المحرر موضوع: وتكلّم التاريخ جزء 1 بقلم بنت السريان  (زيارة 892 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بنت السريان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 570
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وتكلّم التاريخ
بقلم
بنت السريان

جزء1


جالسته في صفاء ليـــــــل والبدرفي كبدالسماءمتربّعاً كلّمني إستكانت لــه روحي ناشدته فأصغى إليّ مبتسماً بـــدالي كشيخ وقور لكنّه تحت وطأة الأحمال منهكا والسنون بجبروتها حفرت على محيّاه أخدودا واضحاًوبين شهيق يتعبــه وزفيرٍينفــــــــث جمراٌ ملتهباً.

سحنتـــه الهادئة وقـورة بكوامنهــــا آلاف الصورتحكي قصصاً وملاحــــم أجيـــــالٍ غابرة ,وهدوء الليــــل قـــــــــدأتاح لنـــــا خلسة السمر,
لكي أقطع حبل الصمـت بيني وبينه أمعنت النظـر,ثم رجوته بكلمات منّمقةأن يصدقني القول ماالخبر,ففي جعبتي من المخاوف ما يدعــو لتوخي الحـــذر, وفـــــي دواخلـــي أشواقٌ وفضـــول لنبش الحفـــــر,
رجوته أن يبوح لي بكوامن حفيضتـه ولايكتـــــمُ عنّي حقيقـــــة الأمر, فيستعلن المكتـــوم واضحاً والمستخبّـى يبــــان ويظهر,والوقوف علىصحّةالحقائق قاطبـــةً لابد يوماً أن يشهر,فطمس مدفـــــون التاريخ أمــــرشيّنٌ لا يغتفــــــــــــر.

بي مــن الشغف أن أقلّــب صفحـــات الدفاتــر الصفـر أُنقَّــبً فيها عماّ يجدينـــي فكثيرٌمايستهويني هذاالأمـر,أن أقف على عتبات الزمن الصامتــــة وبالحقّ أُجهر, أترجم ما دوِّن على جدارهامـــن أضطهادات ومجـازرأُخر.
تأمّلني التاريخ بنظرة ثاقبةثمَّ صفق بكلا كفّيه متحسّرا!
نفسي حدّثتنـــي متألمـــــــةًأن بجعبتــــــه أمراً خطـيراً,فقــــد أشاح بوجهــه عنّي وفعـــــــــل ذلك متعمّـــــــدا,وكأنّــه يخشى عليّ صدمةّ, فلعلَّ عدم البوح أجدى نفعاً ,
لكنّـــي كنت علىثقةمن أنَّ كتمانــه للأمرلم يدم طويلا,
جلست قبالته, صمته يحيرني, أبحث عمّن أتّخذه للكلام ذريعة وانتظرت.إنتظرته على
مضض مستعينة بالصبر حتّى استعادرباطـة جأشه,
فجأةالتفت نحـــوي وأطلــق حسرة,
أودعهـا آلاماً في نفسه مدفونة.
نظرت إليه ويـــح عينيّ ما رأت!
أُخِذتُ مشدوهــةأغضضت بصري عنــه مرتعبة. أه كــم وددت لوبقيت صامتــة,
لهيـــب الآه سرى نحوي ,لا استطيــــــع محاشاتــه,ـمــــن كل صوب أحأطـتي,ووهج نــار التاريخ أصابني,فلا مهرب منه لقد غلفني.
ترىأي سعيرفي دواخلك أيهــــا التاريــخ قـــل لـي , تضاربت أفكـــــار جمّــــةزادت مــــــن فضولـــــي, لنبش مـــا قـــد عفا عليه الزمن, مـــن حوادث بفواجع تدلي,
وإن تكلّم التاريخ بلاءاً يبلي
فعلى محيّاه آثار لوقـــــع حوافرجيـادتركت كدمــات تـــــــؤذي, وقروح سياط تترجـــــم ًوحشيّةسنين دون أن تحكي,
رعشة مخيفة إنتابتني ,والتاريخ صامت بمعيّتي ,وكأنّي في ضيافة الموت ,ليس إلآأوقربت نهايتي ,جلسة كهـــذه لا أحسد عليها يـــــــا أعزّتـــــي.

أحسّ التاريـــــخ صاحبـي بهــــول مـــا اعترانـــي ,ولكي يخفف ممــا ألمَّّ بي تكلَّــــم ولهدوئي أعادني,وبكلمـــــات متقطعــــــة مآسٍ أدمته عنها حدّثنــي, جرائم ٌ بشعةٌ أتعبتـــــــه من صنع البشرأحزنتني ,وكلّـــي أذان صاغيــــــة لحديثـــــه, لا يقطع صمتي سوى أهـــــات لاهثة ودموع سخيّة تجرّحني ,وبغفلـــــة من ذهولي أفاقتني
صرخة أطلقها التاريخ كيف أترجمها, لست أدري

ضغــــط بقوةعلى صدره بكفــي راحتيـــــــه ,أسمعنــي صدى ماكان يكمنه
سنينا بين جنبيه وكأنّه يعالجُ سكرات المــــــوت ساعة احتضاره
أنيــــــن , بكـــاء, عويــــل.و صراخ ,من لدنه
وأنّات الآه تنبعـــث من جوف أعماقــــه تبكيـــه كالرعد, تهدروالقساة في تيه
عن بطشهم وما يبليه,
وأردف قائلاً
خريـــرمياه دجلــة والفرات ينعــــــق كغــراب.والمياه تجـــــري بسرعة فائقــــة وكأنّــــي بها تهرب من الزمن الآتــــي المتعب ,ومصيرالبشرّيـــة المرهب,والعالــــــــم يسرع الخطىنحو الهلاك المرعــــب
وابن آدم غــــــــارق رغـــــم كل هذا بالملذّات ,يهتــــــــز طربا على أنغام أزيــــــز الطائرات ,متربّـــــــعاً فــــــوق بركان يغلي جمـــــــــرات,معرّض فــــــــي أي لحظـــــــــــــةلانفجارات,تحول البشر وقوداًلسعير نارتحرق الكائنــات,بفعــــــــل ما استحدث من اختراعــات ,سخّرت للدمـــــار,وفنـــــاء المخلوقـــــــــــات ,حتى المياه شحّت وتلوّثت بنووي الإشعاعات,
والغـــــــــذاءفي مسيرة المجاعــــــــــــــــات,والبشر قد أدمـــــــن على هذا النمط من الحياة ,فأضحىوكأّني به يعيش تحت وطأة المخدّرات .
تألّم التاريخ من هول ما أطلق من صيحا ت, رمقنــي بنظـــرة ملؤهاالأسى و العبـــــــرات
كم تمنيت لوأنّ الارض إنشقّت وابتلعتنـــــــي ,خلـــــت أن المــــوت لي خيرمن الحيـــــــاة,
أومأ إلي بيده مشيرا لما هو آت
قائلا نكمل حديثنا في لقاء يوم غد
لقد تعبت وفي الحديث أسهبت

بنت السريان

يتبع جزء 2
[/b]