المحرر موضوع: المنظمة الآثورية الديمقراطية - بيان بمناسبة عيد الشهداء  (زيارة 2074 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل A D O

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 129
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المنظمة الآثورية الديمقراطية                                                                                                                                                           
المكتب السياسي   
                                                                                                                                                                       
                                                                                               بيان بمناسبة عيد الشهداء
                   

                                                                                  السابع من آب

يا أبناء شعبنا، يا أبناء الوطن جميعا

لقد مر شعبنا الآشوري السرياني الكلداني وعلى مدى تاريخه الطويل بتجارب مريرة قاسية، وتعرض لهزات عنيفة أضعفت كيانه الديموغرافي والإجتماعي بسبب الظلم والاضطهاد المتواصل، وبسبب ارتكاب أبشع جرائم الإبادة بحقه، بهدف إجتثاث وجوده الحضاري والإنساني بكل أبعاده القومية والثقافية والدينية.  ودفع ثمنا باهضا من دماء أبنائه الذين استشهدوا دفاعا عن حقهم في الوجود والكرامة والحرية.  وإذا كانت ذاكرة شعبنا قد تناست أو أهملت بعض الحوادث الأليمة، فإنها لا تستطيع أن تنسى ما حصل لشعبنا إبان الحرب العالمية الأولى من جريمة إبادة جماعية " السيفو" وما كابده من مآس وويلات، لا يزال العديد من الشهود الأحياء يروونها بألم ومرارة، إذ بلغت حملات الإبادة الجماعية التي طالت شعبنا والشعب الأرمني الصديق آنذاك، ذروة الهمجية والوحشية، في جريمة خططت لها ونفذتها حكومة الاتحاد والترقي التركية، بدعم ومباركة من حليفتها الحكومة الألمانية، وبمشاركة من بعض زعماء العشائر الكردية المتحالفة مع الحكومة التركية التي انساقت وراء الدعاية الدينية التركية المتطرفة التي أعلنت الجهاد ضد " الكفار"، ليكون أبناء شعبنا والشعب الأرمني ضحاياها ووقودها، حيث بلغ أعداد ضحايا هذه الجريمة المروعة من أبناء شعبنا قرابة النصف مليون، طالت مختلف طوائفه، وقد شملت هذه المذابح جميع مناطق تواجد شعبنا التاريخية، في أوروميا، حيكاري، طورعبدين، ماردين، ديار بكر، الرها، وأضنا وغيرها، وأدت إلى تهجير وتشريد من تبقى أحياء منهم، في واحدة من أبشع جرائم العصر.

ولم تكن مجزرة بلدة سيميل في السابع من آب من عام 1933، والتي روت ترابها دماء خمسة الآف من أبناء شعبنا من النساء والشيوخ والأطفال، على أيدي القوات النظامية العراقية، بقيادة قائد المنطقة الشمالية العقيد بكر صدقي المجرم خارجة عن هذا السياق، بل جاءت استكمالا لفصول المأساة التي عاني منها شعبنا، واستمرارا للذهنية الشوفينية الإستئصالية الحاقدة التي ترعرعت في كنف حكومة الاتحاد والترقي المتطرفة التركية، التي أنتجت حرب الإبادة الشاملة بحق شعبنا والشعب الأرمني في سنوات الحرب الكونية الأولى.  وهي جريمة سياسية بامتياز تندرج ضمن عمليات التطهير العرقي وإبادة الجنس البشري.  لهذا فإن شعبنا بنخبه ومؤسساته القومية والسياسية جعل يوم السابع من آب عيدا لتكريم وتخليد شهدائه، يستذكر من خلاله تضحيات الآف الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن هويتهم وإيمانهم ووجودهم وحقهم في حياة حرة كريمة، وليستعيد ذكرى رموز خالدة جسدت في سيرتها معاني التضحية والفداء، أمثال: البطريرك مار بنيامين شمعون، آشور يوسف، بشار حلمي بوراجي، المطران توما أودو، المطران أدي شير، فريدون آثورايا، فرنسيس شابو ، وغيرهم وغيرهم من شهداء شعبنا وحركته القومية المعاصرة، الذين لولا تضحياتهم لما أمكن لمسيرة شعبنا أن تستمر إلى يومنا هذا.

إن احتفالنا بعيد الشهداء، واستذكارنا للمجازر التي تعرض لها شعبنا، لا يرمي إلى إشاعة اليأس والإحباط في صفوفه، أو إثارة الأحقاد والضغائن تجاه الشعوب الأخرى التي نفذت هذه الجرائم بقرار من حكامها، بل يرمي إلى التأكيد على حضور قيمة الشهادة في وجداننا وضميرنا، وترسيخ معاني التضحية والعطاء في النفوس، من أجل إعلاء قيم ومفاهيم السلام والتآخي والتسامح بين الشعوب، في الوقت ذاته إدانة وتعرية كافة ممارسات وأشكال التعصب والتطرف ونزعات إلغاء الآخر، والتي لا تقود إلا للمزيد من الكوارث والويلات.  من هنا ينبغي تنسيق جهود قوى ومؤسسات شعبنا وتكثيفها باتجاه الضغط على الحكومة التركية ودفعها للاعتراف بجريمة الإبادة الجماعية التي أرتكبت بحق شعبنا، وذلك إجلاء للحقيقة، وتحقيقا للعدالة، وصولا لمصالحة تقطع الطريق أمام بروز أية نزعات إبادة واستئصال مستقبلا، تكون سببا لتكرار مأساة إنسانية جديدة.

تحل ذكرى الشهداء هذا العام في وقت تشهد فيه المنطقة تقلبات سياسية حادة، تنبئ بأخطار جسيمة قد تصيب شظاياها شعبنا الذي تنتظره استحقاقات هامة، على صعيد تثبيت وجوده القومي والإنساني، خصوصا في العراق، لهذا فإننا نهيب بجميع أحزاب وقوى ومؤسسات وكنائس شعبنا، إلى ضرورة تمثل قيم التضحية ونكران الذات، وتجاوز المصالح الأنانية الضيقة والصغيرة، وندعوها إلى المزيد من التكاتف والتعاون فيما بينها، بدلا من التلهي والانشغال في قضايا من شأنها زيادة الفرقة وتعميق الانقسام، خصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها شعبنا والمنطقة عموما.

يا أبناء شعبنا يا أبناء الوطن

لقد عانت شعوب المنطقة جميعا وبدرجات متفاوتة، من الظلم والاضطهاد على أيدي الغزاة والمحتلين والأنظمة الاستبدادية، واكتوت أحيانا بنار صراعات عبثية دامية، أشعلتها قوى تحركها نوازع الهيمنة والتسلط، مما أعاق تقدم بلدان المنطقة وتطورها، وأخر قيام أنظمة ديمقراطية حقيقية تمثل تطلعات ومصالح شعوبها، وتقر بحق التنوع والاختلاف، وتوفر سبل التلاقي والحوار فيما بينها على أسس عصرية حضارية.  وقد تولد عن ذلك حالة من الشحن الطائفي والمذهبي والعرقي عمت معظم دول المنطقة، وتضافر هذا مع تصاعد وتنامي الإرهاب الأصولي المنفلت، الذي يمثل الخطر الأكبر على جميع شعوب المنطقة ومستقبلها، باعتباره التجسيد الأسوأ لفكر الإقصاء والإستئصال.

إن شعبنا الذي تجاوز المآسي التي ألمت به بإيمان وعزيمة وإصرار، يتطلع من خلال نضاله السلمي الديمقراطي، وبالتعاون مع كافة القوى الوطنية الخيرة إلى بناء مجتمع ديمقراطي علماني، يوفر العدالة والمساواة لجميع أبنائه.  ويرى أن استمرار تجاهل وإنكار وجوده القومي الأصيل في الوطن، يتعارض مع شرعة حقوق الإنسان ومجمل المواثيق والإعلانات الدولية ذات الصلة، ويمثل استمرارا لعقلية الإلغاء والإقصاء التي كانت وما تزال وراء كل الكوارث والمآسي التي حلت بالمنطقة وشعوبها.

تحية إجلال وإكبار لشهداء شعبنا الآشوري السرياني الكلداني وشهداء جميع الشعوب المحبة للحرية والعدل والسلام.


سوريا في 3 آب 2005                                                                                                                         المكتب السياسي