المحرر موضوع: مصلحة الكتل السياسية فوق كل المصالح  (زيارة 1681 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لجنة محلية صبنا الكلدانية

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 106
    • مشاهدة الملف الشخصي
مصلحة الكتل السياسية فوق كل المصالح     


مـن سمع بقـرار إستحداث وزارات جديـدة وعـديدة ومناصب حكومية رفيعة إضافة الى الفائض الموجود منها في المرحلة السابقة تملكته الدهشة والإستغراب من هذا النوع من القرارات الإرتجالية ومن الطريقة التي يدار بها البلد . لقـد تم تشخيص رئيس الوزراء بعـد جهد جهيد وجدالات وسجالات دامت زهاء سبعة أشهر بعـد الإنتخابات البرلمانية وبعد مدة تمت تسمية معظم الوزراء ضمن القائمة الطويلة وتم تجاوز إشكالية الصراع على الوزارات السيادية بعـد هذه السجالات الطويلة بين الكتل السياسية ومـن أجل حل الإشكالات بينها تم إستحداث العديـد من الوزارات يقدر عددها بقرابة ثلث العدد الموجود منها في السابق إضافة الى إستحداث وكيل إضافي لرئيس مجلس الوزراء وآخر لرئيس الجمهورية ومن الطبيعي أن يكون لكل وزارة من هذه الوزارات عـدة وكلاء وعشرات المستشارين والمدراء العامين ولهؤلاء جميعا مستلزمات يجب توفيرها لهم . ترى  لماذا يحدث هذا ولماذا ترتكب هذه الأخطاء بحق البلد ولمصلحة مـن ؟ أهكذا يبنى العراق الجديـد ؟ نحن لا ننكر أنه عراق جديد ولكن من حيث فقدان الأمن والإستقرار والأعمال الإرهابية والجرائم التي ترتكب يوميا والتي يذهب ضحيتها الأبرياء من العراقيين ! وهو جديد من حيث الصراعات السياسية والمصالحية بين الكتل المختلفة ومن حيث النمط الإداري الخاطيء المتبع في إدارة الدولة . هناك من الساسة من يفكر في عدد الوزارات التي تحصل عليها كل كتلته، ولكن لا أحد يفكر على حساب من وماذا يترتب على ذلك من تبعات مالية ثقيلة على ميزانية الدولة التي تعاني من العجز أصلا لأسباب عديدة منها الفساد والرشاوى والسرقات والإختلاسات التي لا حدود لها إضافة الى عدم إتباع سياسات مالية حكيمة ؟. للأسف الشديد يبدو ان إتخاذ القرارات الإرتجالية غير المدروسة سيستمر في بلدنا لا خدمة لمصلحته وإنما لخدمة مصلحة الكتل السياسية سيما الكبيرة منها تحت مبررات واهية كالإدعاء بتشكيل حكومة شراكة وطنية ، ترى ألم يكن بالإمكان تشكيل حكومة الشراكة الوطنية من خلال العدد الموجود من الوزارات؟  الجواب نعم كان بالإمكان ، ولكن رغبة كل كتلة في الحصول على أكبر عدد من الوزارات ولإرضاء لا بل لإشباع مطامحها إتفقت فيما بينها على إرتكاب هذا الخطأ بحق البلد ، إن هذا الإجراء لا يمكن أن تتخـذه كتل تفكـر بمصلحة العراق قطعـا . وإلا أهكذا يخدم البلد ويحرص على مصالحه ؟ وهل من خلال إجراءات كهذه تقود الكتل السياسية سفينة العراق الى بر الأمان ؟ وهنا نوجه السؤال الى السادة مسؤولي جميع الكتل السياسية الذين لا يقبل أحدهم بمناقشته في موضوع الوطنية والإخلاص للعراق ! هـل في إستحداث هذا العـدد الكبير مـن الوزارات تخدمون مصلحة العراق ؟ هـل في إستحداث مناصب جديدة لإرضاء بعضكم بعضا مصلحة للبلد ؟ ألا يكلف كل منصب تستحدثونه أموالا هائلة ويشكل عبئا ثقيلا على موازنة الدولة ؟ أليس كل منصب ووزارة أو مؤسسة إضافية تستحدث تعتبربمثابة باب جديدة لتسرب أموال الدولة ووقوع الجرائم المالية بحق البلد إضافة الى ما تكلف الدولة من تبعات مالية كما نوهنا ؟ هل فكر الساسة في العدد الهائل من الملاكات التي يجب أن تستحدث وعلى جميع المستويات لتوفير الكوادر الوظيفية للوزارات المستحدثة وبالمبالغ الخيالية التي ستترتب على إستحداث كل وزارة شهريا ؟ في الوقت الذي يعاني المواطن من الفقر والجوع وشحة فقرات البطاقة التموينية . هل حقـا أن البلد بحاجة الى إستحداث وزارات ومناصب جديدة  ؟.
لو قام أحـد المختصين في الأمور المالية والإدارية وهيكلية الوزارات بتقديم دراسة أو كشف بمتطلبات كل وزارة من الوزارات المستحدثة من ميزانية مالية شهرية وليس سنوية لنال منه العجب بعد أن يقف على حجم الضرر الذي سيحل بالبلد من جراء هذه القرارات الإرتجالية ! نعم لقد فرح الشعب بنهاية الصراع بين الأطراف المعنية على منصب رئيس مجلس الوزراء وعلى الحقائب الوزارية ، ولكن لا كل مواطن يعلم تبعيات ما حدث ويحدث من خلال إستحداث هذا العـدد الكبير من الوزارات والمناصب التي لا وجود لها في أكبر دول العالم  وأقواها إقتصادا !! في الوقت الذي كان من الممكن أن توزع الحقائب الوزارية الموجودة أصلا على الكتل السياسية ، وكان من المفروض بكل كتلة أن تكتفي بالعدد المتاح منها خدمـة لمصلحة الوطن فالعبرة ليست في حصول كل كتلة على عـدد كبير من الوزارات وإنما العبرة فيما يقدمه وزراء تلك الكتل للدولة وللشعب المغلوب على أمره .  ومن أجل تسهيل الأمر على المواطن أو من يريد أن يعرف تبعات هذا الإستحداث ويحصر نفقات ذلك ولو تقديريا نقول :
من الطبيعي أن يكون لكل وزارة وزير  وهذا يجب أن يكون له ما يقل عن 30 فردا من الحمايات وعـدد من الخدم والطباخين ويجب أن توفر له الحكومة ما لا يقل عن ( 7 ) سيارات  إثنتان منها أو ثلاثة مصفحة أو مدرعة وقيمة المدرعة توازي عشرة أضعاف قيمة السيارات العادية ، كما يجب أن تكون تحت تصرفه نثرية شهرية لا تقل عن خمسين مليونا ، ويجب أن يكون له سكرتيرا ومدير مكتب وعدد من عمال الخدمة في مكتبه في الوزارة . ومن المفروض أن يؤجر لوزارته مبنى ملائما لا يقل إيجاره عن عشرة ملايين دينار وفق حجم الوزارة ، كما يجب أن يكون لوزارته عـدد من وكلاء الوزارة وهؤلاء أيضا يجب أن يكون لديهم حمايات ومكاتب وموظفين وعمال خدمة ودور وسيارات عديدة  وخدم وحشم ، وأيضا يجب أن يكون للوزير ووكلائه مستشارون والوزارة وأقسامها تكون بحاجة الى العديد من المدراء العامين والمستشارين وعشرات السيارات لتسيير شؤونها وكذلك المئات من الموظفين الإداريين والحسابيين والفنيين والحراس هذا عدا مولدات الكهرباء ، إضافة الى موازنة سنوية لتنفيذ خطة عملها ومشاريعها ، ويجب أن يكون لهذه الوزارة دوائر فرعية في كل محافظة  وهذه الدوائر أيضا تكون بحاجة الى الموظفين من جميع الإختصاصات والى العجلات المتنوعة ومولدات الكهرباء وما الى ذلك من مستلزمات ولو قمنا بعملية حسابية لحصر صرفيات كل وزارة وضربنا المبلغ في عـدد الوزارات المستحدثة لأمكننا إحتساب المبالغ الإضافية التي ستتحملها الدولة من خلال هذا القرار اللا منطقي في الوقت الذي تعاني الدولة أصلا من عجز في ميزانيتها . و نعرف جميعا بأن العراق ملزم بدفع تعويضات للعـديد من الدول عن الأضرار التي ألحقها بها النظام الدكتاتوري الصدامي من جراء الحروب التي خاضها مع تلك الدول ، وكذلك البلد ملزم بدفع مليارات الدولارات عن الديون المتراكمة عليه والتي إقترضها النظام الصدامي المقبور . في حين يعاني الشعب من الفقر والعديد من الأزمات كفقدان الكهرباء والماء والخدمات البلدية والخدمات الصحية وأزمة البطالة وغيرها  إننا هنا لا نذكر هذه الأمور من باب المزايدة على أي طرف وإنما من باب الحرص على مصلحة البلد والشعب المنكوب ، لذا نقول متى يستيقظ ضمير رؤساء الكتل السياسية من سباته فيلتفتون الى مصلحة العراق وعامة شعبه بدلا من تركيز أفكارهم على ما يكسبونه لأنفسهم ولكتلهم ؟ وليقارن هؤلاء جميعا بين ما إتفقوا عليه من خلال تشكيل الحكومة وبين البرنامج الإنتخابي لقوائمهم ليعرفوا كيف يضحكون على ذقون أبناء الشعب العراقي ! . ألم يكن من الأفضل أن تصرف هذه المبالغ الهائلة في مجال توفير الكهرباء والخدمات الأخرى التي يفتقر اليها الشعب عامة ويؤسسون المصانع والمعامل لإستيعاب ملايين العاطلين عن العمل ومن ثم في مجال إعادة بناء وإحياء البنية التحتية لإقتصاد العـراق . ما  تمت الإشارة اليه أعلاه ليس سوى غيض من فيض من الأخطاء التي أرتكبت وترتكب في هذا البلد المنكوب بإستمرار وأخيرا يكون الله في عون هذا الشعب الذي لا أشك في عدم إستحقاقه كل هذه المعاناة .



                                                        بقلم  ابلحــد أفــرام
                            نشر في جريدة فجر الكلدان كمقال إفتتاحي بإسم ( صاحب الإمتياز)