المحرر موضوع: ما سرُّالهجوم على الكلدان بمناسبةٍ وبدونها؟  (زيارة 2081 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني



ما سرُّالهجوم على الكلدان بمناسبةٍ وبدونها؟



لو استعرضنا وضع مكونات الشعب العراقي منذ سقوط النظام البعثي في 9 نيسان عام 2003 لوجنا أن المكون الوحيد الذي تعرض لأنواع ٍ عدة من الإضطهادات هو الشعب الكلداني العراقي الأصيل دون بقية مكونات الشعب العراقي الأخرى كالعرب بشقيهم الشيعة والسنة والأكراد والتركمان واليزيدية والشبك والسريان والآثوريين والأرمن والمندائيين، النوع الأول من الإضطهاد: هو ما طاله من الحيف والإجحاف حيث سُلبت حقوقه القومية والوطنية والسياسية، دون أن تشفع له أيٌّ من القيادات الثلاث الرئاسية والتنفيذية والبرلمانية، وكأني أراها متعمدةً وغيرَ آبهةٍ بوجود هذا الشعب سليل الأمة الكلدانية العظيمة ذات السهم الأوفر في إغناء حضارة وادي الرافدين العراق القديم وما بذله أسلافه المعاصرون في دعم نهضته منذ استقلاله عام 1921.ألا يُعتبر هذا ظلماً واستخفافا بكرامة أخلص مكونات العراق وبدون مبالغة! ولم يقتصر هضم حقوق الكلدان على الحكومة المركزية فحسب،فإن حكومة اقليم كردستان بخست حقوق الشعب الكلداني بكُلِّ أشكالها،فقد حرمته من الدعم مادياً واعلامياً وثقافياً واجتماعياً، بالإضافة الى محاربته قومياً، عندما رفع برلمانُها اسمَ قوميته الكلدانية من مسودة دستور الإقليم رضوخاً لرغبة حزبٍ آشوري متنفذ في الأوساط الكردية على الرغم من مخالفة ذلك لورودها المستقل في دستور العراق الفيدرالي .


أما النوع الثاني من الإضطهاد: فحدِّث ولا حرج، حيث جعلت المليشيات الشيعية من الشعب الكلداني المسيحي في محافظتي بغداد والبصرة بعد التحرير هدفاً رئيسياً لإرهابها المتمثل بالقتل على الهوية في حالة بقاء العوائل المسيحية في دورها، مِما اضطرَّ أعداداً كبيرة منها لتركها واللجوء الى شمال الوطن أو الهرب الى دول الجوار، ثم أعقب ذلك قيام المليشيات السنية بالتعاون مع الإرهابيين القادمين من وراء الحدود بالدور القذر ذاته ولا سيما في محافظة نينوي وداخل مدينة الموصل بالذات، فقتل الكثير من رجال الدين الكلدان وعلى رأسهم المطران  بولس فرج رحو، وغادرت آلاف العوائل مساكنها ولجأت الى أماكن أكثر أمناً حفاظاً على حياتها.
 

والإضطهاد الثالث هو قيامُ المتنفذين من العرب والأكراد بالإنحياز الفاضح الى جانب فئةٍ ضئيلة من أبناء شعبنا هم الآثوريون والسريان الذين بمجموعهما لا يمثلان إلا نسبة 15% مقارنة ً بالكلدان البالغة نسبتهم 85%من مجموع مسيحيي العراق، وذلك للوقوف ضِدَّ طموحات الشعب الكلداني وتطلعاته التي ينظرون إليها خطأً بأنها لا تتفق وإيديولوجياتهم التي تتسم بفرض وصايتها على كُل مَن ينادي بحريته وحقوقه المشروعة داخل وطنه.وأكبر دليل على ما ذكرناه هو عدم شمول أحزاب الكلدان السياسية على أيِّ دعم مادي وأعلامي من قبل أيٍّ من الحكومتين المركزية أو الكردستانية، بينما تُغدقان على الأحزاب والتنظيمات الآثورية بسخاء علاوة على دعمها أعلامياً واجتماعياً. فكان لهذا التصرف غير العادل والمنافي للعُرف الديمقراطي أثره البالغ في تجبُّر الأحزاب الأثورية الى حد إتباعها الأساليب الشوفينية، فتقوم بمحاربة أبناء الأمة الكلدانية مستخدمة كُلَّ السبُل الملتوية لإجهاض مساعيهم الرامية الى القيام بدورهم السياسي والإجتماعي لخدمة وطنهم العراق . قليلاً من العدالة والإنصاف يا قادة العراق من العرب والأكراد، وتذكروا قدرة الله وعدالته، فإنه لا ينسى المظلومين من خلائقه أبداً إن طال الزمن أو قصر! وقد تحقق هذا الأمر لكم، فقد كنتم مظلومين ومهمشين من قبل نظام فاشي ديكتاتوري، هل بعد انعتاقكم من نير الظلم، إنقلب دوركم الى ظالمين ولمكون عراقي واحد فقط يشهد له التاريخ بعراقته وأصالته، ألا وهو المكون الكلداني؟


قبل ما يزيد على السنة والنصف تم الإعلان عن انبثاق الإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان بعد مشاورات ومراسلات واجتماعات عديدة على البالتوك، فثارت ثائرة الإتحادَين السرياني والآثوري المشابهين، وأخذ من أعضائهما التشنج مأخذه، الى الحد الذي حدا ببعضهم تحريض عدد من الكتاب ليقوموا بمناشدة وزارة الثقافة في اقليم كردستان لحجب أي دعم أو مساندة للإتحاد الفتي تحت حجة واهية غير واقعية ولا منطقية، بأن قيامه هو إمعان في التشرذم، يا له من منطق أهوج ! تُرى لماذا الإتحادان السرياني والآثوري لا يساهمان بالتشرذم وهما على عداءٍ خفيٍّ وعلني منذ قيامهما، وان الإتحاد العالمي الكلداني فقط هو الذي يزيد التشرذم! يا لها من مفارقةٍ بائسة! ! !


واليوم، ونحن الكلدان مقبلون على عقد مؤتمر كلداني نهضوي عام في المدينة الأمريكية العظيمة سان ديـيغـو التي تضم ثاني تجمع كلداني كبير بعد تجمع ديترويت الأكبر، نرى بعض أبناء الكلدان الضعيفي النفوس المعبَّئين والمدربين للقيام بأدوارعدائية مضادة لتطلعات امتهم الكلدانية التي تنكروا لها، قد انبروا شاحذين أقلامهم للتقليل من أهمية المؤتمر، ويعكس ذلك ردَّ فعلهم العنيف والفارغ معاً على عدم دعوتهم لحضور المؤتمر، وليعلم هؤلاء المشككون بأن الداعين للمؤتمر هم نخبة مختارة من الكلدان الغيارى مشهود لهم بالكفاءة والإخلاص لأمتهم الكلدانية ووطنهم العراق، يعرفون كيف يفرزون الحنطة الكلدانية النقية وهي الساحقة من الزوان المزروع بينها فليس هنالك مجال لدعوة مَن استهواهم المال فباعوا أنفسهم من أجله لعدو أمتهم الذي تعددت أشكاله وتنوعت أساليبه الملتوية والغوغائية! حتى مَن كان منهم من الوسط الكنسي وله مسؤوليات كبيرة ولكنه ضعيف أمام المغريات المادية فتهون عليه المتاجرة بقوميته الكلدانية، والأمر ينطبق أيضاً على المغشوشين بالمقولة البديهية " بأننا كلنا مسيحيون" التي استعملها مَن هم أبعد الناس عن المسيح والمسيحية وأن معبودهم هو" آشور والآشورية" لخدع الكلدان البسطاء المخلصين لمسيحيتهم وثنيهم عن الإعتزاز بقوميتهم فجلبت الوبال الى بني قومهم، فمثل هؤلاء لا نفع فيهم ماداموا لا يميزون بين مسيحيتهم وقوميتهم.
 

الكلدان في أميركا يشعرون جيداً بحاجة الكلدان الصامدين في الوطن والعالقين في بلدان الجوار الى المال، ولم يألوا جهداً في توفير المال لهم وبخاصةٍ للعالقين والمنتظرين لقبولهم في دول المهجرالأمريكي والأوروبي والأسترالي،أما مطالبة البعض لكلدان المهجر بأن يقوموا بإقامة مشاريع اقتصادية في بلدات وقرى شعبنا، هل يستطيع هذا البعض ضمان السلامة لها في هذه الأوضاع التي ينعدم الأمن والإستقرار فيها؟ أين الواقعية أيها المطالبون بما يستحيل القيام به؟ كفاكم العزف على أوتار مثلومة فإنها ثقيلة على السمع ولا تستسيغها الآذان

وهنالك مَن يوجه أسئلة مريبة عن جهل بل عن تعمُّد وكأنه لا يعرف مَن هي الجهة الداعية للمؤتمر، ولماذا لم تُدعى الجهة الفلانية والعلانية، وهل الكنسي الوحيد يمثل الكنيسة كلها؟ وماذا سيقرر المؤتمر؟ وامور اخرى كثيرة يستدل منها بأنه " متأشور للعظم" ويدَّعي أنه كلداني، أليس أمثال هذا النموذج أشد نفاقاً وعنصر شقاق بامتياز! وهنالك أيضاً البعض من إخوتنا الكلدان الهوزيين الذين قد نصبوا من أنفسهم حماةً لزوعا ومبادئها الشوفينية الهتلرية، ولا أدري كيف لا يُكافئهم زعيم زوعا ومجلسها بتحويل اسم حركتهم ليحمل إسمهم بدل إسمها الحالي لتصبح ( الحركة الديمقراطية الهوزية). كما هنالك مَن له شهادة الدكتوراه، يدَّعي أنه كلداني ولمجرد تصادمه مع مسؤول كنسي في السويد يوماً، قلب ظهر المجن على الكنيسة الكلدانية برمتها وراح يهاجم رئاستها ورموزها بصلافة غير معهودة . أليس أمثال هؤلاء أخطر على الأمة الكلدانية مِن منتحلي التسمية الآشورية؟ ؟
 

إن المؤتمر الكلداني سيكون كلدانياً صرفاً، يحضره أبناء الكلدان الأقحاح بمختلف أصنافهم ودرجاتهم العلمية والثقافية والأدبية من أساتذة اللغة والفلسفة والفكر والقانون والفنون بما فيهم السياسيون ذوو الحنكة والدراية في القضية القومية الكلدانية المتجنى عليها زوراً وجوراً، هذا هو الجواب لمَن قال في مقال له بأن حضور المؤتمر سيقتصر على أشخاص مختارين، نعم قلتَ الصواب وإن قصدت به الإنتقاد، فلن يُدعى الى المؤتمر مَن هم في الظاهر حملاناً وديعة وفي الباطن ذئاباً خاطفة! وإنما المدعوون سيكونون مِن المؤمنين بقوميتهم الكلدانية المقاومين لصهرها أو حتى لدمجها بتسميات لا أصول ولا مقومات قومية لها. فليسمع الكل، إن قوميتنا الكلدانية هي نابعة من مشاعرنا ملتصقة بأصالتنا، ترفض أيَّ انتهاك لها. وهذا لا يعني نكراناً منا لإخوتنا المتبنين لتسميات أخرى كالآثوريين المباركين المنفتحين والسريان المعتدلين، وقد أعربنا عن ذلك مراراً وتكراراً. أهداف مؤتمرنا هي التكاتف والتآلف والجمع، لن يدعو الى الإقصاء والتفرقة كما يفعل الآخرون، سيناقش حاضر الأمة الكلدانية الراهن ومستقبلها، سيطرق أبواب مختلف المنافذ لإسماع الصوت الكلداني الى أصحاب الأمر بإدارة شؤون الوطن العراقي، لتعريفهم بالغبن الذي لحق بالشعب الكلداني لكي يُصار الى إنصافه وإعادة حقوقه المهضومة وتفعيل دوره الريادي في خدمة وبناء العراق وطن أسلافه الميامين.



الشماس د. كوركيس مردو
عضو الهيئة التنفيذية
للإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
في 22 / 3 / 2011