة عالية من التمييز بين قوات الشرطة الخاصة وبين المليشيات للتملص من أية مسؤولية شخصية عن الجرائم البشعة التي قامت بها هذه القوات بأوامرهما.
     كما أن محاولات سلطات الاحتلال الأمريكي التميز بين سلوك قواتها وبين تصرفات المليشيات الشيعية تتناقض تماماً مع التقارير الواردة من داخل العراق فيما يخص كيفية التعامل مح أحياء عديدة مثل الأعظمية والدورة. تصف هذه التقارير الهجمات العسكرية المنظمة والمشتركة التي تمت من خلالها عزل أحياء بكاملها: قطع الكهرباء فيها وتعطيل وسائل الاتصال بما فيها الهواتف النقالة، حيث تهاجم قوات الشرطة مثل هذه الأحياء، بينما القوات الأمريكية المرافقة تراقب على الأرض ومن الجو. وفي هذه الأثناء تقوم عناصر المليشيات/ الشرطة بإلقاء القبض على كل شاب يصادفونه في الحي.
    يعلم الأقرباء والجيران أنهم لن يروا هؤلاء الشباب ثانية، عدا أن يبعثوا بطلبهم لتحديد شخصية جثثهم في المشرحة والممزقة نتيجة التعذيب الوحشي. وهكذا تولد هذه الجرائم البربرية وعلى نحو أقوى المزيد من المقاومة.
     وحين يتم كشف مراكز للمقاومة، عندئذ يأتي دور الهجمات الجوية العنيفة. وعدا إرهاب أهل العراق من أجل إذعانهم للمحتل، فإن وحشية تصرفات قوات الاحتلال الأمريكي تستمر وتتصاعد وبما يقود إلى خلق وتصاعد نفور العراقيين من الاحتلال، إذ لا يرى معظمهم أن أعمال القتل التي جرت في حديثة كانت حادثة فردية/ منفصلة. أن تصعيد الهجمات الجوية والأعمال الانتقامية الأخرى يقود فقط إلى تقوية عزم المقاومة وتعجل اليوم الذي ستظهر فيه حكومة عراقية تطلب من الولايات المتحدة سحب قواتها من البلاد.
     وهنا يمكن للمرء أن يأمل حصول ضغط مزدوج سياسي ودبلوماسي يدفع حكومة الولايات المتحدة الإذعان لمثل هذا الطلب. ولكن لسوء الحظ أن الاحتمال الأكبر في مثل هذه الحالة هو الإعلان عن فشل "العملية الديمقراطية". وهذا سيقود إلى الارتداد نحو الحكم المباشر وإشعال المزيد من القتال. وبعد كل هذا يتضح دور وأهمية وأهداف الجيل الجديد من القواعد العسكرية الأمريكية في العراق.
      لقد قتل حتى الآن ألفان وخمسمائة من جنود الولايات المتحدة (إحصاءات رسمية أمريكية) ومئات من الأجانب الآخرين، علاوة على مئات الآلاف من العراقيين نتيجة الحرب البربرية الأمريكية على العراق. وعندما ينظر المرء إلى أهداف هذه الحرب العدوانية ويزنها بالتكاليف البشرية والمعاناة الإنسانية، عندئذ عليه أن يستنتج، كما فعل قضاة نورمبورغ " أن المبادرة بإشعال حرب عدوانية، ليست جريمة عالمية- حسب- بل تشكل قمة الجرائم العالمية. أنها تختلف فقط مع بقية جرائم الحرب كونها تضم بذاتها أضخم مجمع عدواني شرير".
     يتحمل مواطنو الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية إيقاف هذه الحرب، وإحالة مجرمي الحرب الأمريكيين إلى المساءلة القانونية بسبب الجرائم التي اقترفوها. إذا لم نستطع تنفيذ هذه المسؤولية الأساسية باعتبارنا مواطنين عالميين، عندئذ علينا أن لا نندهش أمام العواقب التي لا يمكن تجنبها: خسارة الحرب، الهدر البشري ومآسي التضحيات، الإرهاب، العزل الدولي، التصاعد اللولبي للديون، الأزمات الاقتصادية والإيكولوجية.. وفشل العملية السياسية، ليس في العراق- حسب- بل وفي الولايات المتحدة أيضاً.             
مممممممممممممممـ
(1) Nicolas J S Davies, “What they are dying for> Oil, lily pads and puppets”, Part II- Aljazera.com- 9 July,2006.
(2) ترجمة بتصرف موجزة.[/b]