المحرر موضوع: ما فضحته مظاهرات 25 شباط  (زيارة 2302 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فرات المحسن

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 336
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ما فضحته مظاهرات 25 شباط
« في: 21:35 28/02/2011 »
ما فضحته مظاهرات 25 شباط
فرات المحسن

رغم الأعداد التي لم تتجاوز عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا إلى شوارع المحافظات العراقية في تحد كبير لما فرضته السلطات العراقية من استحكامات واستعدادات وإحضار حشود من الجيش والشرطة ووضع الحواجز الكونكريتية ومنع وسائل الإعلام واعتقال المصورين ومنع التجول وقطع الطرق لمنع تلك الجماهير من التجمهر والحركة، فإن ما يسجل لتلك التظاهرات قدرتها على كسر حاجز الخوف ومواجهتها لكل إجراءات السلطة بصدور عارية لا تمتلك غير الشجاعة. وما يسجل لتلك التظاهرات وحشود جماهيرها أنها قدمت للعراق صفحة جديدة على الجميع التمعن بها وتدقيق وقائعها، تلك الرؤية الجديدة كشفت الكثير من المستور وعرت طبيعة الحكام الجدد لعراق ما بعد الطاغية صدام حسين.
إن ما جرى من وقائع قبل انطلاقة انتفاضة 25 شباط أظهر دون شك طبيعة المرحلة واصطفاف القوى السياسية فيها، ونوعية حراكها وتركيبة السلطة الحاكمة. فخطاب أمين عام حزب الدعوة الإسلامي رئيس الوزراء ورئيس قائمة دولة القانون نوري المالكي يوم 24 شباط جاء تتويجا لحملة الافتراءات ولما أشيع من اتهامات وتوجيه طعون للمعدين ولمن ينوي المشاركة في التظاهر. وجاءت خطبة المالكي التي طالب فيها من الشعب الامتناع عن الالتحاق بالمظاهرات وقبلها تصريحه عن مظاهرة مدينة الكوت، أشارة صريحة لقوى الأمن والجيش لتطويق المظاهرات ومنعها من التحرك خارج أماكن انطلاقها والطلب من تلك القوات التعامل مع المتظاهرين بأقسى الأساليب إن تطلب الأمر وهو ما قامت به فعلا وحسب التوجيهات والأوامر التي كانت تصدر لها من قادتها المتواجدين فوق البنايات العالية المجاورة لأماكن التظاهرات.
انتفاضة 25 شباط فضحت طبيعة التحالفات التي كانت الأحزاب الإسلامية تحرص التمويه عليها وإخفائها عن الأنظار. حيث ظهر للعيان قبل وإثناء يوم الانتفاضة النموذج العملي لتكتل قوى الإسلام السياسي وخلفه الجدار الصلب من الإسناد المعنوي والمادي ممثلا بالمؤسسة الدينية بمختلف تلاوينها دون استثناء. فما قدمته المؤسسة الدينية وشيوخها من إسناد مثل طبيعتها النفعية المخادعة، حيث تنكرت لجميع ما كان يصدر عنها من تصريحات حول وقوفها إلى جانب المظلومين والطلب من الحكومة والبرلمان النظر لأوضاع الناس المزرية ومعالجتها بأسرع ما يمكن، ولكنا رأيناها وقبل أيام من المظاهرات قد فضلت معاضدة السلطة ووقفت تساندها بالرغم مما يجلل هامات تلك السلطات من مساوئ وعاهات ومفاسد. ونرى شيوخ المؤسسة الدينية وقد تخلوا بسهولة وفي لحظة حاسمة عن نفاقهم المعتاد لينحازوا الى الحكومة ويديروا ظهر المجن لمظلومية الناس وأوجاعهم وهمومهم وكل ذلك الكم من العذاب الذي يعانونه من جراء تدهور الأوضاع في جانب الخدمات وشح الموارد مع ضخامة السرقات التي يقترفها رجال السلطة للمال العام وبالذات منهم رجال الأحزاب الإسلامية الذين باتوا يشكلون الثقل الأكبر في دوائر الدولة ومؤسساتها، وظهور الفوارق الهائلة بين دخول الأفراد وتوزيع الثروة الوطنية.
 إن انحياز شيوخ المؤسسة الدينية لصالح السلطة ووقوفها بالضد من مصالح الجماهير يمثل الجانب الأكثر وضوحا وحقيقة لطبيعة تركيبة المؤسسة الفكرية والعملية وتوافقها مع متبنيات السلطة الممثلة بأحزابها الدينسياسية الساعية لبناء الدولة الدينية في العراق، وبان للعيان الترابط العضوي بين تلك المؤسسة وأذرعها من الأحزاب الحاكمة.
وما عرته وفضحته تلك المظاهرات أيضا زيف الشعارات التي كان وما زال حزب الدعوة الإسلامي وباقي الأحزاب الدينسياسية يحاولون الترويج لها وخداع الجماهير بها وإخفاء نواياهم الحقيقية ورائها من خلال الهذر عن بناء دولة القانون ومنح الحريات المدنية للشعب وأيضا الحديث اليومي عن ديمقراطية الإسلام والسعي ليكون العراق أحد أفضل الديمقراطيات في العالم.
فمع كل تلك السفسطة والثرثرة اليومية الكاذبة أظهر حزب الدعوة الإسلامي وحلفاؤه القدرة على استعارة أساليب الدكتاتور صدام حسين، لا بل أثبتوا أنهم أرجح من ذلك الحكم البغيض المقبور وأشد ذكاء منه في أساليب الخداع والتضليل واستخدام التقية الخبيثة، وكذلك في نوعية الحضر والمنع واستخدام القوة. فقد أقدمت قوات الشرطة والجيش وبأوامر وأشراف كوادر من تلك الأحزاب وبحجة حماية المظاهرات على تطويق الجماهير ومنعها من الوصول إلى أماكن التجمهر ثم مارست ضدهم أساليب مختلفة من القمع راح من جرائها العشرات من القتلى والجرحى ولم تتوان تلك القوات وبأوامر من قياداتها على اعتقال العديد من المتظاهرين لا بل أوعزت لبعض منتسبيها التظاهر بالإصابة والإغماء جراء اعتداء المتظاهرين.
 وإن كانت تلك الأحزاب الإسلامية وخلفها شيوخ المؤسسة الدينية ترفع أصواتها وقدراتها لحشد أعداد هائلة من قوى الأمن والشرطة والجيش تبلغ عشرات الآلاف لحماية ملايين الزائرين أثناء المراسم الدينية، لا بل تحرص على استقطاع المال العام لتقديم الخدمات الكبيرة وتأمين جانب السلامة لهؤلاء الزوار، فأننا نراها يوم  25 شباط  كيف تستعرض عضلاتها عبر حشد ذات الوفرة من قوى الأمن للوقوف بوجه أعداد من المتظاهرين لا يقاربون عشر تلك المجاميع من الزائرين، وفي ذات الوقت ترفع عقيرتها لاتهام الجياع والعاطلين عن العمل والمنكوبين والمكتوين بسوء الخدمات، بشتى التهم والتلفيقات وتحرض رعاعها عليهم. 
أنه حلف الشيطان الذي فضحته أول مظاهرة وإن القادم سوف يكشف لنا الكثير من اللؤم والجرائم.


http://www.youtube.com/watch?v=efi5LORM7Nc

http://www.youtube.com/watch?v=m5E_HeF9O54

http://www.youtube.com/watch?v=jF1q2w9aKrI