المحرر موضوع: مؤتمر النهضة الكلدانية ..بين هيمنة قساوسة السياسة وفشل البديل العلماني  (زيارة 2612 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ghassan Shathaya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مؤتمر النهضة  الكلدانية ..بين هيمنة قساوسة السياسة وفشل البديل العلماني

سينعقد في 30 آذار الجاري مؤتمر "النهضة الكلدانية" الذي دعا اليه المطران سرهد جمو، راعي مطرانية مار بطرس ومقرها في سان دييغو، كالفورنيا – حيث  مقر سكني الدائم. وكما ذكر العديد من الكتاب الذين تناولوا الموضوع، ان دعوات الحضور للمؤتمر التي أرسلها المطران سرهد جمو من خلال القسيس نوئيل كوركيس، عضو رعيته، والرئيس الحقيقي للجنة التحضيرية للمؤتمر، أقتصرت على مجموعة منتقاة من الناشطين الكلدان من السائرين وراء خزعبلات "القومية الكلدانية" التي ترفض هيمنة "القومية الاشورية" و التي لا تعترف "بالقومية السريانية" .. وبغيرها من ظواهر فشل العمل السياسي الكلداني وعدم قدرته على بناء دور واضح له في مخض التطورات السياسية الهائلة التي تجري في العراق والمنطقة والمؤسف انه بدلا من القيام بدراسة نقدية ذاتية وحقيقية لأسباب هذا الفشل ، قام البعض من هواة العمل السياسي وتحت رعاية دافع طائفي واضح من بعض قساوسة الكنيسة الكلدانية بأختراع مفهوم "القومية الكلدانية" التي تشتكي من ظلم وهيمنة "القومية الآشورية" من دون اي اعتبار او أحترام لعقول المثقفين والباحثين والأكاديميين  من ان مفهوم ك "القومية" يخضع لشروط سوسيلوجية وجغرافية وتأريخية ولغوية واضحة درسها وكتب عنها الآف من الباحثين وعلماء الأجتماع والانثربولوجي في مختلف ارجاء المعمورة ، شروط لايمكن القفز عليها بالمزاجية او بقرار من قيادة كنسية واذا كان بعض الجهلة من كتاب الساعة يروجون لمثل تلك الخزعبلات الفارغة فهذا لن يغير من حقيقية ناصعة وواضحة بوضوح الشمس، ان هناك قومية واحدة لاتتجزأ، شاء هؤلاء المهرجون أم أبو، قومية واحدة تسمى كلدانية او آشورية او سريانية ، قومية واحدة وشعب واحد ابتلى بثلاث مرجعيات دينية كنسية راحت قياداتها الطائفية بأطلاق اسمائها على رعيتها من ابناء هذا الشعب الضعيف والمشتت وبهذا زادت على الهم هم والتمزق بتمزق أعمق .. لا سامحهم الله عليه ابدا.

من المؤسف والواضح للعيان ان المثقفين والنشطاء السياسيين الكلدان قد فشلوا في ايجاد بديل مرجعي قادر على منافسة السيطرة المطلقة للكنيسة الكلدانية على جميع شؤون الكلدان ليس الدينية فحسب بل تعدتها الى الهيمنة على الشؤون الاجتماعية وحتى السياسية.. وهنا هو الداء والدواء.. ان الكلدان، ونتيجة لهذه الهيمنة الخانقة من قبل الكنيسة، لم ينجحوا في تقديم انفسهم الى قيادة السلطة في العراق او ممثلي الأحزاب العراقية او الدول الأجنبية بأكثر من كونهم طائفة دينية لا أكثر ولا أقل.. ومتى ما يتم ايجاد الحلول لهذه المشكلة العصيبة، حينها وحينها فقط لن يتم تهميش دور الكلدان في الدولة العراقية وسيتم احترام ممثليهم السياسيين ومطاليبهم لحقوق شعبهم لا إهانتهم وتجاوزهم لأن صاحب السلطة في العراق يعلم ان البطريرك عمانوئيل دلي هو المرجع الأعلى للكلدان.. والبطريرك دلي سينفذ كل ما يريده منه أصحاب السلطة طالما استمروا بتعاملهم معه كالمرجع الوحيد للكلدان.. وهذا يفسر لماذا تقف الكنيسة الكلدانية وبشكل سافر ضد مطالب شعبنا بأقامة محافظة مسيحية اضافة الى تبريرها الفض للهجمات الأرهابية الأسلامية ضد ابناء شعبنا المسيحي في العراق، فهذا ما يريده السلطان الحاكم في بغداد... و "شيّلني ..أشيّلك."

على النقيض من الدور السلبي للكنيسة الكلدانية ومحاولاتها المستمرة في محاربة اي بديل علماني سياسي كلداني، هناك تغيير ونضج واضح من قبل قيادات الكنيستين الآشورية والسريانية في العراق.. ففي خطابه بمناسبة اعياد الميلاد 2010 ورأس السنة الجديدة، أعلن البطريرك مار دنخا الرابع ان دور الكنيسة الآشورية بقياداتها وافرادها سيكون قاصرا على دعم وتعزيز دور احزاب شعبنا السياسية لا أخذ دورها ومكانها،  وعلى نفس المنوال يقوم مطارنة الكنيسة السريانية بدعم تنظيمات شعبنا ومطالبهم، وكذلك كان موقف البطريرك مار أدي الثاني، بطريرك الكنيسة الآشورية القديمة الذي حدد ايضا موقف كنيسته بدعم احزاب شعبنا السياسية وقراراتها.. اما رد الكنيسة الكلدانية على مثل هذا النضوج فكان ..عقد "مؤتمر النهضة الكلدانية بقيادة المطران سرهد جمو".. والهدف الواضح ان الكنيسة الكلدانية هي المسؤول الديني والسياسي الوحيد للكلدان، وهي لاتمانع طبعا من وجود احزاب سياسية كلدانية طالما لا يتجاوز دورها عن كونها دكاكين و واجهات أعلامية لمواقف قساوسة السياسة الكلدان..

بسبب هذا ومن منطلق الحرص على مصالح شعبنا الحقيقية ومن منطلق معرفتي العميقة بالواقع السياسي العراقي،  ادعو المخلصين من الكلدان ان يرفضوا المشاركة بذلك المؤتمر الذي يهدف الى اعادة تهميش دور الأحزاب الكلدانية في الحياة السياسية لشعبنا ومصادرة قراراتها وايقاف المد الوحدوي الذي عبر عنه انضمام كل من الحزب الديمقراطي الكلداني والمجلس القومي الكلداني بالاضافة الى المنبر الكلداني الى لجنة تنسيق احزاب شعبنا الموحدة.. وذلك من خلال أعادة ربط قرارتها بيد قساوسة السياسة الطائفيين..اذ  يبدو ان ذلك التوجه الوحدوي لم يعجب البعض في الكنيسة الكلدانية، وجاء ردها من خلال الدعوة لعقد مؤتمر التجزئة وتتويج الطائفية تحت شعار براق اسمه "النهضة الكلدانية".. الذي سينتهي بتكوين منظمة كلدانية جديدة بديلة عن "العصاة" من الأحزاب الكلدانية الحالية التي تؤمن بالوحدة بين ابناء شعبنا .. منظمة مطيعة للمرجع القائد وتسير تحت راياته ومنفذة لأهدافه..(يبدو ان محاولات السيطرة على المجلس القومي الكلداني وتخليصه في البدء من مؤسسه العاصي غسان شذايا غير قادرة اليوم من تخليصه من البديل العاصي الجديد ضياء بطرس.. ولذلك الحاجة اليوم لتفصيل منظمة جديدة حسب الطلب لعلها تفي بالغرض وتعوض عن المفقود..السؤال هل سيكون مقرها سان دييغو ؟)  ان ما أستغرب منه هو موقف السيد أبلحد أفرام الذي لبى دعوة الحضور وهو واعي وعارف ان المخطط للمؤتمر غير الذي يدعو اليه من خلال مشاركته بلجنة تنسيق أحزاب شعبنا.. يبدو ان أبلحد أفرام يريد مسك العصى من الوسط فهو وحدوي في العراق ومفّرق في سان دييغو.. وبهذا يضمن لنفسه دور اينما عصفت الريح أو سارت دفة السفينة.. ولكن عزيزي أبلحد، المنظمة الكلدانية الجديدة واجبها ان تكون مطيعة والبديل عن تنظيمك.. فكيف ستحل هذه الأشكالية؟

انا ادعو المطران سرهد جمو الى مراجعة حقيقية لمواقفه الجديدة في اللعب على الوتر الطائفي، واطالبه بالعودة الى مواقفه الوحدوية السابقة. تلك المواقف التي ربطتني به لسنين طويلة، ولا زلت أعتز بها كثيرا، عندما كنت استند على دعمه المعنوي لتأسيس المجلس القومي الكلداني الذي أسس على ثوابت وحدوية تؤمن بشعبنا الواحد وقوميتنا الكلدانية/الآشورية/السريانية الواحدة وغير القابلة للتجزئة.. عزيزي المطران جمو.. مالذي حصل؟ أين خطاباتك الوحدوية؟ أين كتاباتك وبحوثك حول شعبنا الواحد؟ الست انت من كان يقول لي ويفتخر "أنا أول من أستخدم مصطلح كلدو وآثور للدلالة على شعبنا الواحد"؟ لماذا تغيرت عزيزي المطران؟ لماذا التغيير؟ ان خطواتك ومواقفك الجديدة تهدم ولا تبني، تضعف ولا تقوي، تجزأ ولا توحد. لماذا ياعزيزي المطران.. لماذا؟ لم أتغير أنا ولا زلت مؤمن بمواقفك الوحدوية السابقة..أنا لم أتغير بل أنت من تغيرت.. ويؤلمني جدا أن أجد قلمي يتهجم عليك علنا.. لم يكن هذا في البال.. السياسة ليست كالآهوت.. وعراق اليوم ليس كعراق صدام حسين.. وشعبنا اليوم ضعيف ومهمش وعلى شفى الأنقراض.. وبابل وآشور أحلام وردية من الماضي البعيد .. والعالم اليوم يتوحد ويتشابك أكثر وأكثر واليوم نحن أحوج للوحدة لا للتجزئة.. والكلدان سيُحترمون أكثر من الآخرين متى ما أصبحنا قادرين على تعريف العدو الحقيقي وحددنا مطالبنا بشكل واضح، وعملنا من دون خوف وبأصرار ثابت على تحقيقها، برغم التضحيات بل ومن خلال التخطيط والقبول بأن التغيير لن يحصل بدون تضحيات بالدم والمال. فالحرية حمراء لا تُقدم على طبق من ذهب ومن لا يطالب لن يُسمع، ومن لايقاوم لن يُحترم ولن تُحقق مطالبه..

عدو الكلدان اليوم ليسوا ابناء شعبنا من الآشوريين، بل الأرهاب الأسلامي المجرم، ومطالبنا اليوم هي أقامة منطقة آمنة لبقايا شعبنا في العراق من خلال اقامة المحافظة ذات الغالبية المسيحية لتكون مركز تدريب لأبناء شعبنا يتعلمون خلالها معنى السلطة والقيادة والخبرات الأدارية في مجالات الشرطة والأمن وكيفية أدارة شؤون دولة مصغرة، مثل المحافظة.. كفانا خلق أجيال من الخدم للسلطان.. كفانا من خلق ثقافة التابع لا السيد.. كفانا من الخوف والجبن الذي أصبح صفة ملازمة للمسيحي العراقي.. هناك حاجة لأعادة خلق شخصية كلدانية لديها الثقة بنفسها على تحقيق المطالب، بل قادرة ان تخرج من جبنها وخوفها وتحدد مطالب محددة وتقبل بالتضحية من أجل تحقيقها لا تهرب عند اول فقاعة هوائية كما هو الحال اليوم .. نحن بحاجة لخلق روحية مقاتلة جديدة للكلدان، روحية تليق بأرث أجدادهم العظيم ..بناة بابل وآشور.. أجدادنا المملؤين عارا من جيلنا الحالي.. جيل الجبن والخوف والتبعية .. نهضتنا الكلدانية يجب ان تكون من خلال مساندة ودعم تنظيمات شعبنا السياسية لا الأستحواث عليها ومحاربتها والسيطرة عليها و ربطها بالكنيسة الكلدانية.. فالحقيقة واحدة غير قابلة للشك.. العالم الجديد يرفض هيمنة رجال الدين على السياسة.. فلم ولن يستطيع رجل الدين الجمع بين المبادئ والتعاليم السماوية ومتطلبات السياسة الدنيوية..  كن بانيا وموحدا ومسيحيا ملهما ومبشرا ياعزيزي المطران سرهد جمو.. فهكذا كان سيدنا المسيح المخلص، وأنت من يجب ان يبشر بالمسيحية لا أنا..

على المتنورين من الكلدان اعادة النظر في مواقفهم..كفى نفاقا ..كفى السكوت على تجاوزات البعض من رجال الدين بحجة "عدم المساس بالكنيسة".. فالبعض يريد ان يحول الكنيسة الكلدانية الى تنظيم سياسي بديل عن الاحزاب الحالية وهذا تجاوز مرفوض وغير مقبول..علينا البدء في حملة لدراسة مواقع الخلل في الشخصية السياسية الكلدانية وأسباب عدم قدرتها على تجاوز باب الكنيسة.. دراسات تعمل على خلق الانسان المقاوم الكلداني الجديد القادر على اتخاذ قراره الشخصي من دون تردد وخوف ونفاق.. انسان ذو ثقة بنفسه وقدراته ..وليس قادر فقط على محاربة ابناء جلدته (مع الأسف) .. بل مقاوم حقيقي للضيم والحيف الذي يعانيه من اصحاب السلطة والجاه في العراق.. من الطائفيين والفاسدين من احزاب الأسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني ..من الذين تعلم على مدى دهور طويلة على التبعية لهم والعيش على فتات موائدهم طالما أبقوا على حياته البائسة.. النهضة الكلدانية ستحصل متى ما تم دعم المتنورين والمخلصين الحقيقيين من الكلدان، من غير المنفاقين، ومن القادرين على تشخيص أسباب الضعف ووضع الحلول الناجعة لها، وبغيره لن يخرج اي تجمع ومهما كانت تسمياته براقة، أكثر من كونه فقاعة هوائية تزول بزوال الأهداف الشخصية لراعيه.

غسان شذايا
الموصل - العراق
23 آذار 2011